2012/07/04

عمر من الحب والثورة في الذكرى ال35 للعندليب
عمر من الحب والثورة في الذكرى ال35 للعندليب


الديار


عمر من الحب والثورة استعاده المصريون ، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لرحيل نجم الغناء العربي العندليب الأسمر المطرب عبد الحليم حافظ، الذي ودع الحياة تحت وطأة المرض عن عمر يناهز 47 عاما، وهو في أوج العطاء الفني. ويفخر المصريون سواء ممن عاصروا زمن «حليم» أو من الأجيال التالية له بأن فيهم «حتة» منه، مست شغاف قلوبهم عاطفيا واجتماعيا ووطنيا، ويرون أيضا أن العندليب الأسمر سيظل من الأشياء الجميلة في مصر ومحيطها العربي لن يستطيع الزمن أن ينال منها؛ بل ستظل ممتدة في الوجدان، وقادرة على أن تمنح الحياة كل يوم دفئا جديدا.

دخل عبد الحليم حافظ في ذاكرة الأمة العربية من الباب الواسع لحلم القومية العربية. وعبر أثير إذاعة صوت العرب حمل صوته العذب نبض الثورة الجامح إلى ملايين العرب من المحيط إلى الخليج. وقال فيه الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش في مرثيته إلى جمال عبد الناصر: «وكان المطرب الرسمي يصنع من جلودنا وتر الكمان».

غنى عبد الحليم حافظ مشروع الزعيم المصري عبد الناصر.. «على راس بستان الاشتراكية واقفين بنهندس ع الميه عُلما وعمال ومعانا جمال بنغني غنوة فرايحيه».. وهدر صوته بأغنية «يا بركان الغضب يا موحد العرب»، ليتسلل بعيدا عن الرومانسية التي كان سفيرها، حتى خيام المقاتلين في أنحاء العالم العربي التي كانت تفور بالثورة.

ومن تحت ركام الأغاني الوطنية التي شهدتها الثلاثون سنة الأخيرة عاد صوت عبد الحليم حافظ حيا جسورا وملهما لمئات آلاف المصريين الذين احتشد بهم ميدان التحرير أيقونة الثورة المصرية في 25 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، والشوارع المحيطة به، ليرقصوا جميعهم رقصة الحرية خلال 18 يوما كانت كفيلة بإسقاط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك.

تحت ظلال هذا المشهد الحي احتفى التلفزيون المصري على قنواته الفضائية والمصرية بذكرى العندليب، واجتمعت المئات من الأسر المصرية حول باقة من أغانيه وأفلامه ومنها «شارع الحب» و«أيام وليالي» و«أيامنا الحلوة» و«الوسادة الخالية» و«أبي فوق الشجرة». وكأنها تسمعها وتشاهدها للمرة الأولى، كما أذاع التلفزيون الكثير من التسجيلات الخاصة للعندليب، إضافة إلى برامج حوارية عنه، ألقت الضوء من جديد على دوره وعبقريته الغنائية التي قل أن يجود بها الزمان. وفي المقاهي والحافلات العامة ارتسمت البسمة على شفاه المصريين، خاصة بعدما تعكر صفو المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر حاليا بعد ثورة 25 يناير، ورددوا مع صوته الشجي الذي يشبه سمرة النيل «نعم يا حبيبي» و«حلو وكداب» و«بحلم بيك» و«جانا الهوى»، «وفي يوم من الأيام» و«خسارة» و«جبار» و«على قد الشوق»، وغيرها من الأغاني التي أضافت إلى رصيد الأغنية في مصر والعالم عبقرية الوجود وسحر النغم.

ولم يقتصر الاحتفاء بذكرى العندليب على التلفزيون والراديو؛ بل احتفت به المسارح والمراكز الثقافية، كما يقام اليوم بدار الأوبرا المصرية عرضا غنائيا للمطرب محمود درويش، من فرقة كنوز بدار الأوبرا المصرية، الذي يقدم باقة من أغاني عبد الحليم حافظ.

وقد تميزت أغاني عبد الحليم عبر مشواره الفني بالصدق، والإحساس، والعاطفة. وقد قام مجدي العمروسي، صديق عبد الحليم حافظ، بجمع أغانيه في كتاب أطلق عليه «كراسة الحب والوطنية... السجل الكامل لكل ما غناه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ» تضمنت غالبية ما غنى عبد الحليم حافظ.

إلى جانب رومانسية عبد الحليم في أغانيه وأفلامه الشهيرة؛ إلا أننا لا نقدر أن نغفل دوره الوطني في تقديم الأغاني الوطنية الحماسية في لحظات فارقة في الوطن، فعقب قيام ثورة 1952 قام بغناء «عهد جديد»، وفي عام 1956 عقب حصول جمال عبد الناصر على أغلبية الأصوات في انتخابات الرئاسة، قام حليم بغناء «إحنا الشعب»، ولا نغفل أغنيته الشهيرة «صورة» التي غناها في الاحتفال بعيد ثورة يوليو (تموز) 1952. وعند تحرير سيناء قام بغناء «أحلف بسماها وبترابها»، بالإضافة إلى «ابنك بيقولك يا بطل» و«البندقية اتكلمت» و«عاش اللي قال» و«نشيد الوطن الأكبر»، و«عدى النهار».

قضى حليم 26 عاما متربعا على العرش الغنائي في مصر والوطن العربي منذ أن بدأ مشوار الغنائي عام 1952، فقدم 120 أغنية عاطفية و56 أغنية وطنية و16 فيلما، وكانت أغنية «قارئة الفنجان» أكثر الأغاني مبيعا في الأغاني العاطفية كما سجلت أغنية «صورة» أكثر الأغاني الوطنية مبيعا.

وفي الإذاعة قام عبد الحليم ببطولة المسلسل الإذاعي «أرجوك لا تفهمني بسرعة» سنة 1973. وهو المسلسل الوحيد الذي شارك فيه عبد الحليم كبطل للحلقات، وذلك برفقة نجلاء فتحي وعادل إمام قصة محمود عوض وإخراج محمد علوان.

ولد حليم في 21 يونيو (حزيران) عام 1929. وكان ترتيبه الرابع بين إخوته. وتوفي عن عمر يناهز 47 عاما و9 شهور عام 1977. وذلك عقب قضاء حياة مرضية قاسية بسبب إصابته بمرض البلهارسيا.