2013/05/29

كلفة إنتاج الدراما تحول دون العودة إلى السباعيات
كلفة إنتاج الدراما تحول دون العودة إلى السباعيات

  5-حواس البيان انتشرت الدراما التلفزيونية مع انتشار التلفزيونات العربية وبالتحديد في سوريا ومصر وهما السباقتان الى البث التلفزيوني مطلع الستينات في القرن الماضي، حيث بدأت دولة الوحدة آنذاك باستخدام الإعلام المرئي في الإقليم الشمالي والجنوبي ولعل مسلسلات كثيرة مصرية الطابع صارت تعلن عن نفسها. ولعل مسلسل »هارب من الأيام« الذي قدمه المخرج الراحل نور الدمرداش يعتبر أحد أبرز الانجازات الدرامية التلفزيونية في فترة الأبيض والأسود وقد قدم مطلع الستينات ، وقد يكون هذا عام 2691 . وشاركه في بطولة هذا العمل الذي كتبه ثروت أباظة كل من الفنانين الكبار توفيق الدقن وعبد الله غيث ومحمود الحديني وحسين رياض ، وقدم هذا العمل بعد ثلاث سنوات من بطولة فريد شوقي في السينما أيضا على خلفية نجاحه في التلفزيون ، ولتكون »هارب من الايام« أول سباعية معروفة في الدراما العربية. واستمر عهد السباعيات التلفزيونية حتى مطلع الثمانيات إذ انتشرت بعدها مسلسلات الخمس عشرة حلقة، وان كانت ملامحها قد بدأت في السبعينات فعليا، ولكن لم يصبها التطور فعليا إلا مطلع الثمانينات وربما كانت مسلسلات السيرالذاتية هي الباعث الأهم والمحرض الأكبر على تقديم أعمال درامية من المطولات . وربما كان مسلسل أحمد شوقي الذي تناول سيرة حياة أمير الشعراء احمد شوقي بطولة محمود ياسين هو أحد أبرز المسلسلات الطويلة في فترة الثمانينات من القرن الماضي وبعدها صار هناك عرف تقديم أعمال درامية مطولة في شهر رمضان، وفي سورية كان مسلسل عز الدين القسام حسب ما نعلم من اوائل الأعمال التي قدمت في حلقات تزيد على الخمس عشرة، وجاء مسلسل نهاية رجل شجاع مطلع التسعينات ليعلن صراحة عن ولادة هذا النوع من المطولات التلفزيونية . وبطبيعة الحال لم تخلو الساحة الفنية في مصر او العالم العربي عموما من مسلسلات الخمسة عشر حلقة والتي أخذت مكان الحلقات السبع ، الأمر الذي اجتاح الساحة الخليجية أيضا وعرفت الكويت السباعيات مبكرة عن دول الخليج العربي من خلال مسلسل »خولة بنت الأزور« الذي قدمه التلفزيون الكويتي إنتاجا وعرضا عام 7691. وقد أعد الصياغة التاريخية للعمل الدكتور شوقي العنجري، أما السيناريو والحوار فكان لمنذر الشعار وقدم العمل في سبع حلقات عرضت في صيف 7691 ولتكون اول سباعية خليجية، وأسند المخرج حسين الصالح دور خولة إلى الفنانة المصرية سهير المرشدي، أما ضرار شقيق خولة فكان للفنان أحمد عبد الحليم - الإعلامي أحمد سالم قام بدور خالد بن الوليد - كمال ياسين في دور هرقل قيصر الروم - طيبة الفرج في دور المجاهدة لبنى - زينب الضاحي في دور المجاهدة عفراء- وقد شارك في العمل أيضا كل من علي المفيدي ولمياء خطاب. وفيما بعد عرفت الكويت طعم النجاح من خلال هذا العمل الذي ادخل الكويت في مجال الإنتاج وهكذا بدأت العجلة تدور ليعرف تلفزيون الكويت بأحد أهم منتجي الدراما التلفزيونية والسباعيات خلال الثمانينات اعتمادا على خبرات تلفزيونية مصرية بالدرجة الأولى. ويرى المنتج الفنان حاتم علي أن حجة المحطات صارت تفرض هذا الحجم من الحلقات، مشيرا إلى حنينه ورغبته في إخراج سباعية او ثلاث عشرة حلقة، لافتا الى انه في بداية مشواره بالتلفزيون قدما فيلما تلفزيونيا وعملين من ثلاث عشرة حلقة وقد وجد فيها نجاحا لدى الجمهور وإحساسا برغبة الناس لمتابعة هذه الأعمال وعموما يبدو أن العودة النهائية لزمن السباعيات في التلفزيون باتت شبه صعبة لأن تكاليف العمل الدرامي صارت عالية . ومن غير المتوقع أن يقبل العاملون في الدراما بأجور أقل وبالتالي سيكون سريان العمل بالدراما التلفزيونية بنظام أقل من ثلاثين حلقة بين شركات الإنتاج التي قد لا تقبل بذلك والسبب خسارات كبيرة بهذا الخصوص وعن نفسه يشير حاتم الى أنه سيقوم خلال الفترة المقبلة بدراسة خيار تقديم أعمال من 31 أو خمس عشرة حلقة. ويرى المنتج هاني العشي أن الأجور المرتفعة للفنانين قد لا تجعل العمل بنظام الحلقات الخمس عشرة وارد، ولذلك يجب أن يكون هناك إعادة اعتبار لمفهوم العمل بالدراما التلفزيونية وربما كان هناك أصوات تقول إن أسعد الوراق القديم أفضل ولكن الرؤية الحديثة للعمل القديم ربما قدمت تصورا آخر عن حياة الوراق . وقد كان بإمكاننا أن نقدم عملا مقاربا عن الوراق بسبع حلقات كما النسخة القديمة ولكنه عاد ليؤكد أن الوضع الإنتاجي يفرض نفسه في كل الحالات وهو كمنتج قد لا يقبل بمبدأ السباعيات إلا في حالات خاصة والعرض خارج أوقات رمضان. ويرى الناقد الكبير رفيق الصبان أن السباعيات كانت الأساس في بدايات الدراما التلفزيونية، ثم جاءت المسلسلات ذات الحلقات ال31، وبعدها تطور شكل المسلسل إلى 03 حلقة وأكثر، ثم إلى أجزاء متعددة، ثم عادت ظاهرة السباعيات ولاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً، خصوصاً أن المشاهد لم يعد لديه الوقت الكافي أو الصبر لمشاهدة أعمال يمكن أن تلخص أحداثها في حلقات أقل بكثير ، مشيرا الى ان السباعيات الآن مستقبل باهر والأيام المقبلة قد تشهد ولادة العمل الدرامي القصير. وإذا كانت الحلقات الثلاثون صارت عبئا على المشاهد كما يقال فإن ما يقلل من أهمية هذه النظرة هو المسلسلات التركية والكورية والمكسيكية التي تتواجد بكثرة على الشاشة وتترك المشاهدين ثلاثة أشهر بالحد الأدنى وهم متسمرون يرغبون بمتابعتها ، الأمر الذي يشير اليه المنتج الفلسطيني إسماعيل كتكت الذي يرى ان الدراما التركية غزت العالم العربي من خلال نوعية مختارة من الموضوعات التي ترصد حقا نجاح الكتاب الأتراك في نقل حياتهم وعرض مواضيعهم بإثارة . ولكن كتكت كشف عن أن تجربة إنتاج المسلسلات ذات الحلقات السبع أمر وارد جدا وهو سيقدم على هذه الخطوة ، موضحا أنه يهدف من هذه التجربة إلى تقديم أجيال جديدة من الكتاب، والممثلين، والمنتجين، والمخرجين®. حيث إنه لا يعتمد على النجم الأشهر وانما على المبدع، وهى الصفة الوحيدة التى تعتبر الأكثر أهمية للمشاركة فى هذه التجربة®. وقال إن هذا النوع من المسلسلات ليس لكبار النجوم، إنما للشباب المطعّم بخبرات التمثيل. وقالت الفنانة سميرة احمد التي تقوم بدور المنتج المنفذ لأعمال مؤسسة دبي للإعلام إن المحطات عليها ان تشجع على الأعمال ذات الحلقات الخمس عشرة او اقل بقليل بهدف تنشيط تقديم وجوه جديدة وتقديم تصورات درامية لها علاقة بواقع الحياة، إذ ان الحلقات القصيرة قد يكون لها إيقاع اهم لدى المشاهد العربي وفرصة لمشاهدة الأعمال الواقعية، وهي تأمل ان تتوافر ظروف إنتاجية مثالية تجعلها تقدم هذا التصور الدرامي الجديد. وأكد المنتج الإماراتي سلطان النيادي ان عدد الحلقات وتوقيتها فرضته سلطة المحطات وليس المنتجين أو المنتجين المنفذين وبالتالي فإن العودة إلى العمل بالنظام القديم موارد ولكن في ظل الأرقام الفلكية التي يتقاضاها الفنانون عن الأعمال التي ينفذونها سيكون الأمر بالغ الصعوبة أن يقدم المنتج سبع حلقات على أن يتقاضى النجم الرقم ذاته للحلقات الثلاثين.