2013/07/23

سنعود بعد قليل
سنعود بعد قليل

 

أحمد العلي – تشرين

 

 

يرصد المسلسل التلفزيوني السوري «سنعود بعد قليل» الوضع السوري الراهن عبر عائلة غادر كل أفرادها إلى الأراضي اللبنانية بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، بينما يبقى الأب الذي يقوم بدوره الفنان دريد لحام وحده

لكن مرضاً عضالاً يلم به فيدفعه إلى ترك بيته، واللحاق بأبنائه؛ فيشكل مرور الأب إلى أبنائه واحدا تلو الآخر، وحواراته معهم عرضا لمختلف الأفكار والرؤى والمشكلات التي يتكون منها المجتمع السوري اليوم.

الفنان دريد لحام هو من يلعب دور الأب ويصفه كاتب المسلسل رافي وهبي بأنه «متصالح مع نفسه، يحاول أن يرى الجانب المملوء من الكأس، دائماً لديه الإحساس بأن لديه أبناء رائعين، وبأنه أنجز واجبه تجاههم كأب»- يروي الكاتب، الذي انتقل هو نفسه للعيش في لبنان منذ أشهر: «عبر جولة الأب على الأبناء يكتشف مع كل زيارة أن كلا من الأبناء يعاني من مشكلة، فيحاول أن يتجاهل المشكلة، فدعم الأولاد أهم من محاسبتهم».

 لكن كلما انتقل الأب إلى ابن جديد تتعقد المشكلة أكثر، لتحين في النهاية لحظة المواجهة، ليسأل نفسه السؤال: «هل كنت أباً سيئاً»؟ يصف الكاتب وهبي الذي اقتبس العمل عن الفيلم الإيطالي (الجميع بخير) حال الأبناء، أو شخصيات المسلسل فيقول: «هناك حيثيات لها علاقة بالظروف المالية الصعبة للأبناء، وحتى الأب نفسه الذي يحتاج إلى العلاج، فيأتي اقتراح بيع البيت في دمشق حلا لمشكلاتهم، وهنا تتدفق ذكريات البيت والطفولة والعلاقة مع الجيران، تختلط الأحوال الشخصية بالمسألة الوطنية».

ويضيف الكاتب وهبي: «إن ثلث العمل جرى تصويره في دمشق، وتالياً نشاهد في هذا الجزء انعكاسات كل ما يجري على الشخصيات، عبر العلاقة مع الجيران، الطبيب، والمحيط عموماً».

ورداً على سؤال عن حضور الوضع الراهن في سورية في المسلسل يقول وهبي: «هنا نحن نتناول الأزمة من زاوية خاصة، ففي الحال الراهن هناك قصص تعطيك دراما لعشر سنوات قادمة، ولكن الأحداث الساخنة يصعب تناولها إلا من زاوية خاصة، فضلنا تناولها عبر الجانب الإنساني».

ويتابع الكاتب وهبي: «شخصيات (سنعود بعد قليل) تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد تعمدت أحيانا إظهار المفارقات في شخصيات قد يكون موقفها السياسي رائعاً بينما تجدهم على المستوى الشخصي أناساً سيئين». ويوضح الكاتب، الذي يلعب أيضاً شخصية الابن الرسام: «قدر الإمكان نبتعد عن التصنيف، فلا يمكن القول إن هذه الشخصية أو تلك شريرة أو خيرة بالمطلق».

وفيما إذا كان العمل –(إخراج الليث حجو) ينحو باتجاه الكوميديا بسبب وجود الفنان دريد لحام قال وهبي: «هناك نوع من الكوميديا، أو لنقل المفارقة بين ما بناه الرجل من تصورات واصطدامه بالأمر الواقع، وميله الدائم إلى الإنكار».

وعرض الكاتب شخصيات الأبناء في المسلسل «فهم ينتمون إلى فئات عمرية مختلفة فهناك الأكبر واسمه سامي (يؤديه الممثل عابد فهد)، هو سياسي، أما فؤاد (قصي خولي) فهو رجل أعمال، وكريم (باسل خياط) هو الابن الأصغر الذي يتابع دراسته العليا في حقل الإعلام، ويعمل في محطة إعلامية لبنانية، وهذا الجزء من المسلسل يسلط الضوء على الإعلام وطريقة تعاطيه مع الأزمة، البنت الصغرى تطمح لدراسة التمثيل لكنها في النهاية تعمل في مجال عرض الأزياء».

ويضم العمل أيضاً ممثلين آخرين من بينهم سلافة معمار تؤدي زوجة الأخ الذي يعمل في الإعلام، وعمر حجو في دور آسر لأب عجوز ينتظر ابنه الغائب عنه منذ اندلاع الأزمة، وهناك من لبنان كارمن لبس وتقلا شمعون وبيار داغر وطلال الجردي وغيرهم.

اللافت في فكرة «سنعود بعد قليل» أنه يحضر في هذه العائلة مختلف طبقات المجتمع السوري، إذ يبرز الصحفي والسياسي ورجل الأعمال والرسام والعاطل عن العمل, وسوى ذلك من شرائح، ما يسهم في تسهيل وصول الأفكار إلى مختلف الشرائح الاجتماعية.

كما يروي المسلسل قصة «دينا» التي تقوم بدورها الفنانة نادين الراسي؛ لتقف بذلك أمام دريد لحام, «دينا» ابنة «نجيب» من زوجته اللبنانية, وتعيش في بيروت بعيداً عن والدها وهي متزوجة من شخص يعيش بعيداً عنها أيضاً؛ ما يجبرها على الاعتناء بطفلتها وحدها من دون مساعدة أحد, لتتغير حياة دينا عندما يأتي والدها «نجيب» إلى بيروت ليتلقى العلاج؛ إذ تبدأ المشكلات تظهر وتبدأ الصراعات تتولد بسبب ظروف العيش التي واجهتها دينا في بيروت والتي واجهها نجيب في سورية...»

هي إطلالة على عمل تلفزيوني يستأثر بمشاهدة كبيرة على عدة محطات محلية وعربية، ربما لا يصح فيها حتى الآن، وبعد مشاهدة حلقاتها العشر الأولى سوى أننا أمام دراما واحدة في بلدين..!