2013/08/22

رافي وهبي
رافي وهبي

 

رشا ابي حيدر – السفير

 

 

وضّب حقيبة صغيرة تكفيه وعائلته. فالعودة قريبة جداً، لن يمضوا أكثر من 15 يوماً في لبنان. لكنّ الحقيبة بدأت تكبر شيئاً فشيئاً، لتصبح حقائب. مع ذلك، تبقى العودة في نظره قريبة جداً، ربما بعد ساعات أو أيام قليلة. «»سنعود بعد قليل» هو أنا، هو تجربتي الشخصية جداً، وهي تعنيني والناس كثيراً، أردت إن أوصلها من خلال العمل الدرامي»، يقول الكاتب والممثل السوري رافي وهبي، لـ «السفير». كتب وهبي نصّ العمل الذي أخرجه الليث حجو، وعرض في رمضان، وتعيد «المؤسسة اللبنانية للإرسال» عرضه عند التاسعة والنصف مساء كلّ يوم.

يشرح كم كانت تجاربه الشخصية متداخلة مع «سنعود بعد قليل». فكرة المسلسل ولدت أثناء زيارة وهبي وحجو للممثل الراحل نضال سيجري في أحد مشافي بيروت. سيجري هو الحاضر الغائب في المسلسل، خصوصاً أنّه بقي يرفض الإقامة بشكل نهائي في لبنان، خشية الموت خارج سوريا. يشيد وهبي بإحساس المسؤولية الذي أظهره الليث حجو تجاه العمل، رغم أنّ التصوير بدأ قبل الانتهاء من كتابة النصّ. كان ذلك «خطأً في تقدير الوقت، ما دفعني إلى إجراء تعديلات على النصّ، وكان لذلك أثر سلبي وإيجابي في الوقت نفسه».

تفاصيل أخرى في العمل استقاها وهبي من سيرة عائلته. على سبيل المثال، فوالدته خرجت من عاليه عروساً، متوجهةً إلى الشام. في إحدى الزيارات للبنان، دلّت رافي على الفندق الذي أمضت فيه شهر العسل مع والده، في مشهد استعاده مع وصول نجيب/ أبي سامي (دريد لحام) إلى الفندق في لبنان. «هناك جمل كثيرة في المسلسل قالتها لي والدتي، هي أيضاً رحلة نجيب ورحلتي». وهنا يرفض ترميز نجيب بالوطن الذي يموت في النهاية، بل هو «رمز للمواطنة الذي انتهت بموته، اليوم هناك ثقافة مواطنة جديدة في سوريا، وعلاقة نجيب بوطنه كما رأيناها لن تتكرر».

شخصيّة بائعة الورد مريم (دانا مارديني)، استلهمها من بائعة ورد أخرى التقاها في شارع الحمراء في بيروت. «مريم هي من أجمل الشخصيات التي كتبتها وأحببتها لدرجة لم أتقبّل ككاتب أن يتزوجها راجي، أحببت مريم في قوتها». أمّا شخصيّة كريم (باسل خيّاط)، فقد كانت قصته «أكثر واقعية وأكثر تقاطعاً مع تجربتي الشخصية»، إذ انّه اقتبس حوارات عديدة حصلت بينه وبين زوجته. ماذا عن الرسام راجي الذي لعب دوره؟ «يشبهني كثيراً، ولا يشبهني أبداً. يشبهني من موقعه كفنان في الحياة، يشبهني في ألمه».

يرى وهبي أن تناول الأحداث الراهنة في سوريا من خلال عمل درامي، بشكل مباشر، أمر خطير، «لأنّ الحدث لا يزال قائماً على الأرض، وهو حدث دموي وعنيف ومقاربته خطيرة، وآلية مشاهدته لا تتحمل أن نقترب من الجرح مباشرة، لأنّ المشهد الواقعي يبقى الأقوى». لكنّه يقول إنّه «ضدّ العمل الحيادي»، ولا يتبناه على الإطلاق، والدليل انه تلقى الانتقادات من فريقي الموالاة والمعارضة، و«أنا ضدّ المصطلحين». برأيه فإنّ السؤال الأهم هو موقف الطبقة الوسطى. «ربما أتفهّم موقف المستفيدين من النظام، أو ممن هم ضدّه، لكنّ صمت تلك الطبقة خطير، وقد أحبط جزءاً كبيراً من الشارع». ويوضّح وهبي سوء التفاهم الذي حصل في المسلسل، وهو اعتبار شخصية الشاب يوسف، تجسيداً لشخصية الشهيد باسل شحادة. يتأسف كيف تمّ اللعب والمتاجرة في هذا الموضوع، يوجّه وهبي اعتذاراً حصرياً لوالديه «في حال جرحت مشاعرهما»، وهو يؤكّد انه استلهم بعض ملامح الشخصية، لكنّه لم يكن توثيقاً لحياته على الإطلاق.

وفي وقت يحضّر فيه لعمل جديد قديم، «ملفات مغلقة»، تبقى فكرة ورغبة «سنعود بعد قليل» يومية، «شئنا أم أبينا ورغم كل ما يحدث، رح نرجع بعد شوي».