2012/07/04

من نزار قباني إلى ألوان
من نزار قباني إلى ألوان

أولى رسائل الشاعر الرائع، الذي طار منذ أيام إلى مدريد وصلتنا أمس.. القصيدة فيها تحية إلى ألوان.. و فيها قصيدة.. لماذا لا نترك نزار يتحدث في رسالته و قصيدته..   من نزار قباني إلى ألوان
  سعيد أنا بالكتابة إلى (ألوان) و الواقع أني لست غريباً عنها.. و يتهيأ لي أن كل حرف يعرفني فيها.. و يخيل لي عندما أروي شعري فيها، أني في بيتي.. و أنا بعد لم أفارقه..  و طلبتم مني كلمة عن الشعر.. ماذا أقول عنه.. إنه ذلك القنديل الأخضر علقته أصابع الله في داخلنا، قنديل أروع من ألف شمس، و أكبر من ألف شمس، لأنه في اشتعال دائم لا يعرف كسوفاً و لا خسوفاً. الشعر نار الإنسان، و نار الإنسان لا تموت ما دم هناك إنسان واحد يتنفس. و بعد.. لا أريد أن أطيل.. و لا أحب أن أعطي من مدريد.. و عندي واحدة أحبها.. تلك التي يقول مطلعها: واصل تدخينك.. يغريني.. إنها ليست قديمة ولا جديدة. و أريد أن أقرأها في ألوان.. و أريد أن أقرأ فيها (ألوان) فلننهِ رحلة النثر، إن القنديل الأخضر ينتظرنا.   واصل تدخينك.. يغريني رجل في لحظة تدخين.. هي نقطة ضعفي كامرأة فاستثمر ضعفي.. و جنوني ما أشهى تبغك.. و الدنيا تستقبل أول تشرين.. و القهوة.. و الصحف الكسلى و رؤى.. و حطام فناجين دخن.. لا أروع من رجل يفنى في الركن.. و يفنيني رجل.. تنضم أصابعه.. و تفكر من غير جبين *** أشعل واحدة.. من أخرى أشعلها من جمر عيوني.. و رمادك ضعه على كفي نيرانك ليست تؤذيني فأنا كامرأة.. يرضيني أن ألقي نفسي في مقعد ساعات.. في هذا المعبد أتأمل في الوجه المجهد و أعد.. أعد.. عروق اليد فعروق يديك تسليني.. و خيوط الشيب هنا.. و هنا. تنهي أعصابي.. تنهيني دخن.. لا أروع من رجل يفنى في الركن.. و يفنيني *** أحرقني.. أحرق بي بيتي .. و تصرف فيه كمجنون.. فأنا كامرأة يكفيني.. أن أشعر أنك تحميني.. أن أشعر أن هناك يداً تتسلل من خلف المقعد.. كي تمسح رأسي و جبيني تتسلل من خلف المقعد لتداعب أذني بسكون.. و لتترك في شعري الأسود عقداً من زهر الليمون.. دخن.. لا أروع من رجل يفنى في الركن و يفنيني.. نزار قباني ألوان 15 آب 1962