2012/07/04

غائبون . . أم مغيّبون ؟!
غائبون . . أم مغيّبون ؟!


أمينة عباس - البعث



المتابع لمسيرة الممثل السوري يقر باجتهاده ومثابرته وموهبته الكبيرة، ورغم أن الساحة كما يقال تتسع للجميع إلا أن الواقع هو غير ذلك، والدليل أن مجموعة من الفنانين يتكرر حضورهم في معظم الأعمال، بينما البعض الآخر لا يخضع حضورهم لأي معيار منطقي ليتفاوت هذا الحضور ما بين التواجد بشكل خجول والانقطاعات المتكررة، أما الأسباب فهي متعددة وكثيرة، وقد أصبحت معروفة لدى الجميع، وسنتوقف عند بعضها من خلال بعض الشخصيات الفنية المعروفة جداً والتي تبدو بعيدة عن الوسط الفني رغم الطوفان الدرامي في السنوات الأخيرة .

غائب ومغيب

منذ سنوات تفتقد السينما السورية وجود الفنان أديب قدورة وهو المغيّب عنها، أما التلفزيون الذي كان له فيه شأن مهم فقد كثر غيابه عنه، ولا يجد ضيراً من هكذا وضع وهو الذي غمره النجاح والشهرة سنين طويلة، وقد بات همّه البحث ليس عن فرصة وإنما عن دور جيد يتناسب مع تاريخه ومسيرته الغنية.. من هنا يؤكد قدورة أن غيابه عن الساحة الفنية يعود بالدرجة الأولى إلى قلة العروض وإلى رغبته في تحديد خياراته بشكل يتناسب مع سيرته وسمعته الفنية، ويوضح أن غيابه يعود أيضاً إلى عدم رضاه عما يحدث في الوسط الفني اليوم، وإن كان قد انقطع تماماً عن هذا الوسط في فترة من الفترات بسبب الحادث الأليم الذي تعرّض له حينها حيث بقي طريح الفراش دون أن يسأل عنه أحد، وعندما استعاد صحته وعافيته تذكّره أحد المخرجين بمشاركة في أحد الأعمال كضيف شرف فقبله بعد إلحاح هذا المخرج في أن يكون ضيف شرف، والغريب أنه بعد هذا العمل لم يعد المخرجون يطلبونه إلا كضيف شرف، وهنا رفض قدورة ذلك، إضافة إلى رفضه أن يعامَل مادياً دون أن يُحسَب حساب لاسمه وتاريخه، وهذا ما يفعله من يعمل اليوم في الوسط الفني، وبالتالي يبيّن قدورة أنه شبع نجومية وأعمالاً درامية وليس مضطراً لأن يتنازل عن أي شيء، مع أنه يشير إلى أن غيابه بدأ يتكرر منذ دخوله الوسط الفني لأن الوسط الفني أسير للشللية والصداقات والمصالح الشخصية جداً ترؤسهم مجموعة من المتسربين عبر الوسط الفني همّهم الأكبر والدائم تغييب الفنان الذي يحقق مستوى معيناً .

مغيّب عن سابق إصرار

أما الفنان بشار اسماعيل فيعترف أنه مغيّب عن سابق إصرار عن الساحة الدرامية، لذلك تبدو مسيرته الفنية متعثرة، فيها وقفات كثيرة وغيابات متعددة وحضور بأعمال قليلة، ولعلّ السبب برأيه شخصيته المختلفة المنتفضة بالكبرياء الذي يجعله عضواً غريباً غير مرغوب فيه في جسم درامي تلونت فيه الوجوه وتعددت وتكاثر فيه المتطفلون والمنافقون الذين يعتمدون مبدأ الغاية تبرر الوسيلة في ظل غياب شبه كامل للمعايير الأخلاقية والمهنية، ويؤكد اسماعيل أنه لا يوجد أي خلل بعلاقته مع أية جهة خاصة، وهو يحترم الجميع، ولكن يبدو أن عدم اختلاطه بهم وبُعده عنهم هو سبب من الأسباب التي تجعله بعيداً عن أعمالهم، خاصة وأنه غير ناجح في إقامة العلاقات الاجتماعية التي أصبحت اليوم جواز سفر للمشاركة في أي عمل.. وبصراحة شديدة يقول : لا أعرف ما يجب أن يقدمه الممثل لينال الرضى والقبول من قِبلهم وليصبح في شلّة من شللهم.. وبالعموم يرى أنهم ينسونه لأنه ليس حاضراً ومتواجداً دائماً في ساحتهم ليذكّرهم بنفسه

هناك نوع من الإقصاء لي

في حين تبيّن الفنانة جيانا عيد شبه الغائبة عن طوفان الإنتاج التلفزيوني أن هناك عدة أمور لها علاقة بقلّة تواجدها، فهي ليست من الفنانات اللاهثات كثيراً واللواتي يرغبن في التواجد لمجرد التواجد بهدف جمع المال، كما أنها إنسانة تؤرقها أمور فكرية وإنسانية كثيرة وتحب أن تشعر بكينونتها كفنانة، لذلك ترفض أن تكون كالسلعة المتوفرة بكثرة والمستهلَكة دائماً.. إنها تشعر أن للفنان ألقاً فيجب أن يكون حاضراً في الوقت الذي يجب أن يكون فيه حاضراً، وأن يكون فاعلاً في الوقت المناسب دون أن يتحول إلى مادة استهلاكية تلوكها الأعين في كل لحظة ، مع إشارتها إلى أنها لا تحظى دوماً بالفرصة المناسبة التي تتلاءم مع مشروعها، خاصة في ظل الفوضى التي يصبح فيها إقصاء بعض الشخصيات التي لديها مثل هذا المشروع أمراً عادياً، وهي تشعر أن هناك نوعاً من الإقصاء لها، إلا أنها ليست من النوع الذي يمكن أن يقاتل ليكون موجوداً لحساسيتها الزائدة..

لا يغريني التواجد  لمجرد التواجد

أما الغريب بالنسبة للفنانة ربى المأمون والتي كانت القاسم المشترك لمعظم الأعمال التي قُدِّمت في موسم 2009 كادت أن تغيب عن المشهد الدرامي في السنوات التالية، في حين أن المتوقّع كان أن تنهال عليها العروض بعد النجاح الذي حققته في ذاك العام، ولكن ما حدث هو العكس تماماً، و حتى الآن لا تعرف ماذا حدث، مع أنها لا تنكر أنها اعتذرت عن عدم المشاركة في بعض الأعمال لأنها كانت مقتنعة أنها وصلت إلى مرحلة ومكانة تجاوزت فيها مرحلة البدايات شكلاً ومضموناً، وبالتالي رفضت أن تكررنفسها في الوقت الذي كان فيه المخرجون مصرّين على تكريسها بنفس الخطوات التي وصلت إليها، كما تؤكد أنه لا يغريها التواجد  لمجرد التواجد، وتفضِّل أن يسأل الجمهور عنها في حال غيابها، على ألا تسمع كلمة تشير إلى أن وجودها قد مرّ مرور الكرام.


غيابي لعدم التواصل

كما تبيّن الفنانة إيفلين حسن أن هناك أطرافاً عديدة تتحكم بتواجد الفنان في الأعمال التي تُقدَّم كشركات الإنتاج والمنتجين ومديري الإنتاج، إضافة إلى الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه المخرج في اختيار فريق عمله، كما أنها ترجع غيابها إلى قلة تواصلها مع الوسط الفني، مع أنها تؤمن بأنها كخرّيجة وكممثلة ليست بحاجة إلى التذكير بنفسها وأن أعمالها هي من يجب أن تلعب الدور في ترشيحها للمشاركة في الأعمال التلفزيونية.