2020/06/15

بوسطة

أكد الفنان عباس النوري على أن الأزمة التي تتعرض لها الدراما السوريّة، لا تقتصر أسبابها على ظروف الحرب والاختلاف الاجتماعي في المؤسسات الثقافية والفنية وغيرها، "بل أزمتها تشبه أزمات الدراما في كل دول العالم الثالث، حيث يجرّب رأس المال في صناعة الفن، كما يفعل في الصناعات الأخرى، هم يجربون في صناعة البندورة وفجأة ينتقلون إلى صناعة الفن"، مشيراً إلى أن ذلك ليس في سوريا فحسب بل في العالم العربي كله.

وتابع عباس في حوار له مع صحيفة "اندبندنت العربية"، بأن المال لا هوية ولا جنسية له وهو المهيمن "لذا هو يفرض ثقافته وكل ما يريده، وهذا وضع طبيعي، وأنا معه تماماً، لأن التجارب التي نخوضها، يمكن أن تنجح أحياناً ويمكن أن تفشل أحياناً أخرى، وأحياناً أخرى يمكن أن تتعثر، لكن الدراما في سوريا، لها وضع خاص، لأن النجاحات الكبيرة السابقة، استندت إلى تجارب نجوم كبار رحلوا عن عالمنا"، لافتاً إلى أننا اليوم نعاني من تضييق في التوزيع والمشاهدة والمتابعة، "لاعتبارات سياسية، لا علاقة لنا فيها، وهي جعلت الدراما السوريّة تعاني انفصام في الشخصية، لكون المشهد الفني والثقافي انقسم بين موالاة ومعارضة، وأنا أعتبرها تسميات سخيفة لأن الثقافة أكبر بكثير من السياسة".

كما تطرق للحديث عن الدراما المشتركة، منوّهاً إلى أنه لا يؤمن بهذه التسمية، "الدراما المشتركة كانت موجودة في السنوات الماضية من خلال إنتاجات بين لبنان ومصر وسوريا"، مشيراً  إلى أنه عمل بها، في عام 2008 من خلال مسلسل (الاجتياح) "وشارك فيه فنانون لبنانيون وسوريون وأردنيون وفلسطينيون وتونسيون، ووصل إلى العالمية وفاز بجائزة (إيمي أورد)". وعقب: "الدراما الحالية التي تعرف بالمشتركة تصح عليها تسمية دراما مفبركة، حيث يتحدث كل ولد من أولاد العائلة الواحدة، بلهجة مختلفة عن لهجة أخيه، هي دراما موديلات، والممثل فيها يمثل موديلاً وليس شخصية".

ونوّه إلى أن وصفه للدراما المشتركة، لا يعني رفض المشاركة فيها، إذ يعتبر أن هناك فرقاً بين المسألتين ويوضح: "شاركت في الفترة الماضية بأعمال مع الفنانة ورد الخال صاحبة التاريخ والتجربة والقيمة، كما مع مجموعة من الممثلات اللبنانيات، الدراما المشتركة الحالية هي حالة تسويق ليست أكثر، وأي نقاش في هذا الموضوع يوصلنا إلى أبواب في غاية الحساسية، فيها نيل من مكانة الفنان السوري أو الفنان اللبناني، وهذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، الدراما المشتركة نجحت، وساهمت ببروز وجوه جديدة، بخاصة بين الممثلات، ولكن المطبّ الذي يمكن أن تقع فيه، في مرحلة لاحقة، أنها تُبرز أشكالاً جميلة فقط".

مؤكداً أن كلامه لا يعني بأن الممثلات اللبنانيات اللواتي يشاركن في الدراما المشتركة، جميلات غير موهوبات، موضحاً بالقول: "هم بدأوا بالتركيز على جيل جديد رأسماله الوحيد هو الجمال، بعيداً من الموهبة، وهذا الأمر ينطبق على نسبة كبيرة من الأعمال ولكن ليس كلها".

وفي سؤال له حول إن كان الفنانون السوريون أخطأوا عندما شاركوا بما سمّاها "الدراما المفبركة"، وعما إن كان المال هو الدافع الأساسي الذي يقف وراء قرارهم، أجاب عباس بالقول: "طبعاً المال هو السبب الرئيسي لمشاركتهم فيها، ولكني لا أجد أنهم أخطأوا لأنني أنا أيضاً شاركت فيها"، مؤكداً أن الفن عبارة عن تجربة إبداع فقط لا غير، ومن خلالها يعبر الفنان عن موهبته، سواء في الغناء أو الموسيقى أو التشكيل أو الدراما أو السينما أو التلفزيون وغيرها من الفنون الأخرى.

وعما إن كان يرى هذه الدراما قد فشلت، أوضح النوري: "صحيح أن للدراما المشتركة جمهورها، ولكن جمهور الفن في هذا الزمن أصيب بالعدوى من جمهور السياسة، وهنا يأتي دور الميديا التي تعمل على صناعة الرأي العام".

وأشار إلى الأعمال المشتركة شوّشت على كامل خريطة المشهد الدرامي اللبناني، وأضاف: "صحيح أنه لا يمكن إلغاء هذا المشهد، لأنه يضم عباقرة لهم اسمهم وتاريخهم ووجودهم وأهميتهم التي تؤكدها تجاربهم على الصعد كافة، سينمائياً ومسرحياً وتلفزيونياً، لكن أحداً لم يخدمهم، بسبب التشويش الذي أصبح صناعة حقيقية في وجه كل من يمتلك الجدارة، هناك تجمّع لمن لا يملكون الجدارة بل الجمال، وحتى لو كانت إحدى الجميلات تعاني من مشكلة بسيطة، فإنها يمكن أن تحل بالقليل من السيليكون وبالملابس الجميلة وبالماكياج الجيد، لكي تطلّ بأفضل صورة، ولكنها ستظل مجرد امرأة جميلة ولن تكون ممثلة أبداً، وهذا الكلام ينطبق على الممثلات والممثلين على حدٍّ سواء"، مؤكداً على أن المشهد الدرامي في سوريا لا يختلف عنه، بل هو قريب جداً منه بسبب التشويش أيضاً.

في جانب آخر نفى عباس خبر انضمامه إلى قائمة أبطال مسلسل "كان قلبي" الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، وأضاف: "هذا الكلام ذكر في الإعلام فقط، ولا وجود لمثل هذا المسلسل، ربما من تحدثوا عن هذا المسلسل يخططون لعمل جديد، يجمع بين مجموعة من الممثلين، وربما لا، وربما تم استبدال عنوان مسلسل (إجازة) بعنوان آخر"، منوهاً إلى أنه كان مرتبطاً بعمل اسمه إجازة "وكانت الفنانة كاريس بشار مرشحة لبطولته، بالإضافة إلى نجمات أخريات من بينهن سلافة معمار، على أن يشارك فيه الأستاذ دريد لحام كضيف شرف، ولكن لم يحصل اتفاق بيني وبين الشركة المنتجة، وربما انسحب الأمر نفسه على كاريس بشار".