2015/12/12

أمل عرفة في برنامج ريتينغ رمضان
أمل عرفة في برنامج ريتينغ رمضان

السفير - رامي كوسا

حضور العنصر الأكاديميّ خجولٌ جداً في الدراما السورية؛ فبعيداً عن مهنة التمثيل، يبدو عدد الأكاديميين المشتغلين في مجالات الإخراج والديكور وتصميم الملابس والعمليات الفنيّة قليلاً جداً، وينسحب الأمر أيضاً على مهنة كتابة السيناريو.

يُعتَبر حسن سامي يوسف الكاتب الوحيد الّذي تلقّى علوماً أكاديمية في مجاله، وهو المختصّ في «ضبط السيناريو». عدا عنه، ليس هناك من يقوم بكتابة مسلسل تلفزيوني استناداً لقواعد علميةٍ مثبتة، فكلّ النّصوص الّتي يجري تداولها اليوم استطاع أصحابها أن يقدّموا منجزهم استناداً إلى خبراتٍ راكموها من خلال عملهم في مجالاتٍ دراميّة موازية كالإخراج أو العمل النقديّ. وضمن هذا السّياق تأتي تجارب بعض الممثّلين الّذين قدّموا جملة محاولاتٍ على مستوى كتابة النّص التلفزيونيّ، فاستطاع بعضها أن يترك أثراً مهمّاً في أرشيف الدراما المحليّة، بينما مرّ البعض الآخر مرور الكرام من دون أن يلتفت إليه أحد.

استطاع الجزء الأوّل من مسلسل «دنيا» الّذي كتبته أمل عرفة بالشراكة مع كلّ من عمّار مصارع والمخرج عبد الغني بلّاط، أن يحقّق نجاحاً استثنائياً دفع الممثلة السوريّة إلى تكرار تجربتها في كتابة السيناريو من خلال مسلسلَي «عشتار»، و «رفّة عين»، قبل أن تقرّر عرفة إحياءَ شخصيّة «دنيا» من خلال جزءٍ جديد من العمل الكوميديّ كتبت نصّه بالشراكة مع سعيد حنّاوي والمخرج زهير قنوع.

ضمن سياقٍ موازٍ جاءت تجربة «طالع الفضّة» الّذي أنجز نصّه عبّاس النوري، بالشراكة مع زوجته الكاتبة عنود خالد، لتشكّل استثناءً على مستوى ما يعرف بأعمال البيئة الشامية، إذ استطاع الممثل السّوري أن يشارك في كتابة نصّ متماسكٍ ومضبوطٍ ووفيّ لتاريخ دمشق.

كذلك حقّق نصّ الممثل إياد أبو الشامات في «غداً نلتقي»، بالشراكة مع رامي حنّا، نجاحاً كبيراً على الصعيدين النقدي والجماهيري.

وحين نجيء على ذكر التجارب الجيّدة لممثلين اشتغلوا، وإن على سبيل التجريب، في مجال كتابة السيناريو، فإنّ تجربة رافي وهبي تفرض نفسها كواحدةٍ من أبرز النماذج. فبعد محاولاتٍ خجولةٍ أولى في «موعد مع المطر» ورباعية «تقاطع خطر» إضافةً إلى مسلسل «حارة عالهوا» وفيلم «طعم الليمون»، عاد الممثل السوريّ إلى واجهة العمل الكتابيّ من خلال مسلسل «حلاوة الروح» قبل أن يبدأ بإعداد نصوصٍ مأخوذةٍ عن أفلام عالمية، فكانت البداية مع مسلسل «سنعود بعد قليل» المقتبس عن الفيلم الإيطالي «الجميع بخير»، مروراً بمسلسل «نادي الشّرق» المأخوذ عن رائعة فرانسيس كوبولا «العرّاب». ويعكف الممثل والكاتب السوريّ حالياً على إنجاز الجزء الثاني من المسلسل الّذي يخرجه حاتم علي لمصلحة شركة «كلاكيت للإنتاج الفنيّ والتوزيع».

عن تجربته في كتابة السيناريو يقول رافي وهبي «في تجربتي الشخصية لم تشكل الكتابة التلفزيونية بديلاً عن التمثيل بقدر ما كانت بحثاً عن مهمّة أكبر وربما أعمق من مجرد إيصال الرسالة، إذ سرعان ما شعرت، ومنذ الأعمال الأولى التي ساهمت فيها ممثلاً، أن لديّ ما أرغب بقوله». يضيف: «لكنّي وجدت نفسي اصطدم بالكثير من المعوقات، وأعيش الكثير من الصراعات المتعلَّقة بطبيعة الوسط الفني ودرجة قبوله لهذه التجربة التي لم تخلُ ممّا يمكن تسميته الصراع على السلطة في العمل الفني، والذي ربما كان سببه الرئيسي وقتها هو ثقافة الوسط الفني واستنكاره محاولة أي من أفراده التمتع بمهمتين أساسيتين في العمل الفني، وأعني هنا مكانة وسلطة الكاتب، بما له من دور رئيسي في صناعة الدراما، إضافةً إلى متعة التمثيل وشهرته».

رَشَحَت في العام الماضي معلوماتٍ عن عملٍ جديد يكتبه عبّاس النوري على أنّ يتولّى الممثل السوري إخراجه ولعب دور البطولةِ فيه، وضمن السّياق نفسه وعدت أمل عرفة جمهورها بعملٍ من تأليفها بعنوان «سايكو». ويبدو أنّ النّص الّذي كتبه الممثل الشاب يحيى بيازي عرف طريقه إلى الخارطة الإنتاجية لمؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعيّ لهذا العام، ومؤخّراً أعلن الممثل حسام الشاه عبر صفحته على «فايسبوك» عن بدء اشتغاله على إنجاز نصّ لعمل كوميدي بعنوان «بيت بيوت» بالشراكة مع غارب حمّود، ويبدو أنّ هذا الشكل من التجارب مرشّح، وبشدّة، للتكرار في مواسم قادمة.

من خلال شغله على تاريخ الشخصيات الّتي يؤدّيها ومن خلال إضافته لتفاصيل ذاتيةٍ على هذه الشخصيات، يعتبر الممثل مؤهّلاً للقيام ببناءِ شخوصٍ حقيقية تشكّل رافعةً لنصّ تلفزيونيّ محكم، لكنّ بعضَ التجارب المقدّمة في هذا الصّدد تعدّ رديئةً بما يكفي لجعل هذه القاعدة نسبيةً لا تقبل التعميم.