2015/05/05

نورا رحال
نورا رحال

الوطن - محمد قاسم الساس

غنت فأنشدت فناً راقياً يشبه طبيعتها. مثلت فأقنعتنا بعفوية وصدق أدائها. أرشيفها غني بالأعمال الفنية الناجحة ما جعلها حاضرة في أذهاننا رغم حضورها الفني المتقطع طوال السنوات الماضية. تمتلك جمالاً خاصاً يعكس جمالها الداخلي.
«نورا رحال»، تكشف لـ«الوطن»، عن أسباب غيابها الجزئي عن الساحة الفنية، وتفاصيل عودتها، ومجمل نشاطاتها الفنية الجديدة والمرتقبة، في حوار دسمٍ، يحيط بمجمل أمورها الشخصية والعائلية، وبعض من فصول مشوارها الفني، بغية التعرف الى «نورا» الفنانة والزوج والأم، علنا نروي ظمأ جمهورها المتلهف لأخبارها. معلنةً للمرة الأولى تفاصيل محنتها وشفائها، زيجتها وانفصالها.

الجميع يسأل عنكِ… «اشتقنا لكِ»
آه كم تسعدني هذه المحبة، وهذا الاشتياق، الذي أبادلكم إياه بكل صدق، وخاصةً أنني لم أغب بشكلٍ كلي في الأعوام الثمانية الماضية، بل يمكننا القول: إن حضوري كان فيها قليلاً، مقارنةً عما كان عليه سابقاً، تبعاً لعوامل عدة، حالت دون ذلك، وهأنا أعود إليكم مجدداً، وفي جعبتي الكثير لأقدمه.

عدتِ مؤخراً إلى الشام بوصفكِ واحدةً من «حرائرها»، علكِ تكشفين لنا تفاصيل الحكاية؟
لا أخفيك أنني وافقت على المشاركة في مسلسل (حرائر) مباشرةً، وكما نقول بالعامية «ع العمياني»، عندما عرض عليّ أ. باسل الخطيب المشاركة في العمل، حتى قبل أن أقرأ النص، لأني أحترمه، وأثق برأيه، وبالمكان الذي يضعني فيه، ولي تجارب مشرفة معه.
العمل يتناول دور النساء السوريات في مرحلة الاستقلال من الاحتلال العثماني، من خلال رصده نماذج من المرأة السورية، التي كانت مؤثرة، ولعبت دوراً تنويرياً مهماً، في فترة مهمة من تاريخ سورية.

سينمائياً، شاركتِ في بطولة فيلم (الأم)، الذي نال جوائز عديدة من المهرجانات السينمائية التي أقيمت مؤخراً، وما زال ينافس لغاية الآن، مع طرحه جماهيرياً في الصالات، ماذا عنه؟ وما الأصداء التي وصلتكِ من الناس؟
حقق الفيلم نجاحاً ملحوظاً، حيث لمست محبة الناس له، مؤكدين أنني أديت دوري بإتقان، وربما يعود ذلك لإحساسي الكبير به، وتعاطفي معه.. هذه الأخت التي تحاول لم شمل عائلتها مجدداً، حيث تجمع إخوتها، الذين فرقتهم الحرب -حالهم حال كل عائلة سورية اختلف أفرادها بالرأي، وفرقتهم المسافات، نتيجة الظروف الراهنة- بغية إلقاء النظرة الأخيرة على والدتهم قبل دفنها.
عندما صورنا الفيلم العام الماضي، كانت المرة الأولى التي أعود بها إلى سورية، بعد غيابي عنها مدة 4 سنوات متواصلة، ما جعلني أنغمس في شخصيتي وبمجريات الفيلم، لأنه كان يعبر عن مشاعري الداخلية، ويقول ما أريد البوح به.

حللتِ بطلة في مسلسل (حرائر)، كما الحال بفيلم (الأم)، للمخرج المتألق «باسل الخطيب»، هل تعاونكما المستمر هو نوع من أنواع الاحتكار؟ أم إن القصة تندرج تحت بند الشللية؟
لا.. ليس الأمر كذلك. كل ما في القصة أنه رآني مناسبة في مسلسله الدرامي، بعد انتهائنا من تنفيذ الفيلم السينمائي، وكنت جاهزة للعمل، حيث كانت تجربتي الأولى معه في مسلسل (هوى بحري)، ثم عاودنا العمل معاً في العام الماضي بعد انقطاعٍ طويل.

مع أو ضد الاحتكار الفني؟ والعمل ضمن خانة الشللية التي تسود الوسط الفني؟
بالتأكيد أنا ضد الاحتكار الفني، وخاصةً أنني أعمل بأكثر من مجال -غناء وتمثيلاً- وبالتالي لا أسمح لأي شركة إنتاج أن تحتكرني غنائياً، لأنها ستفرض عليّ نوعاً معيناً من الأغاني التي سوف أقدمها، وكيفية حضوري في الحفلات والمهرجانات، ومشاركاتي الفنية الأخرى، وكذلك الحال بالنسبة لشركات الإنتاج الدرامي والسينمائي.
أما بالنسبة لمفهوم الشللية التي يبنى قوامها على القرابة والصداقة والمحسوبيات، بالتأكيد أرفضها، في حين أوافق على مبدأ «الفريق»، المؤلف من مجموعة أشخاص مبدعين، يكمل بعضهم الآخر، لأنه ليس بوسعك أن تقدم وتقول كل ما تريده دفعة واحدة في عملٍ فني واحد.

تعودين إلى المسرح مجدداً، من خلال عرض مسرحي غنائي استعراضي، بعنوان (الطريق إلى الشمس)، تنشغلين حالياً بالتحضير للعب بطولته، والذي سيتم عرضه في الأسبوع الأول من أيار الحالي في دار الأوبرا السورية، علكِ تكشفين لنا تفاصيله؟
لا يختلف جوهر هذا العمل عما قدمته من أعمال فنية في الفترة السابقة، سواء كانت غنائية أم تمثيلية، حيث كانت جميعها تصب في خانة الوطن، حيث سنقوم في (الطريق إلى الشمس)، بإسقاط الماضي على الحاضر، كمقارنة بين الأزمنة، بغية رصد الواقع المعيش الآن.
ألعب في العرض دور امرأة شجاعة تدعى «ميثا» -شخصية تمثيلية وغنائية- تشبهني إلى حدٍ كبير، حيث تجد فيها من العنفوان والجرأة ما يكفي لجعلها ثابتة على مبادئها، لأنها تدعوك للتحدي والوقوف بثبات أمام الواقع المعيش، للوصول إلى نتيجة مرضية في نهاية المطاف.
(الطريق إلى الشمس)، نص وأشعار كفاح الخوص، ألحان طاهر مامللي، إخراج ممدوح الأطرش، من إنتاج مؤسسة ميثا للإنتاج الفني، وسيتم عرضه ابتداءً من الخامس من أيار الحالي، لمدة 3 أيام، في دار الاوبرا بدمشق.

آخر ألبوماتكِ الغنائية صدر عام 2007 بعنوان (دنيتي أحلى)، تلاه أغانٍ منفردة آخرها «خايف ع بلادي» عام 2011، ما سبب غيابكِ غير المبرر عن الساحة الغنائية؟
ما يدور حولنا من أحداث دامية في السنوات الماضية، كان كفيلاً لابتعادنا عن أي مشروع فني، تبعاً لغياب المزاج العام، والتي سبقتها ظروفٌ خاصة أحاطت بي، من مرض وشفاء وانفصال، أجبرتني على التقليل من حضوري الفني.
لا أخفيك أنه بات لدي اليوم نظرة مختلفة للتعاطي مع الواقع المعيش، حيث يجب علينا العودة مجدداً إلى حالتنا الإنسانية، بوصفنا بشر، من فرح وحب، بعيداً عن السياسية، وما جرته علينا من ويلات، بعد حالة الرفض والغضب التي سكنتني في الأعوام الأولى من الأزمة، باعتبار أنه مطلوبٌ منا بوصفنا فنانين أن ننشر الفرح والإبداع، حيث أعمل حالياً بتأنٍ على تجهيز أغانٍ عدة، بعضها ستحمل إمضائي كتأليف، بعد نجاح تجربتي الأولى في الكتابة، بأغنية «على فكرة»، طبعاً مع مساعدة أهل الخبرة في هذا المجال، وأعدكم بطرح أغنية منفردة في الغد القريب إن شاء الله.
بعد تجربتكِ السينمائية مع المخرجة إيناس الدغيدي، أمام من تتمنين الوقوف في عمل فني في مصر؟
ما من أسماء محددة لدي، خاصةً أن الساحة ملأى بالأسماء المهمة التي يسعدني التعاون معها، في حال وجد عمل جيد يجمعني بهم، كما الحال بالنسبة للسيدة «إيناس»، التي يسعدني إعادة التعاون معها بكل تأكيد.

سمعنا عن تحضيركِ لمفاجأة في أم الدنيا، ماذا عنها؟
مصر ستكون محطتي الأولى، فور انتهائنا من العرض المسرحي، حيث سأبدأ بالتحضير لبرنامج فني جديد، له علاقة بالمواهب الغنائية، سيكون من تقديمي، وسنكشف عن تفاصيله فور الشروع في تنفيذه، إلى جانب مشاركتي مع العديد من نجوم الوطن العربي في أوبريت غنائي خاص لمصلحة ماراثون مهم يجري التحضير له الآن.

تجمعين بين الغناء والتمثيل، ألا يسبب ذلك ارتباكاً؟
لا.. إنه جهد مضاعف، حيث يتوجب عليك تحمله، بغية التنسيق بين المشاريع الفنية على اختلافها.

أيهما أحب إلى قلبك؟
بالتأكيد الأولوية تبقى للغناء، حيث يبقى للمشروع الغنائي الأفضلية لدي، قياساً بالمشاريع الفنية الأخرى.

بعيداً عن العمل، ما الخلاصة التي خرجتِ بها إثر تجاوزكِ المحنة التي ألمت بكِ قبل عدة سنوات، وخاصةً أن المرض اللعين جعلكِ تخسرين ثديكِ؟
كل واحد منا معرضٌ لمواجهة العديد من المشاكل والمحن ومازلنا على قيد الحياة، وما من أحد خالٍ من الهموم والمصائب، كل ما يتوجب عليك فعله عندما تتعرض لمحنة ما أن تتعامل معها بطبيعية بغية مواجهتها وحلها، لا أن تعمل على تضخيمها، ما زال يوجد حل لكل مشكلة، ولكل ألم زوال، وكن على يقين بأنها مجرد «محنة وبتعدي»، وفعلاً عدت بفضل الله.
أشيع بأن سلطان الطرب «جورج وسوف» وقف إلى جانبكِ أثناء محنتكِ، هل رديتِ الجميل بعد تعرضه لوعكة صحية؟
لا يوجد بيننا جميلٌ ورد جميل، بل صداقة ومحبة عالية المستوى، وهذا بحد ذاته يحدث فرقاً، وأعتقد أن «جورج وسوف» ليس بحاجة لأي دعم مني، أو من غيري، في هذه المرحلة، تبعاً لما يمتلكه من خبرة كبيرة في هذه الحياة.

هل تصنفين زواجكِ من رجل الأعمال اليوناني في دائرة الفشل؟
لا يمكنني تصنيفه كذلك، لأنه تم بنجاح، وأثمر عن طفلين رائعين.

ما سبب الانفصال؟
بمنتهى الصراحة، عشق فتاةً أخرى بعد شفائي، ما استدعى اتخاذنا هذه الخطوة.

حدثينا عن أبنائكِ «أليكس» و«فيليب»؟
«أليكس» -13 عاماً- «رح بيصير أطول مني»، ولكنه ما زال طفلاً، يهوى التكنولوجيا، ولغة الأرقام والأمور العلمية، على عكس أخيه «فيليب» -11 عاماً- الذي يشبهني في طفولتي «ضعيف»، يهوى الموسيقا، ويجيد العزف على البيانو، وطبعاً يقيمان معي في بيروت، حيث أحاول أحياناً أن أشاركهما الحضور في عملي، لكي يكون غيابي عنهم مبرراً في نظرهما، والحمد لله هما يتفهمان طبيعة عملي، ويفتخران بي.

أشيع أنكِ دخلت القفص الذهبي مرةً أخرى قبل نحو 4 سنوات، وما زال زواجكِ الثاني مبهماً لغاية الآن؟
لا لم أتزوج، إنما كان مشروع زواج، لم يكتمل، لأنه تبين لي عدم صدقه.

ما سبب عدم ارتباطكِ عاطفياً لغاية الآن؟
«القلب ما دق».

ما مواصفات الشريك الأنسب لـ«نورا رحال»؟
أن يتقبل فكرة أنثى لديها طفلان، وأن يشعر بالمسؤولية تجاههما، وهذا شرط لا يمكن أن أساوم عليه. أفضل أن يكون وسيماً، وأن يكبرني ببضع سنوات، علماً أنني لا أمانع الارتباط برجل أصغر مني سناً، كما أن يكون وضعه المادي جيد.. «وإذا بدللني بكون ممنونة»، خاصةً أن المرأة تزداد تألقاً عندما تكون محاطة برعاية شريكها.

لماذا تحجبين عائلتكِ وأطفالكِ عن الجمهور وعن وسائل الإعلام؟
المسألة ليست متعلقة برفضي أو قبولي للموضوع، بل كان زوجي السابق يرافقني في عملي وأسفاري، لكن في الوقت نفسه كان لا يحب الظهور، كحال أبنائي المشغولين في دراستهم وطفولتهم، حيث لا أفضل حشرهم في عالم الأضواء، خاصةً أنني علمتهم الاعتماد على أنفسهم.

ختاماً، كيف تحب «نورا رحال» أن تعرف الجمهور بنفسها، كونها من أب لبناني، وأم سورية، من مواليد دمشق، وتقيم في لبنان؟
دائماً أقدم نفسي للناس على أنني امرأة لبنانية وسورية في آن واحد، حيث لا يمكنني أن أنكر أياً منهما، هذه حقيقتي، وهذا واقعي، رغم أنني لم أشعر يوماً بوصفي مواطنة لبنانية حقيقية، لها كلمتها، وموقفها، ولا أدري ما السبب في ذلك! ربما لأنني أمضيت طفولتي هنا في سورية، أو لأنني أتحدث باللهجة السورية، وبالتالي يتم التعامل معي في لبنان بوصفي سورية من هذا المنطلق، على عكس شعوري بالانتماء إلى نصفي الآخر، حيث ألمس فخر السوريين بي، وأنه يوجد لدي مكان بينهم، وهذا بالتأكيد يمدني بالسعادة، ويمنحني شعوراً بالحماية، كوني مدعومة ومسنودة من أصدقاء كثر، سواء كانوا من الوسط الفني أو خارجه، والكثير منهم يعدون بمنزلة سيوف في ظهري كما يقولون لي.