2013/08/03

 غادة عبد الرازق
غادة عبد الرازق

 

مؤمن المحمدي – السفير

 

 

أصبح الآن بإمكان المشاهد المحترف لمسلسلات رمضان استنتاج الأجواء التي يدور فيها العمل، وملامحه الرئيسية، وأسماء أبطاله، وطبيعة الدور الذي يقوم به كل منهم، بمجرد معرفة اسم البطل، خصوصاً إن كان الأمر يعتمد على اسم نجم معيّن.

لا يعني هذا رداءة مستوى المسلسلات، بالعكس هناك ارتفاع ملحوظ في المستوى بشكل عام خلال هذا الموسم، غير أن إصرار بعض النجوم على تسيد العمل هو ما يؤدي إلى تلك الظاهرة.

النجم خالد الصاوي مثلاً، يعتمد في السنوات الأخيرة على أداء دور لشخص يحار فيه الجميع، غامض، له هيبة وطلّة رغم تصرفاته غير المنطقية. كل الشخصيات الدرامية في العمل يهتمون به، رغم التباين الشديد في مشاعرهم تجاهه، حباً وكرهاً وغيرةً وخوفاً وطمأنينة، يبدو معظم الأحيان خارج الأحداث، في حين أنّها تتمحور حوله.

في مسلسل الصاوي ستجد الممثلة السوريّة كندة علوش غالباً، وهو يحبها وهي تحبه، رغم أنهما من عالمين مختلفين، ومنطقياً لا يمكن أن يلتقيا، وإن لم تتوفر كندة، فلا بد من بديلة غير مصرية.

عندما تجد القصة عن شخص مكافح، عنيد، صعد رغم كل المعوقات، فأنت في مسلسل لخالد صالح.

الشخصية التي يلعبها صالح عادة أصبح لها شأن كبير (ولذلك فهي متورطة في أعمال مشبوهة). محبوه قليلون، لكنهم يحبونه بإخلاص، ومن يكرهونه كثيرون، ويكرهونه بـ«غل». مع تركيز دائم ومكثف على علاقة هذه الشخصية بالدنيا، وكيف أنه كلّما أمسكها بيده طارت منه.

اهتمام صالح بالصناعة قليل، فلا القصة تحمل إثارة ذهنية، ولا يهتم بتطوير التصوير من الناحية التقنية، وأغلب الاعتماد على الأداء التمثيلي لصالح نفسه.

وللمرة الثانية على التوالي، ومن المؤكد لن تكون الأخيرة، نشاهد مسلسلا ليوسف الشريف، بمفردات قريبة: شخص يتعرض لحادث، يدخله في سلسلة من الأحداث التي تجعله يعيد التعرف على نفسه، سواء بفقدان الذاكرة، أو باكتشاف جوانب في حياته لم يكن يعرف عنها شيئا، أو غير ملتفت لها.

نرى الشريف معظم الوقت شارداً، متوتراً، قليل الكلام (ربما لإدراكه أن عيبه الرئيس كممثل في الإلقاء). ويكتشف الشريف أن علاقته بجميع من حوله كانت زائفة، إما لأنهم كانوا يعيشون معه بصفة ليست حقيقية، أو لأنهم ينافقونه، أو لأنهم لم يكونوا موجودين أصلاً.

ويعتبر الشريف أكثر المحافظين على فريق العمل معه، فهناك أحمد جلال مخرجاً، مع أكبر قدر من الاهتمام بالتصوير وحركات الكاميرا، والحد الأقصى من الإثارة الذهنية. ورغم تغيير المؤلف من عمرو سمير عاطف إلى محمد سليمان عبد المالك، إلا أن الإثارة لم تقل، بل على العكس من ذلك تماماً.

في مسلسل يوسف الشريف سنجد شيري عادل وشيرين الطحان ورامز أمير، وسنجد أن درجة علاقة كل منهما بالشخصية الرئيسة واحدة.

يعمل أمير كرارة مع المؤلف هشام هلال، وهو من السابقين إلى الأشكال الجديدة للدراما، مع تغيير المخرج من محمد بكير إلى حاتم علي.

الشخصية التي يلعبها كرارة لشخص نقي من حيث الجوهر، لكنه يخالف القانون نظراً لقسوة الحياة وإصرارها على أن يظل مخالفاً.

هو دائما بطل العالم في الجدعنة (التعبير المصري الذي لن تجد له ترجمة دقيقة)، وغالباً محبوب من أي شخص يتعامل معه، أما من يكرهونه فهم يفعلون ذلك لأنهم أشرار.

التركيبة النقية الصامدة الغاضبة الصلبة تتيح لكرارة ألا يخرج من منطقة الأداء التمثيلي التي يجيدها والتي لا تتغير كثيراً. فهو طوال الوقت يزم فمه، ويتكلم من بين أضراسه، ويطلق نظرات نارية، حتى عندما يحب، فإن النظرات النارية لا تتغير، هي فقط تصبح أكثر حنواً.

في مسلسل كرارة يجب أن نرى ملحمة وما يشبه التغريبة، ولابد من السفر للخارج، ولا بد من دينا الشربيني.

مسلسل غادة عبد الرازق لا بد أن يحتوي على تيمات رئيسة، بالإضافة إلى طارق لطفي. فلدينا هنا أكبر كم من العلاقات الاجتماعية الفاسدة والبائسة والممزقة، معظم الأزواج والزوجات يخونون، ويتعرضون للخيانة، وكل ما هو متاح من الألفاظ الخارجة.

أفخم ديكورات، وأجمل تترات، تجدها في مسلسلات غادة عبد الرازق، وعادة ما يتحدث الجميع بعصبية مهما كان اسم المخرج.

الشخصية نفسها التي تلعبها عبد الرازق، عادةً ما تكون محطمة نتيجة ضغوط المجتمع القذر المحيط بها، وهي عادة ما تحاول الحفاظ على ما تبقى من طهارتها ونظافتها أمام طوفان الانحلال الأخلاقي للعالم المتوحش.

ويهتم مصطفى شعبان أول ما يهتم بكيفية إحاطة الشخصية التي يلعبها بأكبر كم ممكن من الجميلات اللاتي يذبن في غرامه، وهو مضرب المثل في القيام ببطولة مسلسل على الطراز القديم من حيث الصناعة، ويمكن تصنيف مسلسله بسهولة تحت بند الأعمال القابلة للانقراض.

هو دائما ابن بلد، ومتديّن، مهما كان الدور الذي يلعبه، وهو ثريّ، ثريّ جداً، وكريم، كريم للغاية، ولا أحد في عائلته أباً كان أو خالاً أو ابناً يستطيع أن يدخل الحمام دون الرجوع إليه.

مع كل مشهد من مشاهد شعبان، تلمح نور الشريف في مكان ما، الشخصية شبيهة بشخصية لعبها نور الشريف في عمل ما، الأداء قريب من أداء نور الشريف في شخصية ما. تستطيع القول بأن نور الشريف يسبب مشكلة ما لشعبان منذ أن عمل معه في «الحاج متولي».

أما نور الشريف نفسه، فإنه ينضم ليسرا وليلى علوي، وكلهم يلتحقون بعادل إمام، في الجيل الذي يصر على أن الزمن لا يمر، فيقدمون ما قدموه عبر عقود طويلة، معتمدين على أن رصيدهم لدى الجمهور يسمح.

نعتقد أن هذا الثبات لدى معظم النجوم، سيكون أحد أهم العوامل في انقراض ظاهرة النجم سنة بعد سنة، خاصة بعد المنافسة الجادة من مسلسلات البطولة الجماعية، خاصة نيران صديقة وموجة حارة وبدون ذكر أسماء.