2012/07/04

مسلسل «أنت هنا»...كوميديا سوداء ترصد الحياة اليومية السورية
مسلسل «أنت هنا»...كوميديا سوداء ترصد الحياة اليومية السورية


وائل العدس – الوطن السورية

يعتبر مسلسل «أنت هنا» من أوائل المسلسلات السورية التي تم تصويرها للموسم الدرامي الجديد، وهو عبارة عن مجموعة أفلام تلفزيونية قصيرة تحاكي الحياة اليومية السورية في قالب كوميدي ذي نكهة متميزة

وينفرد كل فيلم بنفس خاص من حيث الشخصيات وأماكن التصوير.

تركز هذه السلسلة على الكوميديا السوداء من خلال تسليطها الضوء على شخصيات مهمشة في المجتمع.

العمل من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، سيناريو وحوار شادي دويعر، إخراج علي ديوب. ويعتبر هذا العمل التعاون الثالث بين الكاتب والمخرج بعد الفيلمين القصيرين «معك ولاعة» و«طرب». يشارك في العمل كل من: أندريه سكاف، جرجس جبارة، محمد حداقي، تيسير إدريس، تولاي هارون، مازن عباس، قاسم ملحو، جمال العلي، خالد القيش، سعيد الآغا، رغد مخلوف، رشا الزغبي، معتصم النهار، أوجا أبو الذهب وآخرين.

المضحك المبكي

مخرج العمل «علي ديوب» قال لـ«الوطن»: «أنت هنا» عبارة عن سلسلة لها علاقة بمجموعة أفلام مكتوبة تعاملنا معها بأدوات خاصة لتعرض على التلفزيون ضمن إطار مسلسل.

وأضاف: يضم العمل 72 فيلماً قصيراً، وهي سابقة في الدراما السورية أن يكتب كل هذه اللوحات كاتب واحد، وخاصة أننا تعودنا على عدة أفكار وكتّاب في هذا النوع من المسلسلات، ومعظم اللوحات تتعلق بالشيء الذي يخص الإنسان من مشاكل، وطريقة طرحها ومعالجتها مختلفة تماماً، فالعمل يخصني ويخص كل شخص.

وأوضح ديوب: أن شيئاً ما كان يستهويني من إغراءات ضمن السطور المكتوبة، لكن امتلكني الخوف على المسلسل بأن يحافظ على بنيته الأساسية، وواجهنا تحدياً لنلامس النص المكتوب وقدمناه بإخلاص للمحافظة على روح النص من الألف إلى الياء.

وأمضى قائلاً: هو عمل كوميدي ساخر، لكنه في الوقت نفسه يتضمن تراجيديا، فبعض اللوحات تضحكك من قلبك وتبكيك في الوقت ذاته، إذاً هو خليط كباقة الزهر المختلفة بالألوان، ويتحفنا الكاتب ضمن العمل أيضاً بثماني أغنيات ساخرة.

مغامرة

يضيف ديوب: إن العمل ببنيته الأساسية عبارة عن مغامرة، أي إن المغامرة انطلقت من الكاتب ومرت بالمخرج وانتهت بالمؤسسة المنتجة التي آمنت بفكرة التجريب، وكل كادر العمل مؤمن بروح المغامرة.

ويقول: في هذا النوع من الأعمال لا صعوبة في اختيار الممثل بقدر ما تكمن الصعوبة بتبنيه لما يقوم به، فأنا لست بحاجة لنجم واحد.. بل لكل النجوم لكن بشرط أن يؤمنوا بما يقدمونه بعيداً عن تعاطي النجوم مع الحالة الدرامية، فالعمل عبارة عن فكرة تصل إذا آمنا فيها دون زيادة أو نقصان.

ويتحدث ديوب عن شخصية حلوم: هي شخصية أساسية، وهو المواطن الصالح الذي يضطر للانقلاب ليصبح شخصاً نقيضاً، حلوم سيكون في 30 لوحة موزعة على حلقات المسلسل، ونعيش معه كل تفاصيله الحياتية، وفي النهاية يغادر حلوم بسيارته خارج الكادر لا نعرف إلى أين ولا إن كان سيعود أم لا.

مقاربة تلفزيونية

كاتب العمل شادي دويعر قال لـ«الوطن»: اللبنة الأساسية لأي فكرة تنبع من الوضع العام الذي نعيش فيه، ونحن كعرب نعاني المشاكل ذاتها التي تختلف في طريقة الطرح، لكن حاجز الجرأة ارتفع بشكل عام، في وقت لم نكن نستطيع التحدث عن أشياء كانت موجودة بالفعل. وتابع: المسلسل ينتقل من الهم الاجتماعي إلى الهم الوجودي، والشكل الذي قدمناه هو محاولة مقاربة بين الفيلم القصير واللوحة التلفزيونية، فعادة طبيعة الفيلم مكثفة أكثر، وما قمنا به عملية ليست سهلة وهي جديدة من ناحية تكثيف النص.

وأكد دويعر أن شخصية حلوم استوحت من شخص كان واقفاً على إشارة المرور ليلاً، والسيارات تمر بجانبه دون توقف لغياب شرطة المرور، وفي لحظة ينفعل وينتفض بسرعة كبيرة، هذا المشهد أوضح أنه مواطن صالح لكن محيطه يشده لينقلب على نفسه، فنحن نحكي عن تطور أوروبا لدينا رغبة دائمة بأن نصبح مثلها، لكن شخصاً واحداً فاسداً يفسد المجتمع، من هذه الأجواء خرجت شخصية حلوم الذي يشارك في لوحات مدة كل منها دقيقة واحدة وهي تحكي قصة قصيرة جداً، ارتأينا تقديمها في المسلسل كضمير لهذا العمل وهو الخيط الوهمي المشترك بين كل اللوحات.

كاتب وممثل

يؤدي الكاتب دور حلوم في «أنت هنا» وقال معلقاً: لم يكن قراري بل قرار المخرج، عرض هذا الموضوع عليّ، فترددت في البداية، لكن عندما بدأت عمليات التصوير أحببت هذا الخيار وانسجمت مع الشخصية فظهرت بشكل جيد على المستوى التمثيلي.

فالمخرج فكر بأنه إذا استعان بممثل لتقديم اللوحة الصامتة فإنها ستتجه نحو التهريج، المشكلة لن تكون بالممثل بكل تأكيد، بل لأن شخصية حلوم حساسة جداً وصامتة، فيها جانب كوميدي لكن الجانب الإنساني طاغ بشكل أكبر، وشعر المخرج أن الكاتب ممكن أن يؤدي الشخصية بشكل أفضل.

الشخصية صامتة وتشبه السينما الصامتة وشارلي شابلن، وعندما تتابع شخصية حلوم تشعر أنها فعلاً يجب أن تبقى صامتة، لأنه يشبه أي شخص تمر بجانبه في الشارع دون انتباه، وهي من الشخصيات المهمشة والمستقيمة، وهو بالحقيقة شبه صامت لأنه إذا تكلم يقول كلمة واحدة «لو سمحت» لأنه إنسان على درجة كبيرة من الذوق.

وختم: سنرى كيف سينتقل من قمة الاستقامة والهدوء والاتزان إلى شخص مختلف تماماً لا يشبهه أبداً.