2012/07/04

مـاذا يحـدث فـي الدرامـا السوريـة اليـوم؟
مـاذا يحـدث فـي الدرامـا السوريـة اليـوم؟


ماهر منصور - السفير

لم يجد المخرج هشام شربتجي غضاضة في الكشف، خلال ندوة جماهيرية، عن صعوبة تواجهه في جمع فريق تمثيلي لمسلسله الجديد «المفتاح» للكاتب خالد خليفة، وإنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي». فما يكاد ينتهي من تأليف الفريق، حتى يتفكك فجأة، لأن من بين من اختارهم من الممثلين من يرفض العمل مع زملاء آخرين يضمهم الفريق ذاته.

لا يأتي كلام شربتجي مفاجئاً وسط تسريبات، حول ما يفعله نجوم التمثيل اليوم في كواليس التصوير من ممارسات لا تمت لأخلاق المهنة بصلة. فنسمع عن نجمة تركت التصوير في مسلسل ما، لتلتحق بالتصوير في مسلسل آخر. أو أن يغادر فنان كواليس مسلسله دون عودة، تاركا للمخرج «يدبر رأسو»، أو أن تتذرع نجمة بظرف عائلي للتوقف عن التصوير، ليتبين لاحقاً أنها مرتبطة بعمل آخر!

وهكذا بدأت تطفو الصيغة المصرية على ما تتناقله وسائل الإعلام من أخبار فنية سورية، تلك الصيغة التي ترسخ سطوة النجم الواحد الذي يبدأ معه ومنه المسلسل. وكما كنا نقرأ أن النجم المصري الفلاني يبحث عن مخرج لعمله الجديد أو يكلف كاتب سيناريو لكتابه قصة مسلسله، صارت الصحافة الفنية تعج بأخبار مشابهة عن السوريين، ترافق ذلك مع كشف عن موازنات لمسلسلات تظهر أن بعض الممثلين باتوا يتقاضون أجوراً تعادل أضعاف ما يتقاضاه بقية الممثلين في المسلسل ذاته!

.. وأصبح هناك نجوم سوريون تسوق الأعمال الدرامية بأسمائهم، وتتهافت الإعلانات على مسلسلاتهم؟ لكن المشكلة ليست في سطوة الممثل بل بما ينتج منها!

في مطلع التسعينيات كانت لسطوة الممثل اليد الطولى في التأسيس لانطلاقة فنية واثقة أرست لمرحلة جديدة في الدراما السورية تجتاح الفضائيات اليوم.. فأنتجت سطوة الممثل أيمن زيدان، على سبيل المثال، أعمالاً مثل «نهاية رجل شجاع» و«أخوة التراب»، و«الجوارح» هي اليوم من أهم المسلسلات السورية. اليوم نسأل: هل قدمت سطوة بعض نجوم التمثيل عملاً واحداً بحجم ما قدم في التسعينيات، لا على المستوى الإنتاجي بل على المستوى الفني؟ أعمال التسعينيات السابقة قدمت لنا مخرجين جيدين مثل نجدت أنزور وشوقي الماجري، فأي اسم إخراجي قدمته سطوة النجم - الممثل اليوم؟

باختصار سطوة النجم - الممثل اليوم لم تنتج أعمالا مهمة في الدراما السورية. فلم نجد المعادل الفني الذي «يشرعن» امتياز هذا النجم أو ذاك عن سواه من الممثلين. وبدلاً من أن نتابع لهؤلاء أعمالاً ضخمة (فنيا على الأقل)، نجد أنفسنا أمام أعمال مغرقة بـ«الأنا».. «ومن بعدي الطوفان». أعمال مأخوذة ببريق الشهرة لا متطلبات الفن، ما ساهم بتمرير أعمال رديئة، يقدمها مخرجون وكتاب نصوص من الصنف الثاني، باتت تهدد كل يوم ما أنجزته الدراما السورية خلال السنوات الأخيرة. وصارت عقول المنتجين والفضائيات تتجه نحو إرضاء هذا الممثل أو ذاك لتمرير أعمال سهلة، مطمئنين أن اسم النجم ـ الممثل كفيل بتسويقها.

الفارق بين السطوتين (سطوة النجم في التسعينيات وسطوته اليوم) هو الفارق بين أن يقدم هذا النجم هواجسه الفنية بما يقتضي تعاونه مع آخرين مميزين، لا أن يستجيب لأناه، معتقداً أن اسمه يكفي وحده ليصنع فناً!