2012/07/04

«موسم الساحرة» يُوقع نيكولاس كيج في فخ السذاجة السينمائية
«موسم الساحرة» يُوقع نيكولاس كيج في فخ السذاجة السينمائية

خمس الحواس - محمد الأنصاري

يبدو أن النجم الشهير نيكولاس كيج وقع في فخ الأفلام الخيالية والغرائبية ولم يعد قادراً على الخروج منه؛ فبعد فيلم «الكنز الوطني» بجزئيه وفيلم

«العراف» الذي يعتبر امتداداً للفيلم الذي سبقه «نيكست» ودخوله في تجربه أفلام السحر عبر نافذة فيلم «الساحر المبتدئ» الذي يحكي عن الأسطورة

الأشهر في العالم الغربي الساحر مرلين؛ بعد سلسلة الأفلام هذه التي أنتجت تباعاً، نشاهد النجم نيكولاس كيج في تجربة جديدة ضمن السياق نفسه

من أفلام الأساطير والسحر في فيلمه الجديد «موسم الساحرة» الذي أخرجه دومينيك سينا وكتبه للسينما سكوت براجي وشارك كيج البطولة فيه النجم

رون بارلمان والنجمة البريطانية الصاعدة كلير فوي، وجرى تصوير الفيلم بين استراليا والمجر

تعود أحداث الفيلم الأولى إلى عصر القرون الوسطى في أوروبا التي تسيطر عليها خرافات وأساطير السحر والسحرة ومحاكم التفتيش ذات العقيدة

الكاثوليكية المتشددة، حيث يشارك الفارس الصليبي «بيمان- نيكولاس كيج» ورفيقه «فيلسون- رون بارلمان» في عشرات من المعارك الصليبية الطاحنة

ضد المسلمين، ويبدو أن تلك المعارك دارت بعد الحملة الصليبية التاسعة المسجلة رسمياً في الوثائق التاريخية، حيث تظهر أحداث تلك المعارك بعد سنة 1337م؛

وهي السنة التي سبقت بنحو قرن من الزمن سقوط آخر قلاع المسلمين في خارج الحدود العربية

وهي غرناطة، ولقد استطاع المخرج تصوير مشاهد تلك المعارك المتعددة بطريقة محترفة عبر أكثر من 12 منظراً صورت قمة البشاعة للنفس الإنسانية

التي تنسى لحظة الحرب أن من تقاتله مجرد إنسان شقيق لك، ولكن مشاهد الحروب لم تخل أيضاً من عيوب صناعة الأفلام الأميركية التجارية؛ حيث تظهر

القوة الخارقة للجيش الصليبي، وخصوصاً الفارسان «بيمان-فيلسون»، وعدم إصابة أي منهما بجرح أو خدش صغير طوال تلك المعارك، وهو ما يبعد الواقعية عن هذه المشاهد بالجملة.

يستمر الفارس الصليبي «بيمان» في معاركه التي ينجرف إليها ورفيقه بدافع نابع من توجيهات ممثل «البابا» القابع في روما بحجة أن من واجب حماة

الصليب قتل «الكفرة» تمجيداً لاسم الرب، إلى أن يحدث حادث طارئ مؤلم يعيد «بيمان» إلى صوابه الإنساني، وجرى تنفيذه بصورة ساذجة، حيث يقوم

هذا الفارس المندفع ودون وعي منه بقتل امرأة بريئة في أحد الحصون الإسلامية تحت خيمة الدخان وحرائق الحرب، ليكتشف لاحقاً أن جميع من كان

يسكن ذلك الحصن هم من الأطفال والنساء الأبرياء

وليسوا من المقاتلين، فينتفض ورفيقه «فيلسون» على ممثل «البابا» ويصف ما يفعلونه في حروبهم بالإجرام، ونعتقد بأن التحوّل الذي طرأ على شخصية

الفارس الصليبي «بيمان» ورفيقه هو تحوّل ساذج، وجرى طرحه في مئات من الأفلام الأميركية التي ربما كانت تخاطب جمهوراً يحمل من السطحية

والسذاجة الشيء الكثير، وربما كان على كاتب القصة أو مقتبسها بالأحرى «سكوت براجي» أن يبحث عن نقطة تحوّل أكثر دراماتيكية وحرفة عن هذه

النقطة الساذجة

ينطلق الفارس «بيمان- نيكولاس كيج» ورفيقه في رحلة هروب وبحث عن السلام والخلاص عما اقترفته أيديهما من جرائم بحق الإنسانية، ليصلا إلى مدينة

أوروبية أصيبت بوباء الطاعون الذي كان مستفحلاً في الأرض، فيجري إلقاء القبض عليهما من قبل جنود تلك المدينة بعد اكتشاف أمرهما باعتبار هروبهما من

الخدمة العسكرية المقدسة، فيجري تقديمهما للحبر الأكبر في تلك المدينة

والذي كان يمثل السلطات الدينية والمدنية، ويخير الفارسان بين الإعدام شنقاً بحجة الخيانة العظمى أو تنفيذ طلب الكنيسة والمدينة بإيصال فتاة شابة

إلى دير في مكان بعيد جداً لإجراء طقوس رومانية عليها لمعرفة ما إذا كانت تستحق عقاب الساحرات وهو الحرق أو تحديد ما إذا كانت بريئة، ولقد تم إلقاء

القبض على هذه الفتاة بتهمة السحر وأنها كانت سبباً في الطاعون الذي حدث في تلك المدينة ومدن أخرى قامت بزيارتها، فيوافق الفارسان على مضض

مع تعاطف كبير منهما تجاه هذه الفتاة التي تبدو طيبة وبريئة

ويلتحق بالقافلة شاب في مقتبل العمر هو «كاي» الذي يؤدي دوره الشاب الأيرلندي روبرت شيان، فيصل الجميع إلى ذلك الدير ليكتشفوا إصابة جميع القساوسة والرهبان فيه بوباء الطاعون، وليكتشفوا لاحقاً أن الفتاة التي معهم واعتقدوها بريئة ما هي إلا فتاة هيمن

وسيطر عليها «لوسيفر» بحسب الرؤية الغربية والمسيحية للشيطان، وأنه استدرج الجميع لهذا المكان للعثور على كتاب «سليمان» الذي يعتبر الأول

والأندر في محاربة الشياطين والسحرة وإحراقهم عبر عشرات من التعاويذ المطلسمة، لينتهي الأمر بمقتل الفارسان «بيمان- نيكولاس كيج» و«فيلسون-

رون بارلمان» بعد نجاحهما في القضاء على «لوسيفر- الشيطان»، وانعتاق الفتاة من سيطرته لترحل في ختام الفيلم برفقة الشاب «كاي

لقد استطاع نيكولاس كيج والنجوم الذين معه تقديم أفضل ما لديهم من ناحية الأداء في فيلم «موسم الساحرة»، واستطاع النجمان الشابان اللذان رافقاه

في الفيلم البريطانية كلير فوي والأيرلندي روبرت شان أن يبرزا مواهب تستحق الإشادة من ناحية الأداء والإقناع

إلا أن الفيلم الذي يعتمد الأجواء الخيالية والأسطورية لم ينفذ من ناحية الخدع السينمائية التي تظهر صورة الشياطين والمناظر المتحولة الأخرى، لم يجر

تنفيذه بصورة مقنعة من هذه الناحية، بل إن الصورة التي يجب أن تظهر أكثر إرعاباً وأكثر إدهاشاً وخيالاً وهي صورة «لوسيفر» والرهبان الذين تحولوا إلى

شياطين بفعل تأثيره، نقلت المشاهد إلى أجواء ما قبل عصر الثورة الرقمية في السينما وعصر المشاهد والصور الاحترافية المؤثرة

وهو ما يحيلنا إلى التساؤل حول اختيار النجم كيج وشركة الإنتاج للمخرج دومينيك سينا الذي سبق لكيج أن تعاون معه في فيلم الأكشن الرائع «رحل في 60

ثانية» مع الرائعة أنجلينا جولي، حيث يبدو أن خيال المخرج الذي بدأ حياته العملية في عام 1987م بأغنية فيديو كليب لجانيت جاكسون؛ يبدو أن خيال هذا

المخرج أو منفذي الخدع السينمائية لم يرقَ لإخراج فيلم خيالي من الطراز الأول، خصوصاً مع الإمكانيات الضخمـــة المتاحة لهـــذا الفيلم، وهو ما يتركنا في

تساؤل حول مستقبل نيكولاس كيج السينمائي الذي وصل به في سنوات قليلة ماضية إلى القمة، فبات الجمهور يهرع لمشاهدة أي فيلم جديد يظهر فيه

حين نستعيد جملة من أفلام النجم نيكولاس كيج الرائعة؛ فإن القائمة تطول، من منا لا يتذكر أداءه الرائع في «مدينة الملائكة» مع الجميلة ميغ رايان، أو

فيلمه المثير «الوجه المخلوع» مع ترافولتا، أو فيلم الأكشن «الصخرة» مع شين كونري، أو «أمير الحرب» أو فيلمه الذي حاز عنه الأوسكار «مغادرة لاس

فيغاس» أو «نادي القطن

أو أداءه الرائع مع بينلوبي كروز في فيلم «كابتن كورليس مندلون»، ولقد استحق فعلاً لقب «بيكاسو السينما» الذي أطلقه عليه صديقه النجم الكوميدي

«جيم كاري»، ولكن نيكولاس كيج في السنتين الأخيرتين وقع في فخ يتعين عليه الخروج منه قبل أن يأفل نجمه، وهو قادر على ذلك