2020/02/19

خاص بوسطة – عقبة الصفدي

محاولات تقديم صورة الأسرة الفنية المتكاتفة رغم كل ما يمر من مشاكل وسجال، لم تفلح بإخفاء الخلافات والمشاحنات بين صناع مسلسل "حارس القدس"، والتي كانت جلية منذ بداية انطلاق المؤتمر الصحافي الخاص بانتهاء عمليات تصوير المسلسل، الذي يخرجه باسل الخطيب عن نص من تأليف حسن م. يوسف، وتوضحت أكثر مع لغة الجسد التي اعتمدها مدير المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني زياد الرّيس في أحد ردوده، وبالدقائق الأخيرة انفلت كاملاً زمام المجاملات الكلامية، وأفصحت الوجوه والألسنة عمّا خفي في كواليس صناعة العمل.

أنهى مخرج العمل كلامه الافتتاحي للمؤتمر دون أن يوجه الشكر بالاسم إلى المؤلف الجالس بجانبه على المنبر، فكان الأمر بمثابة تمهيد للكاتب كي يكشف ما لم تخفيه وجوه طاقم العمل في الدقائق الأخيرة من المؤتمر، فما إن تسلم دفة الحديث، حتى انبرى يلوم الفنان رشيد عسَاف والخطيب على عدم تذكره وتقديم الشكر له في المقابلات التي أجرياها، وهو الذي أمضى "سنةً وشهراً من الجهد" يخوض معركة الورق والشخوص وحساسية تناول شخصية رمزية كالمطران "إيلاريون كبوجي".

وطيلة المؤتمر كانت محاولات صاحب "أخوة التراب" منصبة على إثبات فكرة إرسنت همنغواي "الكتابة ثاني أصعب مهنة بعد مصارعة التماسيح"، لا سيما أنه كان يشعر بكون جهده قد مُر عليه مرور الكرام "إذا نظر إلى المدة بين تاريخ بدء التصوير وانتهائه، سنجد أن مدة عملي تعادل ضعف المدة التي بذلها أي شخص".

استمر المؤتمر ببدايته التي أخذت شكل المحاكمة العلنية، ودفع بطل العمل رشيد عساف ومؤدي شخصية "إيلاريون"، ملامة يوسف عنه بتأكيده أنه لم يجر سوى لقاءين أحدهما في سوريا والآخر بمصر قال فيه: "أحب أن أقول لك إن هذه الشخصية التي كتبها ببراعة المؤلف الكبير حسن م يوسف، صاحب التجربة العريقة في الدراما السورية" ويكمل "إذاً أنا ذكرته هنا، لكن هو ربما لم ينتبه"، مبيناً أنه لم يخطف جهد يوسف "أنا بحثت كممثل عن مفاتيح لأتناول هذه الشخصية، ووصلت إلى كتاب لفاروق الشرع".

وعندما وصلت الكرة، إلى مؤسس مشروع "خبز الحياة" الذي يلقى الكثير من النقد زياد الريس بالسؤال عن الإمكانيات الإنتاجية وكيفية توفيرها، أكد أن المؤسسة قدمت كل ما تستطيع تقديمه "أحدث التقنيات ومواقع التصوير، والإكسسوارات والديكور وكل ما طلب قُدم"، وهنا بدأ صدام آخر، إذ تدخل الممثل يحيى بيازي المشارك في المسلسل بشخصية سرحان عبدالله أحد شباب المقاومة، ليقاطع الريس بالقول "هذا من الطبيعي"، لكن مدير المؤسسة لم يلقِ بالاً لما قاله بيازي، إنما أشار له بيده ليسكت، وتابع كلامه، الأمر الذي أثار حنق يحيى، وعلق على خلفية ما حدث: "دعيت كمستمع ومن ثم أذهب للمنزل دون التحدث، وكأن جميع ما يتحدث به المدير هو الصحيح، لذلك أريد أن أقول لزياد الريس، لست أنت وفي بلد كهذا تقوم بإسكاتي بإشارة أمام العديد من الإعلاميين فأنت جالس على خشبة مسرح وليس في أحد المقاهي، فإذا كانت ثقافتك هكذا لا يجب عليك أن تأتي إلى المؤتمرات الصحفية".

وتابع في إشارة إلى ما دار من حديث على المنبر حول أهمية الفن وقيمته "ينظرون عن الفن والفن هو أول تقدير له إنساني يعني احترام لرأي الآخر ولا يجوز لأحد أن يقوم بإسكاتك وبالأخص حينما تفرض أنك أستاذ وجالس على خشبة المسرح".

وما بدا ظاهراً، أن الريس والذي تقمّص في بعض الأوقات حالة السائس لما ينبغي أن يجاب عليه من أسئلة الصحافيين، أيضاً ليس على اتفاق تام مع مخرج العمل الذي رفض فكرة اعتبار "حارس القدس" جزءاً من مشروع "خبز الحياة" وعلق الخطيب على فكرة لدى البعض بأن مسلسله ينضوي تحت مشروع الريس، بالقول: "أنا لست بموقع حتى أحاكم أي مشروع فني لأي شخص، لكن لا أقبل أن يأتي أحد ليصادر مشروعي، مشروع كبوجي الذي توفي في 1 كانون الثاني، 2017، وبعد أربعة أيام من نفس العام وكانت ديانا جبور المديرة العامة للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، تواصلت مع حسن م. يوسف وتم الاتفاق معه على كتابة المسلسل، وأنا على الإخراج، ووقعنا العقود قبل قدوم زياد بسنة" ثم أضاف: "مشروع حارس القدس بالنسبة لي مستقل، ولتعتبره المؤسسة كيفما تشاء، بعيداً عن تصنيفه، وهو أكبر من أن يصنف في أي مشروع آخر، خبز الحياة أو غيره، هو قائم بذاته، وله خصوصيته، لذلك أرفض تأطيره".

وفي الدقائق الأخيرة، الخاتمة لم تأت كلاسيكية بالشكر وأخذ الصور الهادئة مع الفنانين لمن أحب كما يشتهي الصنّاع على الأقل لحفظ ماء الوجه وما يجري حقيقة في الكواليس، أمام الحضور، بل على العكس من ذلك، إذ حاول بيازي البعيد عن منبر طاقم العمل، أن يرد على إشارة الريس له باليد والتي اعتبرها انتقاصاً، وجعل المحاكمة مفتوحة أكثر مما بدأت عليه، الأمر الذي أثار عسَاف، ودفعه للإقدام غاضباً على الانسحاب من المؤتمر، بسبب حالة المشاحنات التي حصلت بدلاً من الكلام عن المسلسل، ما دفع عدد من الحاضرين لتهدئته وإنهاء المؤتمر.