2012/07/04

لارا لوغان تروي «التحرش» بها في «ميدان التحرير»
لارا لوغان تروي «التحرش» بها في «ميدان التحرير»

ياسر الشاذلي – دار الحياة

عرضت مراسلة شبكة «سي بي أس نيوز» الأميركية في القاهرة، لارا لوغان، قبل أيام، عبر برنامج «60 دقيقة» الأميركي قصة مثيرة، تفيد تعرضها للتحرش الجنسي في أثناء تغطيتها لأحداث الثورة المصرية من قلب «ميدان التحرير».

وبعد مضي أكثر من شهرين على الواقعة، استعادت لارا جراحها كأنها حدثت بالأمس، لتظهر للمشاهد الأميركي كم كان الموقف ظلامياً في ميدان التحرير، على عكس وصف العديد من وسائل الإعلام العالمية وعلى رأسها الأميركية.

وأثارت قصة لوغان عدداً من الأسئلة حول سبب صمتها طوال هذه الفترة، ووصفها الدقيق لتمزيق ملابسها. وقد بدأت لوغان حديثها لمقدم البرنامج بتقرير مصور من داخل الميدان، يظهر الشباب الفرح بثورته وعنونته: «تلك اللحظة انتظرتها هذه الجماهير»، لكنها قالت في البرنامج: «انطفأ النور المصاحب للكاميرا، اضطررنا للتوقف للحظات، وفجأة نظر إلي بهاء، مرشد البرنامج، وطلب منا الخروج فوراً من ميدان التحرير، وقيل لي بعد ذلك أن الشباب كانوا يقولون دعنا ننزع ملابسها... للحظات لم أدرك ما يحدث حولي، وفجأة أحسست بأيدي تجول في أنحاء جسدي، لم يكن شخصاً واحداً، توالت الأيدي، اعتقدت أن صراخي سيجعلهم يتوقفون من تلقاء أنفسهم لأنهم يرتكبون خطأ، لكن العكس هو ما حدث... كنت كلما صرخت يزدادون هياجاً، أحد المعتدين قال: صهيونية يهودية، وهذا غير صحيح، لكنه كان أحد الأسباب لإثارتهم أكثر، فتحول هجومهم إلى غضب قاتل».

وقالت لوغان: «عندما مزقوا ملابسي كنت أنظر إلى أعلى، ورأيت البعض يلتقطون الصور بالهواتف المحمولة، لم أدرك أنهم يضربونني بخشب الأعلام والعصي ولم أشعر بهذا لأني كنت أفكر وأشعر بالاعتداء الجنسي، وبأن أيديهم تغتصبني».

يقاطعها مقدّم البرنامج: «اغتصاب بالأيدي؟» فتجيبه: «نعم، لم يتوقفوا طوال هذه المدة»، ثم تغرق عينيها في الدموع: «أعتقدت أني سأموت، كأن الأدرنالين قد هرب من جسمي، كانوا ينهشون في كل جسدي ويجذبونه في كل اتجاه، كانوا يحاولون فصل شعري من رأسي، شدوا رأسي في كل الاتجاهات».

هنا تتوقف لوغان عن استكمال قصتها، لكنها لم تمر سريعاً على بعض الإعلاميين العرب الذين رفضوا تكذيبها لكنهم في المقابل أشاروا إلى أنها لم تقدم ما يثبت صحة قصتها.

مقدم برنامج «في العمق» على قناة «الجزيرة»، علي الظفيري، علّق لـ «الحياة» على ما قالته مراسلة «سي بي أس» بالقول أنه لا يستطيع التشكيك في روايتها من ناحية المبدأ، مشيراً إلى أن «خروجها على المشاهد الأميركي بهذه القصة، بعد أكثر من شهرين، يثير الاستغراب، وبحسب ظني لا أعتقد أن امرأة تتعرض للاغتصاب يمكنها السكوت عن الشكوى لأكثر من أسبوع، ولوغان بحاجة لأن تثبت هذا الأمر، وهو موضوع خطير قد يكون المقصود منه تشويه صورة الثورة، خصوصاً أن الناس كانوا في الميدان لمدة 18 يوماً لم نسمع خلالها مثل هذه القصص».

وأبدى الزميل الصحافي محمد صلاح تحفظه على وصف لوغان بالـ «كذب»، لكنه كان يود لو تقدمت ببلاغ إلى السلطات المصرية للتحقيق في الأمر، قبل الخروج على المشاهد الأميركي بهذه التفاصيل، مضيفاً: «هي تتكلم عن المرحلة الثانية من أحداث ميدان التحرير، وليست الأولى، وقد تواجدت في الفترة نفسها آلاف الفتيات والسيدات، ولم تسجل حادثة تحرش واحدة، ثم أن الميدان كان مليئاً بالمراسلين الأجانب، ولم يتقدم أحد بشكوى مماثلة». ولفت إلى أن «مفهوم التحرش مختلف من مكان لآخر، وربما وجودها في مكان يضم مئات الآلاف من المتظاهرين، تسبب في بعض الاحتكاكات، خصوصاً أن المرحلة الثانية من التظاهرات شهدت بعض ممارسات البلطجة».

وأوضح الكاتب عبدالله بجاد العتيبي أنه ينظر إلى الموضوع من منظور إنساني بحت، معتبراً أن «ما حدث جريمة بكل الأعراف والقوانين والأديان، والمجرمون يفرحون بلحظات الفوضى العارمة، وهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وأي إنسان سوي لا بد أن يتعاطف مع ضحية مثلها». وعن سبب عرض هذه القصة الآن، في رأيه، يقول: «ربما هي الصدمة، فهذا النوع من الضحايا تطول معاناته مع الجريمة، ويشقى للخلاص منها، وبعض النساء تلازمها خيالات الجريمة طوال عمرها، وحالتها حالة إنسانية طبيعية، وليست لها أي أبعاد سياسية أو إعلامية أو مؤامراتية بحسب رؤيتي».

أما الصحافي اليمني فيصل العواضي فيعتبر أن «الحادثة لها بُعدان، الأول ارتكبه البلطجية لتنفير الإعلام من نقل ما يجري في قلب ميدان التحرير، والثاني هو يتمثل في أهداف بعض وسائل الإعلام الأميركية، والتي لا نعلمها، وإن كان ظاهرها يفيد انقلابها في تناولها للحدث».