2018/12/08

بوسطة

أكد الفنان السوري فايز قزق على أن الحكومات العربية تعاملت مع التلفزيون كهدية من السماء لحصر المواطنين في البيوت في محاولة لاستكمال أكبر عملية لتخدير العقل، موضحاً بالقول: "إن الشاشات تربية فضائية والفضاء ليس لنا، فعندما نصنع قمراً صناعياً سورياً، أو قمراً عربياً خالصاً ونبدأ بتفعيله ضمن سرنا، ونخاطب شعوبنا من خلاله، عندها سيصبح هذا القمر وهذه القناة صافية ومربية وفق شرعتنا نحن لا وفق شرعة المنتج أو الغني".

وتطرق قزق في حواره ضمن برنامج "مع الكبار" الذي يقدمه الإعلامي يامن ديب على إذاعة "صوت الشباب" للحديث عن المعهد العالي للفنون المسرحية، لافتاً أنه أصبح قلعة بدأت بالتصدع، وأرجع السبب في ذلك إلى عقلية وزارتي التعليم العالي والثقافة، وأضاف: "لم يكن هناك أي بعثة ثقافية مخصصة للمعهد منذ عقدين، ولم يكن هناك معهد ثاني في حلب"، منوهاً أنه اقترح منذ التسعينات أن يكون هناك معهد ثاني في حلب، ومدارس مسرحية ومدارس للرقص ومدارس للغناء الموزون، وتساءل: "لماذا لم يتم توطين خريجي المعهد في المسارح والمراكز الثقافية، لماذا لا يتم تفعيل صالات المسرح إلا في اللحظة الذي يريد لوزير تفعيلها، وهذه الأفواج التي تخرجت من المعهد؟"، وتابع: "كم مركز ثقافي سوري يوجد فيه فرقة مسرحية موطنة قادرة على توليد كتاب مسرح وجمهور مسرح عبر الأجيال؟.. ولا مركز".

كما اعتبر فايز أن غياب الجمهور المسرحي يشكل خطورة، "فجمهور المسرح يربى على مدار ثلاثة أو أربع أجيال، فعندما يذوب وهو شبه ذائب الآن، نحتاج من أربعين إلى خمسين سنة لإعادته". ونوه في حديثه ألا مبرر لوجود مهرجان سنوي مسرحي "كونه لا يوجد موسم مسرحي لنقيم مهرجان في نهايته"، لافتاً أنه لا يشارك في هذه المهرجانات لأنه يعتبرها خدعة وكذبة.

وحول منع الرقابة لعرض مسرحية "رجل برجل" (عن نص لبريخت) التي سبق وأخرجها ثلاث مرات في سورية وبريطانيا، أكد قزق أنه لا يعلم أي شيء عن سبب المنع، لافتاُ أنا هذا القرار جاء بعد تحضيرات دامت شهر ونصف.

وأكد قزق أنه يفضل أن يقدم كممثل مسرحي "بداياتي كانت في المسرح"، منوهاً إلى ضرورة التشبث بهذه الأصول "وإلا فقدنا الفنان الحقيقي"، مضيفاً بالقول: "الفنان الحقيقي هو فنان مقاوم، فالأديب نجيب محفوظ إنسان مقاوم، يقاوم الخراب، يقول ما في مدينة القاهرة من أمراض، وما في مدينة القاهرة من إمكانيات للنهوض".

فيما أوضح فايز أن الفرق بين الفنان والممثل، يكمن في أن الفنان "الشخص القادر على ترك إرث يجبر الآخرين على إكماله"، فيما أن الممثل "من يمثلك وينوب عنك، فعليه أن يكون على قدر المسؤولية في الدفاع عنك".

وتطرق في حديثه إلى النجم التلفزيوني، مشيراً أن ولاؤه يكون للقناة التي توجته وجعلته نجماً، على عكس الممثل في المسرح "فحاضنته شعبية بالضرورة"، ونوّه "حتى المسرحيات التي تقدم على شاشات التلفزيون، ناقصة وفيها عورة، لأنها افتقدت لروح الجماعة الموجودة في الصالة".

كما انتقد قزق استخدام اللهجات في الدراما من باب السخرية وإثارة الضحك، مؤكداً أهمية احترام اللهجات لأن لها ظروفها التاريخية.

وفي سؤاله عن استمرارية سلسلة "باب الحارة"، رأى فايز أن ما يرتب في الخارج من مسلسلات عربية، سورية، تركية، ومكسيكية، الهدف منها استدراج الجماهير إلى أمر ما، "لذا كان يفترض وجود علماء نفس واجتماع وباحثين لمواجهة هذا الأمر"، منتقداً التلفزيون السوري لعدم إنتاجه مسلسلات تحكي عن معاناة الفلاحين والعمال بطريقة مشوقة.

وأكد قزق أن ليس لديه مشكلة مع أي فنان لم يهاجم الشعب السوري، أو حاول التفريق بين أفراده، وأضاف: "أنا مع الجميع شرط أن يكون هذا الجميع بنّاء".

أما في الختام، فقد نوّه فايز قزق إلى أهمية التركيز على الإنسان في مرحلة إعادة الإعمار، موضحاً أنه "لا يمكن الحديث عن نهوض عمراني والإنسان خَرِب، لأن هذا النمو العمراني سيتداعى، ولا يمكن الحديث عن مصانع ومزارع طالما هناك إنسان خَرِب مقموع من طفولته، لأن هذا يؤدي إلى فجوة، يمكن لأي عدو أن يستغلها".