2016/01/18

«ذا فويس كيدز»: بلاد الموت ومنجم الأطفال الموهوبين
«ذا فويس كيدز»: بلاد الموت ومنجم الأطفال الموهوبين

الأخبار - وسام كنعان

في نيسان (أبريل) الماضي، نشر مقطع فيديو صغير على يوتيوب للطفل عبد الرحيم الحلبي بالزي المدرسي وهو يغني بصوت جميل قصيدة عبد الغني النابلسي الشهيرة «ما كل من ذاق الصبابة مغرم». يومها، كتب على الشريط بأنّه صوّر في «مدرسة الشهيد حسّان البشير» في مدينة جرمانا قرب دمشق أثناء مسابقة «الروّاد في الغناء» التي تقام للطلاب السوريين بشكل سنوي.

وسرعان ما حصد الطفل شهرة واسعة على السوشال ميديا إلى درجة تم تناقل الفيديو بسرعة مذهلة وتجاوز عدد الإعجابات والمشاهدات له المليون ونصف مليون.

كل ذلك جاء كنتيجة منطقية واحتفائية بموهبته الاستثنائية وصغر سنه وجنسيّته السورية التي تؤكّد بأن طقوس الفرح مستمرة رغماً عن الحرب. غاب الطفل السوري شهوراً طويلة قبل أن يعود متربعاً على عرش النجومية من جديد، لكن هذه المرّة من بوابة mbc خلال مشاركته في برنامج «ذا فويس كيدز». انتبه المسؤولون على الفيديو، فاتصلوا بالمدرسة وتواصلوا مع أهله واستقدموه للبرنامج وفق ما صرّح الحلبي في لقاء أجرته معه «الفضائية السورية» صباح أمس.

هكذا، أطل الطفل بقميصه الأحمر وكاريزما النجومية التي يتمتّع بها، فوزّع القبل على صورة مطربه المفضَّل كاظم الساهر وهو في طريقه إلى المسرح، قبل أن يشدو أغنية «على موج البحر» وهي من التراث السوري، فأطرب لجنة التحكيم كما فعل مع الجمهور لتدار له الكراسي الثلاث.
لم يكن الاختبار بالنسبة إلى الطفل السوري ذي العشرة أعوام هو الأول من نوعه. سبق له أن وقف مع فرقة أطفال على مسرح «دار الأوبرا» ضمن فعالية «فن سوري» وغنى أمام جمهور كبير أغنية أعدّها له النجم حسام تحسين بيك.
الحلقة ذاتها شهدت حضور أكثر من موهبة مميزة ربما ألمعها كانت الطفلة المصرية نور قمر التي أدّت ببراعة فائقة واحدة من أصعب أغاني «كوكب الشرق» أم كلثوم وهي «برضاك».
وبالعودة إلى الحديث عن المواهب السورية، لم يكن حضور الحلبي هو الوحيد لسوريا في هذا البرنامج. سبق أن أسر زين عبيد قلوب من سمعه وهو يجيد غناء «شو بيشبهك تشرين» لمعين شريف. كذلك كانت الحال مع مارك معرّاوي الذي غنى باللغتين الانكليزية I will Always Love You لويتني هيوسن وبالعربية «إن كنت ناسي أفكرك» لهدى سلطان.

وسبق له أن غنى مع فرقة الموسيقي السوري طاهر مامللي على مسرح «دار الأوبرا» وهو يملك قدرات صوتية كبيرة ومساحة واسعة تمكّنه من إجادة أعلى الطبقات الموسيقية.

من جهته، استفاد الطفل السوري أمير عاموري من موهبة والده كونه يملك خامة الصوت ويغني في المطاعم وتمكّن من إبهار اللجنة ولفت الأنظار إلى موهبته عندما غنى لميادة الحناوي «أنا بعشقك» ليحصد مقطع الفيديو الخاص بمشاركته أكثر من أربع ملايين ونصف مليون مشاهدة.

من جانب آخر ورغم سنوات عمره القليلة، إلا أن الطفل السوري مروان نصوح يعتلي منصات المطاعم ويغني اللون الجبلي ويقول باعتداد عن نفسه أنه يحرك سكون الجمهور بقوة صوته. لكنه أراد أن يجعل كراسي المدرّبين تدار له طواعية بقوة إحساسه عندما غنى «يا ضلي يا روحي» لوائل كفوري.

كل تلك المواهب تلت الطفلة السورية غنى بو حمدان رغم محدودية موهبتها قياساً مع مواطنيها، إلا أنها حازت تعاطفاً واسعاً وهزّت مشاعر من تابعها عندما غنّت «عطونا الطفولة» لريم بندلي من دون أن تمسك دموعها في مشهد مؤثر.

ولتكتمل الرواية، كُتب على الصفحة الفايسبوكية التي تأسست تحديداً لمشاركة الطفلة في البرنامج الجمل التالية: «من رحم المعاناة، من سوريا الحبيبة، نحن شعب نحب الحياة ونموت من أجل الوطن، ساعدوني بإيصال صوتي والغناء عن بلدي لتحقيق حلمي» في استثمار واضح ومستمر للجرح السوري لكسب أكبر صفقة ربحية ممكنة.

ربما يتفق هذا مع تعليق مؤثر كتبه أحد الناشطين السوريين قائلاً «هي ذاتها الجهات التي أوصلت سوريا إلى بحر من الدم، باتت تطرب لسماع دوي التصفيق لمجرد وقوف أي طفل سوري على المسرح، وما الضير طالما أن جراحنا تنزف، فحساباتهم البنكية في ازدياد مستمر».
على أي حال، فإن حجم المشاركات والمواهب السورية في هذا البرنامج كأنه صوت البلد المكلوم وهو يصرخ: «هنا الحياة تستمر متحدية كل أشكال الموت».