2013/05/29

هجرة النجوم تغير ملامح الدراما السورية
هجرة النجوم تغير ملامح الدراما السورية


علاء محمد – دار الخليج



منذ اندلاع الأحداث في سوريا، و”الهجرة الفنية” تتواصل، ولا شيء يوحي بتوقفها، وفي إحصاء شبه دقيق، تبين أن أكثر من 40 ممثلاً سوريّاً (أكثر من نصفهم من الصف أول) قد استقروا خارج سوريا، واللافت في الأمر، أن أكثر من 15 منهم هجروا سوريا في الفترة القريبة الماضية، أي بعد انقضاء الموسم الدرامي المنصرم 2012 .

السؤال الذي يطرح نفسه: كيف ستكون الدراما السورية الموسم المقبل، الذي بدأت عجلة مسلسلاته بالدوران من خلال مسلسلين؟ وسؤال آخر: هل النجوم المهاجرون هجروا سوريا فقط؟ أم هجروا الدراما السورية أيضاً؟ بمعنى، هل هم سيحضرون إلى سوريا في الفترة المقبلة لتصوير أدوار لهم في تلك المسلسلات، أم أن الأمور باتت محسومة بالغياب؟ وبأي وجه ستظهر الدراما السورية 2013 في ظل غياب وجوه من علامة جمال سليمان وتيم الحسن وكندا علوش وباسل خياط وسامر المصري وأيمن زيدان وفراس إبراهيم وعبدالحكيم قطيفان، والمخرج الشهير هيثم حقي، فضلاً عن نجوم آخرين لا يمكن هضم مسلسل سوري دون رؤية وجوههم، كلهم أو بعضهم، ومحاكاة إبداعهم؟


“الخليج” طافت في أكثر من زاوية من زوايا الوسط الفني السوري، إنتاجاً وإخراجاً وتمثيلاً، وجاءت الإجابات بالتحقيق التالي . .

النجم المخضرم ونقيب الفنانين سابقاً أسعد فضة، عبّر عن أسفه قائلاً: ما كنت أتمنى أن نصل في وسطنا الفني إلى هذه الحالة، من مغادرة أهل المهنة لمهنتهم الإبداعية . ألمٌ يعتصر قلبي كلما سمعت بأن فناناً قد غادر، ولو أني أقدر ظرف كل واحد ممن غادروا، في الحقيقة، الدراما السورية، ومهما قلنا إنها لا تتأثر لغياب نجم، إلا أن الحال، في اتجاه آخر، تبدو مؤلمة، ويتلخص ذلك حول اعتقادي بهذه الدراما التي أعيش فيها وعليها منذ 45 عاماً . فالدراما السورية لا تبدو بأبهى وجه إلا إذا حضر كل أهلها، فكيف، واليوم، يغيب عدد لا بأس به لأسباب لا تتعلق بشؤون فنية أو صحية أو خلاف ذلك؟

تابع فضة: الممثلون الذين هاجروا، أعتقد أنهم لن يكونوا في الموسم المقبل في الدراما السورية، ومعظمهم أعلن ذلك في الإعلام، وعلمت من بعضهم عبر الاتصالات، وأقول لهم: الدراما السورية والفن عموماً، يستحقان منكم التضحية والعدول عن أي قرار يلغي وجودكم في هذه الدراما للموسم المقبل أو لأبعد من ذلك .

مهما قلنا، ومهما واسينا أنفسنا، ومهما وثقنا بوجود نجوم يعوضون الغائبين، إلا أن الوجه الذي ستبدو فيه الدراما، العام المقبل على الأقل، سيكون وجهاً حزيناً، وأعتقد أننا لا ينقصنا اليوم مزيد من الحزن والألم .

المنتج والمخرج يوسف رزق لم يختلف كثيراً في وضوحة وصراحته عن أسعد فضة، حيث علّق: يفضّل أن نتحدث بصراحة وأن نبتعد إلى أبعد حد عن تنميق كلماتنا في هذا الصدد . . أرى أن الممثلين السوريين الذين هم خارج سوريا منذ قرابة العام، وبعدهم الممثلون الذين غادروا مؤخراً، سيبقون خارج سوريا، ولن يكون لهم حضور في الدراما للعام المقبل .

أضاف رزق: بالطبع هي خسارة كبيرة، فالوجوه التي نتحدث عنها، هي وجوه تغني أي مسلسل تشارك فيه، وأجزم بأنه من الصعب تعويض نجم مثل عبدالحكيم قطيفان من حيث القيمة التي يملكها حكيم، وكذلك بالنسبة لتيم الحسن أو جمال سليمان وسواهم، سنعاني في الدراما السورية من أزمة نخبة، وأقول نخبة، وليس نجوماً، فالنجوم موجودون في الدراما السورية، وهي دراما اعتادت دوماً، الظهور بمظهر النجومية الجماعية لأي مسلسل .

أما بالنسبة للصورة التي ستظهر عليها الدراما، فقال رزق: ستكون صورة مؤسفة، ولن يجد القائمون عليها، بل لن تجد هي، أي الدراما السورية، جواباً عن سؤال: أين تلك الوجوه؟

الكاتب قمر الزمان علوش اختلف عن سابقيه، حيث رأى في غياب النجوم وجهاً إيجابياً، وقال: لا شك أن غياب النجوم الذين نعرف أن غيابهم قد تأكد عن الدراما السورية، سيكون مؤثراً، لكنني أعتقد بأن مسألة تعويضهم قائمة وبقوة، وأسأل هنا، لماذا لا نعتبر غيابهم نعمة لغيرهم؟ بمعنى، لماذا لا نعمل على توفير فرص نجومية لممثلين آخرين كانوا يعانون سطوة النجوم الغائبين؟ وبالتالي، يحجز ممثلون شبان وشابات تخرجوا للتو في المعهد العالي للفنون المسرحية أدواراً لهم بدلاً عن نجوم الصف الثاني الذين سيعوضون غياب النخبة؟

أضاف: حالة غياب النخبة سلبية . لكنها في جانب آخر إيجابية، ومثل كرة القدم تماماً، فحين يغيب نجم كبير للإصابة يتم تعويضه بلاعب آخر . . هكذا أرى هذه النقطة، أما وجه الدراما السورية فسيكون اعتيادياً في العام المقبل، ولن يلحظ الجمهور ذلك الغياب، لأن الأفكار التي توضع في المسلسلات هي ما يجذب الجمهور وليس النجم مهما علا “كعبه” .

علوش استطرد: هي فرصة لمراجعة الماضي والبناء على مستقبل للدراما السورية لا يكون فيه تأثير لشخص معين في مسار عمل، كيف ذلك والدراما السورية لم تكن دراما النجم الأوحد في يوم من الأيام؟

الممثل خالد القيش وجد في رحيل البعض خسارة للدراما، وعبّر عن وجهة نظره بقوله: أنا حزين ومتأسف ومتأثر لرحيل أي ممثل من الممثلين الذين غادروا، وأياً تكن أسباب الرحيل، فمنهم من غادر تعبيراً عن موقف سياسي، ومنهم من غادر نتيجة خوفه من الوضع القائم في سوريا، لربما لم يعودوا يشعرون بالأمان وهذا من حقهم . بالنتيجة، ومن غادر فهو قد مارس حقه .

أضاف: بالنسبة للدراما السورية، أعتقد أن هناك خسارة كبيرة تعرضت لها، لكنها بالمطلق، ليست خسارة غير قابلة للتعويض، لا بل إن التعويض موجود وبشكل سريع، فكل من يعمل في الدراما السورية هو نجم، وعندما تتوقف شركات الإنتاج عن تحديد النجم بنفسها، سيرى المراقبون أن 90% من أهل الوسط الدرامي السوري هم نجوم، وبالتالي، سيكون أمام الدراما السورية، في ظل غياب الممثلين المغادرين، فرصة لتغيير وجهها، من هنا، يكون الجواب عن السؤال المطروح حول وجه الدراما ،2013 إنه وجه جديد بوجوه ليست جديدة، لكن مع الإتيان بدماء جديدة من الشباب

أما بالنسبة للسؤال عن احتمالية حضور بعض الممثلين المغادرين إلى سوريا لاحقاً لتصوير مشاهدهم، أجاب: لا أعتقد ذلك، لأن معظمهم سبق أن صرح بأنه لن يعود إلى سوريا في ظل الظروف الحالية، لا بل إن بعضهم صوّر مسلسلات الموسم الماضي في دولة عربية خليجية، فضلاً عن إعلان أحد المخرجين السوريين، الموجودين في سوريا، أنه سيصور مسلسلاً في القريب في الأردن، وهذا ربما يساعد، نوعاً ما، في مشاركة بعض الممثلين المغادرين في تلك المسلسلات، وأقول ربما .