2013/10/15

الصافي خلال حفلة تكريمه في دار الأوبرا السورية، بمناسبة عيد ميلاده التاسع والثمانين، في 28 تشرين الأوّل 2010
الصافي خلال حفلة تكريمه في دار الأوبرا السورية، بمناسبة عيد ميلاده التاسع والثمانين، في 28 تشرين الأوّل 2010

 

فاتن حموي – السفير

 

 

تترقّب وسائل الإعلام عادةً، لحظة الموت: الموت برصاصات طائشة، أو بمتفجّرات متحرّكة، أو اغتيالاً... اعتدنا خبر الموت، خبزناه وخبزنا بخميرة اللامبالاة أحياناً، والغَوْص في طحين التفاصيل أحياناً أخرى. عانق وديع الصافي الموت، وإذا بالشاشات في الأمر. غادرنا المطرب اللبناني الكبير في الثانية والتسعين من عمره، على سريره في المستشفى، ولم تنل من أنفاسه يد غدر. الطامحون للعيش في بلد يعرف قيمة كباره، شعروا خلال الأيام الماضية بطعنة في الصميم، بسبب التعاطي الإعلامي والرسمي الخجول مع رحيل واحد من عظماء العرب في القرن الماضي.

لحظة إعلان رحيل الصافي جسداً، مرّت كأيّ خبر عاجل في شريط إخباري، على معظم الشاشات. لا ملحق، ولا تعليق للبرامج المعتادة. وحده «تلفزيون لبنان» أخذ على عاتقه تكريم الصافي ليلة الوفاة، من خلال عرض تسجيلات من أرشيف الراحل الكبير. من جهتها، ذيّلت شاشة «أو تي في» شعارها بالأسود، وعرضت فيلماً تلفزيونياً عن الصافي. معظم الشاشات الأخرى، آثرت الاهتمام بخبر الرحيل ضمن نشرات الأخبار فقط، باستثناء قناة «المنار» التي غيّبت خبر الوفاة والجنازة تماماً.

خلال الأيّام الماضية، أخرجت الشاشات ما في عباءة أرشيفها من حلقات مع الراحل، وأغانٍ وكليبات، وتفرّدت «أم تي في» بعرض حلقة وداعيّة للصافي قدّمتها الإعلاميّة ريما نجيم. استضافت الحلقة رفاق درب الصافي، وبعض أفراد عائلته، وبعض من تتلمذوا على يده. كانت تلك التحيّة الواجبة، أقلّ ما يمكن أن يقدّم احتراماً لتاريخ صاحب «يا ابني». من جهتها، استعادت الإذاعات لقاءات مع الراحل في اليومين الماضيين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فتحت «صوت الغد» مساء الجمعة الهواء لاستقبال التعازي من الفنانين والإعلاميين. في حين علّقت إذاعة «جرس سكوب» بثّها بالأمس حداداً على الراحل، امتثالاً لطلب من الفنان ملحم بركات. وبالأمس أيضاً، اتّحدت كلّ الشاشات اللبنانيّة في مشهد نادر، لنقل مأتم الصافي وجنازته. كان ذلك أشبه بتعويض منقوص، عن التعاطي الرسمي الذي جاء دون مستوى الحدث، غير مبالٍ بعطاءات الصافي للبنان.

على المقلب الآخر، ضجّت شبكات الإعلام الجديد برحيل الصافي، وصدحت أغنياته على الجدران الافتراضية. دعوات من كل الاتجاهات لإعلان يوم حداد وطني، لمن انصهر صوته بحبّ الوطن، وبصفاء الأغنية اللبنانية. بعضهم اختار مفردات الوداع مطرّزة بكلمات أغنياته. فنانون وإعلاميون وسياسيون وناشطون، كانوا سباقين بأداء واجب العزاء بشكل مؤثر أو مبالغ فيه أحياناً، ومن بينهم من لم يطمئنّ على الصافي باتصال هاتفيّ يوماً وهو حيّ يرزق. المغالاة في الوداع تشبه اللامبالاة. الصمت في حرم الموت مصيبة، والكرنفالات الكلامية في قلب الموت مصيبة أكبر.

 

سيرة الصافي على «الجزيرة»

 

 

تعرض قناة «الجزيرة وثائقية» عند الثامنة مساء يومي الجمعة والسبت (18 و10/19) وثائقياً من إنتاجها تحت عنوان «وديع الصافي». العمل من إنتاج عصام دكروب صاحب شركة «نيوز تايم»، وإخراج الفوز طنجور، إعداد بيسان طي وسماح دكور، تصوير أحمد دكروب، ومونتاج محمد حنون.

يقول دكروب لـ«السفير» إنّ الوثائقي جاهز منذ سنة، وبرمجة «الجزيرة الوثائقية» حالت دون عرضه قبل وفاة الصافي، «وها هي اليوم تعرضه تكريماً للراحل».

يتضمّن الوثائقي الذي يمتد على سبع وأربعين دقيقة مجموعة مقابلات مع الصافي وعدد من أفراد عائلته. الصافي هو الحاضر الأكبر في هذا الوثائقي، إذ يسرد ذكرياته بالتفاصيل في أماكن مختلفة من بينها بيته في بعبدات والمستشفى حيث كان يتلقّى علاجه العام الماضي، ويتحدّث عن الصعوبات التي اعترضت طريقه الفنية، كما نشاهد الصافي يحتفل بعيده الحادي والتسعين.

يتضمّن الوثائقي الذي استغرق العمل على تصويره حوالي الخمسة أشهر مجموعة شهادات من بينها للفنانة سعاد هاشم التي شاركته في مهرجان الأنوار في الستينيات، والناقد الموسيقي الياس سحاب وعازف القانون كمال طبارة ولآخرين.