2014/04/14

الصوت الجهوري صمت للأبد
الصوت الجهوري صمت للأبد

 

وائل العدس – الوطن السورية

 

 

شيعت الأوساط الفنية والشعبية يوم أمس الفنان القدير عبد الرحمن آل رشي عن عمر ناهز الـ83 عاماً، قضى ثلثيها على خشبات المسارح وبين أروقة الدراما والسينما، بعدما وافته المنية يوم أمس الأول إثر أذية تنفسية أسدلت الستار على حياته.

غادرنا نجم ساطع في سماء الفن السوري، فاختتم مسيرة فنية حافلة قدم خلال عشرات الأعمال، تاركاً أثراً جلياً على وطن طالما تغنى به ومجّده.

فارق الحياة وقلبه يحترق على بلده الذي أبى أن يغادره مهما صعبت الظروف، فعاش تحت ظلال سورية بحلوها ومرها وبقي متمسكاً بها حتى آخر رمق في حياته، وختم حياته بكلمات مؤثرة قائلاً «كل شي اتدمر.. رح يتعمر»، وخاطب أبناء سورية «سيبقى الهدامون يلهثون وراء البنائين».

رأساً على عقب

كان يخاف من والده كثيراً، فتحول عن الفكرة ولم يدخل مجال التمثيل إلا بعد وفاته من خلال النادي الشرقي عام 1955 الذي ضم أعضاء متمكنين في اللغة والأداء والقراءات، ووقتها شعر بأن مستواه الثقافي سيّئ عندما توقف تعليمه عند الشهادة الإعدادية فواظب على القراءة وقلب حياته رأساً على عقب، حتى بات يحفظ أكثر من ألف بيت من الشعر العربي.

عاش الحياة بألوانها المختلفة وعوالم كثيرة كشفت له عن دواخل إنسانية متنوعة بفقرها وغناها وسطحيتها وعمقها، فهناك الشخصية الشريرة النظيفة التاريخية والمعاصرة، شخصية الحاكم والفقير وغيرها.

لكن اللافت أنه جسد جميع الشخصيات تقريباً عدا شخصية الإنسان الثعلبي الطباع والجبان لأنه شكله وصوته لا يتناسبان معها.

صوت جهوري

اشتهر الراحل بنبرة صوته المميزة، والكاريزما الخاصّة التي منحته تأثيراً لا ينسى في أذهان وأسماع جمهوره العريض، فكان يمتلك صوتاً جهورياً، مكّنه من الغناء.

وكانت أبرز محطاته الغنائية الوطنية أغنية «أنا سوري آه يا نيالي»، إضافة إلى مشاركته أخيراً في الأوبريت الوطني «كل شي تدمّر رح يتعمّر»، برفقة عدد من نجوم الطرب والغناء والفن.

مشاركات متنوعة

تعددت مشاركات آل رشي في مختلف المجالات الفنية، فشارك في السينما السوريّة، بصورةٍ مكثفّة خلال سبعينيات القرن الماضي، وكان بطلاً للعديد من الأفلام السينمائية، كفيلم الثعلب عام 1971، اليازرلي، والسيد التقدمي، وكفر قاسم، والمخدوعون 1974، والفخ 1979»، والمطلوب رجل واحد.

ومن أعماله المبكرة في التلفزيون «مذكرات حرامي» الذي قدمّه أواخر الستينيات، تحت إدارة المخرج علاء الدين كوكش، وتعاون معه مجدداً في أحد أشهر المسلسلات البدوية «راس غليص» أواسط السبعينيات الذي أخرجه المخرج القدير علاء الدين كوكش، وكان من إنتاج (تلفزيون دبي)، حيث صور بالكامل بعربة النقل الخارجي في منطقة العوير في دبي.

وتسجّل ذاكرة الدراما السورية للممثل الراحل العديد من الأدوار البارزة، نذكر منها: «الأزرق» في مسلسل غضب الصحراء 1989، و«ريّس المينا» بمسلسل «نهاية رجل شجاع» 1993، و«جنكيز خان» أحد أبطال مسلسل «هولاكو» 2002.

كما كان آل رشي أحد أبرز نجوم «الأعمال الشامية»، عبر أدوار جسّد فيها قيم النخوة، والشهامة، والبطولة، ومنها: «أبو جواد» في «الخوالي» سنة 2000، و«الزعيم أبو صالح» بالجزأين الأول والثاني من السلسلة الشاميّة الشهيرة «باب الحارة، « و«أبو بطرس الزكرتي» بمسلسل «رجال العز» 2011، وشارك ببطولة «قمر شام» 2013.

ومن أعماله أيضاً: الحوت، والعبابيد، وجواهر، وتاج من شوك، وملوك الطوائف، والطير، وزمان الوصل، وبقعة ضوء، والظاهر بيبرس، وأنا وأربع بنات، ورحلة المشتاق، وجريمة بلا نهاية، وصلاح الدين الأيوبي، وزمان الوصل.

بعد الممات

يعود آخر عمل ظهر به على الشاشة إلى العام الماضي عندما لعب دور البطولة في مسلسل «قمر شام»، لكنه لن يكون غائباً عن المائدة الرمضانية لموسم 2014 حيث انتهى قبل مماته من تجسيد شخصّية «أبو سالم» زعيم حارة «الشاغور» في مسلسل «الغربال»، من تأليف سيف رضا حامد، وإخراج ناجي طعمي.

طرفة

يمتاز الفنان الراحل بدماثة خلقه وخفة دمه، وأسر قبل عامين بسر لموقع النشرة اللبناني حيث روى طرفة: بعد الانتهاء من تصوير أي مسلسل، لا أعود أذكر عنه شيئاً.. أنسى كل شيء عنه، ونادراً ما أشاهد مسلسلاً عند عرضه.. وحتى النص الورقي للعمل كنت أعطيه لأولادي حين كانوا صغارا ليكتبوا على الجانب الآخر من الصفحات ما يشتهونه.

مات واقفاً

عندما غيبت الدراما السورية الكثير من نجومها وعمالقتها خلال العامين الماضيين، علّق آل رشي في أحد حواراته الصحفية قائلاً: أهنئهم على وفاتهم... «نيالون» لأنهم رحلوا وقاماتهم واقفة وليسوا أذلاء، هم وجدوا طريقهم على حين نحن مازلنا نجهل شكل طريقنا وما الذي ينتظرنا.

وعند سؤاله: هل تخاف من الموت؟ أجاب: لماذا الخوف؟ أنا ضده وهو مرفوض كلياً لدي... لم أفعل شيئاً يستدعي الخوف، والله غفور رحيم.... ما يهمني أن أموت واقفاً، تجربة الحياة سيعيشها الإنسان شاء أم أبى، وكل امرئ سيّر لما خلق له.

رثاء إلكتروني

بكلمات يكسوها الحزن، عبّر الفنانون السوريون عن عميق حزنهم لفقدان أحد عمالقة الفن في سورية والوطن العربي، فاستغلوا مواقع التواصل الاجتماعي ليرثوا زميلهم الذي أحبوه، وهذا ما كتبوه باللغة الفصحى واللهجة المحكية:

أمل عرفة: ما زال غياب الكبار مستمراً، عبد الرحمن آل رشي وداعاً.

إسماعيل مداح: قامة كبيرة من قامات سورية، إننا لمفجوعون على رحيلك، رحلت جسداً لكنك سوف تبقى حاضراً في قلوبنا وفي ذاكرتنا الجميلة التي تركتها، من منا سوف ينسى صوت الحق الصوت الوطني؟ الفنان الإنسان الذي تشرف كل من تعرف عليك بأنه نال شرف أن يقف أمامك في أعمالك الخالدة، ومن منا سوف ينسى مواقفك المشرفة الوطنية وخوفك على بلدك، أنت صوت كل مواطن سوري شريف، وسوف يبقى علمنا يلالي في العلالي وبصمة صوتك سوف تبقى المحرض الأول بصدق انتمائنا لسورية العظيمة التي أحببت وتوجتها بمواقفك، برحيلك خسرت سورية أحد أركانها وأعمدتها التي وقفت بوجه كل التحديات، لروحك السلام العراب والفنان الإنسان.

أيمن زيدان: رحيل الكبير والصديق عبد الرحمن آل رشي فاجعة كبيرة، هاهو عمود من أعمدة الزمن الجميل يهوي تاركاً وراءه إرثا للأجيال.. رحمك اللـه أيها الكبير كم كنت رجلاً وفناناً من ذهب، الفاجعة اكبر من الكلمات.. وداعاً.

تامر اسحق: سيبقى صوتك حاضراً.. سيبقى كل ما قدمت حاضراً.. سيبقى حضورك وشموخك وقوتك حاضرة، ستبقى عبد الرحمن آل رشي حاضراً معنا على طول الأيام...... لن ننساك أبا محمد.

تولاي هارون: رح افتقدك ورح اشتقلك، اللـه يرحمك ويرحم ترابك.

جيهان عبد العظيم: اللـه يرحمك أستاذنا وشيخ الفن أستاذ ويصبر عائلتك.

ديمة الجندي: يستمر الموت بحصد أرواح من نحب، الرحمة لروح الكبير عبد الرحمن آل رشي، لترقد روحك بسلام.

ديما بياعة: أحياناً يكون الخبر كارثة وعند ذلك لا يعود خبراً، ما سمعته لا يمكن تصوره لا بالواقع ولا بالخيال أو بالذهن، كان عبد الرحمن آل رشي أستاذ الجميع وكان صوته موزعاً للجميع بالتساوي، خدم كل الأجيال، جيله والجيل التالي والثالث، جيلنا، وحتى الجيل الجديد. لم يترك سؤالاً إلا وأجاب عليه، كان قوي الشخصية حاد الصوت، لا يخشى شيئاً لأن ثقته بنفسه كانت جواز سفر له في الحياة التي توقفت عنده اليوم، الرحمة عليك يا أستاذ... سنشتاق إليك كثيراً.

ديمة قندلفت: لروحك الطاهرة المعطاء كل الرحمة والسلام.. لفنك الخلود.. ولذويك أحرّ التعازي.. فليكن ذكرك مؤبداً.. وداعاً أيها العظيم.

دينا هارون: يستمر الحزن بملاحقة أرواحنا والموت يسرق منا أهم الشخصيات التي سجلت بصمة قوية في تأسيس الدراما السورية، واليوم نودع شخصية كنا نفتخر بانتمائها لدرامانا، الهرم عبد الرحمن آل رشي.. الخال.. الرحمة لروحك النقية يا كبير.. وداعاً.

روعة ياسين: عمو أبو محمد اللـه يرحمك ويصبر عيلتك محمد وهدى وإيمان وصديقة طفولتي هلا، كل الرحمة للفنان الكبير والصبر والسلوان للأسرة ولكل محبيك البقاء لله.

رغداء هاشم: 27 يوماً بين وفاة الفنان وفيق الزعيم والفنان عبد الرحمن آل رشي، حياة قصيرة مهما عاش الإنسان، اللـه يعفي عنا يارب ويسامحنا.

عدنان أبو الشامات: نجم في الحضور.. ونجم في الغياب.. رجل، وفنان من طراز فريد ونادر.. عبد الرحمن آل رشي... أيها الكبير... الكبير.. أنحني لك احتراماً... وأبكيك وداعاً.

سلمى المصري: وداعا عبد الرحمن، ستغيب عنا جسداً ولكنك باق في قلوبنا وذاكرتنا رحمة اللـه عليك أيها الزعيم، رحيلك خسارة كبيرة للدراما السورية لا تعوض وخسارتنا كبيرة نحن كفنانين، كنت الأب والصديق بروحك الحلوة، رح نستفقدلك ونشتقتلك كتير ونشتاق لصوتك وحضورك.

شكران مرتجى: من قال «أنا سوري آه يانيالي» سيضمه ترابها، الرحمة لروحك.

فراس إبراهيم: في النهاية وصلت إلی النقطة التي سنصل إليها جميعاً.. لم تستثن من الغياب والموت كما كنت تتوقع وتتحدی أيها الفنان الكبير الساخر.. عزاؤنا أنك لن تشعر بالوحدة والغربة هناك حيث ستجد بانتظارك الكثير من الأصدقاء الذين رحلوا في زمن الرحيل الجماعي هذا.. فسلام لكم وسلام عليكم!!!

فراس دهني: رحمك اللـه أيها الفنان الشامخ.. لن تتكرر.. عبد الرحمن آل رشي.. أحد أعمدة الفن السينمائي العربي.. أحد أعمدة الدراما التلفزيونية.. بعمله المتقن والتزامه غير المحدود.. اللـه يرحمك أبو محمد.

لمى إبراهيم: قامة أخرى من تاريخ الدراما السورية ترحل عنا لتنضم إلى أساتذتنا ورفاقنا فوق في سماء سورية، أستاذنا الكبير عبدالرحمن آل رشي ألف رحمة تنزل على روحك، ستبقى أبداً في ذاكرتنا وصوتك الاستثنائي سيبقى حاضراً عندما نذكر جملة «أنا سوري آه يا نيالي ولالي لالي لالي يا علمنا لالي بالعالي»، سلم على الكل فوق مارح انسى خفة دمك معنا بقلب التصوير، حتى تعصيبك كان الو خفة دم، اللـه يرحمك.

محمد خير جراح: أنا سوري آه يا نيالي.. أستاذنا عبد الرحمن آل رشي عمي أبو محمد.. ستظل ذكراك خالدة أيها الفنان الإنسان.. لروحك الرحمة والمغفرة ولأهلك ولنا الصبر والسلوان

مصطفى الخاني: اللـه يرحمك يا كبير، سيبقى هدير صوتك في وجداننا وقلوبنا.. وفي وجدان وطننا وقلبه، يا من قلت (أنا سوري آه يانيالي) لك الرحمة ولذكراك المجد وعلى روحك السلام.

مها المصري: رحيله خسارة للفن السوري رح نستفقدلوا كتير، رح نستفقد لروحه الحلوة ولكنه باق في الذاكرة وفي القلب ولن ننساه.

هبة نور: لن تغادر قلوبنا وذاكرتنا... عم نخسر كبار نجوم الدراما السورية بس رح بيقوا موجودين بقلبنا وذاكرتنا.

نور شيشكلي: كل يوم بنودع علم من إعلامنا.. كل يوم بنودع شمعة احترقت لتضويلنا الطريق.

ندين تحسين بيك: يبدو أن الموت مر فاستقر بيننا، يخطف منا بركة تلو الأخرى، عبد الرحمن آل رشي.. الرحمة لروحك.

غياب وتنكر

رغم عبارات العزاء الرنانة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الفنانين تنكروا لفضل وجميل زميلهم على الدراما وسجلوا غياباً جماعياً عن مراسم التشييع كما هي عادتهم عند المناسبات البعيدة عن الأضواء.

ورغم أن أسرة مسلسل «الغربال» علّقت التصوير يوم أمس حداداً على روحه، إلا أن أياً منهم لم يكلف خاطره ليشارك في وداعه، باستثناء الفنان القدير محمد الشماط والمخرج المسرحي عروة العربي ومدير الإنتاج سامر الطويل.

وأربكت أسرة الراحل بعض الفنانين القلائل عندما غادروا المستشفى وتوجهوا إلى المسجد باكراً، وشوهد سليم صبري وتولاي هارون وغادة بشور ينتظرون وداع آل رشي لكنه أبدوا حزنهم لأنهم لم يفلحوا بذلك رغم وصولهم في الوقت المحدد.

أما نقيبة الفنانين، فحضرت بسيارتها إلى أمام المسجد وبقيت داخل السيارة، وسألت عن كاميرا التلفزيون لتصرح وتقول: «أنا هنا».

أما وزارتا الثقافة والإعلام فقد غابتا أيضاً، علماً أن الثانية أثبتت حضورها عبر طاقة من الورود فقط.