2012/07/04

فنانون سوريون: بحكم المنافسة والشهرة والأضواءالوسط الفني مليء بالرداءة
فنانون سوريون: بحكم المنافسة والشهرة والأضواءالوسط الفني مليء بالرداءة


أمينة عباس – البعث

لا يختلف اثنان على أن الوسط الفني ما هو إلا مكان يشبه أي مكان أو وسط آخر في مجتمعنا، فيه الجيد وفيه ما هو سيئ، وكغيره من الأوساط الأخرى يعاني من أمراض مختلفة، ولكن ما يجعل هذا الوسط أكثر عرضة لبعض الآفات هو تلك الشهرة التي يمكن أن يحققها لمن يعمل به، وهو إغراء كبير يجعل البعض مستعداً لفعل أي شيء في سبيل تحقيقه.. من هنا أردنا أن نتعرف على هذا الوسط وبعض إشكالياته من خلال أصحابه القادرين على توصيف واقعه بشكل جيد وحقيقي، وقد كانت الشهادات التالية :

أسير للصداقات والمصالح


باختصار شديد يؤكد الفنان أديب قدورة أن الوسط الفني كان وما زال أسيراً للصداقات والمصالح وأشياء أخرى كثيرة تدور خلف الكواليس، وقد اكتشف أن مجموعة من المتسربين يسيطرون عليه، وهمّهم الأكبر والدائم تغييب الفنان الذي يحقق مستوى معيناً من النجاح للحركة الفنية الجادة التي يمكن أن ترفع من شأن سمعة الفن في المجتمع .

تلونت فيه الوجوه


ويتفق الفنان بشار اسماعيل مع ما ألمح إليه الفنان قدورة، مؤكداً أن الوسط الدرامي جسم  تلونت فيه الوجوه وتعددت، وتكاثر فيه المتطفلون والمنافقون الذين يعتمدون مبدأ الغاية تبرر الوسيلة في ظل غياب شبه كامل للمعايير الأخلاقية والمهنية، ويبين أن من يريد أن يعمل اليوم عليه أن يبقى متواجداً أمام أصحاب شركات الإنتاج والمخرجين، ولا بد كذلك من بعض المجاملات والتقرّب والنفاق، ويروق للبعض أن يتحول الممثل إلى متسوّل لديهم، ويؤلمه أن فنانين كباراً قابعين في بيوتهم نسيهم الزمن وشركات الإنتاج والمخرجون، وعندما تستيقظ ذاكرة هؤلاء يدعون بعضهم للمشاركة عبر شخصيات متواضعة لا تليق بمكانتهم ولا تنمّ عن احترام من استدعاهم لهم.. وبالتالي فإن غياب القيم الأخلاقية والمعايير المهنية التي باتت شبه مفقودة في الوسط الفني باتت تتجسد في وضع الفنان غير المناسب في المكان غير المناسب، وفي عدم احترام شركات الإنتاج للعقود التي توقعها مع الفنانين، لذلك فإن الفنان بعد فترة من توقيعه العقد يكتشف استبداله بفنان آخر حتى دون كلمة اعتذار .

سأنجح دون تقديم أية تنازلات



كما تبيّن الفنانة ربى المأمون أن الوسط الدرامي يكثر فيه أعداء النجاح، فموهبتها –كما تقول- قوبلت بالإجحاف والتجاهل لأنها رفضت وترفض تقديم التنازلات التي يلحّ عليها بعض صنّاع الدراما ثمناً لفرصة، ورغم الإحباط الذي قد يعتريها في بعض الأحيان من هكذا وضع إلا أنها سرعان ما تشحن نفسها ثانية بالأمل والتحدّي لأن تحقق ما تريده بموهبتها الكفيلة بإقناع الجميع بأنها كافية لتكون في المهنة التي تعشقها وتكنّ لها كل الاحترام.. وبالعموم تستغرب نفور الوسط الفني من أصحاب المواهب، وكل المؤشرات تؤكد أن كل واحد يحاول إلغاء الآخر فيه، فبفضل الشللية مثلاً غالباً ما تُطرد الأسماء الجديدة التي يمكن أن تخترقها، وهذا ما تتعرض له، فما إن يُطرَح اسمها للمشاركة في عمل من الأعمال حتى يُقابَل بالرفض وتبدأ الاعتراضات إلى أن تُستبدَل بممثلة أخرى تنتمي للشلّة ذاتها.. وتأسف المأمون لأن الوسط الفني مليء بالسيئين بحكم المنافسة والشهرة والأضواء المسلّطة عليهم، لذلك نجد أن العلاقات فيه مشبوهة إلى حد كبير، حيث تكثر فيه العداوات والحسّاد والغيورون والذين يبتزون من يسعى إلى هدف معيّن، لذلك فإن من يدخله ويتعامل مع أفراده يجب أن يكون قوياً ليستمر فيه في سبيل تحقيق هدفه .


إشكاليات الوسط الدرامي كثيرة

وتشير الفنانة ريم عبد العزيز إلى تفاقم ظاهرة الشللية في الوسط الدرامي السوري، وترى أن ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى خيارات القائمين عليها، مع العلم أنها ليست ضد أن يميل المخرج لممثلين معينين فيحرص على تواجدهم معه، إلا أنه من غير المقبول مثلاً أن يكون ممثل محدد بطلاً لكل أعماله، مع إشارتها أيضاً إلى أن إشكاليات الوسط الدرامي من غيرة وحسد وشللية تؤثر كثيراً على شكل هذا الحضور ونوعيته.. وتعترف عبد العزيز أنها وبعد عودتها من مصر تفاجأت بالكم الهائل من الممثلين والممثلات، بحيث بات التمثيل مهنة من لا مهنة له، وهذا إن دل فإنه يدل على حالة الاستسهال الرائجة في الفن، وتعتقد أن السنوات كفيلة بإجراء تصفيات لهؤلاء بحيث لا يبقى إلا من يستحق، حيث من غير المنطقي أن تبقى الأمور على هذا الحال، رغم أن هؤلاء كثر ويأخذون فرص غيرهم، والأنكى أنهم موجودون بحكم دعم البعض لهم ومساندتهم، وهذا يعني أننا محكومون بالانتظار ليتساقط كل من لا يستحق الاستمرار .

أتمنى أن أكون ضمن شلّة

وتبيّن الفنانة سوسن ميخائيل أن الشللية موجودة شئنا أم أبينا، فبمجرد معرفتنا لمخرج أي عمل سنعرف من هي المجموعة التي معه، والأخطر أن بعض المخرجين مهما كان نوع العمل الذي يقدمونه لا يشركون فيه إلا شلّتهم، وهذا أمر غير مقبول برأيها لأنه لا يصب في مصلحة العمل.. إذاً الشللية في العمل الدرامي حقيقة وواقع، ولا تخفي سراً إذا قالت إنها تتمنى أن تكون مع شلّة لتضمن استمرارها في العمل، خاصة وأن الحصول على فرصة عمل أصبح يقابلها تنازلات كثيرة يجب أن تقدمها بعض الفنانات، وليس هذا فحسب، فهناك العديد من الفنانين الشباب يقدمون أيضاً تنازلات معيّنة وخدمات للمخرجين لقاء مشاركاتهم في الأعمال الفنية، وهذا الواقع المبتَذَل يزعجها ويسبب ليس فقط أزمة وجود وإنما أزمة مادية أيضاً لأن التمثيل في النهاية مهنة الممثل ومصدر رزقه، والأسوأ من ذلك أن بعض الدخلاء على الوسط الفني يملكون الأموال ومصرّون في الوقت ذاته على التمثيل، والمشكلة الكبرى أن عدداً من الفنانين الذين لديهم تاريخهم يجلسون في بيوتهم، وأن عدداً قليلاً آخر يتكرر في كل الأعمال حتى ضاق الجمهور بوجوههم الدائمة على شاشة التلفزيون .

فوضى كبيرة

وأكثر ما يزعج الفنانة ليلى عوض في الوسط الفني عدم تقدير الموهبة وإعطائها حقها، أما التجاوزات فيه فهي كثيرة، فمن لا تعرف التمثيل أصبحت تمثل وتُُسنَد إليها أدوار البطولة، ومن لا يعرف الإخراج أصبح مخرجاً، ومن لا يفهم بالإنتاج أصبح منتجاً، كما أن الأجور برأيها توزَّع على الفنانين دون معيار أو مقياس، وهكذا فهناك فوضى كبيرة تسود الوسط الفني، والجميع يشارك فيها، مع وجود بعض الاستثناءات .



يعتمد على العلاقات العامة

أما الفنانة الشابة آلاء عفاش فترى أن اعتماد الوسط الفني على العلاقات العامة يعود –غالباً- إلى الطريقة المتداولة والمعتمدة لاختيار المخرجين للممثلين، خاصة وأن المخرجين بعيدون عن المعهد العالي للفنون المسرحية ومتابعة الوجوه الجديدة، إلى جانب أن مفهوم “التيست” غير موجود عندنا ليقدّم الممثل نفسه للمخرجين .