2015/11/05

من العمل
من العمل

الأخبار - وسام كنعان

في مدينة جبيل اللبنانية، قصدنا بلاتوه إحدى «خماسيّات الغرام» التي يجري تصويرها تحت إدارة المخرج المثنى صبح وكتبتها ريم حنّا، وهي من بطولة سلافة معمار، وقيس الشيخ نجيب، ومرام علي، وفادي صبيح، وديمة الجندي.

 

يبدو واضحاً الحس الموسيقي الراقي على عازف الساكسفون السوري عمران العاصمي. لذا، فمن الممتع التواصل معه لترتيب زيارة إلى موقع تصوير مسلسل «خماسيّات الغرام» (مجموعة كتاب ومخرجين، وإنتاج «سامة» وO3 بالتعاون مع «كلاكيت») الذي يتولّى العاصمي الإشراف التنفيذي عليه، على أن يُعرض قريباً على قنوات mbc. أجرينا اتصالات عدّة حتى نجح الموعد، لكن الحظ جعل طريقنا يستغرق ثلاث ساعات على الأقل حتى وصلنا إلى مدينة «جبيل» (شمال بيروت) بسبب الازدحام المروري.

 

هناك، تدور كاميرا المخرج السوري المثنى صبح لتصوير خماسيّته الثانية «امراة كالقمر» التي ألّفتها ريم حنا، وتؤدي بطولتها سلافة معمار، وقيس الشيخ نجيب، ومرام علي، وفادي صبيح، وديمة الجندي، في الوقت الذي يستمر فيه الليث حجو وحاتم علي في تصوير خماسيات أخرى، ليلحق بهما سامر البرقاوي.

ساعدتنا زحمة السير لأخذ الوقت الكافي حتى نعتمد صيغة مناسبة في طرح الأسئلة على فريق التصوير، خصوصاً أنّه سبق تقديم جزءين من العمل تحت عنوان «أهل الغرام»، وحققا نجاحاً لافتاً سيمّهد حتماً للنتيجة نفسها في هذا الجزء.

نصل إلى أحد البيوت الفخمة حيث تدور الكاميرا، وحالما ندخل المكان، نشعر بأنّنا سافرنا إلى دمشق نتيجة الأجواء التي يحرص مخرج «جلسات نسائية» على أن ترافقه في كل مكان يصوّر فيه، بدءاً من فريق الفنيين الذي يرافقه، مروراً بالجو الودي الذي يصر على إشاعته أثناء العمل، وصولاً إلى تفاصيل صغيرة أخرى مثل نوع البن السوري الذي يصطحبه معه، وكاسات الشاي...

تجلس سلافة معمار وقيس الشيخ نجيب وراء مائدة عامرة، ويتحدّثان في المشهد الذي يصوّر بدقة عالية، وتُترك لنا فرصة اكتشاف جزء من القصة التي تأخذ اسمها من قصة للمعلم الروسي تشيخوف. تحكي القصّة عن رجل وسيم يعمل مهندساً، وصل إلى الأربعين من دون أن يفكّر في الزواج.

لكن بعد ضغوط اجتماعية وأسرية، وأثناء زيارته لأخته في بيروت، يقرّر الارتباط بفتاة جميلة تختارها له عائلته. لكن سرعان ما يجد المهندس نفسه مشدوداً نحو خالتها المطلقة، ويقع في غرامها فعلاً، قبل أن تكتشف الفتاة ما يحصل، وتعتقد أنّها وقعت في خديعة كبيرة بطلتها أقرب الناس إليها.
في حديثنا معه، نسأل المثنى صبح عن فكرة المشروع وأهمية تقديم قصص حب في الدراما بينما نفتقدها في حياتنا اليومية المحاصرة بالحروب والأزمات الإنسانية والأخلاقية، فيجيب: «لا أعتقد أنّنا نفتقد للحب كليّاً، إنّما يبدو لي أنّ هذه المشاعر الإنسانية يعيشها المرء في كل دقيقة بشكل مختلف بالتوازي مع شهيقه وزفيره. سواء كان يعيش في حالة حرب، أم أنّه يتنعّم بالرخاء الاجتماعي والطمأنينة. دائماً هناك حب يفرض نفسه لأنّه من متطلبات الحياة الأساسية، وبدونه تنعدم الحياة». ويضيف: «في هذا المشروع، هناك تجسيد لحالة الحب بشكل أو بآخر كي يبتعد المشاهد عن التفكير في الأزمة التي تشكّل عامل ضغط نفسي عليه طوال الوقت». أما عن فكرة الخماسيّات عموماً، فيقول صبح: «مسلسل «أهل الغرام» هو مشروع ناجح منذ انطلاقته، في جزءيه الأوّل والثاني. قد يكون إيجابياً تناول الموضوع في هذا الوقت، بخاصة أنّه يجمع عدداً كبيراً من الكتاب والمخرجين والممثلين السوريين. سنجرّب في هذا الجزء استكمال نجاح العمل».
وماذا عن المنافسة التي قد يولّدها وجود مخرجين أبناء بيئة واحدة وجيل واحد يقدّمون الأفكار نفسها في عمل واحد؟ «هذا مطلوب لكن بشكل غير كيدي، فمن الضروري خلق ظروف تساعد في التنافس المشروع في العمل.
هذا صحي لأنّ هناك عدداً من الكتاب المهمين والنجوم المشهورين، وأهم المخرجين في سوريا»، يؤكد صبح.
في هذه الخماسية تحديداً، نلاحظ تماساً مباشراً مع المرأة في نهاية الثلاثين من العمر وبداية الأربعين. هل تفتقد الدراما السورية لنصوص تعالج حياة المرأة في هذه المرحلة العمرية؟ يرى المخرج السوري أنّه تم تناول هذه المرحلة العمرية في أكثر من مشروع درامي، و«أظنّ أن الحب ليس له عمر. نحن نحكي عن المرأة التي كرّست نفسها ضمن نمط محدّد وفرضت على نفسها مسؤوليات حياتية مختلفة جعلتها تنسى أنّها إنسانة. كيف يمكن لقلبها أن ينبض ليذكّرها بأنّها لا تزال على قيد الحياة، طالما أنّ الحب مرتبط بلحظة تلمع وتترك وراءها وهجاً مميزاً. وهي غير مرتبطة بزمن أو عمر أو مكان محدد».
من جانبها، تقول سلافة معمار إنّ العنوان العريض لموسمها المقبل قد يكون قصص الحب، على اعتبار أنّها انتهت من تجسيد دور البطولة في مسلسل «نبتدي منين الحكاية» (تأليف فادي قوشقجي، وإخراج سيف الدين سبيعي، وإنتاج «المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»)، وباشرت في تصوير هذه الخماسيّة في «أهل الغرام» وتلعب دور طبيبة أسنان أربعينية تقع في قصة حب شائكة.
هذا العمل بحسب معمار «يقدّم قصص حب فاشلة، وبالتالي يلامس قصصاً واقعية عاشها الجمهور. تخلق هذه التقاطعات له نوعاً من الجماهيرية الزائدة».
بدوره، يعتبر قيس الشيخ نجيب أنّه «يمثّل في هذه الخماسيّة حالة الفكر المنفتح لشاب يعيش في إسبانيا ويرفض الزواج، غير أنّ المصادفات تقوده نحو سوء تفاهم واضح يُبنى عليه التصاعد الدرامي وأحداث الخماسية».
أما الممثلة الحسناء مرام علي، فتحكي بحذر عن فكرة الخماسيّة: «تعتمد الحكاية على قصص حب تعرقل مسيرتها تفاصيل كثيرة، ولا نشهد نهايات حالمة كما يحصل في الدراما السعيدة»، مفضّلةً عدم الخوص كثيراً في تفاصيل الشخصيات «حتى لا نحرق الأحداث المشوّقة، خصوصاً أنّها تتقاطع مع جميع شخصيات القصة. هي فتاة تعشق بجنون لكن حبّها يكون من طرف واحد. وفي النهاية، تكتشف أنّها تتعرّض للخديعة والخيانة من قبل أقرب الناس إليها».
وعن شراكة النجوم الذين أثبتوا حضورهم عبر الزمن وكانت تخشى الوقوف أمامهم، تشدد على أنّ الأمر يحمّلها «مسؤولية إضافية للخروج بطريقة توازي مستواهم الذي وصلوا إليه بعد خبرة سنوات، ويترك لي الفرصة للاستفادة منهم من خلال التعاطي معهم أمام الكاميرا وخلفها وطرح الأسئلة. إلا أنّ كل ذلك لا يخلق لي خوفاً أو تردداً للعمل مع النجوم الكبار».
يعد صنّاع «خماسيّات الغرام» جمهورهم بوجبة درامية مميزة قوامها المشاعر الإنسانية، وحالات الحب العاصفة، على أن تكون مقدمة شهية لموسم درامي مقبل يشهد صحوة سورية واسعة ويبشّر بنتاج مبهر.