2012/07/04

ويتني هيوستن هل مات «الصوت»؟
ويتني هيوستن هل مات «الصوت»؟


جاد بعلبكي – الكفاح العربي


قبل أسبوعين وجدت ميتة داخل غرفتها في أحد فنادق بيفرلي هيلز. الحكاية تقول انها توفيت بفعل مزيج «متفجر» من الكحول والمخدرات. ماتت في الثامنة والأربعين عن نجاح لم يتوقف، عشية حفل توزيع جوائز «غرامي»، اوسكارات الموسيقى الأميركية. انها ويتني هيوستن «الأسطورة الأخرى» التي ترحل بعدما ملأت زمانها صخباً وسحراً.

كانوا يسمونها «الصوت» وكأنها الصوت الوحيد في العالم. وطوال الثمانينيات والتسعينيات بسطت هيمنتها على المسرح الموسيقي الأميركي وباعت 170 مليون اسطوانة، وأبرز عناوين أغنياتها

«How will I know»،

«Saving all»

«My love is your love»،

«I Will always Love you» التي اعتبرت الأغنية- المنارة في العام 1992 في فيلم Body guard (الحارس الشخصي) التي تقاسمت بطولته مع كيفن كوستنر.

ولدت في العام 1963 في نيووارك (ليس بعيداً عن نيويورك)، ودخلت عالم الغناء بعد تجارب سريعة في عرض الأزياء. هي ابنة سيسي هيوستن التي كانت بدورها تغني، وابنة عم المطربة ديون وارفيك، ولم تكن الموسيقى بعيدة عن طفولتها.

يوم كانت لا تزال في العاشرة كانت تشارك في الانشاد داخل الكنيسة، على أمل أن تنضم الى الجوقة (كما فعلت والدتها من قبل)، لكنها في الحادية عشرة أطلقت أغنيتها الأولى منفردة. ويوم دخلت عالم عروض الأزياء لم تتخل عن الغناء، بل انها كانت الصوت الأول في فرقة «مايكل زاغر» في العام 1978، وظهرت على أغلفة عدد من المجلات الأميركية.

في العام 1983 (كان عمرها عشرين سنة) وقعت عقدها الأول مع كليف ديفس مدير احدى الشركات الموسيقية الضخمة «آريستا». انتظرت سنتين قبل أن يصدر ألبوها الأول (في العام 1985) وقد تضمن ثلاث أغنيات. الألبوم باع 24 مليون نسخة في وقت قصير، وكان على ويتني أن تطوف أميركا كلها لمدة عامين من أجل الترويج له.

النجاحات الأخرى لم تتأخر، ذلك أن الألبوم الثاني صدر في العام 1987، تبعه ألبوم ثالث في العام 1988. ومنذ ذلك الوقت احتلت بجدارة رأس جدول المبيعات الأميركية، بأرقام قياسية. الألبوم الرابع صدر في العام 1990 وكان بعنوان I`m your baby tonight ولقي رواجاً أقل، لكنه شكل منعطفاً مهماً في ادائها، بدليل أن المنتج واكب شهرتها في وقت لاحق.

اعتباراً من مطلع التسعينيات لم تعد ويتني تهتم كثيرا بحجم المبيعات لأنها تحولت الى السينما، وفي الوقت نفسه قررت أن تصبح أماً. فيلمها الأول (1992) مع كوستنر انتج حوالي 400 مليون دولار، واغنية الفيلم الاساسية باعت أكثرمن 39 مليون نسخة، وقد ردد العالم كله في ذلك العام «I Will always Love you» ولا يزال. الفيلم الثاني الذي لعبت فيه الدور الأول كان «أين الرجال؟» وقد تضمن بدوره ثلاث أغنيات شهيرة. الفيلم الثالث (the preacher`s wife) او «زوجة الكاهن» الذي عرض في العام 1996، لقي رواجاً أقل، وكان ربما السبب في عودة ويتني الى جذورها، الى الغناء، فسجلت مجموعة اغنيات وصل عددها الى 15، 14 منها كتبتها هي شخصياً. وفي العام 1997 لعبت الـ«ديفا»  دور سندريللا في مسلسل تلفزيوني، وهو على طريقة «زوجة الكاهن» كوميديا غنائية.

وتواصلت مسيرة ويتني الغنائية مع تسجيل ألبوم جديد بعنوان «My love is your love» في العام 1998، اعتبر الأول منذ ثماني سنوات، باعتبار أن الأغاني التي سجلتها بين عامي 1990 و1997 كانت منفردة. الألبوم باع وحده 12 مليون نسخة.

وطوال سنوات التألق التي تواصلت حتى نهاية التسعينيات، لم تغفل الاهتمام بالأعمال الانسانية والخيرية. فقد أسست في العام 1989 «ويتني هاوس فونديشن» للاهتمام بمرضى الايدز والأطفال المشردين.

العودة الصعبة

في نهاية العام 2000 أصدرت ألبوماً آخر بعنوان «love» هو عبارة عن تجميع لجولاتها الغنائية الناجحة. في العام 2001 شاركت في احياء احتفال بمناسبة مرور ثلاثين سنة على مسيرة مايكل جاكسون. في العام 2003 انزلت ألبوماً جديداً بعنوان: «One Fish: the Holiday album»، الذي سجل فشلاً ذريعاً. في العام 2009 عادت الى الأغنيات المنفردة التي باعت منها مئات الآلاف، لكنها ظلت بعيدة عن التألق الذي عرفته في البدايات.

وفي العام 2009 إياه كانت لها جولة حملتها الى أوروبا وآسيا واستراليا. المحطة الاسترالية كانت فاشلة ارتدت عليها بانتقادات كثيرة، ذكر بعدها أنها تشكو من التهاب في الأوتار الصوتية ما اضطرها الى دخول المستشفى (في باريس) في أيار 2010. ورغم هذه الاعاقة اعطت ويتني الدليل في أكثر من محطة أوروبية أنها لا تزال تملك قدرات صوتية رائعة.

في أعقاب هذه التجربة كثرت الشائعات. قيل إنها عادت الى زوجها السابق بوبي براون، وقيل انها شوهدت وهي تتعاطى المخدرات بصورة علنية في احد البارات... وبعض الأخبار ذهبت الى حد القول انها في حالة خطرة، لكن احداً لم يقدم الدليل على هذه «الاجتهادات».

في 11 شباط 2012، وفي فترة بعد الظهر، وجدت ويتني جثة في مغطس الحمام داخل غرفتها في فندق بيفرلي هيلز، ووجدت في الغرفة عقاقير كانت تتناولها من بينها مهدئات للأعصاب. التقرير الطبي الذي صدر لم يفصل أسباب الوفاة، وكل ما أكده أنها في الثامنة والأربعين من العمر، وأن نتائج تشريح الجثة سوف تنشر في وقت لاحق.

وكان طبيعياً ان يشكل هذا الغياب مناسبة للحديث عن حياتها الخاصة. ويستدل مما نشر انها كانت قد اشترت فيللا في مندهام (نيوجرسي) وعاشت مع بوبي براون، وهو بدوره مطرب.

في العام 1992 تزوجا في حضور 800 مدعو. في أعقاب هذا الزواج أنجبت طفلة هي «بوبي كريستينا» التي ولدت في 4 آذار 1993، وعاشت مع ثلاثة اخوة (غير أشقاء) من زواجين سابقين لبوبي.

وفي حياة ويتني محطات موجعة، لعل احداها انها اوقفت في العام 2000 في مطار هاواي وفي حوزتها كمية من الماريجوانا لاستعمالها الشخصي، الى جانب حبوب اخرى مخدرة. ومن بين الحوادث الأخرى أن علاقتها بزوجها لم تكن مستقرة، وقد كانت في بعض جوانبها عنيفة. وقد اعترف بوبي في وقت لاحق أنه كان يخونها، ما دفعها الى الاغراق في تناول المخدرات.

في أيلول 2006 قررت ويتني الطلاق من بوبي، واعلنت انها تنوي تسجيل ألبوم غنائي جديد من انتاج كليف ديفس، الذي تعهد انطلاقتها الاولى. كان هذا الألبوم الأول منذ ثلاث سنوات، وكان يفترض ان يكرس عودتها الى المسرح بعد انقطاع... لكنها تبينت انها فقدت صوتها ووجهها، فتم الغاء موعد الاصدار من اجل تفادي «الكارثة».

في وقت لاحق صودر منزلها في اتلانتا لانها لم تسدد ديونا بلغت قيمتها 1.4 مليون دولار، كما صودرت فيللا نيوجرسي. في الفترة نفسها اوقف بوبي براون لانه تخلف عن دفع نفقة اثنين من اولاده (من زواج سابق). وفي العام 2007، وبعد علاقة اسرية مربكة تواصلت 14 عاماً، تم اعلان طلاق ويتني من بوب، ما استدعى بيع املاكهما في المزاد العلني.

في العام 2008 عادت ويتني هيوستن الى الصفحات الاولى من الجرائد والمجلات الاميركية، هذه المرة بسبب ابنتها بوبي كريستينا. وتبين اثر ذلك ان الأبنة حاولت الانتحار بعدما هاجمت والدتها بسكين. ويبدو ان «الخناقة» بين الأم والابنة نتجت عن الاجواء التي نشأت في اعقاب الطلاق. ما حدث بعد ذلك ان «بوبي» الابنة ادخلت احد المصحات النفسية في اتلانتا، وخضعت للرقابة لمدة ثلاثة ايام، وقد قضت المحكمة بعد ذلك بأن تعيش بعيدة عن والدتها، ومنعت على الوالدة ان تزور ابنتها.

أخبار وبتني الأخيرة تحدثت عن احتمال مشاركتها في فيلم جديد، هي التي لم تلعب أي دور سينمائي منذ العام 1996 (أي منذ فيلم «زوجة الكاهن»). معلومات أخرى قالت انها تنوي القيام بجولة في الولايات المتحدة، لكن الخبر اليقين كان خبر الوفاة.

بوبي كريستينا

مراجعة الصحف الأميركية الصادرة بعد وفاة ويتني تكشف ان ابنتها الوحيدة بوبي كريستينا لجأت الى المشروبات الكحولية بقصد تجاوز مشاكلها، وانها بلغت حدا كبيرا من الاحباط، الى حد انها غابت عن الوعي في بعض الحالات.

ومعروف ان بوبي كريستينا ولدت في 4 آذار 1993، بعد ثمانية أشهر فقط من زواج ويتني وبوب، وأن طفولتها لم تكن سهلة، لأن والديها كليهما كانا يتعاطيان المخدرات. ثم ان والدها اوقف يوم كان عمرها عشر سنوات وأمضى في السجن تسعين يوماً لأنه لم يدفع نفقة اثنين من اولاده، وعندما حصل الطلاق عهد القاضي ببوبي الابنة الى والدتها.

ولأن ويتني كانت شهيرة فإن الاضواء سلطت على ابنتها الوحيدة طوال الوقت، حتى انها وضعت تحت المجهر. وتقول الصحف انها بدأت تتعاطى الممنوعات وهي لا تزال طفلة، وانها كانت تنفق على المطاعم والملاهي والكحول ما يقارب ألف دولار في الأسبوع.

يوم وجدت جثة ويتني كانت الابنة في بهو الفندق (بيفرلي هيلتون)، وقد صعدت الى الغرفة 434 كي تتعرف الى الجثة، قبل ان تستسلم للشرب والمخدرات.