2013/07/08

في حلبة الصراع السياسي
في حلبة الصراع السياسي

 

سامر محمد إسماعيل – السفير

 

 

ماراتون إنتاجي شهدته عجلة الإنتاج الدرامي داخل سوريا وخارجها للإطلالة على الأزمة. ففي حين اكتفى البعض بتصوير الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة على السوريين، فضّل البعض الآخر الذهاب بعيداً إلى شبه تبنّ لوجهة نظر أحد طرفي الصراع الدائر منذ أكثر من عامين بين المعارضة والنظام. مما يفتح الباب عريضاً على تساؤلات كثيرة تنقل الدراما السورية هذا العام من مستوياتها الترفيهية الاجتماعية للمواسم الرمضانية، إلى مستويات سياسية. ويحاول القائمون على هذه الأعمال الانحياز لطرف على حساب آخر، وذلك عبر وسيلة المسلسل التلفزيوني الذي يبدو اليوم وثيقة إضافية عن حقيقة اللحظة الساخنة التي تشهدها البلاد منذ 15 آذار 2011.

سنشاهد في رمضان 2013، ما يشبه سجالاً درامياً بين كل من مسلسل «تحت سماء الوطن» لمخرجه نجدة إسماعيل أنزور، ومسلسل «منبر الموتى» لمخرجه سيف الدين سبيعي.

كتب العمل الذي يحمل توقيع أنزور، مجموعة من الكتاب، على شكل عشر ثلاثيات، ويقاربالإرهاب الذي تتعرض له البلاد،

ومحاولة تفتيت الوطن، و«المؤامرة الكونية»، وما تعرضت لهالنساء السوريات فيمخيمات اللجوء   من حوادث اغتصاب وإهانة كما في

 ثلاثية «عزيزة بابا عمرو» و«النزوح». فيما يتعرَّض الجزء الثالث من مسلسل  «الولادة من الخاصرة» لبطش قوات الأمن والشبيحة وفساد المؤســـسة الأمنـــية وفـــقاً لرواية المعارضة

 نجدة اسماعيل أنزور خلال تصوير "تحت سماء الوطن"

ويتناول مسلسل «حائرات» لمخرجه سمير حسين وكاتبه أسامة كوكش الأثر الاجتماعي والنفسي للأزمة عبر شخصيات نسائية سنشاهدها هائمة على وجهها، على حافة الانهيار العصبي. نساء في العمل والبيت والجامعة، محاصرات بوجوه كئيبة وأصوات التفجيرات والقصف وولولات الهاربين من جحيم المدن المدمرة، ليتحولن حائرات بين الطلقة والقبلة،

حائرات بين الحب والهروب. بالمقابل يسجل المخرج الليث حجو عمله الأحدث «سنعود بعد قليل» عن سيناريو لرافي وهبي، مركزاً على الأثر الذي تركته الأحداث بين أفراد الأسرة الواحدة، متكئاً على بطولة الفنان دريد لحام الذي يؤدي شخصية رجل عامر بالحنين إلى وطنه بعد اضطراره للسفر إلى بيروت، ليجد نفسه بين سجالات وصراعات حلفاء النظام والمعارضة. ويتناول العمل كيف دفعت الأزمة بسوريين كثر إلى هجرة قسرية تضعهم وجهاً لوجه مع واقع مليء بالتشرذم وضياع السبيل.

في المقلب الآخر حقّق كل من المخرجين فردوس أتاسي ومهند قطيش موقفاً درامياً مختلفاً من الأزمة، عبر لوحات كوميدية ساخرة تحمل عنوان «وطن حاف» عن نص لكميل نصراوي، نطل فيها على واقع الحياة السورية المعاصرة وفق حلقات متصلة منفصلة. يعد القائمون على العمل بسقف رقابي عالٍ، لمناقشة واقع الحال من خلال كوميديا سوداء فيها من المرارة ما فيها من السخرية والرثاء. العمل من إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني»، ويأتي بعد إعلان شركة «سما الفن» عن عدم إنتاجها للنسخة العاشرة من المسلسل الكوميدي الناقد «بقعة ضوء» بعد أن حقق الجزء التاسع من هذا العمل في الموسم الرمضاني الماضي سبقاً درامياً في ملامسة الحدث الجاري على الأرض السورية.

ربما من المبكر الحكم على انحياز سياسي لهذا المسلسل أو ذاك قبل مشاهدة هذه العروض التلفزيونية والإطلاع على أحداثها وشخصياتها. فهل ستكون الدراما السورية أمام مواجهة من نوع مختلف هذا العام؟ أم أننا سنردد مقولة «المسلسل والمسلسل الآخر» بعد أن سُحر المشاهد العربي بمقولة «الرأي.. والرأي الآخر» شعار قناة «الجزيرة»؟