2012/07/04

الفنان فارس الحلو -	(الرقابة الاجتماعية أسوء وأشد وطأة من الرقابة الرسمية).
الفنان فارس الحلو - (الرقابة الاجتماعية أسوء وأشد وطأة من الرقابة الرسمية).


الأعمال الشامية قصصها قصص أطفال المصريون يملكون إمكانيات كبيرة إذا أرادوا توظيفها بشكل كامل فلا أحد يقف أمامهم.

السوريون لديهم خبرة أكثر من الثقافة..

الرقابة الاجتماعية أسوء وأشد وطأة من الرقابة الرسمية.

روحي غنية ومشبعة ومليئة ولا أحتاج للمال..

علي احمد - بوسطة

البعض سيأخذ انطباعاً عن فارس الحلو ومن خلال هذا اللقاء أنه شخص متمرد، والبعض الآخر قد يكوّن انطباعاً آخر. أما فارس الحلو فينظر إلى نفسه بصفته (إنسان عادي) وعندما يتعامل الآخرون معه بأنه شيء آخر غير هذا، فهم اللذين يتنكرون لعاديتهم. لسنا بصدد مصادرة انطباع القراء، وكذلك لسنا بصدد مصادرة كلام ضيوفنا اللذين نعتز بهم جميعاً.. في كل الأحوال لن ننكر أن لقاء الفنان فارس الحلو سيثير "ضجة" لا نريدها ونثق أنه لا يريدها من أجل الضجة فقط لا غير، بل لتكون مادة لحوار مفتوح في مساحة حوار أردنا لهذا الموقع بالذات أن يكونها..  وفارس الحلو يبدو مستاءً من حال الدراما السورية وحتى الدراما العربية، فهو يراها هشة وأي نسمة هواء تهزها.. وبكلامه (إذا وقفت ذبابة على الدراما العربية كلها يختل توازنها).. لكن فارس الحلو يعتز بالغنى الروحي الذي يعيش في داخله ويعطيه القوة في مواجهة صعاب العمل الدرامي..  مع فارس كان لنا هذا اللقاء:

ماذا تحدثنا عن مشاركتك مع المخرج سيف الدين سبيعي في مسلسل "الحصرم الشامي"؟

لا كلام عندي، ما هذا السؤال ما هي مشاركتك.. أنت تفعل مثل معدي ومقدمي التلفزيون السوري!!..

لنتجاوز هذا السؤال ونتحدث عن أنك مستبعد عن أعمال البيئة الشامية؟

لست مستبعداً، إنما لا أحب هذا النمط من الأعمال..

وما مبرر مشاركتك في مسلسل "الحصرم الشامي" إذاً؟

هذا العمل يختلف عن الأعمال الأخرى التي أنجزت من قبل..

وما المختلف في مسلسل سيف سبيعي؟

المختلف أنه عمل توثيقي ومبني على مذكرات الكاتب الحلاق، فهو إلى جانب أنه شامي أيضاً هو عمل ثقافي يرصد لمرحلة مهمة وبتفاصيل حقيقية من دون مبالغة، ولا بطولات وهمية ولا شر مبتكر ووهمي.. بصورة عامة شخصيات العمل واقعية، ولا يصور العمل المجتمع الدمشقي كما تظهره الأعمال الأخرى أنه مجتمع طاهر، والمذنب والشرير يتوب في نهاية العمل.. لذلك النوعية الثانية من الأعمال لا يعنيني ولا يشدني للعمل فيه، رغم أنني ممثل وهذا الجانب الشكلي من العمل أو الموضوع يفترض ألا يهمني، لكنني أرغب في أن تكون كل الأشياء صادقة..

صحيح أنك شاركت في الجزأين الأول والثاني لكن أريد أن أعرف منك أنك هل قمت بقراءة السيناريو قبل التصوير، كي تعرف أنه مختلف عن الأعمال الأخرى؟

تسألني أنا هذا السؤال، هل تعتقدني ممثل تخرج من المعهد البارحة.. المفروض أنك من أكثر الصحفيين تعرفني كفارس الحلو، فقد أجرينا 7000 مقابلة ثم تأتي وتسألني هذا السؤال..

يا أستاذ  مشكلتي أنني أقرأ كل النص.. اسأل أي ممثل أو صحفي في بلدك، يقول لك أن فارس الحلو يقرأ كل النص، هذا السؤال اسأله لفنانين جدد أو نجوم مفذلكين..

نعود لموقفك من نوعية الأعمال الشامية التي قدمت للجمهور؟

المشاهدين يحبون هذه النوعية من الأعمال، ولست ضد ذلك، إنما لا أحب أن أتوجه للمشاهدين بهذه الطريقة، إنما أفضل التوجه لهم بصيغة تناسبني، فأنا لي توجهي وفكري ورأي وموقفي، وأعرف ما يريد المشاهدين، ولا أرضى كثيراً عما يريدون، فأعتقد أنني أستطيع تقديم ما هو أهم مما يستسيغونه ويحبونه، والأعمال الشامية التي يحبونها تظل معدة ومفصلة لشهر رمضان ولهذه الحالة الإيمانية والبيئية التي يعيشها هذا الشهر، بمعنى أنه عمل على الموضة وليس عمل واقعي فيه صراع وحقيقة.. حتى أنك إذا تابعت هذه الأعمال الشامية تجد أن قصصها هي قصص أطفال..ما هذا.. أشعر أنك لا تعرفني ولا أعرفك.. لم نبدأ في حوارنا بالصدمات؟ يبدو أنك في عملك وضمن سلسلة لقاءاتك مع الممثلين، بت تتحدث وتسأل بشكل آلي..

لم أقصد ذلك؟

تتحدث بشكل آلي ولا تعرف ماذا تسأل، أنت لا تعرف مع من تجلس، وأنت تحديداً وشخصياً تعرفني، وتأتي لتسألني أسئلة فعلاً ليست مطلوبة، بدل أن تسألني في مناحٍ أخرى أو نغوص في شؤون أخرى..

من الملاحظ أن مشاركتك قليلة قياساً بغيرك من الممثلين الآخرين؟

لست وحدي من يتحمل ذلك، فالآخر يتحمل أيضاً جزءاً من هذا الموضوع.. ورغم ذلك أنا راض عن مشاركاتي، فلا أحب الظهور المجاني ولا يعنيني أن أسجل عدد أكبر من الكوادر.. أيضاً هناك جانب آخر في حياتي أحبه وأعمل به وأحاول تقديم ذاتي من خلاله..

أنت مهتم بالنحت..

نعم.. ملتقى النحت في مشتى الحلو مشروع خيري، وكنت أحمل جزءاً كبيراً من إنجاز هذا المشروع الذي يحتاج لجهود كبير لإنجازه.. ويتابع الفنان فارس الحلو قائلا عن مشاركاته في الأعمال الدرامية: أعتقد أن عملاً ضخماً أو عملين في العام يكفيني..

لكنك في بعض السنوات لم تشارك في أي عمل؟

ليس الذنب ذنبي.. ثم أنني أشارك في أعمال لا تعرض على الشاشة.. فيبدو الأمر وكأنني غائب عن الجمهور..

أحياناً يوضع فارس الحلو أمام خيارات لا تعجبه؟

عندها أختار أفضل الأسوأ، فأقاوم قدر الإمكان، وفي النهاية لسنا أصحاب القرار..

ومن هم أصحاب القرار إذاً؟

شركات الإنتاج والسياسة الدرامية العشوائية، ونحن كممثلين نأخذ قرارانا بأدوارنا وليس بصنع العمل، أو بالتوجه الفكري، لذلك خياراتنا محدودة، ولست مدير شركة حتى أطلب نوع الكتابة والمواضيع التي يمكن أن أفيد فيها المجتمع.. قُدمت أعمال سورية هامة مثل "مشاريع صغيرة".. "غزلان في غابة الذئاب".. "ليس سراباً"..

ألم يكن بالإمكان أن تكون مشارك فيها؟

نعم كان يمكن أن أشارك، لكن انشغالي بملتقى النحت في مشتى الحلو، لم يسمح لي بالمشاركة.

هل ترى أن هناك خطر على الدراما السورية؟

يا سيدي إذا وقفت ذبابة على الدراما العربية كلها فإنه يختل توازنها، فأي خطر تتحدث عنه..

هل تجد أن هناك خطر على الدراما السورية ؟

لنكن أكثر صراحة فالدراما اليوم تنتج بحسب الطلب، فشركات الإنتاج تفصل الأعمال على قياس المحطات..

أريد أن أسألك عن الشركات التي تكلف بإنتاج أعمال عن الأندلس أو فصلوا لنا عمل يناسب فلانة، فما الذي تغير اليوم.. لذلك الدراما غير قابلة للتطور..

وما رأيك بالتنافس الدرامي بين السوريين والمصريين؟

هذا كلام فارغ، فالمصريون يملكون إمكانيات كبيرة إذا أرادوا توظيفها بشكل كامل فلا أحد يقف أمامهم..

والسوريون لديهم إمكانيات فنية هامة؟

السوريون لديهم خبرة أكثر من الثقافة..

ألا يوجد في سوريا مثقفين يعملون في الدراما التلفزيونية؟

أين هؤلاء الذين تتحدث عنهم، ليكن في علمك أن الدراما التلفزيونية السورية يغيب عنها الكتاب المثقفين، حتى أنهم وإن وجدوا فإنهم نادرين وقلائل، ولا يكفون لحركة الدراما السورية، ولتطورها أو استنهاضها، صحيح أن هناك أسماء هامة لها إسهامات هامة في الدراما السورية.. لكننا إذا أردنا دفعها للأمام فهذا يحتاج لتطوير الأقلام التي تكتب لها، بالإضافة للهامش الرقابي، وأمور أخرى..

إذاً من ينظم آلية عمل الدراما السورية؟

الإنتاج السوري يعتمد على جهد شركات خاصة..

في فيلم "علاقات عامة" بعض النقاد رؤوا أنك قدمت مشهداً جريئاً جداً؟

ليسمح لنا هؤلاء النقاد أن يحتفظوا بآرائهم، فعندما يكون رجل وزوجته في السرير، ألم يشاهدوا مثل هذا المشهد في الأفلام الهندية أو الأوروبية، أريد أن أسأل هؤلاء النقاد كيف يقبـّل الرجل زوجته، أعتقد أن هذا السلوك هو طبيعي وإنساني.. ثم أن دوري في الفيلم يتطلب أن أتعامل مع زوجتي بهذه الطريقة، لكن يبدو أن الشخصية العادية لم تعد تقدم بصورتها الطبيعية، حتى أصبحنا نشاهد من يقدم الشخصية العادية على أنها جريئة..

لكنه عادةً ما يراعى في هذه المشاهد مزاج الجمهور؟

الرقابة الاجتماعية أسوء وأشد وطأة من الرقابة الرسمية، وحتى أن الرقابة الرسمية لا تشكل 25% من خطورة الرقابة الاجتماعية المتخلفة،  والأسوأ من ذلك عندما تأتي الرقابة الرسمية فتتبنى مواقف الرقابة الاجتماعية..

وهل يمكن تجاوزها؟

لا نريد تجاوزها، إنما نطالب أن يمنحونا الفرصة والمجال كي نخاطبها، فعندما نلتقي بشخص متخلف لا يعقل أن نحدثه على عمليات حسابية معقدة، إنما يفترض التحدث بمنطقه، ولا نستطيع الحديث مع الجمهور كأنداد.. ثم يضيف الحلو: الدراما التلفزيونية تزاود على تخلف الناس، وأكبر مثال على ذلك موضة الأعمال المنتشرة.. فالدراما عندما تزاود على تخلف الناس، فحتماً الناس ستعجب بهذه الأعمال، وتصبح هذه معادلتها البصرية فيتغنون بما يقدمون، وأن أجدادهم كانوا أصحاب أمجاد ويتمتعون بتقاليد عظيمة.. وأريد أن أسأل هؤلاء أن أجدادهم لو كانوا كما يصورنهم لنا لما وصل بنا الحال لهذه المواصيل "يضحك"..

مع أن الرقابة خففت من حدة شروطها؟

الرقابة تراجعت حدتها على قضايا وأمور ضعيفة لا تقدم ولا تؤخر شيئاً في حياتنا، كأن نتطرق لموضوع سياسي، أما أن نعالج شأناً اجتماعياً فهذا لا يسمح به..

ماذا تقصد بالشأن الاجتماعي؟

مثلاً هل شاهدت في عمل درامي عربي امرأة متمردة على واقعها، وتختار حياتها كما تشاء،  من دون أخذ موافقة الرجل،

أعطني مثال على ذلك؟

شاهدت هذه الحالة في مسلسل "أحقاد خفية"؟

حتى لو كان ذلك في هذا العمل، فأنت تتحدث عن عمل مقابل 700 عمل.. ثم ما هذا التمرد الذي تتحدث عنه.. وكيف تريد التمرد؟

عندما تقوم الفتاة وتخرج عن نطاق عائلتها وترفض حالة التخلف التي تعيشها، فترتدي ما تريد وتحدد أصدقاءها وتسافر بحريتها..

لكن هذه النوعية من الفتيات قليلة في مجتمعنا؟

ومن قال لك ذلك، نحن ننظر للأمور من الخارج فقط، هناك الكثير من الفتيات يعشن كما يردن وحتى أن هناك من يعملن في "البزنس"، قل لي هل نستطيع أن نوضح كم هي نسبة الدعارة في مجتمعنا.. أو نسلط الضوء على السياحة الخليجية في بلدنا وما هي أهداف السياح الشباب الخليجيين..

يقولون أنك مزاجي؟

ليقولوا كما يريدون، فأنا مزاجي لكن ليس بتغيير مواقفي وآرائي..

حتى أنهم يعتبرونك حدّي؟

لست حدّي بل هم المتسيبون والمهملين والمسترخصين، وهم من نزلوا لتحت.. وباتوا يرون الشخص العادي بأنه مريض..

كأنك تريد أن تقول أنك لا تقبل بتقديم تنازلات في عملك؟

ولماذا أقدم تنازلات، فأنا لست بحاجتهم، لأن روحي غنية ومشبعة ومليئة ولا أحتاج للمال..

شكراً فارس الحلو