2013/05/29

غسان مسعود يتساءل... ماذا بعد شخصية "أبو بكر الصديق" (ر)؟
غسان مسعود يتساءل... ماذا بعد شخصية "أبو بكر الصديق" (ر)؟

مسلسل "عمر" مرّ بسلام


الصدق كان حصاني الرابح في أداء شخصية "أبو بكر الصديق"


قيمة  مسلسل "المصابيح الزرق" تكمن في أنّه يتكئ على رواية عظيمة لـ حنّا مينه


"محمد الحلبي" نموذج حقيقي للبطل الشعبي


تعاملي الأول مع الصديق المثنى صبح في "ياسمين عتيق": مغامرة لكلا الطرفين


سلاف فواخرجي فنّانة بكل ما تعني الكلمة من معنى


خاص بوسطة- محمد الأزن

قال النجم السوري غسان مسعود إن السجال الذي دار حول مسلسل "عمر" (ر) كان أقل حدّة مما توقعه، فهذا المسلسل أثبت بأن "الصورة تسهم في تكريس حالةٍ معرفية وقيمية محترمة لدى جميع جمهور الإسلام"، وعن شخصية أبو بكر الصديق (ر) التي أداها في المسلسل قال مسعود: "هي الشخصية الوحيدة في تاريخي المهني التي لم أجد نفسي مضطراّ لأن أمثّل عند تجسيدها.."، مؤكداً على الأصداء الإيجابية التي تلقّاها عن هذا الدور وأختصرها بالقول: "ولا يمكنك أن تتخيل مستوى الممنونية التي رأيتها في عيون الناس."


تصريحات مسعود لموقع «بوسطة» أتت في سياق الجزء الثاني من المقابلة التي خصّ بها الموقع، وكرّس القسم الأول بالكامل للحديث عن آرائه السياسية حول ما يجري بالبلاد، معلناً عودته للصمت مجدداً عن الحديث في السياسة بعد أن انتزعت تصريحاته الإعلامية مؤخراً من سياقها.

وفي الفن تحدث غسان مسعود مطولاً لـ«بوسطة» عن كواليس مشاركته في مسلسل "عمر"، وأصداء هذا المسلسل  بعد عرضه في الموسم الرمضاني الفائت، كما كان لمسلسل "المصابيح الزرق"، وشخصية "محمد الحلبي " في العمل نصيب من الحديث الذي طال أيضاً مسلسل "ياسمين عتيق"؛ أول تجاربه في الأعمال الشامية، والعمل الأول له بإدارة المخرج المثنى صبح، وعلق على فيلمه الجديد "رسائل الكرز" من إخراج سلاف فواخرجي بقوله: "اشتغلنا هذا الفيلم لسوريا."

وتالياً نص المقابلة:

قبل عرض مسلسل "عمر" كان لديكم نوع من المخاوف من اصطدام المسلسل بوجهات نظر متطرفة قد تحول دون عرضه... بعد العرض خلال الموسم الرمضاني الفائت؛ هل يمكننا القول أن المسلسل مرّ بسلام؟


"نشكر الله أن هذا المسلسل مرّ بسلام، وعرضت وجوه شخصيات الخلفاء الراشدين الأربعة، وأثارت ماكان  متوقعاً من الجدل... وفي المحصّلة: هناك من قبل، وهناك من لم يقبل."

يضحك غسّان مسعود مضيفاً: "لكنني من جمهور الذين قبلوا، وأظن أن الجدل الذي أثير حول هذا المسلسل جدير به، وتركزّ حول عناوين أساسية منها الاختلاف في وجهات النظر، والاجتهاد، وكلاهما خير؛ ففي الاختلاف رحمة، وفي الاجتهاد أجر سواءً أصاب أم أخطأ، وبناءاً على ذلك تكون السجالات التي حصلت بعد عرض مسلسل (عمر) في خدمة هذا التوجه الجديد، والجريء بكيفية تناول تاريخنا الإسلامي، ورموزه الكبار، وأظن أيضاً أن الإيجابيات، كانت أكثر بكثير من السلبيات الناتجة عن تلك السجالات."

وهل بدا الجدل حول هذا المسلسل أكثر أم أقل حدّةً مما توقعتم؟


"أظن أنه كان أقل حدّة مما توقعت، والحمد لله، حيث استطاع الناس بأغلبيتهم أن يتفهموا أننا في عصر يكون فيه للصورة تأثير مزدوج مقارنةً بالكلمة فقط، فالصورة أثبتت أنها تسهم في تكريس حالةٍ معرفية وقيمية محترمة لدى جميع جمهور الإسلام."

استناداً إلى موروثنا في الثقافة العربية، ومن وحي تجربتكم المهنية الطويلة، هل تخيّل غسان مسعود يوماً أنه يمكن أن يجسّد شخصية مثل شخصية "أبو بكر الصديق" (ر)؟


"باختصارٍ شديد.. لا."

وهل تشكّل هذه الشخصية سقف الشخصيات التي يمكن أن يجسدّها فنّان عربي؟


يتساءل مسعود: "ماذا بعد؟.... ثم عندما تقدّم شخصية (أبو بكر الصديق) ماذا عليك أن تقول لنفسك كممثل؟" ويضيف قائلاً: "سأقول لك سراً، أنطق به للمرّة الأولى، ربما هذه الشخصية الوحيدة في تاريخي المهني التي لم أجد نفسي مضطراّ لأن أمثّل عند تجسيدها... لم أشعر بأنه مطلوب  أن أمثل، بل أن أتمثّل هذه الشخصية، وهناك فرق بين الحالتين، كان يكفي بالنسبة لي أن اتمثّل روحانية (أبي بكر)، وقيمه، وأخلاقه، وتلك الصورة عن جسده، والسماحة في وجهه وعينيه، هذه التفاصيل كانت مطلوبةً منّي، وهنا لعب وعيي كممثل دوراً مهماً على المستوى العقلي، أما على المستوى الروحاني فلم يكن مطلوباً منّي سوا أن أكون صادقاً، والصدق كان هو حصاني الرابح، ولا أريد القول إن الأصداء التي وصلتني أتت أكثر مما توقعت، بل كنت صادقاً في جهدي عندما أديّت تلك الشخصية، فأتت النتيجة إيجابية بما يوازي صدقي في تناولي للدور."

بعيداً عن الأوساط الفنيّة والثقافية.. كيف كان احتكاكك الأوّل مع الناس البسطاء بعد عرض مسلسل "عمر"؟


"كان ذلك مفاجئاً جداً بالنسبة لي، ولا يمكنك أن تتخيل مستوى الممنونية التي رأيتها في عيون الناس، حينما يأتي أحدهم ليحضنك، ويقبلك، ويقول لك شكراً دون أن ينطق بكلمةٍ واحدة، هذا عدا عن الرسائل، والاتصالات التي كنت أتلقّاها، وعليّ الإشارة أن هذا الكلام أتى بمعظمه من الجمهور المتدين؛ نساءاً ورجالاً، وكنت أفاجئ حينما يقولون لي إنهم يشاهدون الحلقة ثلاث مرّات، وهذا مؤشر كبير جداً."

لدي سؤال ربما كان من الأفضل أن أوجهه للمخرج حاتم علي، لكنني أفترض أنّكم يمكن أن تجيبوا عنه بحكم تجاربكم المهنية، ومنها ما كان مع المخرج ذاته، ومن خلال درايتكم بحيثيات مسلسل "عمر"؛ هناك من يقول أن الحلقات العشر الأولى من هذا المسلسل لم تأت بجديد مقارنةً بما قدّمه الراحل مصطفى العقّاد في فيلمه الشهير "الرسالة"... ما تعليقكم على ذلك؟


"أولاً؛ يجب أن نسجل أن حاتم علي مخرج ذكي جداً، ولأنّه كذلك، فأنا لا آخذ عليه حينما يأخذ التجارب التي سبقته بعين الاعتبار ويبني عليها، وهناك جملة شهيرة  لنجيب محفوظ تقول بما معناه: (جميعنا يصعد على أكتاف بعضنا البعض)، فالمبدعون يبنون على بناء، وحاتم فعل كذلك، أما إن حصل تشابه هنا أو هناك، فأنا أيضاً أرجعه إلى أنه اشتغل على بيئة مكّة كما العقّاد، وهنا أنت لست في وارد الاجتهاد، حيث توجد بيئة لها شرطها التاريخي، والجغرافي، والصحراوي... إلخ، وهذا كلّه حكم العقّاد... كما حكم حاتم، وبالتالي قد يقع الحافر عل النافر في الإبداع، وهذا أمر طبيعي، وبكل الأحوال أنا لست في معرض الدفاع عن حاتم علي، لكن لايجب أن نركز على  كون هذه النقطة: سلبية."

هناك من يقول إن "أبوبكر" وبحسب الروايات التاريخية كان أقلّ عمراً مما بدا عليه في المسلسل..؟


"صار معلوماً لدى الكثير من الرأي العام اعتذاري مرتين عن أداء هذا الدور، وقال لي حاتم علي يومها إنني (جبان)... كي يستفزني –ربما- ، وأعتقد أنه عمل على اختيار الممثلين بشكلٍ دقيق، ووفقاً للأوصاف التاريخية التي كتبها د. وليد سيف وجدنا أن شخصية (أبو بكر) قريبةً جداً من حيث الشكل لتلك الأوصاف، والحقيقة  أنّه لم يكن أقل عمراً بكثير، وإلا لما أديّته، حيث بدأ ظهور الشخصية بالمسلسل في عمر الأربعين أو أقل بقليل، ولم يستمر بالظهور في تلك المرحلة العمرية سوى حلقتين أو ثلاث، ثم استمر ظهوره في  باقي الحلقات  بشكلٍ مقنع، وكما ينبغي، ثم إن المسلسل لم يكن عنه، وإلا توجّب علينا أن نظهره في كل المراحل العمرية، وهذا يعني قيام أكثر من ممثل بأداء الدور، أو أن يكون الخيار مشابهاً لاختيار المخرج للفنّان سامر اسماعيل لتجسيد شخصية "عمر"، والاعتماد على الماكياج في الانتقال بين مختلف المراحل العمرية."

نبقى في إطار موسم 2012... ماهي الأصداء التي وصلتكم عن مسلسل "المصابيح الزرق" للمخرج فهد ميري؟ وهل حظي المسلسل بفرص عرضٍ كافية خلال الموسم الفائت؟


"أعتقد أن السوريون شاهدوه بشكلٍ جيد جداً، ولكن عربياً قدّم على محطّةٍ واحدةٍ فقط هي قناة (أبو ظبي)، وفي ذلك الوقت استحوذ مسلسل (عمر) على الحظوظ الأوفر من المشاهدة... قيمة  مسلسل (المصابيح الزرق) تكمن في أنّه يتكئ على رواية عظيمة لـ حنّا مينه، وهنا أنصح بالاعتماد على الروايات في الدراما التلفزيونية، لأنها تقدم للدراما أكثر بكثير مما يقدّمه السيناريو المخصص فقط للتلفزيون، فالرواية فن مكتمل، وحينما تضيف إليه الدراما سينتج عنه شيء له علاقة بالتحفة... باللوحة، وبناءً على هذا الكلام؛ أعتقد أن أحد أهم أسباب نجاح هذا المسلسل أنّه مأخوذ  عن رواية عظيمة، ثم جاء الأستاذ محمود عبد الكريم وصنع سيناريو محترم، ليأتي المخرج فيما بعد ويبذل جهداً رائعاً، مبنياً على فهم البيئة التي تدور فيها أحداث الرواية."

ماذا عن شخصية "محمد الحلبي" في مسلسل "المصابيح الزرق"؟


"شخصية عظيمة بكل ما تعني الكلمة من معنى، وموضوعية جداً، وليس فيها تلك البطولات الخارقة، (محمد الحلبي)؛ صاحب ملحمة يعيش بين أهله، وينتصر لهم ببساطته، دن إدعاء، أو مبالغات... في هذه الحدود أحببت تلك الشخصية وأديتها كمنوذج حقيقي للبطل الشعبي، بما يتمتع به من صفات النخوة والشهامة، كما أنّ هذا الرجل له علاقة بالوجدان الجمعي للناس البسطاء، لايخرج عنهم، أو يخرج عليهم، ولا يعطي لنفسه مكانةً أكثر مما يستحق، لا يدعّي أنّه رجل خارق، ولكنّه لا ينام على ضيم، شخص يمكن أن تجده في أي شارع اليوم، إنسان حقيقي... وأنا راضٍ نسبياً عن الدور، والمسلسل ككل، ونادراً ما أرضى."

تخوضون مؤخراً أول تجاربكم فيما يسمى بأعمال البيئة الشامية في مسلسل "ياسمين عتيق" للمخرج المثنى صبح... لماذا في هذا العمل بالتحديد؟


"هذا المسلسل مقاربة... أرى فيها مغامرة لكلا الطرفين، أنا وصديقي المخرج المثنى صبح، كلانا يغامر، ونحن أمام تجربة، أو اختبار له علاقة بالعمل الشامي الذي لم نتعوده سابقاً لجهة  العمل الذي يعتمد مانراه عادة فيما يسمى بأعمال البيئة الشامية، نحن ذاهبون إلى مرحلة القرن التاسع عشر، عندما كانت بيئة الشام لاتنفصل عن البيئة التركية، وهنا اللقطة الذكية للمخرج والمؤلف على ما أعتقد، فالببيئة التي نقدّمها في (ياسمين عتيق) ليست نقيّة 100%، بل تأخذ بعين الاعتبار أن الشام كانت ولاية عثمانية في تلك الفترة ، وبناءً عليه فإن الصوت، واللكنة، واللهجة ستكون أخف قليلاً مما تعودنا أن نراه، كذلك  الأزياء، فالشاميّون كانوا يلبسون في ذلك الزمان من مركز السلطنة... من اسطنبول، تلك العوامل شجعتني على قبول هذا التحدي."

ماهي الخطوط العريضة لدوركم في المسلسل... شخصية "الشوملي"؟


"(الشوملي) شخصية قاسية، كان شهبندر تجار دمشق في ذلك الزمان، ويريد أن يلعب بالمدينة على هواه، ووفقاً لمصالحه، ويقف في صف الأغوات الذين يريدون اقتسام الشام على حساب مصالح أهلها، وكراماتهم، وبسبب ذلك يصل الأمر بينه وبين زوجته (صفيّة الآلوسي) إلى الطلاق، فتتركه، وتشتغل في السوق التجاري، وتؤلف جبهة كاملةً ضدّه من الأهالي والتجّار."

تؤدي دور "صفيّة الآلوسي" في مسلسل "ياسمين عتيق" ؛ الفنّانة سلاف فواخرجي التي أنهت مؤخراً تصوير أول تجاربها السينمائية كمخرجة في فيلم "رسائل الكرز"، وأديتم دور البطولة في هذا الفيلم... ماذا عن هذه التجربة؟ كيف وجدتها؟

"تجربة جيدة... سلاف فنّانة بكل ما تعني الكلمة من معنى، لديها أحلام، ورغبة في أن تصنع شيئاً في الإخراج، ولديها رغبة احترمها جداً، هذا الرغبة جمعتها مع الصديق نضال قوشحة كاتب السيناريو، وتتلخص أنهما في غمرة الأحداث التي تشهدها البلاد، مازالا يفكران في الجولان وفلسطين، وتقديم شيء لهذه القضية عبر فيلم (رسائل الكرز)، وأتشرف بأنني شاطرتهما التفكير ذاته، فبالرغم من الجنون الذي نعيشه من حولنا، يجب أن نتذكر دائماً بأنه لدينا أرض تحتلها إسرائيل، وبناءً عليه اشتغلنا هذا الفيلم لــ سوريا."