2012/07/04

مسرحية "سوناتا الانكسار" نيغاتيف عن أفعال الحب
مسرحية "سوناتا الانكسار" نيغاتيف عن أفعال الحب

بوسطة – عمر الشيخ قدّمت فرقة شبيبة الحسكة للمرحلة السكنية على مسرح الحمراء في دمشق، خلال مهرجان الشام المسرحي الرابع، عملها المسرحي "سوناتا الانكسار" وهو خمس لوحات مسرحية قصيرة إعداد وإخراج وليد عمر عن قصص مختارة من مسرحيات عالمية وعربية ترصد في تفاصيلها الصغيرة لوحات إنسانية تلقي الضوء على هموم يومية تصادف شريحة كبيرة من المجتمع أبرزها: الانتظار. يظهر في المشهد الأول رجل يقبع في الزاوية اليمنى لخشبة المسرح، تناظره امرأة في الزاوية اليسرى، ليبدأ حديثهما مفعماً بالوحدة ووحشة الحياة خلال مونودراما ذاتية  تحدثنا عن آثار هجر كل منهما للآخر، وعن آمال اللقاء التي يسعيان إليها ولو على رصيف الصدفة قبل الموت.. يرافق التنقل من لوحة إلى أخرى حضور صوت القطار من بعيد ثم غيابه تدريجياً، الأمر الذي يشِي بالانتظار المستمر لشخوص هذه التراجيدية وغياب سرورها. ففي اللوحة الأولى التي ترصد حكاية امرأة تنتظر عودة زوجها من جبهة القتال على حدود الوطن، تبدو لنا هذه المرأة في عالمها منتكسة حزينة تحاول الهروب من واقعها وذلك بتفصيل ثياب لمولودها الصغير الذي تحلم به عند عودة زوجها، لكن أحكام الظروف رسمت الخذلان، حيث يعود زوجها مصاباً من الحرب بعقم دائم!! يبدو تشخيص هذا الهم فرصة مغرية للمشهد المسرحي، لكن طريقة التأدية انتقصت من قيمة هذه القضية الخطيرة والواقعية وجاءت خائبة غير متوازنة من ناحية ضبط انفعالات الممثلين وتوقيت الحوار. وعلى تتالي باقي اللوحات يمكننا أن نختار لوحة ترصد حياة مدرس لغة عربية يعاني من قروية زوجته الزائدة التي باتت غارقة في تقاليد المجتمع الريفي، حيث يتفجر هذا المدرس بالغيظ في يوم من الأيام معلناً هروباً ساحقاً من واقعه، ليغلق باب غرفته عليه، وللمرة الأولى يجلس وحيداً، متخيلاً موت زوجته فجأة و متوهماً اتصالاً رومنسياً من جارته سميرة التي تعمل معه كمدرسة للغة العربية، لكنها تتمتع بجسد أجمل، ومثقفة بكل هواجس المتعة كما يريد ويحلم، هكذا ينقلنا الممثل الشاب عماد حبيب إلى عوالم الرجل المثقف الذي يعيش تحت وطأة تقاليد المجتمع التي تحرّم عليه اختيار حبيبة  بعيداً عن رغبة الأهل المفروضة حسب الحشمة والانغلاق التام عن التنوير الاجتماعي، لكن حلم هذا المدرس المسكين لا يكتمل إذ أن زوجته راحت تطرق عليه الباب لتيقظه من أحلامه المستحيلة متهمة إياه بالجنون . لوحة أخرى تنقلنا إلى معاناةِ الممرضة ماجدة  التي تطمح للحصول على حياة أجمل، كما تحلم أن تصبح نجمة مشهورة تلاحقها الأضواء بعيداً عن حُقن المستشفيات ورائحة (السبيرتو). تحاول ماجدة التي تؤدي دورها الممثلة الشابة آهين حمزة الخروج من بؤرة عملها الروتيني لتقرر هي الأخرى الجلوس في إحدى المناوبات الليلية للممرضات في غرفتهن، تغلق الباب على نفسها وتبدأ بالتخاطب مع ذاتها عبر مرآة  تنقل لها صورتها الرمادية الحزينة. تواجه ماجدة قدرها وتخرج مسدساً لتطلق النار على  مهنتها كممرضة، تنزع المريول الأبيض وتبدأ بارتداء ثياب النجمات العالميات، متخيلة في لحظة ما اتصالات هاتفية من مخرجين سينمائيين حتى يتعاقدوا معها بوصفها نجمة مشهورة، لكن حلمها هي الأخرى لا يكتمل حيث يرن هاتف الغرفة ليخرجها من عالمها السحري إلى واقعها الروتيني القاتم، ويتصل بها الطبيب المناوب في المستشفى من أجل تنبيهها لإعطاء أحد المرضى حقنة شرجية فوراً. لقد اعتمدت لوحات "سوناتا الانكسار" على أداء صادق و موضوعات إنسانية حساسة، الأمر الذي برر نجاح العمل كجملة متكاملة من المشاهد التي تجمعها أفعال الحب بالأبيض والأسود، إلا أن بعض لوحاته كانت دون المستوى حُمِلت على حساب اللوحات الناجحة، والتي انحصرت في تقصي عالمين هما عالم مدرس اللغة العربية وعالم الممرضة ماجدة.. ليقع على عاتق تلك اللوحتين مهمة حمل العمل إلى بر الإقناع والجودة الحقيقية. يمكن الإشارة إلى الخلل المستمر في هندسة الصوت المرافق لمعظم المشاهد لنشير إلى الخروج المباشر من عالم المسرح إلى عالم الأخطاء التقنية التي تفشل أهمّ المسرحيات، وهذا كله بسبب استهتار الفنيين بالعمل بوصفه من أداء الشباب الذي أثبت حضوره وتواصله الماهر مع الجمهور.