2014/01/19

رنا كرم
رنا كرم

 

أمينة عباس - البعث

 

 

حين تقيِّم الفنانة الشابة رنا كرم مسيرتها الفنية التي بدأت عام 2009  في حوارنا معها تؤكد أنها مسيرة لازالت متواضعة، موضحة أنها بدأت بالعمل في السنة الثالثة أثناء دراستها الأكاديمية في المعهد العالي للفنون المسرحية عام 2008 ومنذ ذلك الوقت وهي تحاول أن تقدم ضمن الإمكانيات المتاحة ما هو مختلف وجديد سواء عبر التلفزيون أو المسرح أو السينما، وإن كانت ترى بأنها لم تقطع شوطاً كبيراً في التليفزيون لأن الأدوار التي استطاعت تقديمها لم تكن متنوعة وغنية كما كانت ترغب، باستثناء بعض الأدوار التي كانت سعيدة بأدائها، ولكن ما يعزيها أنها في بداية الطريق وتتطلع إلى مستقبل أفضل. ولأنها كانت من الفنانين الجدد القلائل الذين حصلوا على أدوار بطولة في بداية مسيرتهم، حيث حصلت على دور بطولة بعد سنة من تخرجها تبيّن أن هذا شيء صعب عموماً، وأن الحظ والصدفة لعبا دوراً كبيراً في الأدوار التي قُدِّمَت لها، مبينة أنه عند تخرجها كانت هناك رغبة عامة لدى المخرجين بالتوجه إلى جيل الشباب الجدد، وخاصة خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لرغبتهم بإدخال دماء جديدة على الدراما، أو لأسباب إنتاجية بحتة، ولكن بغضِّ النظر فقد كان هذا برأيها يتيح الفرص أمام الخريجين الجدد، وكثيراً ما كان المخرجون يقومون بما يسمى "الكاستينغ" لاختيار وجوه جديدة، أما عن كيفية التعامل مع هذه الفرص فبرأيها يجب على الفنان الشاب أن يتعامل بجدية كبيرة معها ويبذل قصارى جهده ليثبت بأنه ممثل جيد ومجتهد، وألا يسمح لهذه البطولات المبكرة بأن تدخل لقلبه الغرور لأنه مقتل الفنان.

روزنامة

وعن مشاركتها في مسلسل "روزنامة" الذي تعرَّض لانتقادات كثيرة أهمها أنه ليس بهذا الشكل نسلط الضوء على حياة طلابنا في الجامعة تشير إلى أن مسلسل "روزنامة" عمل اجتماعي لايت، أي أنه لم يطرح نفسه على أنه عمل اجتماعي يطرح قضايا هامة، بل هو طَرَح جانباً من حياة طلاب الجامعة، ولكن كان من الأجدر برأيها التصدي لهذه المرحلة الغنية جداً بطريقة مختلفة تماماً عما قُدِّم.. أما بالنسبة للأعمال الشبابية بالعموم فتبين أنها وقعت في مطب الاستسهال والأفكار الخفيفة التي لا تعكس ولا تعبِّر عن حياة شبابنا السوري المليئة بالتعقيدات والمشاكل التي تستحق تسليط الضوء عليها بطريقة أكثر متانة وجدية، وتأسف لأن الأعمال الشبابية التي قُدِّمت بالعموم ذهبت باتجاه التهريج شكلاً ومضموناً.

لا أحب أعمال البيئة الشامية

وتوضح كرم وهي التي صرحت أكثر من مرة أنها لا تحب أعمال البيئة الشامية وإن    شاركت في معظمها: "الحصرم الشامي-زمن البرغوت-طالع الفضة-الدبور" أنها قالت ذلك  لأنها لا تفضِّل الهروب من الواقع للتغنّي بالماضي، وخصوصاً عندما يُقدَّم هذا الماضي بطريقة مشوهة وبحقائق تاريخية مغلوطة ليكرس عادات وتقاليد بالية تكرس لمجتمع ذكوري قائم على تهميش الدور الثقافي والاجتماعي للمرأة، مبينة أن هناك نوعين من الأعمال الشامية: الأول قدم الحكاية الشعبية البسيطة بشخصيات أحادية الجانب، وهذا ما لا تميل إليه مطلقاً.. والنوع الثاني حاول تأريخ حقبة هامة من تاريخ دمشق بجرأة عالية، فيه الشخصيات أكثر تعقيداً وتركيباً، وهو ما تفضِّله كممثلة.

الكوميديا تحتاج إلى مغامرة

ولأنها مقتنعة أن الكوميديا تحتاج إلى مغامرة فإنها لا تقبل أنصاف الحلول، فهي إما أن تنجح أو تفشل فشلاً ذريعاً، وأن هناك خطاً رفيعاً بين التهريج والكوميديا الحقيقية، لذلك فالمعيار الأول بالنسبة لها عندما تريد أن تقدِم على هذه الخطوة هو جودة النص لأن العمل الكوميدي الناجح يحتاج إلى نص كوميدي متين جداً لتأتي بعدها بقية العناصر الفنية التي بدورها يجب أن تكون قوية لضمان نجاح العمل، ولذلك عندما يأتي مثل هكذا نص ستقدِم على هذه المغامرة بلا شك.

الجرأة في الدراما

وعن مفهومها للجرأة في الدراما وهي التي  تحدثت في حواراتها الأخيرة عن دورها الجريء والمختلف في مسلسل "نساء من هذا الزمن" ترى أن الأدوار الجريئة هي التي تطرح أفكاراً ومفاهيم جديدة أو تسلط الضوء على مشاكل حقيقية يعتبر المجتمع الخوض بها من المحرمات، مشيرة إلى أن مهمة الفن الحقيقي هي طرح مثل هذه الأفكار لتصبح قابلة للنقاش وليتحرر المجتمع من بعض قيوده أو ليواجه بعض مشاكله بجرأة أكبر، موضحة أنها لا تقصد هنا الجرأة بمنظورها الضيق وبالأدوار المتعارف عليها عموماً.. وعن حمّى إقدام الدراما السورية والعربية في السنوات الأخيرة على تناول عالم المرأة تشير في البداية إلى أن التوجه نحو قضايا المرأة في المسلسلات السورية والعربية عموماً له عدة أوجه، فبعض المسلسلات استخدم المرأة كسلع ترويجية لبيع المسلسلات ولم تقدم هذه المسلسلات أو تطرح أية قضايا حقيقية تهم المرأة، وبالمقابل هناك بعض المسلسلات التي حاولت تسليط الضوء على هذا العالم الغني والمهم بما يحمله من مشاكل وتعقيدات، مبينة أن المجتمع العربي لم يكن يجرؤ في السابق على طرح هذه القضايا، ولذلك ترى أن هذا الاهتمام نابع من حاجة حقيقية لمزيد من الاهتمام بالمرأة وقضاياها وهمومها.

عدم وجود معايير

وتأسف كرم لعدم وجود معايير بالنسبة لمشاركات الفنان التي تتأرجح من سنة لأخرى، فهناك بعض السنوات التي قد نرى فيها ممثلاً متواجداً في معظم المسلسلات، وفي السنة التالية لا نجده على الساحة الفنية، وهذه برأيها مشكلة حقيقية، ولهذا ولنفس السبب توضح أنه ليس بالضرورة أن يكون النجم فناناً موهوباً ليكون نجماً، وبالمقابل هناك الكثير من الفنانين الموهوبين لكنهم في الظل ولم يأخذوا حقهم في العمل والشهرة.

أحب الأدوار الصعبة

وتبين كرم وهي التي قالت سابقاً: "لم أرفض إلا الأدوار التي أفضِّل ألا أخوضها" أما الدور الذي لا يغريها فهو الدور البسيط الذي لا يحتاج إلى جهد وبحث، بغضِّ النظر عن حجمه لأن مساحة الدور قد تكون كبيرة لكنها لا تقدم جديداً ولا تملك مساحة حقيقية للّعب، وبالمقابل هناك دور صغير من ناحية عدد المَشاهد ولكنه يستفزها كممثلة ويبرز طاقاتها الأدائية، لذلك تحب  كرم الأدوار الصعبة التي تتطلب جهداً حقيقياً، وتحب التنوع في الشخصيات وهو ما تجد صعوبة فيه بالتلفزيون لأن الكثير من المخرجين يفضِّلون تنميط الممثل في نمط واحد من الأدوار ولا يغامرون بإسناد أدوار مختلفة عمّا سبق وقدمه الممثل في أعمال سابقة .

الدجاجة السوداء

وتختتم كرم حوارها مع "البعث" مؤكدة أنها تحب المسرح وتجد فيه مساحة حقيقية لاختبار أدواتها كممثلة، كما تحب التنوع في تجاربها لأن كل تجربة لها خصوصية وتعطيها معرفة وغنى، ولذلك أحبت أن تشارك في  مسرحية "الدجاجة السوداء" التي عُرِضت مؤخراً وقد كانت هذه التجربة بالنسبة لها غنية من الناحية الفنية والمعنوية، حيث استمتعت كثيراً بها لأن عالم الطفل عالم غني وخصب وجميل، موضحة أن الجميع حاول في هذا العمل تكريس قيم الجمال والصدق والوفاء عند الطفل بطريقة فنية تترك لخيال الطفل المساحة الأكبر.