2015/03/03

علا الباشا
علا الباشا

الوطن - عامر فؤاد عامر

تتقن الخطوة التي تقوم بها وتدرك تماماً أهمية الحالة الفنيّة التي تتفرد بها، نالت أفضل ممثلة مسرحيّة في مهرجان حماة المسرحي عام 2003 وتابعت دراستها الأكاديميّة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، وتخرجت فيه في العام 2009 وتنوعت تجاربها بين المسرح والسينما والدراما، وبعدد قليل من الأعمال كان لاسمها حضوره المميز واللافت، واليوم تخبرنا الفنانة «علا باشا» عن ثقتها بالدراما السوريّة، وعن جديدها للموسم الدرامي القادم، وعن تجربتها الفنيّة التي بدأتها مبكراً، وغيرها من الأخبار.

 
قطرة المطر والجُمباز
للفنانة «علا باشا» حضورها المميز، منذ أدت دورها التمثيلي الأوّل، في مرحلة الطفولة؛ فكانت شخصيّة «قطرة المطر» التي حدّثتنا عنها كانطلاقة ومؤشر يدلان على امتلاكها موهبة فنيّة وقدرات إبداعيّة: «عندما كنت في الصف الخامس كان لدينا احتفال في المدرسة، وجميعنا يتذكّر نصّ قطرة المطر، الذي درسناه في المنهاج، فخطرت الفكرة ببالي للقيام بتأديتها وأخبرت معلمتي (على الرغم من عدم معرفتي حول شكل أيّة مسرحيّة وكيف يمكن تقديمها) فوافقت المعلّمة فوراً، وأوكلت إليّ العمل، فوزعت الشخصيّات على زملائي، ومنحت نفسي شخصيّة قطرة المطر، وفي ذلك الوقت شغلت أهلي كلّهم بالموضوع، وصنعت والدتي لي فستاناً أبيض يتناسب مع قطرة المطر، وأذكر أنّي وزملائي كنّا أول من وقف على المنصة التي صُممت للعروض في المدرسة في ذلك الحين، ولم يُمثّل عليها أحد قبلنا». وعن ذكريات ترافقت ومرحلة الدراسة، كعروض رياضة الجُمباز وفرقة صدى المسرحيّة، تضيف الفنانة «علا باشا»: «في الطفولة أيضاً كنت أمارس رياضة «الجُمباز» في المركز الثقافي في مدينة «مصياف» وهذه الرياضة مارستها قبل دخولي للمدرسة الابتدائية وأثناءها، فأذكر دوماً بأنّه كان لي في الاحتفالات عروض أقدّمها هناك. وعموماً الخشبة المسرحيّة كان لها علاقة معي منذ أيام الطفولة، وبعد انقطاعي عن رياضة الجمباز كان أن انضممت لفرقة «صدى» المسرحيّة التي قدّمت فيها عدداً من العروض على خشبة المركز الثقافي أيضاً».
 
التردد وقبول المعهد
ما الذي ولّد الرغبة للاتجاه نحو المعهد العالي للفنون المسرحيّة؟ كان هذا السؤال الذي أخذنا بجواب الفنانة «علا» لعدّة اتجاهات ومجموعة طريفة من الأخبار، فأجابت: « شاركت في فرقة صدى بمهرجان مسرحي للهواة، الذي أُقيم في مدينة «حماة» عام 2003 وكُرمت فيه كأفضل ممثلة عن دوري في مسرحيتيّ «الرهان» و«البطل»، لكنّي قررت بعدها الدراسة في قسم الدراسات المسرحيّة، فقد ظننت بأن أهلي سيعارضون فكرة دراسة التمثيل، لكن الواقع جاء مختلفاً، فبعد إخبارهم الفكرة فوجئت بالموافقة، وكان شرطهم الوحيد أن أتابع دراستي في قسم «الإعلام» فقط، وفعلاً كان ذلك فقد أنجزت دراستي في الإعلام، وتابعت في المعهد العالي للفنون المسرحيّة في قسم التمثيل. وعن مرحلة التسجيل والدراسة تذكر «علا باشا» بعض التفاصيل الخاصّة: «عندما ذهبت للتسجيل في المعهد صادفت الدكتور «محمد قارصلي» الذي سألني عن سبب قدومي فأجبته بأنّني أسجل في قسم الدراسات المسرحيّة، وعندها نصحني وأصرّ بأن أقدم على قسم التمثيل، وفعلاً كان ذلك، وقُبلت في التمثيل، وقد كان لدي شعور بأن اللجنة الفاحصة ستوافق بالتأكيد، وأمامها كنت متوترة، وهذا طبيعي، لكنّي كنت صريحة جداً، فالسؤال الذي لا أعرفه أردّ عليه بأنّني لا أعرف إجابته، أمّا المشهد الذي اخترت فكان شخصيّة «صولانج» في مسرحيّة «خادمات» لمؤلفها «جان جينيه».
 
مميّزات قسم التمثيل
هناك آلية مختلفة في دراسة منهاج المعهد العالي للفنون المسرحيّة على الطالب أن يسعى لاكتشافها، وهذا ما أشارت إليه الفنانة «علا باشا» التي تعتقد بأن تفاوت المستوى بين طلاب الدفعة الواحدة أو بين خريجي المعهد ككل له أولويّة خاصّة: «آلية الدراسة في المعهد تختلف عن الجامعة، لأن في المعهد توضع لنا مفاتيح، وعلى الطالب أن يسعى للبحث عنها، فمشروع البحث مستمر كلّ يوم، وبصورة ذاتيّة، وكلّ أستاذ في المعهد لديه جديد يُغني به الطالب، وكأنّ المطلوب تشكيل معادلة خاصّة بكلّ منّا، وكلّ طالب حسب اجتهاده وبحثه وطاقته الداخليّة ورغبته في العمل، وأعتقد أن هذه الطريقة لا يدركها الطالب أثناء الدراسة، أمّا بعد أن يخرج من التجربة سيدرك بأن حالة الانشغال والتفكير والبحث هي من ولّدت معلومات متراكمة كثيرة في جعبته أثناء الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، أي إنه لا يوجد سؤال وجواب واضحان!».
 
بين الخشبة والفنّ السابع
حاولنا اختصار المدّة الزمنية بذكر المشاركات في رصيد الفنانة «علا باشا» ما بين المسرح والسينما بعد التخرج من المعهد العالي للفنون المسرحيّة، فقالت: «بعد التخرج فوراً كانت مسرحيّة «ليلة القَتَلَة» من إخراج «مأمون الخطيب» وتأليف «خوسيه ترييانا» ثم تلتها مسرحيّة «منحنى خطر» لـ«ج. ب. بريستلي» وإخراج «عروة العربي»، وبعدها مسرحيّة «الأرامل» لمؤلفها «ل. مروجيك» وإخراج «سامر عمران». وهذا ما أُتيح لي في المسرح أمّا في السينما فقد كان لي مشاركات في أفلام الشباب، ودعمهم، وهي تجارب متفاوتة ومن كلّ المستويات، لكنّي سعيدة بما قدّمت وأذكر منها فيلم (Not Sure I Understand) من إخراج «وسيم قشلان» ودوري فيه ممثلة تحضر نفسها للسفر خارج البلد، وفيه مونولوج لمسرحيّة «امرأة عديمة الأهمية» لـ«أوسكار وايلد»، ولدي مشاركة في فيلم «صحوة» من إخراج «فارس ديب»، وأيضاً في الفيلم التلفزيوني (أمّ للبيع) من إخراج «محمد نصر الله» والذي نال جائزة في مصر، وفيه جسّدت دور الزوجة اللئيمة لأوّل مرّة».
 
لعنة الطين والتجربة الدراميّة
بعدها تروي علا باشا لنا عن تجربتها الدراميّة، والتي تعدّ نفسها محظوظة فيها، فبدايتها كانت مع نجوم كبار، وهذا ما لفت انتباههم ومحبّتهم لها، وذلك في أول دورٍ تؤدّيه في مسلسل «لعنة الطين»: «كان حظي جميلاً بتعاملي مع عدد من النجوم أحببتهم على الشاشة ومنهم الفنانة «سمر سامي» والفنان «عبد الهادي الصباغ» والفنان «مكسيم خليل»، ومن «لعنة الطين» انتقلت إلى مسلسل «تخت شرقي» والذي رشّحني للدور هو الفنان «عبد الهادي الصباغ» ومنه تتالت الأدوار في مسلسلات شاركت بها مثل «سوق الورق» و«وادي السايح» و«سوبر فاميلي» و«طاحون الشر2» و«المصابيح الزرق» و«مرايا 2013» و«غيوم عائليّة» و«القربان» و«القعقاع» و«باب المراد». وعن خصوصيّة التعامل مع المخرجين وتنوّعها تشير «علا باشا»: «في مسلسل «القربان» كان المخرج «علاء الدين كوكش» يتصرف كأبّ بكلّ ما للكلمة من معنى، أمّا المخرج «المثنى صبح» في مسلسل «في ظروف غامضة» فوجدته فناناً واثقاً من تجربته، ومع المخرجة «رشا شربتجي» وجدت صفة الثقة الملاصقة لكلّ خطوة تقوم بها، فلكلّ مخرج خصوصيّة وصبغة يمنحها للعمل، وبالنسبة لي عليّ أن أتعامل مع الجميع بمحبّة». وعن جديدها للموسم والتحضير لعروضات رمضان القادم: «شاركت في مسلسل «ظروف غامضة» للمخرج «المثنى صبح» وشخصيّتي تحمل اسم «لانا» الفتاة المغتربة التي تكشف كثيراً من الأمور لتبيان حقيقة تخدم مسار القصّة، وشاركت في خماسيّة «الخطايا» في دور فتاة تدعى «حياة» وهي يتيمة تتعرض للمتاعب والخيانة، والخماسيّة من إخراج «محمد نصر الله»، وأيضاً لديّ مشاركة في مسلسل «مذنبون أبرياء» بدور «رهف» زوجة المحقق التي تمرّ بحالة نفسيّة وصحيّة وهو من إخراج «أحمد سويدان».
 
الدراما لا تموت
في الحديث عن موقع الدراما السوريّة تتفاءل «علا باشا» وتثرينا بكلمات تدلّ على موقع وأهمية الدراما السوريّة في قلبها: «هي جزء من سورية التي لا يمكن أن تموت. وبالنسبة لي شخصيّاً فقد تنوعت أدواري ولا يوجد دورٌ يشبه الآخر، فالحظ خدمني ونصيبي كان جيداً وآمنت به، وفي الأزمة التي عصفت بنا أي ممثل سوري طموح لن يرضى بما جاء من فرص فقد فرضت الأزمة نوعاً من الظلم على الممثل السوري، وأعترف بأنّني فكرت أكثر من مرّة كي أسير في طريق غير الفنّ إلا أن الظروف تجبرني بقوة على متابعة طريقي في الفنّ والتمثيل. ويمكنني القول على الرغم من كلّ ذلك أنني لم أُحرم من التجربة والفرص المعروضة، وقد حاولت أن أقدم هذه الفرص بما يمكن وما يُتاح، والتجربة مع الفنان الكبير «ياسر العظمة» كانت جميلة جداً فهو شخص نبيل وراق جداً، وكنت سعيدة في العمل معه، وأحببته أكثر بعد العمل معه». وعن ضعف الذاكرة التلفزيونيّة كان لـ”علا باشا» رأيها من زاوية ثانية: «أفكر في الجانب الإيجابي من هذه المسألة أكثر، وهي أنني من خلال أدواري الدّراميّة التلفزيونيّة سوف أؤثر بالناس بصورة مفيدة، وربما تقلب له حياته، بالتالي أنا أرى أن الدراما التلفزيونية التي نشتغل فيها موجودة لخير معين سنكتشفه فيما بعد». وتتعامل علا باشا مع الشخصية التي تؤديها بطريقة تحمل الاهتمام والأكاديميّة فهي تشير إلى أنها تقرأ النصّ كاملاً لتلمس فاعلية الشخصيّة في النصّ وتغذيها بالحياة والروح تدريجيّاً إلى أن تصل لدرجة التعاون بينهما أمّا عن الدور الذي تحلم في تأديته فتقول الفنانة علا باشا: « أحببت شخصيّة زنوبيا في التاريخ وأتمنى تجسيدها».