2012/07/04

مهرجان «كان» السينمائي في دورته الخامسة والستين
مهرجان «كان» السينمائي في دورته الخامسة والستين


أوس داوود يعقوب – تشرين

تنطلق الدورة (65) لمهرجان «كان السينمائي الدولي» في السادس عشر من الشهر الجاري وتستمر حتى السابع والعشرين منه، برئاسة المخرج الايطالي ناني موراتي

وبحضور كبار نجوم وصناع السينما وكتاب السيناريو والمخرجين، مثل (ميخائيل هانكي، وكان لوك، وآلان رازناي، ونيكول كيدمان، وبروس ويلز، وأودري توتو، وكاترين دينوف، وبراد بيت، وبروس ويليز، وغيرهم).

الحدث الأبرز في هذه الدورة اختيار الفيلم السوري القصير «فلسطين: صندوق الانتظار للبرتقال» للمخرج بسام شخص، وبهذا تسجل سورية أول مشاركة في تاريخ المهرجان. وذلك ضمن قائمة عالمية منوّعة، تحضر فيها ألمانيا وبلجيكا وبورتوريكو والولايات المتحدة ونيوزيلندا وكندا وأستراليا وتركيا، للمنافسة على «سعفة الفيلم القصير». أما الحدث الأبرز عربياً، فهو عودة الأفلام المصرية إلى المسابقة الرسمية من خلال فيلم «موقعة الجمل» ليسري نصرالله، وذلك بعد غياب مصري استمر نحو خمسة عشر عاماً.

كما تضمّ هذه الدورة، اسمين عربيين آخرين: الفرنسي المغربي الأصل نبيل عيّوش عن فيلمه الروائي الطويل الرابع «أحصنة الله» في مسابقة «نظرة ما»، والفلسطيني إيليا سليمان عن مشاركته في فيلم جماعي بعنوان «سبعة أيام في هافانا»، أنجزه مع ستة مخرجين آخرين، في المسابقة نفسها.

ويحضر العرب أيضاً في تظاهرة السينما الناشئة، التي تقدِّم تجارب وليدة ومميَّزة، وذلك من خلال شريط  «ورائي أشجار الزيتون» للبنانية باسكال أبو جمرة, أما تظاهرة الورشة السينمائية، التي تهدف إلى تمويل المشاريع السينمائية الشابة، فتضمُّ ثلاثة مشاريع عربية لـ: الجزائري محمد بن إسماعيل، والفلسطينية مي المصري، والأردني محمود المسعد.

وكان أن تم الإعلان رسمياً منذ أيام في مؤتمر صحفي، عقده رئيس المهرجان جيل جاكوب ومديره الفني تييري فريمو، عن قائمة الأفلام المشاركة في المهرجان, وعددها أربعة وخمسون فيلماً من ستة وعشرين بلداً, وقد تم اختيار اثنين وعشرين فيلماً  ضمن هذه المجموعة للمشاركة في المسابقة الرسمية وطمئن المدير الفني للمهرجان محبّي الفن السابع بأنّ «ماكينة الإنتاج السينمائي العالمي استعادت عافيتها هذا العام بعد الهزة التي سبّبتها الأزمة المالية العالمية خلال المواسم الثلاثة الماضية».

وذكر (فريمو), بخصوص نوعية الأفلام المشاركة في هذه الدورة, إنها «تتناول مواضيع مختلفة بعضها حول المعاناة والتشتت، وأخرى يتمحور موضوعها الرئيس حول قصص الحب والعطاء».


المشاركون في المسابقة الرسمية..

من بين (22) سينمائياً سينافسون على «السعفة الذهبية»، لا نجد سوى أربعة لم يقدّموا سابقاً أعمالاً في التشكيلة الرسمية، هم: جون هيلكوت، وأندرو دومينيك، وويس أندرسون، ويسري نصر الله, وسيتخذ السباق إلى «السعفة» هذه السنة إذاً شكل «صراع العمالقة» بين كوكبة من كبار السينمائيين. ويمكن التمييز بين فئتين منهم: «أصحاب السعف» الذين سبق أن نالوا الجائزة الأشهر ويتطلعون إلى تكرار هذا الإنجاز مرة ثانية, وهناك فئة أخرى من «الكبار» الذين يُعَدّون من «روّاد» المهرجان، وسبق أن كوفئوا بجوائز، لكنهم لم ينالوا «السعفة». بالتالي يدخلون المسابقة هذا العام على أمل الفوز.

في نادي «أصحاب السعف»، نجد خمسة أفلام تخوض السباق الرسمي، إلى جانب فيلمين آخرين سيقدمان في فقرة «العروض الخاصة» (خارج المسابقة). حيث سينافس عباس كياروستامي على سعفة ثانية بجديده «مثل عاشق». كذلك، ينافس الفرنسي جاك أوديار بجديده «عن الصدأ والعظام»، ويعود النمساوي مايكل هانيكي بـ«حبّ»، والروماني كريستيان مونجيو بـ«خلف التلال»، والبريطاني كين لوتش بـ«حصة الملائكة», أما خارج المسابقة، فيعود الإيطالي برناردو بيرتولوتشي بجديده «أنا وأنت» بعد أعوام من الانقطاع. و يعود التايلندي أبيشاتبونغ ويراسيتاكول بـ «ميكونغ هوتل»

وفي نادي الطامحين إلى الفوز بأول «سعفة»، يسجل ديفيد كروننبرغ مشاركته بفيلم «كوسموبوليس»، فيما يشارك ابنه براندون في تظاهرة «نظرة ما» بباكورته «مضاد للفيروسات». ويشارك الإيطالي ماتيو غاروني بفيلم يحمل عنوان «واقع». ويعود والتر ساليس بجديده «على الطريق»، المقتبس من رائعة جاك كيرواك الروائية التي تحمل العنوان ذاته. أما الفرنسي ألان رينيه، فيشارك بفيلمه «لم تروا شيئاً بعد». وتتوزع  بقية أعمال المسابقة بين سينمائيين أقل شهرة، من الذين اعتاد جمهور «كان» حضورهم منذ سنين، وهم  يسري نصر الله العربي الوحيد هذه السنة في المسابقة، والمكسيكي كارلوس ريغاداس الذي سيقدم فيلماً تجريبياً بعنوان (Post Tenebras Lux)، والأميركي جيف نيكولز بفيلمه «طين» والشقيقين الكوريين هونغ وإيم سانغ سو اللذين سيكونان أول أخوين يدخلان المسابقة الرسمية بفيلمين منفصلين. وسيقدم هونغ «في بلد آخر»، بينما سينافس شقيقه إيم على السعفة بفيلمه «مذاق الفلوس».


مسابقة الأفلام القصيرة..

أما الأفلام القصيرة المنافسة على «السعفة الذهبية» لأفضل فيلم قصير، وعددها (11) فيلماً، تم  اختيارها من بين (4500) فيلم تقدمت لدخول المسابقة، فهي: الفيلم السوري «فلسطين، صندوق الانتظار للبرتقال» للمخرج بسام شخص، والفيلم المغربي «هذا الطريق أمامي» إخراج الفرنسي من أصل مغربي محمد بوروكبة، وهو مغنِّي الراب المشهور بـ«ماحي». والفيلم الألماني «غاسب» من إخراج إيتشيه بيتينغا، والفيلم الأمريكي «الرئيس» إخراج غرينجر دافيد، والفيلم النيوزيلندي «انقلاب الليل» إخراج زيا ماندفيفالا، والفيلم الكندي «رئيس العصبة» للمخرج كلوي روبيشو، والفيلم التركي «صامت» إخراج ريزان يسيلباس، والفيلم البلجيكي «كوكاينييه» إخراج إيميلي فرهامي، والفيلم الاسترالي «خريج السجون» للمخرج ميكائيل سبيسيا، وفيلم «مي سانتا ميرادا» من بورتو ريكو، وهو من إخراج  ألفارو بورنتي ـ سينتينو.

«بعد الموقعة».. عودة التلميذ

لم يكن يتوقع السينمائيون والنقاد المصريون، في ظل هذه الفترة العصبية التي تعيشها مصر، أن يخرج أحد الأفلام المصرية للمنافسة في «المسابقة الرسمية» لأحد المهرجانات العالمية، لكن الوحيد الذي استغل الأحداث جيداً هو المخرج يسري نصر الله الذي صاغ تلك الفترة بكل ما فيها من مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية في شكل عمل سينمائي حمل عنوان «بعد الموقعة»، وهو فيلم سياسي اجتماعي، من تأليف يسري نصر الله وعمرو شامة، وتصوير سمير بهزان وضياء جاويش، ومونتاج منى ربيع، وديكور محمد عطية، وملابس ناهد نصر الله، وصوت إبراهيم دسوقي، وموسيقا تامر كروان، ومن إنتاج وليد الكردي. ويناقش الفترة التي أعقبت «موقعة الجمل» التي تم فيها اعتداء «بلطجية» النظام السابق على المتظاهرين سلمياً ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، في الثاني من شباط 2011م). وقد عمل (يسري) على إنجاز فيلمه في أعقاب (ثورة 25 كانون الثاني) وكان اسم الفيلم المبدئي «ريم ومحمود وفاطمة»، وتم تغييره فيما بعد إلى «بعد الموقعة».

وتدور أحداثه حول حياة ناشطة سياسية تعمل في شركة إعلانات، تدعى«ريم» (منة شلبي) تشارك في تظاهرات الثورة في ساحة الميدان، وتواجه بعدها صعوبات ومشكلات عدة في عملها. وخلال بحثها تتقابل «ريم» مع «محمود» الذي يجسد شخصيته (باسم السمرة)، وهو شاب يعانى من الفقر والجهل، ويعمل «خيالاً» في منطقة نزلة السمان، استغل أحد المسؤولين حاجته هو وزوجته للمال ليعرض عليهم النزول لميدان التحرير فيما عرف بـ «موقعة الجمل»، لينزل أهالي «نزلة السمان» إلى الميدان، وتتوالى الأحداث بعد ذلك، وفي النهاية يقع «محمود» في حب «ريم». ويتناول الفيلم بكل بساطة مصر بعد الثورة.. ويقوم ببطولة الفيلم الفنانون منة شلبي وباسم السمرة وصلاح عبد الله وناهد السباعي.

ويرى بعض النقاد أنه «لا يُمكن التغاضي عن البُعد السياسي المرافق لاختيار الفيلم الجديد للسينمائيّ المصريّ يسري نصر الله، في المسابقة الرسمية لهذه الدورة, ذلك أن اختيار المخرج لـ«موقعة الجمل» مادة لفيلمه الجديد، ساهم في توفير ظرف ما لإدراجه في المسابقة المذكورة, ولا يعني هذا الأمر انتقاصاً من القيم الفنية والدرامية والجمالية لأفلامه الروائية الطويلة»