2017/12/27

لبنان وسورية: مواجهة درامية ... ولكن
لبنان وسورية: مواجهة درامية ... ولكن

الحياة - أمين حمادة

يسدل عام 2017 الستار على نتاج الدراما التلفزيونية العربية بإجماع حول تفوق مصري واضح، وابتعاد أوسع نحو المستوى الأعلى، بخاصة أن بصمة الأسلوب السينمائي تتمدد فيها أكثر فأكثر، في الصورة والإخراج. وتتراجع الدراما السورية في المجمل، الجيد فيها ينحسر، والعلق يأخذ أشباه الفرص، أمام ارتفاع مستوى الدراما المصنّعة في لبنان بزيادة في الكم، إذ ما زالت غريبة على الأغلب من موضوعات شعبها، ما خلا بعض لمسات موضعية من «رفع العتب». من أبرز نكات الموسم: «دراما تركية تمثيل لبناني». ولكن إزاء هذا الرأي، تختلف وتتفق الآراء التي استطلعتها «الحياة». يقول الممثل السوري قيس الشيخ نجيب: «الدراما السورية موجودة حتى الآن على رغم الحرب التي تتعرض لها. صناع الدراما هم سبب ازدهارها، إذ هناك مجموعة من المبدعين همهم الدراما السورية الناجحة التي يحبها الجمهور. من الناحية السلبية، كمّ الأعمال قلّ، والأعمال المهمة إنتاجياً في السنة لا تزيد عن عمل أو عملين فقط». ويضيف: «في النهاية أعمالنا تعرض على محطات تمتلك خطة لتسويق مسلسلاتها، كان العمل السوري سابقاً يفرض نفسه مهما كان موضوعه ولو كان له علاقة فقط بسورية. الانطلاق من المحلية في الفن يأخذك نحو العالمية، هذه كانت مشاريعنا في سورية، اليوم بدأ الزمن والمجتمع يتغيّران، الأساس لم يعد كما هو، فالدراما السورية ذهبت باتجاه ما يطلبه الجمهور وما تطلبه المحطات. نقدم أحياناً بعض الأعمال فقط لنبقى موجودين في هذه الظروف».

وهناك من أهل الدراما السورية من يرفض التقويم في زمن الأزمة. يؤكد الممثل أيمن رضا أنه «في مرحلة الحرب، هناك حالة تشتت في الدراما كما في البلد، لأنها انعكاس للواقع. هذه الفترة لا يمكننا الحكم فيها على الدراما والتفاصيل، لأن هناك هموماً أكبر. في الفترة الأخيرة لعبت الوسائط دورها، وبعض المنتجين الذين دخلوا إلى الدراما السورية يقدمون أعمالاً مفصلة للخارج وليس لسورية، بعض المنتجين كتجار المافيا يعملون على الطلب، إذا رفضنا ما لم يقنعنا، لكننا اعتذرنا عن تسعين في المئة من الأعمال في السنوات الخمس الأخيرة. وهناك تصنيف اليوم أن المنتج الدرامي المصري هو الرقم واحد». وعلى رغم السنين العجاف، يرى الممثل باسم ياخور بوادر النور، قائلاً: «الدراما السورية بدأت تنتعش بأعمال جيدة، تعود ثقة المنتجين في السوق وأعادوا عمل شركاتهم بعد توقفهم، ويجب أن يقدموا اليوم أعمالاً سورية درامية حقيقية».

وأما عن القول بأن الدراما التي تقدم في جهد مشترك من اللبنانيين والسوريين، سبب في اختلاف المستوى، فتقول الممثلة شكران مرتجى: «لا أشعر أن السبب هي الدراما المشتركة، ولكن أصبح هناك شيء على حساب المُنتج، وأن نصنع عملاً ونحركه كما نريد لمجرد أن تكون هناك مجموعة من الجنسيات، فيحدث إقحام، وأنا ضد ذلك، لكنني مع الدراما المشتركة الصحيحة والمنطقية والمبررة». ويشير ياخور إلى أن «هناك مطالبة جماهيرية كبيرة جداً بعودة الدراما السورية إلى خصوصيتها، هناك أناس لا ترغب كثيراً بالأعمال العربية المشتركة أو ترغب بها ولكن من دون أن تطغى على الهوية السورية».

وفي الجار اللبناني إجماع على تحسن الدراما فيه، ولكن بنسب متفاوتة، بخاصة في مقابل السورية. يقول الممثل اللبناني يوسف حدّاد: «مع احترامي للدراما السورية المتقدمة والدراما المصرية صاحبة التاريخ، لكن الدراما اللبنانية قدمت أعمالاً مهمة. هناك مسلسلات تحكي عن الواقع اللبناني ولكن نعم لا يوجد مسلسل يسمّي الأسماء كما هي إلا ما ندر كـ «كواليس المدينة»». وتؤكد الممثلة إلسا زغيب أيضاً غربة الدراما عن شارعها: «أغلب الأحيان الحياة وردية في المسلسلات اللبنانية، والأبطال يكون وضعهم المادي ميسورا، وأماكن التصوير فخمة جداً، في وقت أن الأقلية اللبنانية هي ميسورة، للأسف طبعاً أن تكون الإضاءة عليهم فقط».

وتلفت الكاتبة اللبنانية كلوديا مرشليان إلى أن «الدراما اللبنانية حصلت على استحسان الجمهور لها وارتفاع نسبة مشاهدتها»، لكنها ترفض اعتبار الأمر تفوقاً. توضح: «الفن مراحل، والأعمال المشتركة أظهرت الدراما اللبنانية إلى الخارج ما جعلها أقوى وبدت قادرة على المنافسة لكنها لا تزال في بداية الطريق، حتى الآن لا نراها في السوق العربية إلّا كعروض ثانية أو ثالثة، عسى أن تخرج كعرض أول». وتوافقها الرأي الممثلة كارمن لبّس بقولها: «الدراما اللبنانية تحتاج إلى الكثير بعد بمجرد أن المسلسل اللبناني يبقى ضمن إطار المحطات اللبنانية، وبمجرد أنه لا يباع للخارج إلا عرضاً ثانياً أو ثالثاً لن يتطور أبداً. عندما يرتفع الإنتاج يرتفع معه كل شيء من كتابة ووقت وتصوير وإضاءة وفريق عمل».

وفي المقابل، يُشدد الممثل يورغو شلهوب على اعتزازه بالدراما اللبنانية، معتبراً أنها «تتحدث عن كل شيء وتعالج مواضيع مختلفة ومتنوعة جداً، وتجسد أوضاعاً اجتماعية مختلفة»، من دون إنكار ضرورة أن «تتقدم بعد وأن تعالج مواضيع أصعب وأكثر واقعية، إلا أننا لا يمكننا إلزام الكتّاب بذلك. أعطوهم وقتهم وحقهم ليقدموا عملاً مميزاً. هناك تحسن ولكن الأمر يحتاج إلى وقت وإلى مادّة أيضاً».