2012/07/04

نيكول كيدمان: وجدت هدفاً لحياتي
نيكول كيدمان: وجدت هدفاً لحياتي

سهام خلوصي – الكفاح العربي

النجمة المشعة تطل في عمر 43 أكثر اشراقاً من أي وقت مضى. والاشراق ليس في شكلها الخارجي فقط وإنما أيضاً في اختيارها أفلامها بدقة ودراية، كما في "Rabbit Hole" الذي انتجته ولعبت فيه دور أم تفقد ابنها وتعمل على تخطي حزنها لإعادة اللحمة الى علاقتها بزوجها، وهو دور رشحها لثالث اوسكار لأفضل ممثلة خلال العالم الحالي.

مع نيكول كيدمان هذا الحوار حول آخر أدوارها:

■ يلزم كثير من الشجاعة، مع جرعة من المازوشية كي تمثلي ـ وتنتجي ـ فيلماً يتحدث عن موت طفل عندما تكونين اماً، أليس كذلك؟

- لا أدري، هذه القصة أثرت فيّ جداً. في الظاهر تبدو الحجة عادية: نحن نتابع يوميات زوجين، بيكا وهوي، اللذين فقدا ابنهما. لكن، بلغة المشاعر، القصة مثيرة لأن هذين الشخصين يمران بالتجربة الأكثر تدميراً: كيف يعيشان بعد هذا الحدث، وكيف يقرران أن يستمرا في الوجود؟

بعدما شاهدت مسرحية دافيد لندسي ـ أبير (وهو نفسه اقتبسها للسينما) كنت مقتنعة انه هو نفسه مر بمأساة مماثلة. كلماته كانت فائقة الوقع، ثم اكتشفت انه لم يحدث شيء من هذا. والواقع عكس ذلك تماماً لأنه كان قد رزق بأول طفل له! لكنه شرح لي أنه يكتب عما يخاف منه، وهذا يتوافق مع مقاربتي الخاصة في مهنتي كممثلة: أنا أعمل سينما من اجل أن أواجه اسوأ مخاوفي.

■ انتجتِ "Rabbit Hole"، لماذا حاربتِ كي تنتجي هذا الاقتباس عن مسرحية دافيد لندسي ـ أبير؟

ـ قصة هذين الزوجين اللذين يطمحان الى أن يتجاوزا مصيبتهما ويعيدا جمع شظايا علاقتهما بعد موت ابنهما الوحيد حركتني بشدة. الاقتباس عن المسرحية جعل المشروع اكثر حميمية، لكن اردت بأي ثمن أن أتحاشى المبالغة. اخترت المخرج جون كاميرون ميتشل لأنه معتاد المشاريع الصغيرة ويعرف كيف ينقل المشاعر الموجعة بتأنٍ وهدوء. كنا في حاجة الى ثلاثة ملايين دولار فقط لاخراجه... الرهانات كان يمكن أن تكون اقل اهمية لو كانت تكلفة "Rabbit Hole" في حدود اربعين مليون دولار. حتى لو ان الفيلم لا يلامس إلا جمهوراً ضيقاً، فقد أردت له أن يجد طريقه.

■ أنتِ معجبة بالشخصيات المعذبة: فيرجينيا وولف في فيلم "The Hours"، الأرملة الشابة في "Birth" الكاتبة المصابة بالعصاب في فيلم "Margot At The Wedding"... إلخ. هل هذه نزعة مازوشية؟

ـ واحدة من مميزات مهنتي الانقضاض على التجارب الانسانية، التي تهرب منها الغالبية، كي نعيشها امام الكاميرا. الأدوار الأليمة ليست فانتازيا بالنسبة إلي في حد ذاتها، لكن أنا أحب التعقيد. الحياة لا تفسر أبداً بعبارة واحدة... أستطيع أن أتوقف عن لعب الكوميديا. أمام كل دور صعب يهمس صوت في داخلي: "لماذا تعاقبين نفسك هكذا"؟ في الوقت نفسه أحس بالحاجة الى اكتشاف الوضع البشري بهذه الطريقة. وأنا أصبح أكثر تساهلا، وأكثر كياسة، أي أصبح افضل، عندما أعيش هذه المشاعر من خلال شخصياتي.

■ لكن "بيكا" شخصيتك في "Rabbit Hole" ليست جذابة بما يكفي؟

ـ انها تبدو باردة بل عنيفة. لكنها واقعية. كل شيء يجرحها لأنها هشة الى اقصى حد، حتى والدتها، (تلعب الدور ديان وست) التي عاشت مأساة مماثلة. عليها أن تستوعب ما حصل لها، وأن لا تتصرف دائماً كما الأم اللطيفة المحزونة التي تثير الشفقة. أنا فهمتها وأحب هذا الطريق الذي يقودها الى السكينة.

■ مأساة كهذه يمكن أن تحطم الزواج، لكنها يمكن ايضا أن تقويه، أليس كذلك؟

ـ 80% من الزيجات لا تصل الى النجاح والاستمرار... اكتشفت هذا وأنا أجري ابحاثاً من أجل الفيلم. لكنني قرأت كثيرا عن الموت والحداد والحزن الذي يتبع الموت. علينا جميعاً أن نمر بهذه التجربة. إذاً علينا جميعاً أن نتحضر لذلك، ان نحاول تدجين فكرة أننا يمكن أن نفقد اشخاص أعزاء، وأن نجعلها اقل وجعاً، هذه هي الطريقة التي أعمل بها.

■ في فيلم "The Others"، لم تجسدي فقط أماً في أزمة، لكن أنتِ أظهرتِ أيضاً احتمال قتل طفل؟

ـ نعم، أنا جسدت عدة وجوه من الأمومة... الوضع البشري يهمني حتى في مظاهره الأكثر قتامة. عندما كنت اصغر في العمر مررت في مرحلة العدمية: نحن نولد، نحن نموت، اذاً ماذا ينفع أن نزعج انفسنا في ما يحصل بين الحالتين؟ ثم ذهبت في الاتجاه المعاكس، إلى ارادة أن أضع سعادتي في إناء كي امنعها من أن تفلت. اليوم، كوني اصبحت اماً، أعيش وسواس أن أولادي يمكن أن يتألموا. لهذا رحت دوماً أبحث لأنهم معنى الحياة، وقد عملت غالباً مع مخرجين يشاركونني المسار نفسه، وهم فلاسفة بقدر ما هم مخرجون. اليوم لم يعد هناك منبر للفلاسفة، وهم يعبرون عن أنفسهم في السينما. فيلم "Inception" مثلاً هو عمل فيلسوف، وقد بدا لي كما هي كل افلام المخرج كوبريك.

■ باستثناء انه اليوم ينظر الى "Inception" على أنه "حادث" صناعي في المشهد الهوليوودي؟

ـ هذا صحيح. هناك أفلام كثيرة "Pop - Corn" تخرج الى الشاشة... انها تساعد، بخوائها، على بروز هذا النوع من العجز أو النقص من الانتباه الذي يصيب مجتمعنا: انهم يكونون في بحث عن عطية آنية وسريعة، كما المدمنين الذين هم في حاجة الى جرعتهم. هذه حالة أحاربها دوماً.

■ هل من أجل ذلك بطأت ايقاع مهنتك؟

ـ نعم. لقد تراجعت خطوة الى الوراء. كنت أعمل كثيراً، كثيراً جداً. الآن أنا أعمل بإيقاع أبطأ، لكنه أغنى ايضاً، كما أعتقد. أعيش في مزرعتي في تينيسي مع عائلتي، ومن وقت الى آخر أترك هذا العش الصغير لأصنع فيلماً. خياراتي عفوية، وليس لدي خطة عمل مسبقة. مثلاً تماماً بعد "Rabbit Hole" عملت كوميديا "Le Mytho – Just Go With It". اتصل بي آدم ساندلر وقال لي: "تعالي وكوني مضحكة!" وهذا جاء في أوانه لأنني لم أكن أستطيع أن أدخل رأساً في فيلم آخر من نوع "Rabbit Hole".

■ منذ العام 1995، ومع فيلم "To Die For" تُبدين ميلاً الى السوداوية في اعمالك؟

ـ أنا أعشق الهجائية والنقد اللاذع، والفيلم كان من هذا النوع، كتب له السيناريو بوك هنري. وقصة مذيعة نشرة الطقس المستعدة لفعل اي شيء كي تصبح نجمة على الشاشة الصغيرة مضحكة، لكن أكثر من ذلك كانت حالمة. فيلم "To Die For" كان أول فيلم قارب مسألة هوس الشهرة، التي هي تماماً من الأحداث الرائجة اليوم.

■ الشهرة اليوم لحظية وهي سريعة الزوال. في هذا السياق، أنتِ عرفتِ كيف تحتفظين بهالتك كسوبر ستار، مع ان نجاحك الاخير في الصالات يعود الى "Cold Mountain" في العام 2004؟

ـ اتهموني بأنني اختار عمداً الافلام المظلمة كما "Birth" وما شابه... يجب أن يتأكد الآخرون أنني املك ذوقاً خاصاً، لكنني فخورة جداً بهذه الافلام. عدم النجاح في شباك التذاكر، هو كما السقوط عن الحصان، أنت تنفض ركبتيك ثم تعود الى امتطاء الحصان. والدتي ربتني هكذا. لقد ثبت لدي هذا النوع من رباطة الجأش، الفكرة القائلة بأن ليس علي أن أنام على الأسى بل يجب أن اذهب الى الامام. اليوم عمري 43 سنة. الحياة قصيرة وما زال هناك الكثير من الاشياء التي اريد أن أفهمها وأن أعملها، ولن تخور عزيمتي الآن.

■ في عمر الـ43 تبدين أكثر انفتاحاً وتكاملاً أكثر من اي وقت مضى؟

- أعيش الحياة التي حلمت بها دوماً. عندما كنت صغيرة كان لدي الإلهام بأنه في يوم ما سأعيش في ملكية شاسعة في الريف. ليس في نيويورك ولا في لوس انجلوس. أحس نفسي أفضل وسط الطبيعة. انها حياة متوازنة أكثر بالنسبة الى الممثلين. اعتقد اننا في حاجة الى أن تكون أقدامنا على الأرض من اجل التجدد وعودة الدفق.

■ لهذا السبب تربين ابنتك ساندي روز في مزرعة تينيسي؟

ـ نحن نعيش على بعد خمس وأربعين دقيقة من ناشفيل، لدينا بستاننا الخاص. لدينا قن دجاج... ساندي روز تذهب لتجمع البيض كل صباح. لدينا مرعى وأبقار... انها ابنة من الريف تعيش حياة طبيعية. حتى لو كنا غالباً نرتحل من أجل التصوير ومن اجل حفلات والدها، إلا أن هذه المزرعة تمثل جذورها، منزلها، وهذا مهم بالنسبة إلي.

■ هل تعتقدين انكِ وجدتِ حب حياتك؟

نعم، لكن أنا وجدته لأن كيث (زوجها كيث اوربان مغني الكونتري) هو ايضا بحث عنه. هذه الرغبة مشتركة فيما بيننا، ولدينا اقتناع بأن هذا

سيحصل لنا يوماً. ولا يكفي قول ذلك، نريده حقيقة. وإذا تطابقت الكيمياء فأنت تكون فعلاً قد ملكت الوصفة المثالية كي تخرج توأم الروح. لدي الاحساس بأنني أخيراً وجدت هدفاً لحياتي. عائلتنا اصبحت أولويتنا