2013/06/21

يرى أنه ترك بصمة إعلامية في مصر طوني خليفة: لم يخفت نجمي
يرى أنه ترك بصمة إعلامية في مصر طوني خليفة: لم يخفت نجمي


مصطفى عبدالرحيم – دار الخليج

منذ انتقاله للعمل في مصر، يعيش الإعلامي طوني خليفة على قناة “القاهرة والناس” مرحلة تحوّل مهني وصفها بالفارقة، حيث اضطر إلى الدخول معترك البرامج السياسية حتى يجاري سخونة الأوضاع في مصر . وهو يرى أن المهنية تحتم على الإعلامي عدم الانجراف نحو تيار معين، وتمنعه من الجهر بقناعته وآرائه الشخصية . يرفض مناقشة القضايا المصرية من منظور شخصي، ويقول لنفسه قبل الآخرين إنه لبناني ينظر إلى الوضع بحياد . لا يلوم زملاءه ممن “تخندقوا” في النضال الإعلامي، على الرغم من معارضته لما يملونه على الناس من آراء . يتخذ من ابتسامته وسيلة لتمرير أسئلته الملغمة، ولا يجبر أحداً على الإجابة . سعيد بحالة الحرية التي يمر بها الإعلام المصري، لكن حاسته الإعلامية وما يراه على الأرض يقول إن القادم أسوأ . حول برامجه وانتقاله إلى مصر كان لنا معه هذا الحوار أثناء وجوده في دبي .

تعوّد الجمهور منك تقديم برامج مثيرة للجدل، وهو ما يتضح دائماَ من أسماء برامجك، لماذا تصرّ على هذه النوعية؟

- لكل إعلامي أسلوبه في الحياة المهنية وما أقدمه من موضوعات وأناقشه من قضايا، يعبر عن قناعتي وأسلوبي الذي حرصت على التميز به منذ البداية، وأعتقد أنه من الضروري في ظل الزحمة التي يشهدها الإعلام العربي يجب على مقدم البرامج البحث عن الجديد والمتميز لتقديمه للناس، وإلا سيسقط كما سقط الكثيرون . فمثلاً لو قدمت مادة أو حواراً شبيهاً بكل ما يقدم على الشاشات العربية، فحتماً سأسقط في المقارنة مع غيري، لذلك أعتمد منذ فترة طويلة خطاً منفرداً أكون فيه خصماً للضيف .

لكن يحتاج أغلب الضيوف لاسيما الفنانين إلى إبراز محاسنهم والثناء على أعمالهم؟

- أرفض هذه النوعية من الحوارات، وهو ما جعل الكثير منهم يرفض الظهور معي لأنني لا أقبل تدليلهم ونفاقهم، فكيف لي أن أقول لمطربة تعيش على “المحسنات الصوتية” إن “صوتك ملائكي”، أو أسألها أسئلة ساذجة مثل “أين ترعرعت سيدتي؟”، وإن أم كلثوم لو كانت على قيد الحياة لحرصت على حضور حفلاتك” . بالعكس أنا أقوم بوظيفة المدعي العام ضد الضيف مهما كان لونه وتوجهه وثقافته، فمن حق الجمهور من خلال التناقض واستفزاز الضيف أن يتعرف إلى وجهة النظر الأخرى، والوجه الآخر للضيف، حتى لو كانت الأسئلة على غير هواه .

عملت في الكثير من القنوات الفضائية ثم انتقلت إلى قناة “القاهرة والناس” المصرية، لماذا مصر وتحديداً في هذه الفترة؟

- لم أخطط للانتقال إلى مصر ودخلتها  بمحض المصادفة، حيث عرض عليّ أحد المنتجين تقديم برنامج في قناة “القاهرة والناس” المملوكة للإعلامي القدير طارق نور، وبحكم عملي في الحقل الإعلامي أعرف تاريخ هذا الرجل ومشواره الناجح منذ سنوات، وكان ذلك قبل تبدل الأحوال في مصر، وبعد الثورة وجدت أن الجو العام للإعلام المصري مُسيّس، فأجبرت على تقديم الحوارات والقضايا السياسية .

هل كان مقبولاً منك كلبناني التحدث في الشأن المصري؟

- أعتقد أن نسب المشاهدة لبرامجي التي قدمتها بعد الثورة أثبتت قبولي من الشارع المصري، والسبب أنني أقف دائماً على الحياد وأقف على مسافة واحدة من كل الأطرف، ولا أحد يعرف توجهي وقناعتي الشخصية طوال خمس سنوات قضيتها في مصر .

هل أنت مع مبدأ النضال الإعلامي الذي يتخذه بعض الإعلاميين المصريين حالياً؟

- لست مع أن يطغى لون المذيع وتوجهه وقناعته الشخصية على المادة الإعلامية المقدمة للناس، فالأصل في الإعلام أن يكون المذيع محايداً، ويتحدث بلسان الناس ولا يبحث عن ردود لأسئلته الشخصية أو استخلاص إجابات تشفي غليله من الطرف الآخر، لكن إذا كانت محاور الحوار ستضيف معلومة جديدة للمشاهد فأنا مع ذلك قلباً وقالباً، كما أنني استمتعت بهامش الحرية الإعلامية التي تعيشها مصر، وقدمت برامج تتناسب مع سخونة الأوضاع فيها .

ألم تخش الهجوم وأنت تقدم برنامج “زمن الإخوان”؟

- اسم البرنامج أحدث ضجة كبيرة، ولاقى رفضاً من الإعلاميين والمثقفين، والفنانين، وأكدوا أن مصر ستظل دائماً عصية على أن تعيش في عباءة طيف سياسي أو ديني بعينه، بينما قوبل اسم البرنامج من آخرين بالترحيب، وبغض النظر عن وجهة النظر هذه وتلك، فإن مضمون البرنامج كغيره من بقية البرامج الحوارية التي يتحدث فيها الضيوف بحرية عن توجهاتهم السياسية .

ألم يكن ذلك تحيزاً للإخوان؟

- اتهمت بذلك بالفعل وتعجبت كثيراً، وأقول لمن اتهمني بذلك إنني لبناني مسيحي، فكيف أكون من الإخوان المسلمين؟ البرنامج كان منصة لعرض كل وجهات النظر، ولم يكن حكراً على أحد التيارات .

برأيك هل تضيع المهنية مع تبني الإعلاميين لمواقفهم؟

- بالطبع، فعندما تتحكم العاطفة والميول الشخصية في الإعلام ماذا تنتظر؟ خاصة إذا اختار الإعلامي أن تنظر إلى العالم من منظور واحد، يعتبره الأصوب من وجهة نظره . وعلى الرغم من رفضي لذلك لا أستطيع أن ألوم زملائي المقدمين لهذه البرامج، مثل باسم يوسف على سبيل المثال، الذي لا ينظر إلى الوضع في مصر إلا من وجهة نظر معارضة، وإن فعل الطرف الآخر أشياء إيجابية على الأرض فلن يراها، لأنه تبرمج وتخندق ضمن مجموعة تريد أن تسقط هذا النظام، أما أنا فليس لي موقف أمليه على الجمهور، وأطرح السلبيات والإيجابيات، وأعرض وجهتي النظر بمنتهى الحرية والحيادية .

أثارت بعض حلقات برنامج “أجرأ الكلام” انتقادات واسعة، كيف قابلت ذلك؟

- تعودت على النقد والهجوم مع كل برنامج جديد أقدمه، لكن ذلك لن يثنيني عن مناقشة قضايا واقعية، تعانيها الشعوب العربية وتسبب الألم لعائلات العديد من الأسر . هاجموني عندما تحدثت عن زواج القاصرات، والمخدرات، وزنا المحارم، والتحرش . . فكلها كبوات تعاني منها المجتمعات العربية، ويحاول البعض إخفاءها وعدم تسليط الضوء عليها .

لكن هناك وجهة نظر تقول إن الحديث في تلك القضايا يزيد الطين بلة، ما رأيك؟

- بالعكس نشر ومناقشة تلك الموضوعات يظهرها ويسهم في إيجاد حلول لها، وبما أننا جميعاً نعلم تلك السلبيات فلماذا لا نناقشها؟

من هم أبرز الوجوه التي لم تتوقع استضافتهم وقابلتهم؟

- قابلت وجوهاً كثيرة، لكنني لم أتوقع قبول المرشد السابق للإخوان المسلمين دعوتي للحوار، وكنت سعيداً بمستوى صراحته، حيث سرد الرجل عندما قلت له إننا أصبحنا نعيش في زمن الإخوان، خارطة الطريق الكاملة التي سيتم بها أخونة مصر، وقال إننا نسير على خطى ثابتة في أكثر من محور للتمكن من مفاصل الدولة . وعلمت أن هذا الحوار الصريح أزعج قيادات الجماعة، لأنه كشف الكثير من الأسرار التي لم يكن من المفترض أن تعلن . وعلى الرغم من أن هذا الحوار الذي أجري في بداية حكم الإخوان، إلا أن المعترضين على تسمية البرنامج، أدركوا أن كل ما تحدث فيه الرجل حدث ويحدث على الأرض بالفعل .

ما رأيك في حرية الإعلام المصري حالياً؟

- بالتأكيد أنا سعيد وفخور بحالة الحرية الموجودة في الإعلام المصري، فقد عاصرت ثلاث مراحل مهمة، فقبل الثورة كان هناك تحذيرات كثيرة تتعلق بالمساس بأشخاص بعينهم، وخلال الثورة كان يصعب على أحد المساس بها وبرموزها . أما اليوم فلم يعد هناك خطوط حمر، الكل يعبر عن آرائه بمنتهى الحرية . لكنني أرى أن الحرية لن تستمر بهذا الشكل، متى ستنحصر؟ الله أعلم .

قد لا يعرف عنك البعض أنك كنت لاعباً للكرة الطائرة، هل مازلت تمارسها؟

- اعتزلتها منذ 18 عاماً إثر إصابة منعتني من ممارسة أي نوع من الرياضة، ولا أقوى حتى على الجري . لكن حبي للرياضة هو سبب دخولي مجال الإعلام، حيث بدأت مقدماً لبرنامج رياضي على إذاعة “بيبلوس”، ومنه إلى نشرات الأخبار والتغطيات والبرامج الحوارية . لكنني أحرص على متابعة مستوى ابني نور الرياضي الذي تخطت موهبته الكروية أباه بمراحل .

هل فشلت في تقديم برامج المسابقات؟

- ليس فشلاً، فلي بعض التجارب مع برامج المسابقات، لكن ظهور برنامج كبير مثل “من سيربح المليون”، يقدمه إعلامي قدير مثل جورج قرداحي، قضى على كل الأفكار، وجعل من كل برامج المسابقات الأخرى برامج أطفال . وإلى الآن لو عرض علي هذا البرنامج سأقبله فوراً .

سمعنا أنك تنوي تأسيس مجلة أو جريدة تشبع فيها شغفك الصحفي، هل هذا صحيح؟

- بالفعل أطلقت موقعاً إخبارياً على شبكة الانترنت اسمه “للنشر” على غرار برنامجي الذي كان يحمل الاسم نفسه، وهو موقع إخباري منوع، أقدم من خلاله بعض خبرتي الصحفية، أما المجلة المطبوعة فمازلت أفكر في أمرها لأن المجال مفتوح الآن أمام الصحافة الإلكترونية .