2012/07/04

"وراء الشمس" لم ينصف المعوّقين
"وراء الشمس" لم ينصف المعوّقين

خاص بوسطة- رامي باره

من الطبيعي أن يتردد أي ناقد في وضع مثل هذا العنوان على أكثر الأعمال جماهيرية لهذا الموسم، وبدون شك لا يمكننا أن ننكر الإنجاز الذي حققه مسلسل "وراء الشمس"، فهو أول عمل سوري يتناول الإعاقة كمحور أساسي في موضوع العمل.

ولكن إذا أردنا إلقاء نظرة أقرب إلى تفاصيل العمل مقاربين في رؤيتنا من الغاية التي يرجوها المعوّق من مجتمعه، فلا يمكننا أن نفهم هذه النظرة إلا من خلال التعليق على أحد الإعلانات الطرقية نُشر في الآونة الأخيرة في شوارع دمشق، لقد وقع هذا الإعلان بخطأ غير مقصود، حيث جاء (البوستر) كسيرة ذاتية لمعوّق مقدمة لجهة عمل، ومرفقة بموافقة مدير الجهة على توظيفه، ولكن المشكلة في الإعلان أنه أدرج صفة (المعوّق) بين التعليم والمهارات التي يعرفها المتقدم للوظيفة، وكأن البوستر يجعل من الإعاقة صفة مميزة تجعل الآخرين يتوقفون عندها، مع العلم  أن الهدف من الإعلان كان تقبّل المعوّق كعضو طبيعي في المجتمع.

لعل وراء الشمس وقع في نفس الخطأ (غير المقصود)، فإذا آمنا بأن الإشفاق الشديد على المعوّق هو شكل من أشكال التمييز العنصري تجاه صاحب الإعاقة، لأن الإشفاق المبالغ لا يحمل الحالة الطبيعة في التعامل تجاه من حولنا، فالإشفاق يحوّل الطرف الثاني إلى آخر واستثناء مختلف عنا تماماً، ويجعل من الإعاقة محوراً في التعامل مع هذا الطرف، فمسلسل "وراء الشمس طرح الإعاقة في صلب المشكلة الدرامية وجعل خلافات الزوجين تستمر حتى الحلقات الأخيرة، والتي كان سببها فكرة إجهاض الجنين المصاب، فضلاً عن إرفاق المشاهد الطويلة التي تبرز صفة الإعاقة بموسيقى جنائزية، والشارة (الحزينة) التي أداها الصوت المبكي الجميل لأسامة نعمة.

ألم يكن من الأفضل أن تلد صبا مبارك في الحلقات الأولى، ونشاهد التربية الطبيعة والخاصة في آنٍ معاً لطفلها المعوّق، بحيث يتم التركيز الأساسي للعمل على موضوع بعيد عن الإعاقة، كي لا تظهر الإعاقة كبقعة غريبة عن جسد المجتمع.

ولنقترب قليلاً من طرح الدراما الأوربية لفكرة الإعاقة في أفلامها، التي طالما نعتناها بالأفلام التي تخص مجتمعاتها، ولنتعلم كيف تُدخل المعاق في سياق درامي آخر، ولا ينتج على ذلك أي استثناء في النظرة إلى المعوّق المنشغل في تحقيق هدف بعيد عن حدود جسده المصاب.