2012/07/04

لحظة) رغداء شعراني..الانتماء للحياة والفرح عبر البحث عن مسرح جديد!!
لحظة) رغداء شعراني..الانتماء للحياة والفرح عبر البحث عن مسرح جديد!!

أحمد الخليل - تشرين


شهدت السنوات الأخيرة بروز أشكال مسرحية جديدة في سورية طورت من الأشكال التقليدية التي عهدناها من قبل،.

فالمسرحيون الشباب من خريجي المعهد العالي ومن الموهوبين من خارج المعهد طوروا تقنيات وأدوات فرجوية مسرحية وشوا بها عروضهم لتكون قريبة للجمهور ولحساسيتهم ومخيلتهم فالجمهور الشاب لم تعد الخطابية في المسرح ولا العناصر التقليدية من زمان ومكان وحبكة ودراما تقنع جمهور التقنيات الحديثة وأجيال ثورة الاتصالات.. ما أدى لأن يدخل شباب المسرح تقنيات الفيديو والسينما وفنون الرقص إلى عروضهم مع محاولة خلق إيقاع سريع بمشاهد متلاحقة تناسب مزاج الجمهور وثقافته الحديثة... ‏

من هؤلاء الشباب الفنانة رغداء شعراني ذات العروض المسرحية المتميزة ببث روح العصر فيها فمن عرضها الأول (شو) أو شوكولا مروراً بعرضها الثاني (تيامو) وصولاً إلى عرضها الحالي لحظة وهي تسعى لتكريس مسرح شبابي يدمج كل الفنون في المشهدية المسرحية على الخشبة مع الاعتناء بالصيغة البصرية والسينوغرافيا عبر حياكة دقيقة لزخارف وألوان توشي بها موضوعاتها فالمسرح ليس حواراً صارماً باللغة العربية مع ديكور جامد ووجوه متجهمة إنه مقطع من الحياة بكامل ألوان الطيف الاجتماعي والثقافي... لذلك تشغل شعراني كامل الخشبة بالحياة والتنوع والغنى من خلال استقطاب أدوات الفنون الأخرى ودمجها في فن المسرح لضخ المزيد من دماء الحياة في شرايينه..

في عرضها الأخير (لحظة) هناك خلط قصدي بين تقنية السرد الروائي البصري وفن الحكواتي الذي اعتدنا عليه في المقاهي ومن خلال تقنية الفوتو مونتاج التلفزيوني استطاعت شعراني تحقيق تجانس بين العناصر التي أدمجتها في لعبتها المسرحية فثمة تداخل فني وتناغم بين المشاهد المصورة والمشاهد المجسدة على خشبة المسرح وكأن ما نشاهده هو لعبة بين الخيال والواقع أو قل بين الحلم والحقيقة فالإيحاء الذي تعطيه مقاطع السينما يدخل المشاهد في أوهام المخلية لكن بعد لحظة يوقظه المشهد المسرحي من غيبوبته وينقله إلى عالم الواقع، المخرجة تستخدم هنا الدمج بين أساليب متعددة (الغناء والرقص والتمثيل الكوميديا والمبالغة كما في مشهد استحضار مغني الروك أند رول الشهير إلفيس برسلي.. ‏

تتحدث المسرحية (لحظة) عن حياتنا ومشكلاتنا اليومية والأشياء التي تشبه جيل الشباب من خلال أحداث ومصائر بشر تمس كل واحد منا في لحظة من اللحظات انه عرض يكثف تواتر الموت والحياة... فهل (يمكن أن نعرف الحقيقة من الوهم.. الواقع من الحلم.. الموت من الحياة.. الخير من الشر.. هل حقاً في كل بياض نقطة سوداء وفي كل سواد نقطة بيضاء.. أسئلة وأسرار ترافقنا ولا نجد الوقت في هذا العالم المجنون وللحظة لنفكر بسر واحد من أسرار الكون..). ‏

فكرة العمل الأساسية أو مقولة العرض تؤكد على ضرورة اقتناص لحظات الحياة لنعيشها بصدق وبفرح ونعطيها كل أرواحنا. ‏

عبر لعبة التقطيع المونتاجي تقسم شعراني العرض إلى لوحات تحمل أسماء (جزء الرقم، جزء الروح، جزء الجسد، جزء الرؤية والذاكرة، جزء الصوت والكلمة). ‏

إن التوليف الذي قامت به شعراني بين الفنون المختلفة أعطى مساحة حرية كبيرة لكل ممثل لإطلاق قدراته واكتشاف مكنوناته الإبداعية حيث أننا كنا حيال مواهب تمثيلية كبيرة فقد اتسم أداء أغلب الممثلين بالعفوية والبساطة والحيوية رغم تعدد المشاهد وإيقاع العرض السريع ما أدى لتحقيق المتعة والإدهاش والشعور بالرضى الفني النابع من صياغة جمالية متقنة تضافرت جهود المخرج والمؤلفة شعراني مع جهود فريقها لتقديم عرض مسرحي شبابي ينتمي لروح العصر وزمن الحداثة الجمالية والفكرية.. ‏

بطاقة العرض ‏

إنتاج مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة. ‏

التأليف والإخراج رغداء شعراني. ‏

تمثيل: علاء الزعبي وكفاح الخوص وندين تحسين بك ونسرين الحكيم وجابر جوخدار والفرزدق ديوب وشادي الصفدي ورنا كرم وجمال العلي، مدير إضاءة وتصوير ومادة فيلمية سامر الزيات، مونتاج وغرافيك ريبال الصابوني، إضاءة نصر الله سفر، ملابس حكمت داوود، مساعد مخرج حنان شقير... ‏