2012/07/04

موظف يمزق أوامر رؤسائه ويخرب برامج مرؤسيه
موظف يمزق أوامر رؤسائه ويخرب برامج مرؤسيه

سرُّ المسرحية التي مثلَّت بين كواليس التلفزيون  موظف يمزق أوامر رؤسائه ويخرب برامج مرؤسيه     يبحث المسؤولون في التلفزيون عن تمثيليات .. تصلح للترفيه عن لمشاهدين،فلا يجدون، ولو أنهم بحثوا فيما حولهم لوجدوا أكثر من تمثيلية تصلح للفيلم بمثل هذا الدور الترفيهي ، المضحك والمبكي .. معاً.وليس هذا سخرية ..           إنني انقل لقراء ((المضحك المبكي)) تمثيلية جرت بين كواليس التلفزيون واستفتيهم فيما إذا كانت تصلح للترفيه عن المشاهدين .. أم لا. بدأت التمثيلية قبل عيد 28 أيلول بأيام ،عندما وضع محي الدين القابسي مسرحية عن هذا العيد ..على مكتب مدير التلفزيون الحالي: محمد شاهين لتخرج وتعرض يوم 28 أيلول.   كانت مسرحية مناسبة ومثل هذه المسرحيات تتطلب إجراءات عاجلة لتنفيذها، وقد عهد مدير التلفزيون إلى المخرج سليم قطاية .. بإخراجها فوراً _ متجاوزاً  الروتين المألوف في مثل هذه الحالات والذي كان يتطلب عرض المسرحية على عدد من اللجان ورؤساء الدوائر والشعب للموافقة عليها _ فأعد المخرج العدة  لإخراجها ، بل ووزع الأدوار على الممثلين . (كتاب لمدير التلفزيون )  ولفت نظر المخرج الجدول الخاص بدوام مصوري التلفزيون (( إن المصورين الذين سيجرون التمارين النهائية للمسرحية هم غير المصورين الذين سيقومون بالتصوير أثناء التسجيل )) وهذا يعني أن لا فائدة ترجى من التمارين النهائية إلا إذا كان المصورون هم أنفسهم الذين سيحضرون البروفات ويحضرون عملية التسجيل. وبكتاب رفع الأمر إلى مدير التلفزيون، طلب فيه ((ألا يعار لمن يلزم بمراعاة الناحية المشار إليها والتي لا يمكنني والكلام للمخرج سليم قطاية بدونها أن أؤدي العمل المطلوب مني على الوجه الملائم )). ( مع المستر ميبر )  وبسرعة.. حول المدير محمد شاهين الكتاب إلى رئيس شعبة الخدمات الفنية _ واسمه حسن ميبر، وهو سوري متأمرك لا ينطق العربية إلا إذا حشاها بكلمات انكليزية ذات لكنة تشبه لكنة أبناء الجنوب في الولايات المتحدة الأمريكية، يغطس في كرسيه احتقارا ًلمراجعيه، وأحياناً يمد رجليه على الطاولة .. على طريقة أبطال السينما الأمريكية، وبمعنى أدق يصلح كشخصية للمسرحية التي دعوت القراء لمتابعتها وراء كواليس التلفزيون _ وفي الكتاب حاشية تفيد الموفقة على إجراء التعديل المطلوب . ( مرفوض ! )  هذا السوري المتأمرك .. رفض الموافقة على ما جاء بالكتاب وأعلن أنه لن ينفذ ما جاء على لسان مدير التلفزيون .. حتى ولو جاء على لسان الوزير نفسه ! وتدخل المدير، وربما رجاه أن يوافق، وقال : ثمة ظروف خاصة تكتنف هذه المسرحية ، ومن الضروري تجنيد ما يمكن من عدة لتقديمها في عيد الثامن والعشرين من أيلول . ووافق حسن ميبر على مضض وحمل المدير الجميل ، وقال له بإنكليزية ممزوجة بالعربية :   ييس . أوافق ..    فوريو ! !           ( (( ساعي البريد)) هو السبب ) !!   وجاء سليم قطاية للاتفاق على التعديل .. وبرزت مسألة جانبية،ولكن هامة، فسليم قطاية يقدم برنامجاً أسبوعياً معروفاً، اسمه ((ساعي البريد)) يسجله الأحد أو الاثنين ليذاع مساء الأربعاء ، وأحب المستر ميبر_ كما لقبه الزميل عدنان مراد _أن يزعج المخرج سليم قطاية، فوافق على تصوير مسرحية الثامن والعشرين من أيلول .. وألغى موعد تسجيل ساعي البريد!! بخربلك كل برامجك ! وحاول سليم قطاية أن يفهمه (( أن نتيجة هذا العمل هي إنقاذ إحدى التمثيليتين على حساب الأخرى : فإذا به يثور في وجه المخرج ، ويقول له بالحرف الواحد : _لا تعجزني ، بعدين بخربلك كل برامجك !!! وقال له سليم :  ماذا تقصد ؟ وبطريقة مسرحية ، وأثر عضة على اللبان الأمريكي الذي يمضغه بشدة وباستمرار،قال : _تفضل ومزق كتاب مدير التلفزيون ورماه على الأرض، ونظر إلى سليم قطاية وإلى الموظف غسان جبري الذي كان حاضراً ، وإلى أحد الضيوف ، نظرة عجيبة ، مسرحية إذا صح التعبير ،وراح يصرخ بجنون : _ اطلع لبرّه .. اطلعوا لبره ،لا أريد أن أرى أحداً ! كانت هذه الجملة شبيهة بالجملة الأخيرة التي ينتهي بها فصل من فصول مسرحية ما، وهي تصلح لإنهاء المسرحية التي دارت وراء كواليس التلفزيون ولكن كان ثمة خاتمة.. (طبش الهاتف بوجهه) !! لما وصل الأمر إلى رئيس دائرة الشؤؤن الفنية سهيل الصغير، اتصل سهيل بحسن ميبر وسأله عن سر هذا التصرف ، فطبش الهاتف بوجه رئيسه وجاء إلى غرفته، وقال لسليم قطاية بالحرف الواحد ، وأمام رئيسه : _ بدي خربلك كل برامجك ، واشتغل بقى إذا كنت بتقدر تشتغل !!! ( طلب العقاب لنفسه ) !!  إلى هذا الحد .. والدراما قد وصلت إلى نهايتها القصوى، ولكن الخاتمة المسرحية تطلبت المشهد التالي: ففي المساء وصل إلى مكتب مدير التلفزيون كتاب من ((حسن ميبر)) وفيه يطلب من مدير التلفزيون أن يعاقبه بحسم يوم من راتبه لأنه مزق، بنزق، الكتاب الذي وصله منه ... نعم .. هكذا، وبكل بساطة كأن مسألة تمزيق كتاب رئيسه لا تستحق من عقاب إلا حسم يوم واحد! تلك هي المسرحية أو مشروع المسرحية التي شهدتها كواليس التلفزيون قبل عدة أيام.. وأي تعليق عليها يفسد مشاهدتها وحيويتها..  إنها كافية لما يجري في التلفزيون .. وصورة أخرى لخسارة الدولة التي تعلم أبناءها، وترسلهم إلى الخارج لتستفيد من مواهبهم ،فإذا بهم يعودون... ليفعل بعضهم ما يفعله حسن ميبر وسواه في التلفزيون . المضحك المبكي7/10/1962