2014/07/08

في عيدها السابع  "شام إف إم" تحتفي بصورة "الإذاعة الشاملة"
في عيدها السابع "شام إف إم" تحتفي بصورة "الإذاعة الشاملة"

خاص بوسطة- محمد الأزن

حينما فكّر سامر يوسف بتأسيس إذاعته الخاصّة في العام 2006، أرادها إذاعةً بنكهةٍ سوريّة خالصة، خلافاً للموجة السائدة في الإذاعات السوريّة وقتها، والتي كانت تقلّد الأسلوب الإذاعي اللبناني الرائج، خاصّة فيما يتعلق بالبرمجة الموسيقية، أراد يوسف إعادة الاعتبار لـ"أًصحاب الحق الأصليين" من عمالقة الطرب، عبر بث أغانيهم الخالدة بأًصواتهم، وليس بأصوات المغنين الشباب كما كان دراجاً خلال تلك المرحلة، مع إعطاء الحصّة الأوفر لأغاني السيدة فيروز، وموسيقا الرحابنة، وأغانيهم، باعتبارها "تشبه سوريا أكثر من أي بلد في العالم، حتى لبنان" على حد قوله؛ فكانت "شام إف إم".

 

انطلق البث التجريبي لإذاعة "شام إف إم" في 4/4/ 2007، ثم كانت انطلاقة البث الرسمي يوم 7/7/2007، الساعة السابعة، وسبع دقائق، بصوت الإعلامية الكبيرة هيام حموي، والسيدّة فيروز، واليوم تتم الإذاعة عامها السابع، بعد أن أصبحت "الأوسع تأثيراً بين الإذاعات السوريّة"... ما أبرز التغيرّات التي طرأت على تصوّركم الأولي للإذاعة على مدى السنوات السبع؟ يجيب سامر يوسف على سؤال "بوسطة": "لا يوجد تغييرات كبيرة من حيث المبدأ"، ويستدرك قائلاً: "ثمّة تفاصيل تغيّرت، أي شيء يكبر تختلف تفاصيله".

 

لم يستكين يوسف لصورة الإذاعة التي رسمها، أو نصّ عليها الترخيص الممنوح من وزارة الإعلام، كإذاعة مختصّة بالترفيه، وبث الأغاني، وقرر البحث في السبل الممكنة لتقديم شيءٍ مختلف للمستمعين السوريين، لم يتقرب صوب الشأن السياسي، الذي كان التعاطي معه خارج منظومة الإعلام الرسمي من المحرّمات، وذهب باتجاه تناول "هموم الناس والمجتمع"، وبما أنّ عينه على الأخبار، ولو من بابها الضيّق، قرر وفقاً لما هو متاح تقديم "معلومات فنيّة، ثقافية، اجتماعية، تحت عنوان (معلومات أكيدة)"، كانت هذه المعلومات تبثُ إذاعياً على مدار اليوم.

 

 ثم كانت الخطوة التالية في عيد الإذاعة الثاني 2009، حيث تحولت "شام إف إم" إلى محطّة "تيلي راديو"، تبث عبر قمر النايل سات، كقناة تلفزيونية، تبث صوراً من سوريا، بالتزامن مع البث الإذاعي، إلى جانب شريط "تشات"، و شريط إخباري، يتضمن "المعلومات الأكيدة"، هذا الشريط الذي أثار الكثير من المشاكل، بما يبثّه من أخبار (عن الجرائم، الحوادث، وقضايا الفساد)، حيث رأى بعض المسؤولين أن تلك الأخبار تسيء إلى صورة البلد... توقف الشريط، ثم عاد، ثم توقّف، وهدد بإيقاف المحطّة الفضائية ككل.

 

 يقول سامر يوسف إنّ هذا الشريط كان "يقدّم مؤشرات إلى أين كانت تتجه البلاد، ولكن هناك من المسؤولين لم يكن يريد أن يرى ذلك."، سنتين من الأخذ والرد، قبل أن تندلع "الأزمة السورية" في العام 2011، هنا بدا الظرف مناسباً جداً لتأخذ "شام إف إم" دورها كإذاعة سوريّة، إخبارية، لتكتمل صورة الإذاعة الشاملة، كيف تقبلت وزارة الإعلام ذلك، بعد كل تلك المناكفات معهم؟ يضحك يوسف، مجيباً على  سؤالنا: "ما عاد حدا فضيلنا... دائماً حينما يكون هناك ما هو أهم منّك، ومن الأشخاص الآخرين، وخلافاتهم بالتفكير، تسكت، لأن الأولوية بالنسبة لك هي إطفاء الحريق، وليس الدفع باتجاه تصعيد المشكلة، والحرب التي تواجهها سوريا خلال هذه المرحلة، هي أخطر ما مواجهته البلاد في تاريخها."

 

ويضيف سامر يوسف موضحاً: "حينما بدأنا بالتعاطي مع الشأن السياسي السوري، كان ذلك من منطلق أن هذا مفيد لسوريا، ولم نكن منغلقين حتى على الأصوات الأخرى المخالفة لوجهة النظر الرسمية."

سياستكم التحريرية، لم تكن مريحة بالنسبة لوزارة الإعلام في كثيرٍ من المراحل؟! يعلق يوسف: "ولم تكن مرضيةً أيضاً  للأطراف الأخرى."، ويلفت مدير "شام إف إم" إلى أنّه في داخل الإذاعة ذاتها كان هناك آراء مختلفة: "سوريا تمرّ باضطراب مجتمعي، ولا أظن أحداً منّا إلا وغيرّ رأيه أكثر من مرّة."

هل طالت هذه التبدلات السياسة التحريرية للإذاعة؟: "لم تتغير أبداً، ربمّا  تغيّرت تفاصيل صغيرة،  ولكن ثمّة  ثوابت واضحة بالنسبة لنا، فنحن مع الدولة، ولايمكن أن نكون مع الفوضى، ونقف وراء الجيش العربي السوري الذي هو الضامن الوحيد لوحدة البلاد، ونحرص على عدم المساس بالرموز الأساسية لسوريا، أو هدمها، للحفاظ على كينونة، وسياسية، وجسم الدولة... وغير ذلك فكل شيء قابل للنقاش،  والاختلاف."

هل انتقلتم من حالة مشاكسة الإعلام الرسمي... إلى حالة التدليل، انتم تحتفلون اليوم بعيدكم السابع تحت رعاية وزارة الإعلام؟

يضحك سامر يوسف مجدداً، ويجيب على سؤال "بوسطة" بالقول: "ربما تفهموا طريقة عملنا، وعرفوا نوايانا الصافية تجاه البلد، لكن هذه الصحبة يمكن أن تتغير في أي وقت... نحن أصحاب خلال هذه المرحلة، الظروف تحتم ذلك، والهدف مشترك."

خلال سنوات الحرب الأربعة؛ ماهي المحطّات الأكثر إيلاماً التي واجهتموها في "شام إف إم"؟ "مؤلم جداً، حينما تشعر بأن البلاد يمكن أن تذهب من بين يديك... فقدان الإحساس بالأمان... الوضع الإنساني السيء... الظلم الذي يتعرض له الناس... الضحايا من الأبرياء...السوري الذي أصبح اليوم لاجئاً، بعد أن كانت سوريا ملجأً لكل الدنيا.. لا شيء يوازي ذلك إيلاماً."

ما أكثر ما تطمحون إليه اليوم؟

"طموحاتنا لا تنتهي، الحلم لا يتوقف، ولكن أكثر ما نسعى إليه خلال المرحلة الحالية، هو أن تكون شام إف إم مصدراً موثوقاً للأخبار، بالنسبة لأعدادٍ متزايدة من السوريين، وأظن أننا نجحنا في ذلك، فهناك توجهات مختلفة تسمعنا، واستطعنا تحقيق حالة خاصة في الإعلام السوري." 

 

في ختام حديثه لـ"بوسطة"، توجّه سامر يوسف مدير "شام إف إم" بالشكر للإعلامية هيام حموي، التي لها  "فضل لا ينسى" على الإذاعة، وارتبط أثيرها بصوتها على مدى سنواتها السبع، كما أعرب عن شكره لكل الكادر العامل في إذاعته حالياً، واللذين عملوا فيها لفترة، وغادروها لأسبابٍ شتى... يختم يوسف بالقول: "كلهم لهم ذكرى كبيرة في قلبي، تركوا بصمتهم الخاصّة... وأتوجه إليهم بالتحيّة جميعاً."