2016/10/15

قناة «تلاقي» تطفئ أضواءها بهدوء
قناة «تلاقي» تطفئ أضواءها بهدوء

السفير - طارق العبد

صباح اليوم ستكون قناة «تلاقي» السورية في آخر ساعات بثها، قبل أن تغادر الفضاء نهائياً عند الظهر وسط هدوء مغاير للضجة التي رافقت القرار بإقفالها. فقبل شهر تقريباً ترددت أنباء عن إغلاق المحطة وزميلتها «الشرق الأوسط» بسبب ما قيل عن نفقات عالية للعمل ونقص في الموارد المالية. عاصفة من ردود الفعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي استنكرت هذا الإجراء الرسمي. يومها لم تقفل المحطة وواصلت بثها على هدوء قبل أن يحسم الأمر رسمياً وتعلن القناة على صفحتها الرسمية على «فايسبوك» موعد توقف البث متوجهة بالشكر إلى جمهورها. وجاء في المنشور: «أسرة القناة تشكر جميع من آمن بمشروعها في التلاقي ولو في منتصف الطريق فوقف إلى جانبها وشجعها ولو بأضعف الإيمان. شكرًا لكلّ من آزرها عندما كانت تحاول أن تنجح في صنع لحظة فرح للسوريين في أصعب الأوقات... لقد اجتهدنا، حاولنا بما نملك وقد نكون أخطأنا أو أصبنا..الإجلال كله لأرواح الشهداء..».
داخل استديوهات الشاشة الرسمية استمر تصوير البرامج اليومية، فيما واصلت الصفحة الخاصة بـ «تلاقي» على موقع «فايسبوك» بث أخبار منوعة وأخرى حكومية في محاولة لاستكمال العمل حتى اللحظة الأخيرة. فضّل عدد من العاملين عدم الإدلاء بأي حديث ما دامت إدارة المحطة لم تتحدث للإعلام بالأساس ولم يصدر أي تعليق حكومي على الخبر عبر وسائل الإعلام الرسمية.

يشير مصدر من داخل التلفزيون السوري إلى أن القرار السابق كان أقرب لمحاولة إعادة هيكلة المحطة بعدما وصلت تكاليف البث لأرقام عالية تقترب من مئتي ألف دولار خلال عام واحد، من دون عائدات تذكر، خصوصًا أن القناة ممولة من الحكومة شأنها شأن باقي القنوات الأخرى في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. وبحسب مصادر أخرى، بدأت الأزمة المالية في القناة منذ انطلاقها قبل أربع سنوات. فقد عانى الموظفون طويلاً قبل أن يتسلموا رواتبهم الزهيدة، فلا يتجاوز دخل أكبر الموظفين خمسين الف ليرة سورية (مئة دولار) بدون بدل للملابس أو المستحقات التي يحظى بها زملاؤهم في المحطات الأخرى. ومع كل ذلك استقطبت المحطة عددًا من المتخرجين الجدد من قسم الإعلام وغيره لمحاولة التأقلم مع الإمكانات المادية الضعيفة جداً وإنجاز تجربة أو خطوة جديدة تكسر قيود الإعلام الرسمي والصورة غير الإيجابية التي لطالما رافقته. ولعل أحد أوجه هذه المحاولات كان التركيز على كوادر شابة كضيوف في البرامج اليومية أو تلك المعنية بالسياسة والمنوعات. إلا أن النتيجة لم تكن معظم الوقت موفقة، وكان لافتاً إلغاء مشروع نشرات الأخبار بعد أشهر طويلة من التحضيرات من دون أسباب واضحة.
تشكل المحطة التي اعتمدت شعار «نلقتي لنرتقي» حالة مختلفة عن الخطاب التقليدي للقنوات السورية الرسمية، لأنها تجمع بين البرامج السياسية والمحلية الخدمية إضافة لأخرى تهتم بالمنوعات والدراما والسينما. لكن الحصيلة كانت مخيبة، ولم تحقق المحطة أيًا من أهدافها، فاقتصرت إنجازاتها على دخول موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بأطول بث مباشر في تشرين الثاني 2014.
يمر خبر إقفال القناة النهائي بدون ضجيج على عكس الخبر الأول الذي انتشر في نهاية آب الفائت ودفع بشكل أو بآخر إلى طي القرار. هذه المرة لم تنتشر التعليقات أو الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة ببقاء القناة. تطفئ «تلاقي» أضواء استديوهاتها اليوم بهدوء وتودع الفضاء بلا صخب على عكس انطلاقتها.