2012/07/04

عمر الشريف فنان لا يطيق المال وتلقائيته أدخلته في المشاكل
عمر الشريف فنان لا يطيق المال وتلقائيته أدخلته في المشاكل

البيان


عندما يأتي الحديث عن الفنان الكبير عمر الشريف لابد من التوقف عند محطات مهمة في حياته ودائماً ما تجدها متقاطعة ومتناقضة إذا ما قارنتها بشخصية الرجل على المستوى الإنساني

ولا يهم الجدل والتضارب حول تاريخ ميلاده الذي اختلفت حوله المصادر التي أورد بعضها أنه من مواليد أبريل عام 1992 وأخرى أكدت أنه من مواليد 1923 وهو التاريخ الأرجح®. ولكنه ما زال على قيد الحياة فالوقت متسع لمزيد من التوثيق لمسيرته.عندما ولد عمر الشريف كان اسمه ميشيل ديمتري شلهوب وهو من أسرة كاثوليكية وكان والده من التجار الميسورين ويعمل في تجارة الأخشاب®. ومنذ دخوله المدرسة كان هاوياً للتمثيل، ولكنه برز كممثل جيد في المرحلة الجامعية عندما كان يدرس في جامعة فيكتوريا، وكان في تلك المرحلة يدرس معه بالجامعة المخرج الراحل يوسف شاهين الذي قدمه في فيلم »صراع في الوادي« في أول عمل لعمر أمام فاتن حمامة وذلك عام 1945.

وفي عام 5591 أسلم عمر الشريف من أجل أن يتزوج فاتن، وأنجب منها ابناً واحداً يدعى »طارق«، ثم انطلق في بطولات عديدة مشاركة مع زوجته منها »أيامنا الحلوة« عام 5591، و»صراع في الميناء« عام 6591، »لا أنام« عام 1957، و»سيدة القصر« عام 1958، و»نهر الحب« 1916.

الطريق نحو العالمية

في عام 1926 بدأت نظرات الشريف تتجه للعالمية وبرز تمرده بشكل لافت على الواقع الذي يعيشه، فبعد ثماني سنوات قضاها في أحضان السينما المصرية قرر أن ينطلق إلى ما هو أكبر.

ومن خلال بحثه عن تلك الوسائل التي يمكن أن تقوده للعالمية كان لقاؤه بالمخرج العالمي »دافيد ليفي« الذي استبعد بعض المؤرخين والنقاد أن يكون اللقاء قد تم بالصدفة في ظل طموحات الشريف الكبيرة، وأدرك المخرج العالمي موهبة الشريف فقدمه في فيلم »لورانس العرب« الذي يعد أهم محطة في حياة الأخير، فمن خلال هذا العمل اكتسب جماهيرية كبيرة على مستوى العالم وفُتِحت له أبواب شركات الإنتاج العالمية وقدمه المخرج نفسه في عدد من الأفلام مثل فيلم »د. جيفاغو« وانطلق بعدها ليقدم عدداً من الأفلام العالمية لمخرجين آخرين.

حيث قدم »الرولز رويس الصفراء« و»الثلج الأخضر«، وفى مرحلة السبعينات زاد اهتمام الشريف بالسينما العالمية، وفي هذه المرحلة قدم فيلم »الوادي الأخير« عام 1917 وفيلم »بذور التمر هندي« عام 1947، وكان بطبعه عنيداً في تنفيذ رغباته فلم يستطع التفرغ لزوجته فاتن حمامة كما يجب، وظل يبحث عن تحقيق طموحاته وأحلامه حتى بلغ الأمر بينهما مداه، وحدث الطلاق في هدوء شديد.

النمر الوردي يضرب مجدداً

ويتفق النقاد أن الأفلام التي قدمها عمر الشريف في النصف الأول من السبعينات لم تجد النجاح والإقبال المطلوب، ما قاده إلى الابتعاد عن الساحة الفنية لفترة قبل أن يعود ويقدم فيلم »النمر الوردي يضرب مجددا« عام 1967 في دور ثان وعام 1948 قدم ضمن سلسلة أفلامه العالمية فيلماً كوميدياً باسم »السمر« كآخر أفلامه الكبيرة ليبدأ في الظهور بعدها في أدوار صغيرة.

وكان وجوده حسب كبار النقاد في العالم يضمن نجاح أي فيلم، ودللوا على ذلك بالفيلم العالمي »المحارب الثالث عشر« الذى شارك فيه الشريف لمدة دقائق وكانت الأنظار مركزة عليه ليعود الشريف بعدها بقوة إلى السينما المصرية خلال فترة الثمانينات والتسعينات بجانب بعض الأفلام العالمية، وخلال هذه الفترة قدم أفلاماً مهمة في السينما المصرية أبرزها فيلما »أيوب« عام 1938 مع فؤاد المهندس »والمواطن مصري« عام 1991 مع الفنانة صفية العمري.

وفى الألفية الثالثة قدم من الأفلام العالمية »السيد إبراهيم« عام2003 و»القديس بطرس الرسول« عام 2005، وأول وآخر مسلسل قدمه الشريف في حياته »حنان وحنين« الذي عرض في شهر رمضان عام 2007 وشاركه فيه رفيق دربه الفنان أحمد رمزي وبعض من الممثلين من هذا الجيل. أما في مجال السينما فقد شارك عام 2008 الفنان الكبير عادل إمام بطولة فيلم »حسن ومرقص«، وكان الفيلم يطرح قضية التسامح بين المسلمين والمسيحيين.

جائزة الأوسكار

في تاريخ عمر الشريف كثير من الجوائز كما في حياته كثير من المطبات، ومن أهم هذه الجوائز جائزة جولدن جروب لأفضل ممثل عام 1966 عن الفيلم العالمي »د. جيفاغو«، وفي عام 1926 رشح لجائزة الأوسكار في أفضل دور مساعد في فيلم »لورانس العرب«.

وفي عام 1946 حاز جائزة مشاهير فناني العالم العربي، وفي العام نفسه فاز بجائزة »سيزر« لأفضل ممثل عن دوره في الفيلم الفرنسى »السيد إبراهيم وأزهار القرآن« للمخرج فرانسوا ديرون، ونال جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عن مجمل أعماله، وهناك العديد من الجوائز التي حصل عليها وهو بطبعه لا يتحدث عن نفسه كثيراً.

ولعمر الشريف مواقف وآراء جريئة جداً ظل طوال حياته يأخذ قراراته وفق رؤيته، وهذا ما سبّب له مشكلات كثيرة في حياته، وقال عنه الناقد المصري المعروف طارق الشناوي »لقد نصحوه كثيراً بأن يتحلى بشيء من الدبلوماسية وألا يسمح للسانه بأن ينطق بما يشعر به قلبه أو يفكر فيه عقله«.

وظل الشريف يختار أدواره في مراحل مهمة في حياته بحرية مطلقة رغم أنه يعلم بأنها قد تسبب له بعض المشكلات والمتاعب من المتعصبين، ولكن لأنه رهن نفسه لحمل رسالة نشر التسامح بين الأديان كان يتعامل وفق رؤيته، ولذلك عندما قام بتمثيل دور »القديس بطرس« في أحد الأفلام الإيطالية تعرض لحمله قاسية من العرب والمتشددين الذين اتهموه بالتنكر لإسلامه ومسيحيته.

وادعاء اليهودية لكسب ود شركات الإنتاج الكثيرة في هوليوود التي يمتلك اليهود أغلب شركاتها بجانب جنسيات أخرى متعاطفة مع اليهود، ولكنه صمد ودافع عن موقفه بقوة، وأكد الشريف خلال ردوده أن الممثل الكبير أنطوني كوين لعب دور حمزة عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكان دوراً مهماً قدم فيه أداءً عالياً ولم يهدده اليهود ولا المسيحيون بل أشادوا به وبأدائه.

هجمة شرشة

وكان الفنان الكبير قد تعرض لهجمة كبيرة من العرب المسلمين فقط لأنه قبّل ممثلة يهودية تدعى »بربارة سترا« في فيلم »فتاة مرحة« حيث لعب مكتب المقاطعة مع إسرائيل دوراً كبيراً في حظر عرض الفيلم، ووافقت مصر على الحظر استجابة لقطاع كبير من الرأي العام المصري والعربي الغاضب، حتى تدخل العقلاء وكتب البعض وجهات نظر تبرئ الشريف من أي شيء يدينه واستطاعوا إذابة الجليد وإعادة الشريف إلى السينما المصرية.

كما تعرض الشريف لهجمة أيضاً من العرب عندما ظهر في دور مسلم في فيلم »السيد إبراهيم وأزهار القرآن« وهو فيلم فرنسي صادق فيه شاباً يلعب في الفيلم دور يهودي، ولكن عمر الشريف رد بقوة بأنه يكره النفاق ولا يعرف المناورة أو الكذب.

ولذلك عندما يختار أعماله يختارها برؤية حرة مقتنعاً بها؛ لأنه تعلم التسامح وحب الناس وعدم تفشي الكراهية بسبب الدين أو اللون أو العرق، وقال إنه علّم أحفاده قيم التسامح، وإن ابنه تزوج ثلاث مرات »يهودية - مسيحية- مسلمة« ولديه حفيدان أحدهما مسلم والآخر يهودي وهما يتبادلان الحب.

يقول الشريف إنه يكره الشهرة والنجومية جداً لكنه أصبح عاجزاً عن التخلص منهما، وأشار في مرات عديدة إلى أن الشهرة والنجومية مشوار طويل سار خلاله جزءاً كبيراً من حياته، وقال في مناسبات مختلفة إنه يتمنى أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء ليختار عملاً آخر غير التمثيل.

وهو رغم نجوميته العالمية وتجواله المستمر حول العالم فإنه يرتبط كثيراً بعروبته وفكر كثيراً في دعوة العرب في الولايات المتحدة الأميركية لشراء محطة تلفزيونية كبيرة أو عمل أي واجهة إعلامية مؤثرة للعرب في أميركا لتعريف الأميركيين والغرب بثقافة العرب وبالمواطن العربي نفسه.

وكان الشريف قد حصل على جائزة نادرة وهي جائزة »التسامح« في مهرجان البندقية، وعلق على ذلك بأن هذه الجائزة فُصّلت عليه خصيصاً؛ لأنه يؤمن بالحوار والقبول بالآخر.

تركيبة فطرية

ومن ضمن ما قاله النقاد عن الشريف »إن له تركيبة فكرية خاصة حيث تنطلق آراؤه من دون (فلاتر) تزيل الشوائب أو ما يمكن أن يسيء البعض تفسيره، وأن آراءه مثل المادة الخام كما أن عفويته أوقعته في الكثير من الاتهامات مما يجعله مضطراً للتوضيح بعدها«.

وهذا الواقع الذي يعيشه الشريف جعله في كثير من الأحيان مستهدفاً بحكم عدم الاقتناع بتبريراته، وقاموا بالطعن في مصريته وولائه لوطنه، والغريب أنه في مثل هذه الحالات لا يرد عليهم ولكنه يمارس أفكاره بنفس الطريقة التي يقتنع بها وهم يزيدون من فتح النيران عليه بل أشاعوا أنه ما زال ميشيل ديمتري شلهوب المصري المسيحي الكاثوليكي، وأشاعوا في لحظات أنه في الأصل يهودي، واعتبره الناس إسرائيلياً في خلط غريب بين اليهودية ودولة إسرائيل.

وما يدحض هذه الشائعات والاتهامات ما كتبه الناقد طارق الشناوي »في لحظة ما حاولت أجهزة الدولة السرية في مصر استقطابه للعمل

لحسابها استغلالاً لنجوميته وقدرته على