2013/05/29

منتظراً عرض "29 شباط".. المهند كلثوم: «يحق لي أن أكون خائفاً على وطني»
منتظراً عرض "29 شباط".. المهند كلثوم: «يحق لي أن أكون خائفاً على وطني»


"29 شباط" اختبار أول لي في التعرف على أجواء صناعة السينما السورية.

ما يطمح إليه أي مخرج سينمائي دائماً هو تقديم عمل متكامل، ولكن تتآمر علينا الظروف.

سينما الشباب "من يوم يومها موجودة"، ولكن كانت مهمشة إعلامياً.

رأس المال في القطاع الخاص هو رأس مال جبان.

المقدمات التي نراها اليوم في السينما السورية هي مخاض لولادة سينما شبابية مميزة تحمل بصمة سورية.

نحن مهووسون بصناعة الدراما، فتكون أفلامنا عبارة عن سهرات تلفزيونية.

ما تعيشه سورية اليوم هو أزمة تخص الوطن، وكل مواطن معني أن يكون له رأي بها.

الحل أن نحب ونقدر وطناً هو سورية، وعلينا جميعاً تحمل مسؤولياتنا كسوريين.

ليس مخرجاً سينمائياً أو إنساناً اعتيادياً.. تجلس معه فتشعر أنك في جلسة مع مخرج لديه مخزون سينمائي مهم، وإنسان لديه الكثير في جعبته ليقوله، بفيلم سينمائي أو حديث عابر..

درس الإخراج السينمائي والتلفزيوني في جامعة خاركوف الحكومية، قسم الإخراج السينمائي، ونال شهادة الماجستير.. قدم العديد من الخطوات المهمة في بلد الدراسة، قبل أن يحزم أغراضه ويعود إلى سورية قبل بداية الأزمة التي تمر في البلد بقليل..

خطوته الأولى في بلده الذي يعشق كان فيلماً تسجيلياً بعنوان "البرزخ" يتحدث عن رحلة الشباب الفلسطيني والسوري في عبور الحدود عبر الجولان السوري المحتل إلى فلسطين المحتلة، مستخدماً أدوات تقنية بسيطة، وبتمويل ذاتي، لكن الفيلم حقق نجاحاً جماهيرياً أثبتته عروض متتالية للفيلم في أماكن متفرقة من سورية وخارجها قريباً، ومشاركة الفيلم في العديد من المهرجانات العربية والعالمية..

لخطوة الثانية للمهند هي "29 شباط"، الفيلم الذي يعتبره المهند «اختباراً أول في التعرف على أجواء صناعة السينما السورية».. عن هذا الفيلم، وعن مواضيع أخرى، حدثنا المهند كلثوم في هذا الحوار..


خاص بوسطة- يارا صالح


انتهيت مؤخراً من عمليات المونتاج لفيلمك الجديد "29 شباط"، حدثنا عن هذه التجربة.

"29 شباط" اختبار أول لي في التعرف على أجواء صناعة السينما السورية، عن طريق الاحتكاك بالفريق الفني، أجواء جاءت بعيدة كل البعد عن تجاربي السينمائية السابقة في أوكرانيا ومع فرق العمل الأجنبية، بالإضافة إلى أنني اختبرت من خلال الفيلم قدرتي على التصوير في أماكن عامة مزدحمة، من الصعب ضبطها إنتاجياً. "29 شباط" نمط جديد استطعنا أن نضيفه إلى أنماط السينما السورية، بروح الشباب الشغوف لصناعة سينما شبابية سورية جديدة.

ببالتعريج على النص، هو نص سينمائي بحت، كُتب بعناية ودقة، ليحكي قصة حب مميزة في تاريخ مميز، يحمل روح وتميز 29 شباط.


وما هي نسبة رضاك عن العمل؟

ما يطمح إليه أي مخرج سينمائي دائماً هو تقديم عمل متكامل، ولكن تتآمر علينا الظروف، سواء كانت إنتاجية أو تقنية، أو زمنية كما في حالة "29 شباط"، ولكن أولاً وأخيراً، الجمهور هو الفيصل.


ألا تعتقد أن الأفلام القصيرة لا تنال حظها لدى الجمهور بالشكل الكافي؟

لن أخرج خارج نطاق سورية، ولكن إذا كنا مع فرضية أنها ليست سينما، يمكن أن أسميها محاولات شبابية مليئة بالشغف لصناعة سينما حقيقية، بروح شبابنا، وما زلنا ضمن نطاق سورية، هناك أفلام طويلة لا تحمل من العمل السينمائي سوى الاسم، ولم يشاهدها سوى صانعيها، وهناك أفلام قصيرة لمخرجين سوريين كبار حققت نجاحات وحضوراً جماهيرياً رائعاً، فالمقياس إذاً ليس طول الفيلم أو قصره، بل روح السينما الموجودة فيه، وإذا لم يكن الفيلم القصير فيلماً، فهو محاولة سينمائية، المهم أننا نحاول أن نصنع أفلاماً يفهمها جمهورنا أولاً، وليس الغرب، لأننا نصنع سينما سورية، أولاً وأخيراً.


يُقال إن الأزمة التي تمر بها سورية هذه الأيام، فتحت الكثير من الأبواب للمخرجين الشباب، من مبدأ "مصائب قوم عند قوم فوائد"..

سينما الشباب "من يوم يومها موجودة"، ولكن كانت مهمشة إعلامياً لأن الإعلام والصحافة كانا لا يرافقان السينمائي الشاب في مراحل صناعة فيمه، بل عل العكس، كانا دائماً يغطون أعمال السينمائيين الكبار "المنجمين"، بالمصطلح السوري، وهم لا يحتاجون لذلك أساساً. اليوم، ولأن معظم السينمائيين قرروا عدم العمل في ظل هذه الظروف، ومنهم من غادر البلد لأسباب شخصية، أو ........ فأصبح الإعلام والصحافة يهتمان كل الاهتمام بالسينمائي الشاب، ليس من باب تشجيع المواهب ودعم السينمائي الشاب، ولكن لأنه ليس هناك بديل، فالمسألة ليست أن الأزمة فتحت الباب لمخرجين شباب، بل هي أزمة إعلام وتظهير.


لكن بعض الأسماء التي نراها تعمل اليوم في السينما لم نكن نراها سابقاً، ومنها من يعمل في القطاع العام. إلا تعتقد أن هذا القطاع العام، المنتج الأساسي للسينما في سورية، بدأ بإدراك أهمية المشاركة الشبابية؟

أن تصل متأخراً، خير من أن لا تصل أبداً، ولكن، ولكي نكون منصفين، فإن المسؤولية في إنتاج السينما لا تقع على عاتق القطاع العام وحده، ففي كل دول العالم التي لديها صناعة سينمائية مهمة، نرى أن هذه الصناعة تقع على عاتق القطاع الخاص الغائب عن هذا الميدان في سورية، لأنه رأس مال جبان. مشكورة المؤسسة العامة للسينما على جهودها، ومشكورة مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني التي أتاحت إنتاجاً سينمائياً ولأسماء شابة غير معروفة في قواميس السينما السورية، وأعتقد أن هذه المقدمات التي نراها اليوم في السينما السورية هي مخاض لولادة سينما شبابية مميزة تحمل بصمة سورية.


ما الذي تحتاجه السينما السورية برأيك اليوم كي يكون نهوضها متكاملاً؟

قبل الإنتاج وقبل الصالات، يلزمنا نصوص سينمائية، لأننا نعاني من أزمة نص. نحن مهووسون بصناعة الدراما، فتكون أفلامنا عبارة عن سهرات تلفزيونية. ومن ثم يلزمنا إعادة ثقة الجمهور بالسينما، ومن ثم نأتي إلى الإنتاج، ومن ثم صالات العرض، التي لا أجد من المنطقي أن نقول أن أزمة السينما في سورية هي أزمة في الصالات. يمكننا ببساطة أن نتبع أسلوب العرض في الهواء الطلق، كما في عدة بلدان عربية وعالمية.


كيف نعيد الثقة للجمهور بالسينما إذا لم ننتج أولاً أفلاماً تُرضي مختلف الأذواق؟

أن تكون النصوص، على قلتها، ملائمة لواقعنا وليس استعادة لما حصل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وأن تكون النصوص مبسطة لكي نصنع سينما لكل الناس، ونبتعد عن سينما النخبة التي نراها مؤخراً. إقبال الجمهور على هذه الأفلام سيشجع المنتج الخاص على الخوض في غمار الإنتاج السينمائي.


لننتقل إلى رأيك بالأزمة التي تمر بها سورية حالياً.

كثيرون يرفضون تطرق الفنان أو العامل في مجال الدراما والفن إلى المواضيع السياسية، التي أصبحت حديث الشارع في سورية خلال العام المنصرم. شخصياً، أرفض هذا الرأي، لأننا كفنانين ودراميين وسينمائيين، مواطنون سوريون أولاً وأخيراً، وما تعيشه سورية اليوم هو أزمة تخص الوطن، وكل مواطن معني أن يكون له رأي بها. كما أن هناك أصواتاً تفتخر بمواقفها "الثورجية"، فإنه يحق لي أن أكون خائفاً على وطني ومؤيداً له ولرئيسي، وأفتخر بذلك، لأنني لم ولن أدنس دماء الشهداء، ودم والدي الشهيد العقيد الطيار محمد كلثوم، فأنا أفتخر بأنني مواطن سوري خائف على بلده، ولي موقفي ورأيي.


ولكن جميع من يسقطون من شهداء في سورية، هم سوريون. ألا تعتقد أنك تبالغ عندما تتحدث فقط عن شهداء الجيش والقوات المسلحة؟

بعد عام وأكثر من الأزمة، وعندما يصبح هناك سلاح غير شرعي مرفوع في وجه الدولة، وعندما أفتقد لعنصر الأمان بسبب هذا السلاح، وعندما يصبح المواطن في حالة من اللا استقرار واللا أمان في بلده، بعد كل هذا، اعتقد أنه يحق لنا أن نميز بين من استشهد وهو يدافع عن الوطن وترابه، أو استشهد بسلاح هؤلاء المسلحين، وبين من قُتل وهو يهاجم مواطناً بريئاً أعزل. فمن أجل أن يحيا الوطن يجب أن نضحي، لكي تبقى سورية وعلمها ذو النجمتين شامخاً فوق ربوعها.

أن لا أقول إن كل من فقد حياته في هذه الأزمة من غير الجيش هو مسلح، ففي أي حرب أو معركة يسقط ضحايا من الأبرياء الذين لا ذنب لهم، والمسؤولية هنا تقع على عاتق من أدخل البلاد في هذه المعركة التي هي حرب على سورية وفي سورية.


كيف ترى الحل إذاً؟

الحل أن نحب ونقدر وطناً هو سورية، فنحن نقف أمام حضارة عمرها آلاف السنين، وعلينا جميعاً أن نتحمل مسؤولياتنا أمام هذا الوطن كسوريين حقيقيين، لنعيد إليه الأمان والاستقرار بكل الوسائل.


المهند كلثوم.. ما هو جديدك؟

حلمي الذي أجهزه منذ فترة، "سيجار سوري"، الذي يتطرق للأزمة السورية من وجهة نظر شاب سوري خائف على بلده. وأيضاً هناك فيلم سينمائي لا يزال قيد الدراسة، بالإضافة إلى مشروعي وهو الأوبريت السينمائي السوري الذي سأفصح عنه في القريب العاجل..


ستكون بوسطة أول من يعلم؟

(مبتسماً) إن شاء الله..


كلمة أخيرة..

لا تمسحوا أرقام أصد\قائكم الشهداء من هواتفكم.. لأنهم يوماً ما سيتصلون بكم ليسألوكم ماذا فعلتم للوطن.