2012/07/04

مظهر الحكيم: دخلت الإنتاج لأحمي ابنتيّ
مظهر الحكيم: دخلت الإنتاج لأحمي ابنتيّ


آلاء عامر – بلدنا


«في وسطنا..عندما يحافظ الفنان على مكانته تبدأ مرحلة قص الأجنحة»

مظهر الحكيم: الدراما تسير في الطريق نفسه الذي مشى فيه المسرح



لم يكن التحاور مع الفنان مظهر الحكيم بالسهولة المتوقعة، فبساطة الفنان وغزارة المعلومات التي يمتلكها، شعّبت الحوار، وجعلتنا نستغني عن الأسئلة المحددة لمحاور اللقاء..

فكشف الأوراق وافتضاح المستور، بهدف معالجة الأخطاء بشفافية مطلقة، هي سمات الحديث مع أحد رواد وقامات الدراما والمسرح والسينما في سورية.. كاشفاً لنا تفاصيل الواقع الدرامي السوري، حدثنا الفنان مظهر الحكيم:

¶قبيل الحوار أخبرتني بأنه من المفترض أن تكون الآن في بيروت، حيث سيتم تكريمك لما بذلته من جهود درامية. ألا توافق أنك كُرّمت من قبل الجهات العربية، أكثر من السورية؟

تكريمي الذي حدثتك عنه، كان من قبل نقابة المهنيين والسينمائيين في لبنان، إلا أنني لم أتمكن من حضور التكريم بسبب صعوبة الظروف..


¶ ولماذا لم تُكرّم كما يجب في سورية؟

المسألة لها علاقة بالواقع المرير الفني المحلي، الذي من تبعاته عدم تكريم الفنان إلا بعد وفاته، فعلى سبيل المثال، تم تكريم الفنان دريد لحام وتناسى الجميع القامة الدرامية الكبيرة نهاد قلعي. لا يجوز تكريم دريد لحام وعدم تكريم نهاد قلعي، لأن قلعي أستاذ دريد لحام في التمثيل والتأليف..

الشهرة تصنع وميضاً خاصاً يجعل أحد الفنانين يرتفع عن الآخر،هذا الأمر قد يؤثر في الجمهور غير أنه يجب ألا يؤثر في لجان التكريم..

يضيف: منذ عامين كُرّمت في مصر كرجل تعاطى المسرح والسينما والإذاعة والإنتاج، بالرغم من أنني لم أكرّم في سورية بصفتي فناناً، ما أثار جدل الفنانين المصريين الذين تساءلوا عن سبب تكريم فنان سوري لم يلق الاهتمام اللازم في بلده، ووصل اللغط إلى وزير الإعلام المصري السابق الذي دافع عن تكريمي بقوله: في العام الماضي دعونا أربعة عشر فناناً وقفوا على المسرح، هذا العام كرّمنا فناناً واحداً أوقفنا جميعنا على المسرح..

¶شاهدناك الموسم الماضي، في مسلسل «الولادة من الخاصرة»، غير أنك بشكل عام بعيد عن الشاشة؟

عملياً أنا لست بعيداً، هم بعيدون عني..

أولاً، أنا منذ بداياتي كنت ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً، ودخولي عملية الإنتاج كان بهدف صنع كيان خاص بي يحميني ويحمي ابنتي «أماني» و«نسرين» دون أن أجعلهما تحت رايتي.. إلا أن العاملين في الدراما، نسوا أو تناسوا أنني أولاً وأخيراً ممثل، لم أكن راغباً في دخول المجالات الأخرى لولا أنني اضطررت إلى ذلك، حتى عندما دخلت مجال الإخراج في أول مسلسل، وكان بدوياً اسمه «حزم الظامي» دخلته مجبراً، لأن شركة الإنتاج  السعودية كلفتني بهذه المهمة ورفضت أو يقوم باخراج العمل شخص آخر، ثم تابعت في الإخراج بعد أن أسست شركة الإنتاج، وخذلني عدد من المخرجين..

وعندما ألفت كان لدي مشروع يهدف إلى كسر نمطية الأدوار في الدراما السورية، وإبعاد الكوميديا السورية عن التهريج، الذي لاتزال الدراما الكوميدية المصرية محصورة في دائرته حتى الآن، ولم ينج منها سوى الفنان عادل إمام.

¶هل حققت شركتك الانتاجية أهدافها؟

في البداية، حققت كل أهدافي من مؤسستي، ولكن في مابعد لم تجر الرياح كما تشتهي السفن.. بسبب الموزعين الذين تعاملت معهم، فسرقوا جزءاً كبيراً من أسعار المسلسل، بعد أن يُوزع على المحطات، وبالتالي لم أحصل حتى على تكلفة المسلسلات التي أنتجتها..فعلِقت في المحاكم، بعد أن رفعت على الموزعين قضايا، وأنا متأكد من أنني لن أحصل على حقي؛ لأنني لا أعوّل على القضاء..

حالياً، وبعد أن اكتملت معدات الشركة، لم أعد مقبلاً على الإنتاج، لأنه حقل غير مربح بالنسبة إلى السوريين، إلا إذا تمكنوا من حجز مساحة عرض أول مع المحطات، وهذا أمر صعب جداً.

¶ هل زادت الأزمة اليوم طين الدراما بلة؟

طين الدراما السورية مبتلٌّ قبل الأزمة بفترة طويلة، إلا أننا كنا نكابر..بالرغم من وجود نجوم ونصوص ومخرجين جيدين، ولكن تم إقصاء المخرجين ومُورست عليهم لعبة قام بها المنتج الذي استغنى عن جيل المخرجين الكبار بشكل سريع، واستعاض عن المخرج بمساعد المخرج.. أنا لست ضد المخرجين الشباب، إلا أن الانتقال السريع وإهمال جيل المخضرمين، من الطبيعي أن يؤثر في سوية وجودة الأعمال المقدمة.

المنتج الخليجي فرض المادة وضخّم الأجور، ورفع الحد الأدنى إلى حد أقصى وهوأمر لايتناسب مع حركة الدراما السورية، ما أطّر المنتج المحلي وحوّله إلى منتج منفذ عند الخليجي.

الإنتاج الخارجي رفع الأجور وقضى على الإنتاج المحلي، وهذه على الأغلب خطة مصرية خليجية، أوقعت الدراما السورية في الفخ، فالفنانون السوريون لايفكرون في الغد، وكل واحد يريد الحصول على الأجر الأكبر اليوم، ومشكلات الغد (على الله).. ويجب ألا ننسى أن الانتاج الخليجي والمصري تتم تغطيته تسويقياً من قبل «محطاته الوطنية» وبالتالي الأرباح تكون مضمونة..

ويضيف: سأكشف كامل الأوراق؛ نضطر في بعض الأحيان إلى وضع الأعمال باسم أشخاص سعوديين ليرتفع سعرها عند التوزيع.

فمن المؤسف أن الدراما تسير في الطريق نفسه الذي مشى فيه المسرح السوري، إذ بعد أن كان لدينا عروض وفرق مسرحية ذات أهمية عربية وحتى عالمية، صارت العروض نادرة وسطحية تشبه تجهيزات المسارح الهزيلة، فالمسارح السورية هي في أحسن الأحوال لاتتعدى أن تكون مسارح تجريبية وليست مسارح حقيقية.. بلد بحجم وثقافة سورية ليس لديه سوى مسرح مجهز واحد، هو مسرح الأوبرا!!

دراما اليوم هي ابنة الظروف الصعبة، وهي دراما فقيرة، ربما أنقذها قليلاً وسدّ رمقها الإنتاجات التي قامت بها مؤسسة الإنتاج التلفزيوني مؤخراً، إلا أن هذا لايكفي.

¶ ماالذي حدث للمسرحيين؟


وضعت في وجههم العراقيل والمطبات، بسبب القرارات الروتينية، والمديرين الذين لاهم لهم سوى الاستمرار في مناصبهم..

¶ على ذكر العراقيل. كيف تعلق على قرار رفع أذون العمل الذي أصدرته نقابة الفنانين مؤخراً؟

من المؤكد أنه قرار خاطئ ومتسرّع وغير منطقي، قبل أن تضع النقابة قراراً، كان يجدر بها التواصل مع لجنة المنتجين ولجنة صناعة السينما والتلفزيون.. فالتواصل معدوم، والنقابة تعتبر نفسها المهيمن على الإنتاج السوري، في حين أنها مهيمنة على الفنان السوري المسجّل في سجلاتها فقط، مع الإشارة إلى أن معظم النجوم السوريين ليسوا نقابيين..

نقيب الفنانين لسيت وحدها صاحبة القرار. كان يجدر بها التشاور مع ذوي الخبرة قبل أخذ القرار، بالرغم من أن نيتها كانت الدفاع عن الفنان النقابي، ولكن ذلك لايتم عن طريق القضاء على كامل الإنتاج.

من المحزن أن تصدر النقابة قراراً في الوقت الذي تتعرض فيه الدراما والوطن إلى الخطر، ويتعرض لهجوم كريه قادم من الخارج، لايستهدف فقط النظام، بل تدمير القاعدة، والمؤلم أنه بدأ على مستوى أناس بسطاء وفقراء، ثم اتسعت دائرته ليشمل بعض المثقفين ممن كان لهم مشكلات وسوء تفاهم مع النظام.


الدراما المصرية تسعى للتفوق على الدراما السورية


¶ في ظل الأزمة الراهنة، هل دخلت الدراما السورية إلى نفق فني يحتاج الخروج منه إلى عشرات السنين ؟

قلت قبل خمس سنوات، مهما نهضت الدراما السورية، لن تترك الدراما المصرية لها المجال لتتفوق عليها، وهذا ماحدث، عندما بدأت درامانا تتفوق على المصرية، نسفت الأخيرة أسلوبها وحدثته، وقدمت نفسها بألق جديد، وبمستوى عال العطاء، نافست فيه الدراما السورية بذكاء يُشهد لها.

رشيد عساف تم إقصاؤه


¶ كونت عائلة فنية مع ابنتيك وزوجتك إنعام صالح. ماالضريبة التي دفعتموها في هذا الوسط، وما الصعوبات التي واجهتموها، ولاشك في أنه يوجد جانب إيجابي أيضاً؟


عندما يحافظ الفنان على مكانته، ويستمر في العطاء والتطور، ويقول «أنا» تبدأ مرحلة قص الأجنحة.. وهذا ما حدث معي، ومع الفنان رشيد عساف، بعد أن فرقع في مسلسل «البركان»، فتم إقصاؤه لمدة أربع سنوات، لأنه رفع سعره، واضطر إلى السفر والعمل في الخليج.

الوسط السوري لايقدر مكانة الفنان ولايحترمها.

¶ ماجديدك؟

في الفترة الأخيرة التفتُّ إلى الأطفال، لأنني لاحظت مدى الظلم الفكري والإعلامي الذي يتعرضون له، حتى إنني خلال مناقشة الدستور مؤخراً، تطرقت إلى ضرورة وجود مادة تحمي الطفل منذ ولادته، حالياً أعمل على جزء ثان من مسلسل الأطفال «مغامرات طارق» الذي حصل على خمس جوائز ذهبية في جزئه الأول، وهو لم يردّ لي نصف تكلفته، بالرغم من أنه يعتبر عملاً وطنياً، يُفترض أن تسهم الجهات المختصة في رعايته.

عرضت الفضائية التربوية شراء الجزء الثاني من العمل، ولكن ليس لديها المال لتسدد ثمنه، ولذلك أوقفت المحطة إنتاج المسلسل، وهو حبيس الرفوف منذ عامين.. مؤخراً بعد معاناة واعتراض دفعوا لي ثمن العمل، ويُفترض أن نباشر العمل، ولكن لا توجد بشائر تدلّل على أنهم سيبدؤون العمل في الفترة القريبة القادمة.