2012/07/04

في عشق الدراما.. وعن عشاق من ورق
في عشق الدراما.. وعن عشاق من ورق


ماهر منصور - تشرين

ثمة رسالتان وجههما المخرج فراس دهني المدير العام للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي في مؤتمره الصحفي الذي عقده الأربعاء الفائت لإطلاق مسلسل «أرواح عارية»- أول إنتاجات خطة عمل مؤسسته للعام 2012.

الرسالة الأولى كانت لمنتجي القطاع الخاص: انتجوا أيها السادة، لا خوف على إنتاجكم من مقاطعة أحد، وإن كان منكم من تمترس خلف القطاع العام..وأراد لمسلسلات هذا الأخير أن تكون كبش فداء المقاطعة..فمن تلك المسلسلات اليوم ما هو معد للعرض، بعد أن تم تسويقه في الفضائيات الخليجية، في وقت كان الإعلام يعج بأحاديث المقاطعة.. ومن مسلسلات القطاع العام ما تدور اليوم مفاوضات لشرائه وعرضه في رمضان وربما قبل ذلك بكثير. في الرسالة الأولى للمخرج دهني أيضاً، كلام من يعرف قدر نفسه، من دون أن يأخذه الغرور، فنحن ندرك اليوم أن «التحدي أمام الدراما السورية هذا العام كبير»، يقول المخرج دهني، لكن أول سبل مواجهة هذا التحدي.. هو اليقين بأن «المنتج الدرامي السوري منتج صعب الاستغناء عنه عربيا كوجبة رمضانية وغير رمضانية دسمة». ‏

في الرسالة الثانية ثمة ما يحمل بشرى عن تحول الدراما السورية إلى صناعة.. فعام 2012 سيكون عام استحقاقات الدراما السورية، أقلها أننا سنشهد خلاله عهداً جديداً للقطاع الإنتاجي الدرامي العام، يتوقف خلاله القطاع العام عن دور الأب الذي لا يرى فيه من حوله سوى بقرة حلوب لأبنائه، ولاسيما أنصاف المواهب منهم.. فـ «لسنا مؤسسة خيرية»، يقول المخرج دهني ولكننا سنعمل لنكون «ضمانة لوضع استراتيجية حقيقية وأكثر موضوعية لآلية إنتاج الدراما وبقائها واستمرارها... من دون أن نأخذ مكان القطاع الخاص».

الرسالتان من حيث مضمونهما تحددان شيئاً من ملامح خريطة طريق للدراما السورية في الأيام القادمة، طريق يبدأ من تغيير آليات عمل القطاع العام، وتالياً، تكاتف هذا الأخير مع القطاع الخاص لمواجهة أي تحد يقف في طريقهما.. والعمل معاً وفق استراتيجيات إنتاج لدخول تحدي التسويق معاً... بذلك فقط نكون قد هدمنا اللبنة الرئيسة في جدار أي مقاطعة قد تحدث للدراما السورية.. وتجاوزنا حاجز أن يمتلك غيرنا مصير درامانا. ‏

اليوم القطاع العام ينتج، والقطاع الخاص يبدأ إنتاجه بحياء.. لكن كثيراً من منتجيه يترقبون.. ولعل ما بين سطور الرسالتين السابقتين، ما يخص هؤلاء المترقبين تحديداً.. فما تحتاجه الدراما السورية اليوم.. هو ما تحتاجه أبداً، أي أنها تحتاج منتجاً فناناً، لا منتجاً تاجراً... يطل برأسه وقتما يكون السوق بياعاً... ويغيب وقت الأزمات ولسان حاله: رأس المال جبان. ‏

أليس الفن مغامرة وتضحية.. هكذا علمنا جيل المؤسسين منذ نحو نصف قرن من عمر الدراما السورية.. فأين عشاق الفن من دراماهم اليوم.. أم أن عشق الفن ليس أكثر من ظاهرة صوتية عند كثير من فناني اليوم؟! ‏

ألا تستحق الدراما السورية اليوم أن يعيد من كنزوا الملايين منها أن يعيدوا شيئاً من أفضالها عليهم..؟! ‏

لا أحد يريد من منتجي القطاع الخاص أن ينتجوا ويخسروا.. ولكننا نريد لهم أن يقدروا أي حصان رهان رابح هي الدراما السورية... حصان إن انحنى للريح قليلاً... فذلك لا يعني أنه لم يعد رقماً صعباً في الميدان.. أليست الضربة التي لا تكسر تقوّي..؟! ‏