2012/07/04

عماد الدين أديب: الثورة المضادّة «بهدوء»
عماد الدين أديب: الثورة المضادّة «بهدوء»

الأخبار اللبنانية


بهدوء! هكذا اختار عماد الدين أديب العودة إلى تقديم البرامج بعد اعتزال دام سنوات. إلا أن عشرات علامات الاستفهام تحيط بالدور الذي سيلعبه الإعلامي المخضرم في المشهد السياسي المصري. «أنا بحب المواطن محمد حسني مبارك». قد تكون هذه العبارة أكثر ما يذكره الجمهور من أقوال عماد الدين أديب خلال «ثورة 25 يناير». يومها، كثّف ظهوره الإعلامي على كل الفضائيات تقريباً ليعلن فكرة واحدة: حسني مبارك أخطأ وهو يدفع ثمن هذه الأخطاء.

لكن تحليله للأوضاع في ميدان التحرير لم يقف عند هذا الحدّ، بل كان يصرّ دوماً على القول إنّ الرئيس المخلوع قدّم تنازلات كثيرة للثوار وبالتالي عليهم الخروج من الميدان، وتركه يكمل ولايته الرئاسية. لكن لم يستجب أحد لدعاوى أديب، فخرج على قناة «العربية» يوم التنحّي، قائلاً إنه لم يتوقّع أن يعيش مثل هذه اللحظة «لأنني أنتمي إلى جيل براغماتي، تعلّم أن يأخذ ما يستطيعه من الحرب».

قبل أسابيع من الثورة، كان أديب قد تعرّض إلى هجوم عنيف من مجلة «روز اليوسف» الحكومية، لأنه قال في برنامج «صباح دريم» إنّ على مبارك أن يبحث عن خروج آمن بعد الغضب الذي أثارته الانتخابات التشريعية المزوّرة. وقتها، اتّهمه مؤيّدو الرئيس المخلوع بأنه غاضب لأنه لم يعد مستشاراً رئاسياً، هو الذي نفّذ الحملة الإعلامية للرئيس في انتخابات 2005. كما أنّه سجّل معه وقتها حلقات تسجيلية واكبتها دعاية هائلة.

هكذا خلال «ثورة 25 يناير»، حاول طوال 18 يوماً أن يستعيد مكانته كمحلل سياسي بارز بعدما انزوى صحافيو الرئيس ووريثه جمال، ثم اختفى تماماً بعد سقوط مبارك. بينما تردّد أنه سيعود وينعش مطبوعاته الصحافية المتعثرة مادياً منذ ثلاث سنوات، إذ اضطر إلى إغلاق أربع مجلات شهرية، وأبقى فقط على اليومية الاقتصادية «العالم اليوم»، وجريدة «نهضة مصر»، والمجلة الأسبوعية «كل الناس» في ظل مشاكل اقتصادية كانت تهدّد بإقفالها... اختفى إذاً أديب قبل أن يعلن قبل شهر تقريباً عودته من خلال قناة «سي. بي. سي» لتقديم برنامج «بهدوء» يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع. يعود الإعلامي المصري إلى التلفزيون وهو الذي اعتزل تقديم البرامج اليومية قبل سنوات عدة، وترك مهمة برنامج «على الهوا» للصحافي جمال عنايت الذي ما زال مستمراً على قناة «أوربت».

لماذا عاد عماد الدين أديب إلى التلفزيون؟ قد تكون الإجابة الرسمية أنّ السوق تحتاج إلى إعلاميين محترفين. لكن عندما يتسرّب أنه قام بتسجيل سلسلة حلقات مع قيادات الجيش المصري لإظهار مواقفهم «البطولية» خلال أيام الثورة، فإن الإعلامي الكبير، في هذه الحالة، يكون قد قرّر مرة أخرى أن يسير عكس التيار. الملايين تهتف في الشارع «يسقط يسقط حكم العسكر» بينما هو الوحيد الذي وافق على تطويع خبراته كي يقدم الجيش في صورة مغايرة تساعده في تلميع صورته واستعادة بعض الثقة. لكن المفاجأة الأكبر التي كشفها الكاتب عبد الله السناوي في جريدة «الشروق» أنّ قراراً صدر بعدم بث الحلقات، ربما لأنّ هناك مَن تنبأ بأن رد الفعل الشعبي سيكون أسوأ مما جرى أيام مبارك عندما قام أديب بالدور نفسه. والآن يعود الإعلامي الكبير مرتين كل أسبوع بالتزامن مع عودة الشباب إلى ميدان التحرير بالملايين، فكيف سيحاول أديب النجاح في تحقيق ما فشل به قبلاً؟ وهل الشارع المصري يحتاج حالياً إلى من يكلّمه «بهدوء» أم لمن يعامله «بعدل»؟