2012/07/04

مهندس الديكور حسان ابو عياش
مهندس الديكور حسان ابو عياش

  حسان أبو عياش واحد من أهم مهندسي الديكور في الدراما التلفزيونية السورية بل هو من أقدمهم وأكثرهم خبرة،  فقد مضى على عمله في هذه المهنة قرابة الخمسين عاماً، أنجز فيها الكثير من الأعمال الدرامية والسينمائية والمسرحية بدأها بالأسود والأبيض زمن الأستوديو ثم خرج مع المخرجين إلى فضاءات جديدة وواكب تطور الدراما السورية ووصل معها إلى ما وصلت إليه. حسان أبو عياش أنجز ديكور مسلسل باب الحارة الذي أصبح معلماً سياحياً يقصده  المشاهدين العرب ليستمعوا بهذا المكان وبالأجواء التي أبدعها أبو عياش. وفي ذلك يقول: تعرف الجمهور العربي على موقع التصوير في مسلسل "باب الحارة" وأصبح مألوفاً لهم، والمشاهِد الآتي إلى دمشق يقصد هذه الحارة في القرية الشامية، ليرى هذه الحارة على الواقع، ويستمتع بها، وهذا دليل على أهمية المكان في العمل الدرامي، والمخرج الذي يحترم المكان ويظهره بصورة جدية يشعر الجمهور بالألفة بينه وبين المكان، فليس المهم فقط جانب الحكاية والدراما في العمل أيضاً العناصر الأخرى لها أهميتها. لذلك العمل الدرامي يحتوي على عديد من العناصر الهامة "قصة ـ مكان ـ ماكياج ـ الإضاءة ـ الديكور..". في مسلسل باب الحارة وفي الأعمال الأخرى فعّـلنا المكان بالشكل الجيد والمناسب للأحداث، كما أن المكان مرتبط بشخصيات العمل، فقمنا بإعطائها مجموعة من العناصر والرموز لزيادة فعالية الدراما، أي أن المكان عندما يتكلم فإنه يساعد الدراما ويعطيها قوة أكثر. في الجزء الرابع من باب الحارة، ما الجديد الذي تقدمه على صعيد المكان؟ بالإضافة إلى الأماكن الشعبية، هناك الأقنية والأنفاق التي كانت وسيلة لخروج المحاصرين من الثوار وذهابهم إلى منطقة الغوطة، وهذا يعطي العمل تنوعاً في أجوائه. هل يمكن أن يصل المكان أو الديكور لأن يكون بطلاً في العمل الدرامي؟ العمل التلفزيوني يحتوي على عدة أبطال، ممثلين وفنيين وماكياج والديكور والملابس.. ويضيف: بعد خدمة خمسين عاماً في العمل الدرامي، تجد أن بعض المخرجين يظهرون المكان بالشكل الجيد، كالمخرج بسام الملا الذي يهتم كثيراً بالمكان، فكل الأعمال التي شاركت فيها كمهندس ديكور كان المكان له أهميته في العمل وكان بطلاً من الأبطال. دوماً ما كانت البيئة الشامية تحمل عنصر الجذب للجمهور، فأين يكمن هذا الجذب؟ تمتاز البيئة الشامية بالمزج بين البناء والطبيعة، فأي بيت شامي يحتوي على عدد من النباتات منها "الياسمين" والطيور فيشعر الناس أنهم في الغوطة، لذلك علاقة البيت الشامي بالطبيعة وثيقة، وهذا يعود لأن دمشق فيها مياه كثيرة، والمياه تفسح المجال للناس للاهتمام بالزراعة والبحرات والشلالات. كما أن الحارة الشامية لها خصوصيتها وجاذبتها، فيكفي أن تشاهد الجدران القديمة التي   نقوم بتركيبها. أما الحارة فهي ليس واقعية، فقد أخذنا عناصرها وأنشأناها بصورة جديدة كي تناسب فكرة العمل وأحداث وشخصيات. لماذا لا يتم التصوير في الحالات الدمشقية القديمة؟ تظهر هذه الحارات مفككة وغير منسجمة مع النص، فالحدث مستمر في العمل، حيث يتحرك الممثل من مكان إلى أخرى قريب منه "الدكان ـ الحمام ـ المقهى ـ الجامع ـ البيت ـ السوق.." وهذا نقوم ببنائه، فلا يمكن أن تجد في حارة كل هذه العناصر مجتمعة، بالإضافة إلى صعوبة التصوير في مدينة دمشق، من ضوضاء وإزعاج للناس. سيما أن القصص الشامية لا تكون حقيقية تماماً، فهي أشبه بالحكاية والحتوتة الشعبية المتخيلة، لذلك يكون بناء الديكور أفضل وأسهل من العمل في الحارات الحقيقية بعد أن قضينا أكثر من عشرين عام في بناء الحارات الشامية. مع أن البناء صعب ومكلف مادياً. ما هي صعوبات العمل في الديكور؟ للأسف إن القاعدة الفنية للدراما السورية غير محمية ولا تعطى حقها، فالممثلين والمخرجين يأخذون الأهمية الكبرى من هذه المهنة، بينما الفنيين والذين يبلغ عدد 10000 من كافة الاختصاصات، لا تجد لهم تقاليد حقيقية للعمل، فمثلاً بعد أن مضى على عملي في هذه المهنة عشرات السنوات، قد يأتي يوم ولا أجد فرصة عمل. ويمكن أن يتم الاستغناء عنا في أي لحظة، فالأمر مرتبط بالمنتج، وهذا ما يفقد المهنة الخبراء ويفسح المجال للدخلاء على هذه المهنة وبالتالي يؤثر على جودة العمل الفني، وربما يكون أحد أسباب سقوط العمل الدرامي السوري. ما الذي تريده من القائمين على هذه المهنة؟ أضعف الإيمان أن يكون للعامل فيها التأمين، أسوة بباقي الدول التي تطورت فيها هذه المهنة، فحياتنا مهددة بالخطر في أية لحظة، لذلك نحن دوماً ما نكون قلقين على مستقبلنا في هذه المهنة. فلا حماية ولا أمان. ثم يكمل أبو عياش: ولا أنسى التقدير المعنوي والذي غالباً ما يغيب الفنين عن أي تكريم أو احتفال للأعمال. مع أنه أصبحت توزع جوائز على الفنيين؟ نعم في المسابقات يتم توزيع الجوائز على بعض الفنين، لكنهم لا يكون لهم مكان في التكريمات والحفلات وكأن النجاح فقط يتعلق الممثلين والمخرجين. هل يوجد منافسة بين مهندسي الديكور؟ لكل مهندس مزاجه وخبرة فنية، والذي يجعل المخرجين يفضلون مهندس على أخرى، فمثلاً هناك مخرجين أصدقائي لا يختاروني لأعمالهم، فقد يجدون أني لا أناسب خياراتهم الفنية. لكن ألا تلعب العلاقات دوراً في اختيار مهندس الديكور؟ لا شك أن العلاقات لا تنتفي على هذه المهنة بشكل عام، وعمل الديكور ليس ببعيد عن ذلك. يتهمك بعض المنتجين أن متطلب وعملك مكلف مادياً؟ ربما يرى هؤلاء أنني متطلب، فأنا لا أتنازل على خياراتي للديكور. لا تقدم أية تنازلات؟ قد أقدم تنازلات بنسبة 20% فقط، أما غير ذلك فلا أستطيع العمل بغير هذه الظروف، والمنتجون الذين يبحثون على تكلفة أقل لأعمالهم، ولا يعترفون بتقليل الجودة. مع أن اليوم العمل التلفزيوني مرتبط بالتجارب والربح ولم يعد عمل فني فقط، لهذا التكلفة المادية يفترض ألا تقف عائق أمام جودة العمل وفنيته، وفي هذا الجانب لا نقارب بالغرب. فكل الجوانب الفنية هي ضئيلة أمام أي عمل أوربي أو أمريكي وحتى المسلسل في مصر. شكراً حسان أبو عياش