2014/06/02

بقعة ضوء 10
بقعة ضوء 10

 

لؤي ماجد سلمان – تشرين

 

 

انتهى بعض الأعمال الكوميدية السورية من التصوير لموسم 2014 ودخل مرحلة منتجة الفكاهة, والبعض الآخر ما زال قيد التصوير

هو رهان صناع الدراما السورية للعام الثالث على التوالي على أنهم ماضون في الإخلاص لصنعتهم ولجماهيرهم رغم أشكال الحصار المختلفة التي حاولت فرضها الفضائيات العربية, أو نجوم اعتقدوا أن انسحابهم سيعطل, أو يطفئ بريق الدراما السورية في عيون المشاهد, حتى إن أغلبية الأعمال المنجزة أعمال كوميدية تحاول الصمود في زمن تراجيدي بحت, إذ بدأت شركة سما الفن بإنتاج مسلسل حقائب الذي يندرج تحت الكوميديا السوداء عن نص للدكتور «ممدوح حمادة» وتوقيع الليث حجو، وتروي حكايته ما يتعرض له بعض العائلات السورية بسبب الأزمة الراهنة, كما انتهى المخرج وسيم السيد من المسلسل الكوميدي «نيو لوك» من تأليف وئام إسماعيل وحسام جليلاتي, وهو عمل كوميدي ينتمي إلى فئة «سيت كوم», أيضاً تعود إلينا شركة شاميانا للإنتاج بجزء ثان من المسلسل الكوميدي الاجتماعي «سوبر فاميللي» إخراج فادي سليم عن نص: أسامة كوكش, تاج عبيدو, كما تستمر سلسلة «بقعة ضوء» في لوحاتها لتقدم الجزء العاشر إخراج عامر فهد, وتأليف مجموعة من الكتاب.

يمكن الجزم بأن كل الأعمال المدرجة على خريطة هذا العام ستحاول الاقتراب من الأزمة في سورية بشكل أو بآخر, وكونها كوميدية لن يسوغ خروجها من يوميات يعيشها المواطن السوري, إضافة إلى أن أحد أهم شروط التسويق هو تضمين الأزمة داخل الأعمال الدرامية, حتى تنال نسب مشاهدة أعلى, وخاصة أعمال الدراما الاجتماعية والتراجيدية والبوليسية إن وجدت على خريطة هذا العام, وقد استطاعت الدراما السورية النجاح في مواسم سابقة في بعض الأعمال في ملامسة الأزمة وفشل بعضها في تضمينها, لكن ذلك لم يؤثر في نجاح العمل أو فشله من نواح فنية أو في توصيل الفكرة الأساسية أو الرسالة التي يريد إيصالها للجمهور, لكن هل تستطيع الأعمال الكوميدية أن تعبر هذا الطريق الوعر بين الابتسامة والدمعة لتصل إلى الجمهور السوري, بعد أن تحول إلى شر البلية الذي يراد منه أن يضحك؟ فكل الأعمال والنصوص والبقع يحاول تناول سلبيات وأخطاء هذه المرحلة وتداعياتها على المواطن بشكل ساخر, ولا يمكن الحكم مسبقاً على خفة ظل العمل أو جمالية أسلوب معالجة القضايا المطروحة, ولاسيما أن أغلبية الأعمال تعتمد على النصوص المنفصلة المتصلة واللوحات الناقدة المستمدة من الواقع, وتوليفة عمل من الكوميديا والتراجيديا كشرط ليس من السهل تحقيقه, لخلق أعمال معاصرة تعبر عن سلوكياتنا وحاجاتنا ومعاناتنا اليومية, وخاصة أن فخ الكوميديا الهزلية منصوب في زمن تراجيدي بحت, ولا يجوز التهريج المجاني أو الإسفاف في الطرح بحيث يكون خارج السياق المراد تماما, إلا إذا توافرت عناصر معينة أهمها النص والرؤية الإخراجية التي وظيفتها تسليط الضوء على همومنا كمشاهدين واختزال معاناتنا بفلاشات تتمتع بالجرأة, من دون السقوط في التكرار والنمطية التي اعتادت بعض الأعمال طرحها فالرهان على النوعية لا الكمية, حتى إن اللجوء إلى بعض الأسماء في عالم الكوميديا ليس شرطاً أساسياً لنهوض العمل كما حاول بعض الشركات إقناعنا, كما شاهدنا في «صايعين ضايعين» على سبيل المثال لا الحصر, أيضاً البذخ في المال والجسد من دون طرح فكري أو مضمون كما في سلسلة صبايا لن يحقق النجاح المرجو في زمن الحرب, فاليوم الدراما السورية والكوميدية خاصة وصلت إلى مراحل متقدمة ولا يمكن إقناع الجمهور بأقل من المستوى الذي شاهده في السابق كما حدث في سلسلة بقعة ضوء, وخاصة أن المطلوب هو مخاطبة كل الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية في زمن بات الضحك والابتسامة عملة نادرة، وتبقى شكوانا وهمومنا, أحلامنا وأمانينا, حسرتنا ودماؤنا, داخل المرايا التي سوف نشاهد فيها صورنا, رهينة ساعات العرض الكوميدية, وأمانة في يد مخرجي الأعمال الكوميدية, وكتاب الواقع التراجيدي المضحك, فهل ستكون الأعمال الكوميدية رحلة استجمام خاصة للمشاهد السوري إلى واقعه فتذكره بحسرته ضمن قالب كوميدي, وهل سينجح صناع الدراما في انتزاع فتيل البسمة أم أننا سننتظر الكاميرا الخفية لتطل على المشاهد السوري, بكلاشينكوف, أو مسدس كاتم ضحك, أو قنبلة دخانية تفاجئ المواطن المسكين ويكون مادة للضحك لنخفف عنه؟