2012/07/04

فراس دهني : مدينة الإنتاج التلفزيوني مشروع فعّال يدعم تطور الدراما السورية
فراس دهني : مدينة الإنتاج التلفزيوني مشروع فعّال يدعم تطور الدراما السورية


فؤاد مسعد - الثورة


بخطوات ثابتة تسعى المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي إلى ترسيخ صيغ وآليات عمل تهدف إلى دعم الدراما السورية وتكريس مكانتها مع التأكيد على أهميتها كصناعة تحتاج الجهد والتعب والتخطيط والتطوير الدائم،

وقد تجاوزت المؤسسة فكرة الإنتاج الدرامي لتأخذ دورها بشكل أكثر فاعلية من خلال عدة خطوات ، منها اتجاهها لإقامة شراكات فنية مع شركات الإنتاج الخاصة السورية ، وإطلاق مشروع مدينة الإنتاج التلفزيوني التي تضم فعاليات إنتاجية وتعليمية وخدمية وثقافية وترفيهية تتعلق بالإنتاج الدرامي والتلفزيوني والإذاعي والسينمائي .. وبالتالي الطموح كبير والعمل كثير ، ولإلقاء الضوء على الجديد الذي تحمله المؤسسة وتعمد إلى تحقيقه كان لنا هذا اللقاء مع المخرج فراس دهني المدير العام للمؤسسة الذي تحدث بداية عن الخطوات الإنتاجية والتوسعية الجديدة في المؤسسة ،‏‏

فقال :‏‏‏

جديد مؤسسة الإنتاج التحضير لإطلاق مكتب لها في محافظة حلب مهمته الأساسية تنشيط الدراميين فيها (إذاعيين وتلفزيونيين) والبدء بمجموعة إنتاجات إذاعية تُسجل هناك مع فنانين من حلب ، وسيتبع هذا المكتب مجموعة مكاتب في (حماة ، حمص ، اللاذقية ، دير الزور ، السويداء، درعا) وهو شكل من أشكال تطوير المؤسسة لتستوعب الحالة السورية ككل وألا تتمركز في العاصمة فقط . هذا من جهة أما من جهة أخرى فقد انتهينا منذ أيام من تصوير سلسلة (أنت هنا) وهي عمل شبابي بامتياز وتتألف من مجموعة أفلام تلفزيونية ، كما انطلق يوم الأول من أمس تصوير مسلسل (المفتاح) وهو عنوان مؤقت للعمل ، تأليف خالد خليفة وإخراج هشام شربتجي ، ويشكل عودة للمبدع هشام شربتجي بعد سنوات من غيابه عن الساحة الدرامية في سورية ، وهو من الأعمال الضخمة التي سننجزها ويضم فريق عمل رائع . كما انطلق احد أعمال الشباب وهو باكورة الأفلام القصيرة ضمن مشاريع الشباب ، وبعده سينطلق أول فيلم وثائقي في المؤسسة .‏‏‏

هذا كله يشكل جزءاً من جديد المؤسسة ، أما الجزء الآخر فهو دراسة مشروع مدينة الإنتاج الإعلامي التلفزيوني وهو المشروع الأكبر .. هو ليس مشروع فراس دهني ، ولكنه مشروع الدراميين كلهم وأغلب الإعلاميين في سورية لما خلفه من أفكار نبيلة ، كما أنه ليس يافطة إعلانية للمؤسسة وإنما مشروع فعّال مستقبلي يدعم تطور الدراما السورية ويدعم تحولها من حالة فردية إلى حالة صناعة تُكَرّس بشكل نهائي بين الصناعات القائمة والأساسية في سورية ، وقد يقول البعض أن في ذلك خسارة لما شكّل أحد عناصر الجذب للدراما السورية ألا وهو موضوع مصداقية الديكور ، وهنا نقول إن هذا الطرح صحيح ومنطقي ، ولكن الظروف اليوم لم تعد كما هي قبل عشرين عاماً حين كان الناس يرحبون بك أينما حللت للتصوير ، فالحياة اختلفت والإيجارات ارتفعت عشرة أضعاف ، وبالتالي ستصبح عبئاً إنتاجياً ضخماً على كاهل العمل ولن نستطيع الاستمرار بهذا الشكل. وبالطبع سيبقى هناك ديكورات لا يمكن الاستغناء عنها داخل المدينة ، ولكن ينبغي أن ننتقل إلى حالة أكثر احترافية في تصنيع مجموعة ديكورات .‏‏‏

ونحن لا نأخذ المثال المصري على أساس أنه المثال النهائي ولكننا ندرس مجموعة أمثلة عالمية فيما يسمى الديكور المتحرك والمتبدل باستمرار وليس الديكور الثابت الذي يتم فيه تصوير خمسين مسلسلاً وهو خطأ قد تقع فيه بعض المدن التلفزيونية الصغيرة .‏‏‏

الفكرة التي نحن بصدد تنفيذها وبدأنا التخطيط الفعلي لها مع هيئة التخطيط الإقليمي (وهي جهة جدية جداً) أكبر من مجرد ديكور بصري مؤقت ، فالفكرة استراتيجية وفيها بعد أكاديمي إضافة للبعد الإنتاجي ، وستضم معهداً للعلوم السينمائية والتلفزيونية ، وبالتالي هناك تأسيس لأجيال قادمة وسيكون هناك مجموعة من الاستديوهات المغلقة والاستديوهات المفتوحة في الهواء الطلق، حتى إن بعض الديكورات المتميزة يمكن أن تتحول إلى مقصد سياحي يساهم في تمويل هذه المدينة ، وما لم يُذكر سابقاً أنه ينبغي أن يمول المشروع ذاته بذاته دون أن يتحول إلى عبء على الدولة لضخ المليارات ويكون مردوده قليلاً ، لذلك قسم كبير منه سيكون استثمارياً وفيه مردود حقيقي من موضع الاستثمارات الموجودة من مطاعم وفنادق .. وتعود هذه المداخيل كلها لتطور وتمول العمل الدرامي . ولابد من القول: إن مشروع المدينة طموح كبير جداً وإيجابي له هدف بعيد المدى هو التطوير الأكاديمي ورفد الدراما بدماء متجددة .‏‏‏

ما ملامح الخطة والدراسة الموضوعة لمشروع مدينة الإنتاج التلفزيوني، وما مساحة الأرض التي ستُنشأ عليها ؟ وما مدة التنفيذ الزمنية ؟‏‏‏

هناك بعض التفاصيل واضحة المعالم وهناك بعض التفاصيل التي مازالت قيد الدراسة ، ومن التفاصيل واضحة المعالم أن الأرض التي زرناها وخصصت للمشروع هي أرض هائلة المساحة وجذابة جداً ومتنوعة التضاريس وقريبة من دمشق (منطقة قطنا) كما أنها جاذبة للمستثمرين الذين يمكن أن يكونوا شركاءنا في هذه العملية ، فالمؤسسة التي ستكون مشرفة ومتبنية للمشروع سيكون شركاؤها ليسوا فقط منتجي الدراما وإنما مجموعة من المستثمرين أيضاً . والدراسة هي كيف نستثمر موقع المشروع بالشكل الإيجابي ، فهناك هدف أبعد من موضوع المدينة هو تنشيط لمنطقة قطنا حيث سيتم من خلالها خلق الكثير من فرص العمل. فالمشروع ليس مشروعاً ينتهي بعد خمس سنوات وإنما يبدأ اليوم ولا ينتهي، بمعنى أنه ليس هناك شكل نهائي فهو شكل متطور ، وسنبدأ بالاستديوهات الخارجية ومن ثم نتحول للاستديوهات الداخلية وبالوقت نفسه سيكون هناك مجموعة استثمارات تضخ المال لتمويل هذه الاستديوهات والتقنيات التي ستأتي ، فهو مشروع مستمر وليس نهائياً له خطة زمنية معينة ، وينبغي أن يبدأ استثمار المشروع خلال مدة أقصاها سنة .‏‏‏

ما الذي يجعلني أقتنع أن ما تقوله أبعد من مجرد تصريحات إعلامية ؟‏‏‏

تم تأجيل الإعلان عن المشروع إلى أن ذهبنا وشاهدنا الموقع ولمسنا بوادر نجاح المشروع ، لأن عامل الأرض كان أساسياً أضف إلى أن النية موجودة والخطوات متسارعة ، وبالتالي هناك مجموعة عناصر تقول: إن هذا المشروع في طريقه إلى النجاح ، وينبغي أن نسير بخطوات مدروسة ، خطوة خطوة ، لأن كل خطوة لها أبعداها ومستلزماتها وأهدافها .‏‏‏

هل بات مشروع المعهد السينمائي والتلفزيوني قاب قوسين أو أدنى ليتحول من حلم إلى حقيقة ؟‏‏‏

هناك أكثر من عشرين شخص في سورية بمن فيهم أنا يفكرون في إقامة معهد للسينما والتلفزيون ، حتى إن لدي دراسة متكاملة حوله ، وتختلف الرؤيا حوله أهو تجاري أم أكاديمي أم استثماري ، ولكن عندما تقول الدولة إنها ستتبنى هذا المشروع يتحول من تجاري إلى مشروع استثمار إنسان في المستقبل ومشروع أكاديمي له ثوابته ، وبالتالي تتغير طريقة طرح المشروع ، فعلى سبيل المثال في لبنان هناك الكثير من المدارس التي تقول إنها أكاديميات لتعليم السينما ولكنها لا تنتمي إلى الحالة الأكاديمية لا من قريب ولا من بعيد ، فدراسة السينما لا يمكن أن تتم خلال سنة أو حتى سنتين ، وإنما تتطلب على الأقل دراسة لمدة أربع سنوات ، وهذا ما يمكن أن يحققه هذا المعهد بكوادر داخلية وخارجية وسيكون مركز جذب أكاديمي على مستوى شرق المتوسط .. عموماً لن نقول إنه أصبح قاب قوسين أو أدنى ، ولكنه أصبح قيد الدراسة الجدية .‏‏‏

تم الإعلان عن اتجاه المؤسسة لإقامة شراكة مع القطاع الخاص ، فما معايير ونواظم هذه الشراكة في ظل مفاهيم وذهنيات عمل قد تكون متباينة بين القطاعين ؟‏‏‏

على مدى السنوات السابقة هناك حالة جفاء بين القطاعين العام والخاص ، وتحول هذا الجفاء بلحظة إلى حالة عداء ، ولكن مؤسسة الإنتاج هي مؤسسة شابة ومازالت قيد التأسيس أي أنها ترسيخ خطواتها ومبادئها وآليات عملها ، وتطورت من مديرة إنتاج تلفزيوني إلى مؤسسة ، وعندما طالبنا بهذا التطور كنا نقول أن أساس هذا التطور التخلص من أمراض سابقة تتعلق بآليات وذهنية عمل وقوانين مالية مكتوبة وغير مكتوبة ، والآن تحررت المؤسسة من جزء من هذه القوانين وليس كلها ، ولكن إن سألنا ما هي استراتيجية المؤسسة ؟.. نجد أن استراتيجيتها بأن تمد يدها إلى مثيلاتها ، ومثيلاتها شركات القطاع الخاص لتصنع معهم حالة تشاركية ، والعالم كله تطور بات يسير نحو التشاركية فعندما ترى فيلماً يُنجز في أوروبا ستجد أن هناك مجموعة محطات شاركت فيه علماً أن كل منها كان يمكن أن تنتج الفيلم بمفردها ولكنها تسعى للتشاركية لأن حالة التوزيع والانتشار حالة أساسية في العمل ، وعندما نمد يدنا للقطاع الخاص ونتشارك نكون قد حققنا أكثر من هدف : أولاً القطاع الخاص يساعدنا في التسويق فنتجاوز العوائق الروتينية الموضوعة أمامنا كقطاع عام ، ثانياً هو يمتلك المرونة وبعض مفاتيح التسويق الأمر الذي لا نمتلكه نحن ، ثالثاً نحقق أهم هدف من للمؤسسة وهو تطوير الدراما السورية ومعنى تطويرها أي تطوير كافة العناصر العاملة فيها وشركات الإنتاج هي أحد هذه العناصر ، رابعاً عوضاً من إنتاج خمسة أعمال يمكن هنا أن ننتج عدداً أكبر .. وهناك الكثير من الأهداف التي يمكن تحقيقها .‏‏‏

ولكن ما مصلحة القطاع الخاص في هذه الشراكة ؟‏‏‏

تعامل المؤسسة مع أفضل النصوص والمخرجين والفنانين والفنيين يعتبر بحد ذاته عامل جذب ، كما أن القطاع الخاص يفكر أنه عوضاً من إنجاز عمل يمكن إنجاز عملين بهذه الشراكة وبالتالي الانتشار سيكون أكبر ، وقد وضعنا آليات عمل واضحة لموضوع التشارك ولكتل الصرف بحيث لا يكون هناك أي ثغرة يمكن الاصطياد منها ولنقطع الطريق أمام من يعتقد أن التشارك مع القطاع الخاص هو تبذير للمال العام ، وسنكون متشاركين في وضع الدراسة والميزانية ووضع أفق العمل وحالة الإنجاز الخاصة به .‏‏‏

عموماً استطعنا اليوم جذب أهم الشركات الخاصة في سورية لنعقد معها شراكة وهذا مؤشر إيجابي للمستقبل وللدراما السورية ككل . أضف إلى ذلك أن الشركات الصغيرة ذات الفكر النظيف مُرحب بها كما هو مرحب بالشركات الكبيرة، فالشركات الصغيرة لا ينقصها الطموح واستطاع عدد منها تقديم أعمال لقيت نجاحاً نقدياً وجماهيرياً وهذا الأمر هو أحد شروط التشاركية أي أن يكون في رصيد الشركة أعمال لها صدى طيب ، وبالتالي الشركات الصغيرة ذات الفكر النظيف مُرحب بها كما هو مرحب بالشركات الكبيرة .‏‏‏

ماذا عن دور المؤسسة في توزيع أعمالها ؟‏‏‏

هذا صلب عمل المؤسسة ، وأرى أن عملية التسويق ينبغي أن تسبق عملية الإنتاج ، وهذا هو الفكر التخطيطي السليم ، لذلك عندما بدأنا بتصوير مسلسل (المفتاح) بدأنا بإجراء اتصالات مكثفة مع مجموعة من المحطات ، وهنا أشير إلى أنه قيل أن الدراما السورية مُقاطعة من قبل مجموعة محطات فضائية عربية هامة .. وهذا صحيح ، ولكن بالمقابل هناك مجموعة محطات عربية أخرى لم ولن تقاطع الدراما السورية لأنها تعلم مدى أهميتها ، وهذه المحطات هي شريكنا المستقبلي وهي موجودة ليس فقط في لبنان كما يهمس البعض وإنما موجودة أيضاً في الخليج العربي ، فيدنا ممدودة تجاه المحطات ، ومصلحتنا أن نقيم شراكة معها لنضمن منبرا جيدا للعرض .‏‏‏