2013/05/29

الجنس في السينما السورية (2)
الجنس في السينما السورية (2)


خاص بوسطة - عوض القدرو

استكمالاً للقسم الأول الذي بدأته بالحديث عن الجنس في السينما السورية، أتابع ما قد بدأته عن هذا الموضوع الشائك في السينما السورية وكل سينمات العالم، وكما أسلفت أن تقديم الجنس في الفيلم السوري كان سخيفاً وخاصة في أفلام القطاع الخاص، ولكن في هذا الوقت لا نستطيع أن نقول شيئاً، فلقد أصحبت هذه الأفلام من تاريخ السينما السورية، وهناك العديد من نجوم ونجمات الفن السوري ربما لم يطالعوا جيداً سيناريوهات الأفلام التي كانت تقدم إليهم في تلك الفترة، مثل الراحلة نبيلة النابلسي التي قدمت مشهداً جنسياً بينها وبين الممثل سليم كلاس في فيلم "هاوي مشاكل".. يكاد هذا الفيلم أن يكون شبه حقيقي، فلقد تم استغلال جمال وجسد نبيلة النابلسي بشكل مبتذل ورخيص.. وبالطبع كان لنبيلة النابلسي بعض مشاهد القبل في الفيلم اليتيم الذي أنتجته شركة شام، فيلم للفنان الكبير رفيق سبيعي، وكان ذلك الفيلم هو "نساء للشتاء"، الذي مثل فيه رفيق سبيعي ومحمود جبر والممثلة المصرية نيللي والمطرب اللبناني الوسيم محمد جمال والسوري صالح الحايك.

من بين الأفلام التي أثارت جدلاً كبيراً في السينما السورية هو فيلم "أموت مرتين وأحبك"، المأخوذ عن رواية "من يحب الفقر" للروائي السوري عبد العزيز هلال. الفيلم كان من إنتاج فايز سلكا وعبد الرزاق الغانم، وفي البداية تم إسناد مهمة إخراج الفيلم للبناني سمير خوري الذي سبق له وقام بإخراج فيلم مثير للجدل، هو "سيدة الأقمار السوداء" للمصريين ناهد يسري وحسين فهمي وعادل أدهم، لكن اختلف منتج الفيلم مع سمير خوري لبطئ الأخير في العمل، مما حدا بالمنتج إلى إسناد مهمة إخراج الفيلم لمدير تصوير نفس الفيلم جورج لطفي الخوري، والبطولة كانت لإغراء وناجي جبر والمصري عمر خورشيد وعبد اللطيف فتحي ونجاح حفيظ.

"أموت مرتين وأحبك" فيلم جميل جداً، وفيلم سوري مهم في تلك الفترة، وتُحسب له جرأته في ذلك الوقت، وهو الفيلم السوري الوحيد الذي حقق حضوراً جماهيرياً كبيراً.

الممثلة إغراء تقدم واحداً من أهم أدوارها في تاريخ مسيرتها السينمائية على الإطلاق، إن لم يكن الأهم، من حيث الأداء ومن حيث الجرأة في التعري والمشاهد الساخنة، فهذا الفيلم خرج عن مألوف الفيلم السوري السائد في فترة السبعينات من القرن الماضي، فالتعري الذي قدمه الفيلم في مشاهد حمام السوق في ليلة التحضير للزفاف وفق الطقس الدمشقي كان جريئاً جداً، وتجاوز الخطوط الحمر من خلال ظهور مجموعة من النساء عاريات الصدور، بالإضافة إلى ليلة الدخلة بين ناجي جبر وإغراء، وهو مشهد يكاد أن يكون حقيقياً، من خلال تجسيد إغراء لدورها بامتياز، وكيف تُشعر المشاهد بحالة المرأة الحقيقية ليلة الدخلة، بالإضافة لمشاهد القبل والجنس الأخرى وبعض الحوارات الساخنة الموجودة في الفيلم. الشيء الذي لا بد من ذكره أن إغراء وناجي طيلة فترة الفيلم كانا على خلاف بينهما، ولم يكن هناك بينهما أي نوع من الكلام خارج نطاق التصوير.

طبعاً، قدمت إغراء دوراً جريئاً آخرَ في الإنتاج الوحيد لنقابة الفنانين في سورية، وهو فيلم "المطلوب رجل واحد"، حيث تظهر إغراء عارية تماماً من البحيرة، في المشهد الذي يجمعها مع الممثل الفلسطيني غسان مطر، بالإضافة لمشاهد الجنس التي جمعت أديب قدورة مع الممثلة اللبنانية غلاديس أبو جودة  أو (حبيبة)، التي قدمت فيلماً أخرَ كان بعنوان "عشاق على الطريق"، وفيه قدمت (حبيبة) دوراً جريئاً للغاية.

هناك بالطبع العديد من النجمات والممثلات اللواتي قدمن جرعات لا بأس بها من مشاهد الجنس والإغراء في السينما السورية، بالإضافة لبعض الممثلات المصريات واللبنانيات، مثل المصرية ناهد يسري في فيلم "امرأة من نار" مع أديب قدورة وصلاح ذو الفقار، ونجوى فؤاد في فيلم "شقة للحب" مع رفيق سبيعي ومحمد عوض، وماجدة الخطيب، ونوال أبو الفتوح التي قدمت فيلماً لا يخلو من مشاهد البكيني، وهو فيلم "مهمة رسمية"، الذي كان من بطولة محمد جمال وعبد اللطيف فتحي وياسين بقوش ونجاح حفيظ، وكذلك الأمر بالنسبة لنبيلة عبيد التي قدمت مشاهد لا بأس بها من الجنس والتعري والإغراء في السينما السورية، منها على سبيل المثال فيلم "ذكرى ليلة حب"، الذي شاركت في بطولته مع منى واصف ورفيق سبيعي وصلاح ذو الفقار ومريم فخر الدين وخالد تاجا، وهناك أيضاً الممثلة المصرية منى إبراهيم، التي قدمت مع ناجي جبر فيلم "جزيرة النساء"، وكذلك الأمر بالنسبة للممثلة يسرا التي قدمت مع ناجي جبر فيلم "شيطان الجزيرة"، طبعاً إلى جانب العديد من الممثلات السورية كمها الصالح في فيلم "حسناء و4 عيون"، وغادة الشمعة في فيلم "فتيات حائرات".

لو أردنا الحديث كثيراً عن هذا الموضوع لن ننتهي، ولكن يجب مناقشة الجنس في السينما السورية في سينما القطاع العام، أي الأفلام المنتجة من قبل المؤسسة العامة للسينما، فلقد ذكرنا في الجزء الأول لهذا المقال أفلاماً كـ "الفهد" و"المغامرة" و"وجه آخر للحب"، لكن للحقيقة ما بعد تلك الأفلام لم يكن الجنس موضوعاً رئيسياً في فيلم القطاع العام، لقد كان موضوع الجنس أو التعري موظفاً ويخدم سياق الفيلم دونما ابتذال، إلا في ما ندر، فمثلاً من يشاهد المشهد الجنسي الذي يجمع بين الراحلة مها الصالح وعبد اللطيف عبد الحميد يعي تماماً أن هذا المشهد لم يكن مجانياً، كذلك فعل عبد اللطيف عبد الحميد في معظم أفلامه، حيث لم يكن الجنس أو الإغراء أساسياً في تلك الأفلام، فكلنا يذكر الظهور اللطيف للممثلة رنا جمول في فستانها الجميل الذي يكشف عن بعض مفاتن جسدها في فيلم "رسائل شفهية". لم يكن هذا المشهد مبتذلاً أبداً، لكن المشهد الذي قدمه فايز قزق وصبا مبارك في فيلم "خارج التغطية" لعبد اللطيف عبد الحميد لم يكن موفقاً.

في سينما سمير ذكرى، كان الجنس ربما موضوعاً أساسياً في بداية عمله السينمائي، من خلال فيلم "حادثة النصف متر"، المأخوذ عن قصة صبري موسى. لقد أشار سمير ذكرى إلى مشكلة الشباب السوري الجنسية في هذا الفيلم، من خلال شخصية صبحي، التي جسدها الفنان عبد الفتاح مزين. في فيلمه الثاني "وقائع العام المقبل" كان الطرح الجنسي أوضح من خلال الحوارات الجنسية، والتي تدور بين نجاح سفكوني ونائلة الأطرش. في فيلمه الرابع "علاقات عامة" كان مستوى الإثارة والإغراء الذي قدمه ذكرى مقززاً وغير موفق، من خلال مشهد لعق فارس الحلو لأصابع الممثلة سلافة معمار.

في السينما التي قدمها مروان حداد من خلال فيلميه "الاتجاه المعاكس" و"حبيبتي يا حب التوت"، كان هناك بعض مشهد الجنس والقبلات الخفيفة نسبيا. وديع يوسف وفي فيلمه الروائي الطويل الوحيد "المصيدة" قدم الممثلة سمر سامي كواحدة من نجمات الصف الأول رغم بعض مشاهد الجنس الخفيفة التي قدمت في هذا الفيلم.

بنظرة عامة نرى أن الجنس انقسم إلى قسمين، قسم مبتذل ورخيص قدمته غالبية أفلام القطاع الخاص السورية، وقسم آخر كان موظفاً ويخدم سياق أو موضوع الفيلم، والذي تمثل بسينما القطاع العام، أفلام المؤسسة للعامة للسينما.

هناك نظرة خاطئة من بعض جمهور السينما للممثلة أو الفنانة التي تقدم مشاهد الإغراء أو الجنس على أنها ممثلة رخيصة أو غير جيدة، بالعكس تماماً، يجب أن نعي تماماً أن هذه المفاهيم في السينمات الأخرى ليس لها مكان. صحيح أننا في مجتمع شرقي تنظمه أعراف وقوانين، لكن هذا لا يعني أبداً أن نسقط احترام هذه الممثلة أو تلك، فهنَّ اليوم نجمات السينما والدراما السورية، ومن ينظر إلى البلدان المجاورة يعرف تماماً ماذا أقول، فمصر، هوليوود الشرق، تحتفي بكل نجماتها اللواتي أضحوا أيقونات في السينما العربية مثل هند رستم وناديا لطفي وشمس البارودي وسعاد حسني وشادية وتحية كاريوكا وغيرهن.. كذلك الأمر بالنسبة للسينما الفرنسية، التي تختال بنجمتها الأسطورة بريجيت باردو، والقائمة تطول.. لكن المهم هو طريقة تقديم هذا النوع من المشهد في الفيلم السينمائي، لأن الغاية الأولى والأخيرة هي احترام الجمهور، لكن للأسف الشديد، لغاية يومنا هذا، لا نعرف كيف نصور مشهد قبلة أو مشهد تعري أو مشهد جنس، كون هذا النوع من المشاهد له تركيبة خاصة لعل أهمها هي الثقة المطلقة التي يجب أن تكون بين الممثلة ومخرج الفيلم.

موضوع شائك لن ينتهي أبداً، لكن تبقى لهذه المشاهد أو هذا النوع من السينما جمهور خاص، وبالتالي يجلب الجمهور.. ويبقى السؤال بعهدة السينمائيين، وذلك بإيجاد طريق صحيحة للجمهور تقوده إلى صالة العرض السينمائية.