2012/07/04

هدى شعراوي.. للشهرة ثمنها الباهظ .. والممثل يعامل وفق شكله الخارجي
هدى شعراوي.. للشهرة ثمنها الباهظ .. والممثل يعامل وفق شكله الخارجي


أمينة عباس - البعث

عملت في مجال الفن وهي في عمر 9 سنوات من خلال الإذاعة السورية، واستطاعت رغم بيئتها المحافظة جداً أن تشق طريقها نحو هذا العالم، واليوم وعلى الرغم من أنها تصف نفسها بأنها أوناسيس سورية بحب الناس، إلا أنها نادمة على السير في هذا الطريق الصعب الذي حرمها من أشياء كثيرة تحبها، وإن لم تفكر يوماً بالاعتزال لأن الفن يجري في دمها و لا تستطيع العيش دون حب الناس لها .

اكتشفها أنور البابا

وحين تعود بالذاكرة إلى أيام خلت تخبرنا الفنانة هدى شعراوي في حوارنا معها  بأنها وفي سن مبكرة جداً كانت تستمع لكبار المطربين في سورية وتحفظ أغنياتهم وتتذكر جيداً كيف حفظت أغنية للفنان الكبير نجيب السراج وكانت بعنوان "كان وصار وليس وكان.. حبك أصبح في خبر كان" لتغنيها في إحدى السهرات العائلية التي كان موجوداً فيها الفنان الراحل أنور البابا والذي ما إن سمعها تغني حتى طلب منها أن تمثل في مسلسل إذاعي بعنوان "صرخة بين الأطلال" وقد كانت بعمر9 سنوات وفيه أدت صوت بنت عمرها 9 سنوات ومن ثم 16 سنة ومن ثم 27 سنة، وكان هذا المسلسل من تأليف نجاح السمان وإخراج تيسير السعدي لتعمل بعد ذلك بعدة مسلسلات إذاعية أخرى، وهنا تستطرد لتبين أنها تنتمي إلى منطقة في دمشق تدعى الشاغور وهي منطقة معروفة بمحافظتها الشديدة، وقد وجدت صعوبات كثيرة، فوالدها كان معارضاً لعملها وكذلك أخوتها ولم يقف إلى جانبها سوى والدتها،  لأن حب الفن كان يسري في دمها فصممت على المضي في الطريق الذي اختارته فقاطعها أهلها مدة 10 سنوات، ولكن شيئاً فشيئاً عادت المياه إلى مجاريها معهم، حيث اكتشفوا أنها فنانة ملتزمة، وتتوقف هنا شعراوي قليلاً لتقول اليوم وبكل صراحة "ليتهم منعوني من دخول هذا العالم" لأنها نادمة جداً على انقضاء عمرها فيه ولأن حبها للفن أخذ منها عمرها، وهي التي لا تملك اليوم في الدنيا سوى ابنتها الوحيدة التي كانت تتمنى أن يكون لها أخوة وأخوات، وتعترف شعراوي أن الشهرة لن تعوضها ما أخذه منها الفن : "الشهرة نفسها لها ثمنها الباهظ.. نعم أعترف بأنني أوناسيس سورية بحب الناس، ولكن ما أخذتُه لا يعوضني عن أحلامي ببناء بيت وتربية عائلة".

في  المسرح

وتشير شعراوي إلى أنها وبعد الإذاعة عملت فترة طويلة في المسرح مع كبار الفنانين المسرحيين آنذاك، أمثال عمر ومروان وهاشم قنوع وعبد اللطيف فتحي، وعملت كذلك مع عدة فرق مسرحية كانت تعمل خارج دمشق، وبقيت تعمل 12 سنة في المسرح  في المحافظات خوفاً من أهلها، إلى أن شاركت في مسرحية عن الثورة السورية إخراج تيسير السعدي، حيث كانت أول مسرحية تشارك فيها في مدينة دمشق، وقُدمت على مسرح معرض دمشق الدولي وكان ذلك في أوائل الستينيات، ورغم كل مشاركاتها المسرحية الخاصة إلا أنها لم تعمل في المسرح القومي والسبب وببساطة شديدة أن العاملين في المسرح القومي لم يطلبوها للعمل وهي لا تعرف السبب، وتبقى المحطة الأبرز في خطواتها المسرحية تأسيسها للفرقة المسرحية التي حملت اسم "فرقة هدى شعراوي" وذلك عام 1984 وكانت تضم أسماء هامة جداً في مجال المسرح أمثال محمد الطيب-أديب شحادة-غادة الشمعة التي اكتشفتها الشعراوي من خلال الأعمال التي قدمتها عبر هذه الفرقة، وهي ثلاثة أعمال فقط، أهمها "الخانم والسكرتير" .

ولأن العمل في المسرح محطة هامة من محطات أي فنان تشير شعراوي إلى أن المسرح أعطاها حب الجمهور وأكثر مما تستحق : "العمل في المسرح متعة حقيقية لأن الفنان يأخذ نتيجة عمله مباشرة من الجمهور" .

منتجة في التلفزيون

وأثناء العمل في المسرح دخلت شعراوي عالم التلفزيون وشاركت في عدة أعمال مثل مسلسل "دولاب" إخراج غسان جبري، وأما الأعمال التي قربتها من الناس، خاصة وأن أدوارها في معظمها أدوار شعبية قريبة منهم وتتحدث عن مشاكلهم فتذكر مسلسل "الدغري" و"أحلام أبو الهنا" و"عودة غوار" وثلاثتها مع دريد لحام، وهنا توجه شكرها لهذا الفنان العظيم الذي حالفها الحظ بالعمل معه، وتذكر أيضاً مسلسل "نهاية رجل شجاع" و"رمح النار" مع المخرج نجدت أنزور، الذي تراه كبيراً ومبدعاً حيث استطاع أن يقدم على الشاشة شيئاً مختلفاً، كما تذكر أيضاً مسلسل "الخوالي" إخراج بسام الملا و"بقعة ضوء" إخراج فراس دهني وباب الحارة الذي حقق نجاحاً كبيراً .

ومن المعلومات التي قد لا يعرفها كثيرون أن شعراوي أنتجت عدة أعمال تلفزيوينة مثل "قبض الريح" بطولة نجاح حفيظ وخالد تاجا وعباس النوري ووفاء موصللي، وكان من تأليف عصام ميرزو وإخراج يوسف رزق وذلك عام 1991، كما قدمت سهرة تلفزيونية، وقد توقفت بعد أن وضعت أموالاً طائلة : "لأن المسؤولين عن الإنتاج والتوزيع سرقوني.. من هنا أستطيع القول إن الفنانة-المرأة لا تستطيع وحدها أن تنتج ولا بد من وجود مساعدين مخلصين لها، لذلك لم أغامر ثانية في الإنتاج" .

وعلى الرغم من أنها من الفنانات القليلات اللواتي عملن في الكوميديا بنجاح إلا أنها بدأت العمل في التلفزيون بأدوار جادة، وقد كان المخرج غسان جبري أول من قدمها بعمل كوميدي في التلفزيون، وترى شعراوي أن الفضل في نجاحها في مجال الكوميديا يعود للمسرح الذي يحتاج إلى مواصفات معينة يجب أن تتوفر في الفنان برأيها : " الموهبة في الدرجة الأولى وخفة الظل" .

وباعتبار أن الارتجال في الأعمال الكوميدية أمر وارد كثيراً يجب أن نذكر أنها من الفنانات اللواتي يُسمح لهن بالارتجال في الأعمال الكوميدية، خاصة وأن المسموح لهن بفعل ذلك معدودات على أصابع اليد وهي تؤكد أن الكوميديا فن صعب جداً، إذ من السهل إبكاء الناس ولكن من الصعب إضحاكهم، ومن ينجح في إضحاك الناس فهو يمتلك ميزة قد لا يمتلكها أي إنسان، أما الكوميديا التي تقدمها فهي كوميديا تلقائية غير مفتعلة بسيطة، وهذا أمر ليس بالسهل على الإطلاق برأيها .

ومع أنها مقتنعة بأن الكوميديا السورية حققت نجاحاً  كبيراً في الوطن العربي، إلا أنها ترى أن معظم المنتجين يبتعدون عنها لأنهم برأيها غير مقتنعين بالابتسامة، حيث يفضلون إما الأعمال التاريخية أوالاجتماعية.

السينما

ولأنها كما تقول كانت من عائلة محافظة، والسينما في معظم الأحيان تتطلب من الفنان أداء أدوار معينة، كانت غير قادرة على أدائها، قدمت مجموعة أعمال سينمائية من خلال القطاع الخاص وعملاً واحداً مع القطاع العام، وكان من إخراج محمد شاهين ولعبت فيه دوراً كوميدياً

ولا تشكو شعراوي كغيرها من الفنانين من قلة الأجور لأن المسألة برأيها ليست مسألة أجور منخفضة، وإن ما يحدث أن الممثل لا يُعامل حسب قِدَمه وخبرته وموهبته وإنما وفق شكله الخارجي : "أنا أعترف أن فنانة صغيرة وجميلة تأخذ أجراً أكثر مني" .

هذا وتعد شعراوي من الفنانات المتواجدات دائماً خلال شهر رمضان عبر أعمال شاركت بها، وتابعها الجمهور خلال رمضان الماضي من خلال "الزعيم" و"صايعين ضايعين" وهي سعيدة بمشاركاتها الدائمة في هذا الشهر الكريم : "لا يمكن أن يأتي رمضان إلا ولي فيه عمل" وهي ترغب أن تتواجد ولو عبر عمل تلفزيوني واحد تطل فيه على الناس في هذا الشهر الكريم لأنها تعرف أن الناس مجندة في هذا الشهر لمشاهدة التلفزيون، لذلك هي ليست مع من يقول إن زحمة المسلسلات في هذا الشهر ضارة، لأن الناس برأيها متفرغون لمشاهدة التلفزيون، حيث السهر يحلو في هذا الشهر وبالتالي بإمكان المتابع أن يتابع معظم ما يُقدم وهي شخصياً من المتابعات لما يُقدم على الشاشة في هذا الشهر : "أشاهد كل المسلسلات السورية والعربية، خاصة وأنني لا أعمل في هذا الشهر وأخصصه للصلاة وقراءة القرآن"