2015/02/24

من حفل الأوسكار
من حفل الأوسكار
الأخبار - علي وجيه

كم هو لامع، متوهج، مؤثر، طريف، مستحق أليخاندرو غونزاليس إيناريتو لدى فوز شريطه «بيردمان» بأربعة أوسكارات سهرة الأحد. السينمائي المكسيكي (1963) أفلح في انتزاع تمثال أفضل مخرج، في ترشيحه الثاني بعد «بابل» (2006). نال مع فريق الكتابة (نيكولاس جياكوبون وأرماندو بو وألكساندر دينلاريس) أوسكار أفضل سيناريو أصلي مكتوب للشاشة الكبيرة.

مواطنه «الفلتة» في السينماتوغرافيا إيمانويل لوبيزكي، كرّر تفوقه للعام الثاني على التوالي بعد Gravity. في الختام، اكتمل التتويج بأوسكار أفضل فيلم. بإنكليزيته الإسبانيول، شكر أليخاندرو أسماء كثيرة. منهم، نتوقف عند السينمائي المكسيكي ألفونسو كواران، الذي عبّد أتوستراد الذهب لأبناء شعبه مع غوليرمو ديل تورو.
الـ «أميغوز» الثلاثة صنعوا السينما المكسيكية الجديدة. لولاهم، لم نكن لنسمع بكارلوس ريغاداس وسواه لاحقاً. الموهوبون من أولاد المدن الحارّة والأزقة الفرعية والتوابل الحرّيفة، ليسوا بحاجة إلى التسلل عبر السياج الحدودي. رؤاهم كفيلة بختم جوازاتهم. إيناريتو ختم خطابه التكريمي بنفس نضالي. دعا أبناء جلدته إلى إيجاد حكومة لائقة. نبّه إلى ضرورة معاملة المكسيكيين الجدد في أميركا بنفس الكرامة التي نالها المهاجرون القدامى، لبناء «أمّة المهاجرين الرائعة». أيضاً، لم يفته شكر بينيسيو ديل تورو، الممثل العلامة في مسيرته.

كذلك، دفع مايكل كيتون إلى المايكروفون للحديث عالياً. هذا خير تعبير عن «قبلة الحياة» التي منحها لمهنة الرجل. كيتون خسر فرصة نادرة في خطف أوسكار أفضل ممثل رئيسي، لحساب إيدي ريدماين عن «نظرية كل شيء» لجيمس مارش. أداء الإنكليزي الشاب (1982) أفضل ما في الشريط البيوغرافي المثقل بميلودراما مملّة، واستجداء عاطفي بخصوص العالم الشهير ستيفن هوكنغ.

تحدّثنا سابقاً عن سحر «بيردمان» (العدد 2508). وقفنا إلى جانبه بشكل علني مع ملاحظاتنا الكثيرة على الترشيحات (العدد 2524). ولكن، في السهرة الحلم على مسرح «دولبي» في لوس أنجليس، عادت أمور عدّة إلى نصابها.

جي كي سايمونز (1955) حاز أوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي عن Whiplash لداميان شازل. هذا نمو طبيعي بعد فوزي الغولدن غلوب والبافتا. هو أحد الوجوه المحببة التي اعتدناها في أفلام كثيرة، من دون اسم عالق. نشاطه اللافت في الأفلام المستقلة أثمر أخيراً. منذ اليوم، سايمونز اسم يسبق صاحبه إلى البوسترات الكبيرة.

كذلك الحال مع باتريسيا أركيت (1968) التي أخذت تمثال أفضل ممثلة في دور ثانوي إلى البيت. في الدور الرئيسي، أضافت جوليان مور (1960) جناحاً مرصّعاً ثان إلى سعفة كان لأفضل ممثلة هذا العام عن «خرائط نحو النجوم» لديفيد كروننبرغ. الأوسكار جاء بعد ثلاثة ترشيحات ماضية، لتزداد بهاءً مع تاريخ من الأدوار الآسرة.

الشريط البولندي «إيدا» لبابلو بافلوفسكي (1957) قبض على الأوسكار الأجنبي بجدارة. درس سينمائي باللونين، ينطلق من بولندا الستينات لنبش ماض مظلم وإرث عائلي ثقيل. عن الخيار الفردي والكبت والاضطهاد وشتى صنوف القمع، ينطق الفيلم بحوار متقشف وسينماتوغرافيا متملّكة. حكاية بسيطة عن آنا التي تستعد للنذر البتولي، وخالتها فاندا ذات الشخصية المركّبة.

في المتوقع أيضاً، ذهبت أربعة أوسكارات لـ «فندق بودابست الكبير» لويس أندرسون. من أفضل من الأميركي المهووس بالتفاصيل في توليف المظهر والشعر والملابس واللون واللوكيشنات (أفضل تصفيف شعر وماكياج، وأفضل ملابس، وأفضل موسيقى وأفضل تصميم إنتاج)؟

يمكن مقارنة موسيقى ألكساندر دسبالت مع سحر هانز زيمر في Interstellar لكريستوفر نولان، لوضع إشارة استفهام شخصية. ملحمة «كريس» الفضائية الأكثر روعةً وعبقريةً منذ «2001: أوديسا الفضاء» لستانلي كيوبريك، خرجت بأوسكار وحيد عن المؤثرات البصرية.

أوسكار السيناريو المقتبس راح لغراهام مور عن «لعبة المحاكاة» للنرويجي مورتين تيلدوم. ثلاث طبقات زمنية، تتصارع لبناء عمارة بيوغرافية محكمة عن عالم الرياضيات البريطاني آلان تورنغ. Citizenfour للأميركية لورا لورا بواترا نال أوسكار الوثائقي الطويل، متغلباً على «ملح الأرض» للألماني الشهير فيم فيندرز والبرازيلي جوليانو ريبيرو سالغادو.

ضربة كبيرة أخرى لل «سكوب» إدوارد سنودن، الذي يتكلم أمام الكاميرا بحسّ أمني عال في هونغ كونغ. عن الروائي القصير، فاز «المكالمة» لمات كيركبي في ثاني عناوينه. نترقب الطويل الأول من المخرج الآتي من دنيا الإعلانات والكليبات. أوسكار الأنيماشن الطويل من حظ Big Hero 6 لدون هال وكريس وليامز، والقصير من نصيب Feast لباتريك أوزبورن.

إذاً، انتصر الأفضل عموماً. أوسكار 2015 رسم خط نهاية الموسم الفائت، وبرليناله 2015 افتتح الجديد منذ أيام. منذ هذه اللحظة، تشخص الأنظار نحو مدينة فرنسية على الريفييرا تدعى «كان». في أيار/ مايو القادم، نترقّب أولى الخطوط العريضة لجديد السينما. ننتظر أنبياء آخرين يرفعون سعر الذهب عندما يزيّنون به رفوفهم. شهية طيبة.