2013/08/28

هبة نور
هبة نور

 

سامر محمد اسماعيل - تشرين

 

 

بعد انقضاء عروض الدراما السورية لهذا الموسم الرمضاني، سيلاحظ المتابع لمجمل أعمال رمضان 2013 أنها تميل إلى ثيمة الخيانات الزوجية،

والضعف الجنسي، والاغتصاب، وسفاح القربى، ففي مسلسل «سنعود بعد قليل-رافي وهبي-الليث حجو» تبرز خيانة «كريم-باسل خياط» لزوجته «لينا-سلافة معمار» مع «ريم- كارمن لبس» إلى خيانة «دينا-نادين الراسي» زوجها- رجل الأعمال-بيير داغر أثناء غيابه في عمله بدبي عبر علاقة مع شاب تتعرف إليه عبر الفيس بوك، فيما تخون «ميرا- غيداء النوري» مخرجة المسرح، حبيبها مع شاب آخر، بينما يبني مسلسل «صرخة روح» خماسياته بالكامل على ثيمة الخيانة الزوجية، ولاسيما في خماسية «أهواء محرّمة» حيث قدم كل من الفنانين بسام كوسا وديمة قندلفت أنموذجاً صارخاً في هذه الخماسية عن خيانات تدور ليلاً ونهاراً على مساحة الفراش الزوجي، أو كما في خماسية «ستائر زوجية» وخماسية «خيانة خرساء» التي كتبها كل من عبد المجيد حيدر ولمى إبراهيم، حيث انتهت هذه الخماسية من «صرخة روح» بمقتل «لانا-هبة نور» على يد «رامي-يزن السيد» شقيق زوجها، وذلك بعد تهديدها له بقتل أخيه وإرسالها الرسائل القديمة بينهما لخطيبته بهدف إفشال علاقتهما في سبيل بقائه معها، حيث يتخلص منها «رامي» بخنقها داخل غرفته وهو يتذكر مشهد وفاة والدته عقب رؤيتهما سوياً على سرير الغرام.
الحضور القوي للخيانة الزوجية كان في مسلسل «سكر وسط» لمؤلفه مازن طه ومخرجه المثنى صبح، حيث نشاهد اتهام «نبيل- ميلاد يوسف» زوجته «جمانة- ندين تحسين بك» بإجهاض حملها الثاني منه، وأنها على علاقة مع رجل آخر، لتنتهي قصتهما بطلاق مبين، تمهيداً لعلاقة مصالح متبادلة بين «جمانة» موظفة هيئة عقارية في الدولة مع رضوان-  «عباس النوري» تاجر العقارات، بينما نشاهد خيانة «سعاد- ميرنا شلفون» لزوجها «عصام- خالد القيش» سائق التاكسي المصاب بالضعف الجنسي  مع «جلال- مصطفى سعد» طبيب الحارة الذي يلجأ إليه كل من الزوج المخدوع والزوجة الخائنة؛ فيلتقيان لديه «بالصدفة» كما في كل أفلام العربي ذائعة السيط، كما نشاهد في «سكر وسط» حوادث إجهاض بالسرّ، يجريها أطباء ضعيفو نفوس، إذ يستدرج «وائل- يزن الخليل» زميلته في الجامعة «عزة- حلا رجب» إلى بيت صديقه فيفقدها عذريتها!..ليكتشف المشاهد بعد عدة مشاهد من الحلقة الخامسة بأن «عزة» حامل؟!. حيث تبدو الرغبة قوية لدى كاتب «سكر وسط» على إقحام العديد من مشاهد على نحو «اغتصاب بالرضا» وإجهاضات متتالية، مع خيانات متواترة بين رجل وامرأة يزوران طبيباً واحداً، فالرجل عنين يشكو حسرته وعدم اقترابه من زوجته، والزوجة تتحول بقدرة قادر إلى نجمة من نجمات البورنوغرافيا، حيث يأتي حوار «سعاد - ميرنا شلفون» لطبيبها الشاب: «حرارتي وصلت للألف يا دكتور.. الله وكيلك ما عام نام من  الحرارة طول الليل»! ليتحول السرير الطبي إلى سرير للغرام مع طبيب شاب والانتقام من زوج خانته القدرة! طبعاً دون أن نعرف شيئاً يذكر عن ماضي الزوج وحالته النفسية التي يثبت له غريمه- الطبيب الشاب أنها السبب في بقائه مع زوجته بعد أشهر من الزواج كالإخوة!؟
حدث في دمشق
مسلسل «حدث في دمشق» يطرح علاقة خيانة زوجية أيضاً من داخل البنية الدرامية للمسلسل، لا بقصد اللعب على الغرائز، فعلاقة المرأة اليهودية «وداد- سلاف فواخرجي» و«أبو علي -بائع الكعك-محمود نصر» في غياب زوجها في سفره «فؤاد- مصطفى الخاني» كانت خطاً درامياً متقناً وبعيداً كل البعد عن الابتذال البصري الذي قدمته معظم أعمال الدراما السورية لهذا الموسم، ولاسيما عندما يختتم  مخرج العمل الفنان باسل الخطيب مسلسله بمشهد غاية في الرقة بين الحبيبين، بعد أن يموت «أبو علي» مستشهداً على أرض فلسطين مع رفاقه من جيش الإنقاذ، ليمد يديه لمحبوبته العجوز، اليهودية الشامية التي ظلت الشام في جوارحها بعد كل هذه السنوات، فعلى الرغم من كل ما حاوله زوجها «فؤاد» عميل الوكالة الصهيونية أن يشطبه من ذاكرة زوجته إلا أن «وداد» تموت في أمريكا وهي تمد يدها لخبز الشام وياسمينها، قصة حب كتبها عدنان العودة عن رواية قحطان مهنا «وداد من حلب» والتي حققها صاحب «رسائل الحب والحرب» بأناقة عالية المستوى، مشتغلاً على شخصيات مسلسله وبيئته البصرية اللافتة.
لنكون بعد إيراد هذا الغيض من فيض؛ أمام مسلسلات لدراما سورية يبدو أنها تبنت نهائياً جرأة اجتماعية، يصفها البعض بأنها اكتساح لخطوط حمراء، ما كانت لتظهر بهذه الغزارة لولا الرد العفوي للأعمال السورية على مشهد التعصب والتطرف الديني الذي تعاني منه سورية في ظل صراع دامٍ بين قوى علمانية معتدلة ومدنية وبين سلفية دينية ذات طابع تكفيري متطرف تقوم ميليشياتها  الدموية بإقامة المحاكم الشرعية، وتنفذ عمليات الرجم والجلد وقطع الرؤوس على الشبهة، وعلى رؤوس الأشهاد بحق رجال ونساء سوريين، مسوغةً فتاوى الجهاد الجنسي.
بالمقابل لا يمكن تبرئة معظم الأعمال الدرامية لهذا العام من جنوحها إلى ما يشبه «دراما صفراء» اعتمدت على محاكاة الغرائز والفضائحية واللعب على تابو الجنس كأفيون يطرب له المشاهد العربي، حتى ولو على حساب احترام عقله والنهوض بذائقته الفنية، ما يجعل الدراما السورية لهذا العام «للكبار فقط».!